الصحة: ارتفاع نسبة الإصابة بالملاريا بالبلاد

الخرطوم: إبتهاج العريفي
أعلنت وزارة الصحة الإتحادية فراغها من نتائج مسح مؤشرات الملاريا في الولايات، مشيرة إلى إصابة أكثر من مليون و(200) ألف مصاب، حيث بلغت نسبة الإصابة بالملاريا (7,8%) من جملة الأمراض المترددة على المؤسسات الصحية، وأشار تقرير الإحصاءات الصادرة من المؤسسات الصحية للعام 2011م، أن عدد المترددين على المستشفيات بسبب الملاريا بلغ %12، ومعدل الانتشار 3,7 %، وأن نسبة المستخدمين للناموسيات(20%).
وقال وكيل الوزارة عصام محمد عبدالله، في مؤتمر صحفي بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الملاريا أمس إن الدولة وضعت استراتيجية خلال الخمسة أعوام الماضية لمكافحة الملاريا، بجانب تعيين العمال وتوفير المبيد والناموسيات وتوفير أكثر من (35) مليون جنيه تم توزيعها على الولايات، وأوضح عبدالله أن الوزارة قامت بالاتفاق على إنشاء وحدات مكافحة الملاريا داخل المشاريع الزراعية بالولايات، وكونت لجان في وزارات الصحة بالولاية لمتابعة عمل المكافحة، مع وضع خطة مشتركة لتنفيذ التدخلات اللازمة بالتنسيق مع الجهود الشعبية للمكافحة، وأضاف إننا نصرف الملايين من الجنيهات لشراء الناموسيات، ولكن المواطن لا يستخدمها.
اخر لحظة
وتعقيبا على ذلك نقول:
قبل سنتين واثناء تواجدي بالوطن وعلى وجه الخصوص بالجزيرة كانت قد بدأت حملة المكافحة وسميت بالذات حملة دحر الملاريا وسبق وصولي ان تم الرش بقريتنا الريحانة ولكن عند وصولي القرية لم الاحظ أي اثر لعملية الرش بالذات فيما يخص حشرة الذباب حيث ظل الذباب بنفس كثافة الاعداد مع انهم يقولون بان المبيد المستخدم ذو اثر باقي (البقاء لله وحده) وصدف ان قابلت تيم للحملة بعد وصولي عند مدخل احد القرى وجرى نقاش بيني وبين المسئول عن تلك الفرقة وعندما اوضحت له بان الرش ليس له اثر بالذات على الذباب انفعل وكلمني بنبرة حادة مع فارق العمر بيننا ولكني رددت عليه بهدوء وعرفته عن نفسي وعندها بدأت لهجته تتغير فطلبت منه ان يعطيني عبوة من المبيد لكي اطلع عليها وفعلا وجدت المبيد من مبيدات الصحة العامة وان تاريخ انتاجه لم يتعدى الشهور اذ انه منتج في شهر ابريل 2015 أي هذا العام وهنا انتابني الشك في الجرعة الموصي بها من المبيد وكلنا يعرف ما يحدث في هذه الحملات واللبيب بالإشارة يفهم وقد طلبت من ذلك الشخص ان يبلغ المسئول الاول بان يعملوا مسح للقرى التي تم رشها ليقيموا مدى فعالية الحملة او مدى فعالية المبيد ولكن ذلك لم يحدث حتى مغادرتي الجزيرة. اما الاثر على تواجد البعوض فليس من السهل التعرف عليه ( الا بالطرق العلمية التي لا يعرفها المواطن البسيط فهو فقط يحس باللدغ وتصيبه الملاريا) لان الحشرة ليلية النشاط وبالذات وان منطقتنا لم تحظى في ذلك الخريف الا بأمطار خفيفة لم تحدث تجمع للمياه ولكن الشكوى من مرض الملاريا ظلت موجودة بين السكان إذ اصبحت حشرة البعوض من الحشرات التي تشكل خطرا على انسان السودان بصفة عامة وإنسان ولاية الجزيرة على وجه الخصوص فإذا نظرنا لخارطة الولاية نجد هذه الحشرة تغطي كل الولاية وذلك بسبب تواجد المياه الراكضة التي يتولد فيها البعوض وبالذات في فترة الخريف اثناء وعقب هطول الامطار بالإضافة للمياه الراكضة في المجاري بالحواشات مثل ابو عشرينات وأبو ستات وبالذات في الدورنات التي هي بداية خروج الماء من الترعة الى ابو عشرين والتي كانت في السابق تعامل بصب الزيوت فيها وكان هنالك عمال يعرفون بعمال الناموس مهمتهم مكافحة البعوض وذلك بمتابعة اماكن المياه الراكضة وصب الزيت فيها حتى يمنع توالد البعوض لان طبقة الزيت تمنع وصول الاكسجين فيتسبب ذلك في منع التكاثر وموت اليرقات وقد اختفت هذه الظاهرة (عمال الناموس ) تماما منذ عشرات السنين وللأسف في السنوات الاخيرة حتى مناطق شرق الجزيرة التي لم تكن تعاني من البعوض فقد اصبح البعوض يشكل هاجس كبير للمواطنين في قرى المحس والديم والفادنية وبلولة وود عشيب وود راوة والعيدج وذلك بسبب زراعة الارز في مشروع زايد الزراعي ومعروف ان مناطق زراعة الارز في العالم هي انسب البيئات لتكاثر البعوض لوجود البرك المائية بكثرة وبما ان هذه القرى التي تقع قريبة من النيل الازرق فارضها اكثر ملائمة لزراعة اشجار النيم التي عرفت بأنها طاردة للحشرات وبالذات البعوض وقد ثبت من خلال الابحاث التي اجريت في الهند في مناطق زراعة الارز ان فروع النيم التي وضعت في برك المياه قد ادت لموت اليرقات وخفض نسبة الاصابة بالملاريا لذا نناشدهم بالاهتمام بزراعة اشجار النيم.
وللاسف تسمع بعض الاحاديث عن ان الحملة مخصصة لمكافحة البعوض ودحر الملاريا نعم يا سادة الحملة ممولة من جهة تعمل على دحر الملاريا ولكن ليس هنالك مبيد مخصص لقتل البعوض فقط فالمبيد الذي يقضي على البعوض جدير بالقضاء على الذباب لأنه في الحالتين يستخدم مبيد بالملامسة يؤدي للقضاء على الحشرة وفي هذه الحالة لا فرق بين الذباب والبعوض لاستجابته للمبيد ولكن من المؤكد ان هنالك سبب اخر ادى لعدم فعالية المبيد فعلى المسئولين البحث عن السبب حتى لا تكون الحملة هدر للمال العام كما يحدث في كل عام.
و من هنا فلنعطي نبذة علمية عن حشرة البعوض حيث جاء ذكر البعوض في القرآن الكريم في قوله تعالى) إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ) (البقرة:26( وهذا هو الاعجاز القرآني إذ ورد ذكر بعوضة وهي الأنثى حيث أنه لم يكتشف ولم يعرف إلا قريباً بأن الأنثى هي التي تمتص دم الانسان وتنقل له كثيراً من الأمراض والبعوضة حشرة من طائفة الحشرات Class Insecta وتقع مع الذباب في رتبة ذات الجناحين Order Diptera ولأنثى البعوض قرن استشعار ذو ريش قصير ويعرف بالريشي البسيط Pilose بينما الريش في الذكر طويل وكثيف ويسمى ريشي Plumose ويستخدمه الذكر في التصنت على الأنثى ليحدد مكانها وقت التلقيح أما أجزاء الفم فهي كذلك نوعان ففي الذكر حيث يتغذى على امتصاص الرحيق فهي ماصة Sucking أما الأنثى التي تتغذى علي امتصاص الدم من داخل أنسجة الانسان والحيوان فهي أجزاء فم ثاقبة ماصة Piercing & sucking وعندما تريد التغذية فأنها تفرز اللعاب الذي يحتوي على مادة تعطل عمل الصفائح الدموية حتى لا تحدث عملية التجلط للدم Blood clotting حتى يظل الدم في حالة سيولة لحين امتصاصها وجبتها الغذائية وهذه المادة تعرف بالمادة المانعة للتجلط Anti-coagulant substance
لا يتكاثر البعوض إلا في وجود الماء حيث تضع الأنثى البيض في البرك والمستنقعات والمياه الراكضة والخزانات ودورة المياه وبعض الأنواع تضع البيض على الطين الرطب.ويوجد في مختلف دول العالم وهو من أعداء الانسان حيث يقلق راحته بالطنين المزعج والوخز الذى يقود للألم كما يمتص دمه ودم بعض حيواناته وينقل لهما العديد من مسببات الأمراض وقد يسبب الحساسية للصغار والكبار حيث تلدغ إناث الجنس Aedes عند الصباح الباكر وليس لها طنين عالي أما الجنس أنوفليس Anopheles فلسعه مساء وفي الصباح الباكر بينما يلدغ بعوض الكيولكس Culexبالليل والنهار وفي الأماكن المعتمة كما ذكر ذلك علماء الحشرات. ومن الأمراض التي ينقل مسبباتها :
1- الملاريا Malaria ويسببها حيوان أولي يطلق عليه بلازموديوم Plasmodium وتنقله أنثى الأنوفليس وهي أكثر الأمراض انتشارا وللطفيل دورتان تزاوجيه في جسم العائل الأصلي وهو البعوض واللاتزوجية في دم العائل الوسيط أي الانسان.
2- الحمى الصفراء Yellow fever ويسببها فيروس ينقله بعوض الايدس.
3- حمى الدنج Dengue fever ويسببها فيروس ينقله بعوض الايدس.
4- الحمى المخية الشوكية Encephalitis ويسببها فيروس ينقله بعوض الايدس والكيولكس للإنسان والانوفليس للخيل والحيوانات الآخرى.
5- داء الفيل Elephantiasis وتسببه الدودة الخيطية وتنقله إناث البعوض خاصة الكيولكس.
6- حمى وادي الصدع (الوادي المتصدع) Rift Valley fever (RVF)
مرض فيروسي يصيب الانسان والحيوان (الماعز , الضأن الابقار والجمال). ويزداد ظهوره عند ازدياد هطول الامطار أول ظهور له كان في كينيا عام 1931م لذا سمي باسم الوادي الذي ظهر فيه بكينيا ثم انتقل الى دول افريقية اخرى وبقي محصورا في القارة الافريقية حتى عام 2000م ثم ظهر بعد ذلك في دول اسيوية منها الجزيرة العربية والناقل للفيروس المسبب للمرض هو بعوض الايدس.
7- وظهر الآن فيروس زيكا والذي تنقله الزاعجة المصرية أي بعوض الايدس
كذلك فلنعطي ايضا نبذة علمية عن الذباب Flies
الذباب من الحشرات التي ورد ذكرها في القرآن قال تعالى )يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) (الحج:73)
تضم طائفة الحشرات Class Insecta عدة رتب حشرية ومن ضمن هذه الرتب رتبة ذات الجناحين أو ثنائية الأجنحة Order Diptera وسميت بهذا الاسم لان للحشرة زوج واحد من الأجنحة أو جناحين فقط والزوج الخلفي يتحور لشكل دبوسي يعرف بدبوس التوازن وقرن الاستشعار في الذباب يستخدم للشم أما اجزاء الفم فهي لاعقة أو ثاقبة ماصة والأرجل تنتهي بوسائد غشائية ذات ثقوب تفرز منها مادة لزجة تمكن الذبابة من السير على السطح الأملس أو السير المقلوب إذ نرى الذباب يسير عكس الجاذبية بفضل هذه الخاصية التي خصها به الخالق. كما هو الحال في كثير من الحشرات فان الذباب فيه النافع وفيه الضار فمن الذباب النافع ذلك الذي يؤدي دور في المكافحة الحيوية Biological control كذبابة السرفس التي تفترس يرقاتها حشرات المن والحشرات القشرية والبق الدقيقي وذبابة التكاينا التي تتطفل يرقاتها على يرقات دودة ورق القطن وتقضي عليها. كذلك هنالك نوع من الذباب يستخدم في الطب الشرعي في حالات جرائم القتل لتحديد الوقت الذي تمت فيه الجريمة لان هذا الذباب ويعرف بالذباب الأزرق هو نوع من الذباب يطلق عليه ذباب المقابر يقوم بوضع بيضة على الجثث فيفقس الى يرقات تتغذى على االجثة, ثم تتعذر وتتحول الى حشرة كاملة لتعيد دورة الحياة على جثة أخرى وقد تم الكشف حديثا عن أن هذا النوع من الذباب له القدرة على كشف جرائم القتل بسرعة متناهية عن طريق قرون الاستشعار والتي تشبه هوائيات اللاسلكي يشم بها رائحة الجثة عن بعد فيطير اليها ويضع عليها بيضه ومن خلال تحليل دم الذباب وأطوار وضع البيض وعمره يستطيع رجال الطب الشرعي تقدير وتحديد وقت عملية القتل.
أما فيما يخص الذباب الضار فالكثير منه ضار علي الانسان والحيوان والنبات ففي مجال المحاصيل هنالك نوع من الذباب يسمى ذباب الثمار وهي ثلاثة أنواع ذبابة ثمار الفاكهة التي تصيب ثمار الفاكهة المختلفة وذبابة ثمار الزيتون التي تتلف ثمار الزيتون وذبابة ثمار القرعيات التي تؤدي لفساد القرع والكوسة والبطيخ والشمام والعجور والتبش والطور الذي يحدث الضرر في الأنواع الثلاثة هو الأنثى واليرقة إذ تحدث الانثى ضرر غير مباشر لان لها في نهاية بطنها شوكة وهي الآلة التي تضع بها بيضها فتدخلها في الثمرة بغرض وضع البيض ولكنها بذلك تحدث فتحة تدخل عن طريقها وسائل التعفن أي الفطريات والبكتيريا أما البيض الموضوع داخل الثمرة فيفقس الى يرقات (ديدان) تتغذى على الثمرة وتتلفها. ويحدث الضرر للإنسان والحيوان بنقل الذباب لمسببات الأمراض والتي منها.
الذبابة المنزلية House fly التي تنقل كثير من مسببات الأمراض مثل رمد العيون والأسهالات وهي التي تنتشر بكثرة في بيئتنا وهي من الحشرات المستهدفة في الحملة . كذلك ذبابة الرمل Sand fly التي تمتص إناثها دم الانسان والحيوان ناقلة مسبب مرض الليشمانيا (الكالازار)Leishmaniasis ولدغها مؤلم ويطلق عليها السكيت إذ أنها لا تصدر طنين وأيضاً تنقل مسبب حمي الأيام الثلاثة وهو مرض فيروسي يسبب آلام في العين. كذلك من أنواع الذباب الضار الذبابة السوداء Black fly وهي صغيرة في الحجم وتنتشر في السودان في النيل الأزرق وفي منطقة الرباطاب وهي مزعجة ولها القدرة على الدخول للشعب الهوائية مما يسبب الاختناق ويؤدي للوفاة بعد إرادة الله ولها القدرة على نقل مسبب مرض الفلاريا وكذلك عمى الأنهار River blindness ومن الذباب الذي يضر بالحيوانات ذبابة الخيل Horse fly وذبابة الاسطبلات وذباب النقف والذباب الذي يسبب التويد Myiasis
الشامي الصديق آدم العنية مساعد تدريس بكلية علوم الاغذية والزراعة جامعة الملك سعود بالرياض المملكة العربية السعودية ومزارع بمشروع الجزيرة
وتعقيبا على ذلك نقول:
قبل سنتين واثناء تواجدي بالوطن وعلى وجه الخصوص بالجزيرة كانت قد بدأت حملة المكافحة وسميت بالذات حملة دحر الملاريا وسبق وصولي ان تم الرش بقريتنا الريحانة ولكن عند وصولي القرية لم الاحظ أي اثر لعملية الرش بالذات فيما يخص حشرة الذباب حيث ظل الذباب بنفس كثافة الاعداد مع انهم يقولون بان المبيد المستخدم ذو اثر باقي (البقاء لله وحده) وصدف ان قابلت تيم للحملة بعد وصولي عند مدخل احد القرى وجرى نقاش بيني وبين المسئول عن تلك الفرقة وعندما اوضحت له بان الرش ليس له اثر بالذات على الذباب انفعل وكلمني بنبرة حادة مع فارق العمر بيننا ولكني رددت عليه بهدوء وعرفته عن نفسي وعندها بدأت لهجته تتغير فطلبت منه ان يعطيني عبوة من المبيد لكي اطلع عليها وفعلا وجدت المبيد من مبيدات الصحة العامة وان تاريخ انتاجه لم يتعدى الشهور اذ انه منتج في شهر ابريل 2015 أي هذا العام وهنا انتابني الشك في الجرعة الموصي بها من المبيد وكلنا يعرف ما يحدث في هذه الحملات واللبيب بالإشارة يفهم وقد طلبت من ذلك الشخص ان يبلغ المسئول الاول بان يعملوا مسح للقرى التي تم رشها ليقيموا مدى فعالية الحملة او مدى فعالية المبيد ولكن ذلك لم يحدث حتى مغادرتي الجزيرة. اما الاثر على تواجد البعوض فليس من السهل التعرف عليه ( الا بالطرق العلمية التي لا يعرفها المواطن البسيط فهو فقط يحس باللدغ وتصيبه الملاريا) لان الحشرة ليلية النشاط وبالذات وان منطقتنا لم تحظى في ذلك الخريف الا بأمطار خفيفة لم تحدث تجمع للمياه ولكن الشكوى من مرض الملاريا ظلت موجودة بين السكان إذ اصبحت حشرة البعوض من الحشرات التي تشكل خطرا على انسان السودان بصفة عامة وإنسان ولاية الجزيرة على وجه الخصوص فإذا نظرنا لخارطة الولاية نجد هذه الحشرة تغطي كل الولاية وذلك بسبب تواجد المياه الراكضة التي يتولد فيها البعوض وبالذات في فترة الخريف اثناء وعقب هطول الامطار بالإضافة للمياه الراكضة في المجاري بالحواشات مثل ابو عشرينات وأبو ستات وبالذات في الدورنات التي هي بداية خروج الماء من الترعة الى ابو عشرين والتي كانت في السابق تعامل بصب الزيوت فيها وكان هنالك عمال يعرفون بعمال الناموس مهمتهم مكافحة البعوض وذلك بمتابعة اماكن المياه الراكضة وصب الزيت فيها حتى يمنع توالد البعوض لان طبقة الزيت تمنع وصول الاكسجين فيتسبب ذلك في منع التكاثر وموت اليرقات وقد اختفت هذه الظاهرة (عمال الناموس ) تماما منذ عشرات السنين وللأسف في السنوات الاخيرة حتى مناطق شرق الجزيرة التي لم تكن تعاني من البعوض فقد اصبح البعوض يشكل هاجس كبير للمواطنين في قرى المحس والديم والفادنية وبلولة وود عشيب وود راوة والعيدج وذلك بسبب زراعة الارز في مشروع زايد الزراعي ومعروف ان مناطق زراعة الارز في العالم هي انسب البيئات لتكاثر البعوض لوجود البرك المائية بكثرة وبما ان هذه القرى التي تقع قريبة من النيل الازرق فارضها اكثر ملائمة لزراعة اشجار النيم التي عرفت بأنها طاردة للحشرات وبالذات البعوض وقد ثبت من خلال الابحاث التي اجريت في الهند في مناطق زراعة الارز ان فروع النيم التي وضعت في برك المياه قد ادت لموت اليرقات وخفض نسبة الاصابة بالملاريا لذا نناشدهم بالاهتمام بزراعة اشجار النيم.
وللاسف تسمع بعض الاحاديث عن ان الحملة مخصصة لمكافحة البعوض ودحر الملاريا نعم يا سادة الحملة ممولة من جهة تعمل على دحر الملاريا ولكن ليس هنالك مبيد مخصص لقتل البعوض فقط فالمبيد الذي يقضي على البعوض جدير بالقضاء على الذباب لأنه في الحالتين يستخدم مبيد بالملامسة يؤدي للقضاء على الحشرة وفي هذه الحالة لا فرق بين الذباب والبعوض لاستجابته للمبيد ولكن من المؤكد ان هنالك سبب اخر ادى لعدم فعالية المبيد فعلى المسئولين البحث عن السبب حتى لا تكون الحملة هدر للمال العام كما يحدث في كل عام.
و من هنا فلنعطي نبذة علمية عن حشرة البعوض حيث جاء ذكر البعوض في القرآن الكريم في قوله تعالى) إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ) (البقرة:26( وهذا هو الاعجاز القرآني إذ ورد ذكر بعوضة وهي الأنثى حيث أنه لم يكتشف ولم يعرف إلا قريباً بأن الأنثى هي التي تمتص دم الانسان وتنقل له كثيراً من الأمراض والبعوضة حشرة من طائفة الحشرات Class Insecta وتقع مع الذباب في رتبة ذات الجناحين Order Diptera ولأنثى البعوض قرن استشعار ذو ريش قصير ويعرف بالريشي البسيط Pilose بينما الريش في الذكر طويل وكثيف ويسمى ريشي Plumose ويستخدمه الذكر في التصنت على الأنثى ليحدد مكانها وقت التلقيح أما أجزاء الفم فهي كذلك نوعان ففي الذكر حيث يتغذى على امتصاص الرحيق فهي ماصة Sucking أما الأنثى التي تتغذى علي امتصاص الدم من داخل أنسجة الانسان والحيوان فهي أجزاء فم ثاقبة ماصة Piercing & sucking وعندما تريد التغذية فأنها تفرز اللعاب الذي يحتوي على مادة تعطل عمل الصفائح الدموية حتى لا تحدث عملية التجلط للدم Blood clotting حتى يظل الدم في حالة سيولة لحين امتصاصها وجبتها الغذائية وهذه المادة تعرف بالمادة المانعة للتجلط Anti-coagulant substance
لا يتكاثر البعوض إلا في وجود الماء حيث تضع الأنثى البيض في البرك والمستنقعات والمياه الراكضة والخزانات ودورة المياه وبعض الأنواع تضع البيض على الطين الرطب.ويوجد في مختلف دول العالم وهو من أعداء الانسان حيث يقلق راحته بالطنين المزعج والوخز الذى يقود للألم كما يمتص دمه ودم بعض حيواناته وينقل لهما العديد من مسببات الأمراض وقد يسبب الحساسية للصغار والكبار حيث تلدغ إناث الجنس Aedes عند الصباح الباكر وليس لها طنين عالي أما الجنس أنوفليس Anopheles فلسعه مساء وفي الصباح الباكر بينما يلدغ بعوض الكيولكس Culexبالليل والنهار وفي الأماكن المعتمة كما ذكر ذلك علماء الحشرات. ومن الأمراض التي ينقل مسبباتها :
1- الملاريا Malaria ويسببها حيوان أولي يطلق عليه بلازموديوم Plasmodium وتنقله أنثى الأنوفليس وهي أكثر الأمراض انتشارا وللطفيل دورتان تزاوجيه في جسم العائل الأصلي وهو البعوض واللاتزوجية في دم العائل الوسيط أي الانسان.
2- الحمى الصفراء Yellow fever ويسببها فيروس ينقله بعوض الايدس.
3- حمى الدنج Dengue fever ويسببها فيروس ينقله بعوض الايدس.
4- الحمى المخية الشوكية Encephalitis ويسببها فيروس ينقله بعوض الايدس والكيولكس للإنسان والانوفليس للخيل والحيوانات الآخرى.
5- داء الفيل Elephantiasis وتسببه الدودة الخيطية وتنقله إناث البعوض خاصة الكيولكس.
6- حمى وادي الصدع (الوادي المتصدع) Rift Valley fever (RVF)
مرض فيروسي يصيب الانسان والحيوان (الماعز , الضأن الابقار والجمال). ويزداد ظهوره عند ازدياد هطول الامطار أول ظهور له كان في كينيا عام 1931م لذا سمي باسم الوادي الذي ظهر فيه بكينيا ثم انتقل الى دول افريقية اخرى وبقي محصورا في القارة الافريقية حتى عام 2000م ثم ظهر بعد ذلك في دول اسيوية منها الجزيرة العربية والناقل للفيروس المسبب للمرض هو بعوض الايدس.
7- وظهر الآن فيروس زيكا والذي تنقله الزاعجة المصرية أي بعوض الايدس
كذلك فلنعطي ايضا نبذة علمية عن الذباب Flies
الذباب من الحشرات التي ورد ذكرها في القرآن قال تعالى )يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ) (الحج:73)
تضم طائفة الحشرات Class Insecta عدة رتب حشرية ومن ضمن هذه الرتب رتبة ذات الجناحين أو ثنائية الأجنحة Order Diptera وسميت بهذا الاسم لان للحشرة زوج واحد من الأجنحة أو جناحين فقط والزوج الخلفي يتحور لشكل دبوسي يعرف بدبوس التوازن وقرن الاستشعار في الذباب يستخدم للشم أما اجزاء الفم فهي لاعقة أو ثاقبة ماصة والأرجل تنتهي بوسائد غشائية ذات ثقوب تفرز منها مادة لزجة تمكن الذبابة من السير على السطح الأملس أو السير المقلوب إذ نرى الذباب يسير عكس الجاذبية بفضل هذه الخاصية التي خصها به الخالق. كما هو الحال في كثير من الحشرات فان الذباب فيه النافع وفيه الضار فمن الذباب النافع ذلك الذي يؤدي دور في المكافحة الحيوية Biological control كذبابة السرفس التي تفترس يرقاتها حشرات المن والحشرات القشرية والبق الدقيقي وذبابة التكاينا التي تتطفل يرقاتها على يرقات دودة ورق القطن وتقضي عليها. كذلك هنالك نوع من الذباب يستخدم في الطب الشرعي في حالات جرائم القتل لتحديد الوقت الذي تمت فيه الجريمة لان هذا الذباب ويعرف بالذباب الأزرق هو نوع من الذباب يطلق عليه ذباب المقابر يقوم بوضع بيضة على الجثث فيفقس الى يرقات تتغذى على االجثة, ثم تتعذر وتتحول الى حشرة كاملة لتعيد دورة الحياة على جثة أخرى وقد تم الكشف حديثا عن أن هذا النوع من الذباب له القدرة على كشف جرائم القتل بسرعة متناهية عن طريق قرون الاستشعار والتي تشبه هوائيات اللاسلكي يشم بها رائحة الجثة عن بعد فيطير اليها ويضع عليها بيضه ومن خلال تحليل دم الذباب وأطوار وضع البيض وعمره يستطيع رجال الطب الشرعي تقدير وتحديد وقت عملية القتل.
أما فيما يخص الذباب الضار فالكثير منه ضار علي الانسان والحيوان والنبات ففي مجال المحاصيل هنالك نوع من الذباب يسمى ذباب الثمار وهي ثلاثة أنواع ذبابة ثمار الفاكهة التي تصيب ثمار الفاكهة المختلفة وذبابة ثمار الزيتون التي تتلف ثمار الزيتون وذبابة ثمار القرعيات التي تؤدي لفساد القرع والكوسة والبطيخ والشمام والعجور والتبش والطور الذي يحدث الضرر في الأنواع الثلاثة هو الأنثى واليرقة إذ تحدث الانثى ضرر غير مباشر لان لها في نهاية بطنها شوكة وهي الآلة التي تضع بها بيضها فتدخلها في الثمرة بغرض وضع البيض ولكنها بذلك تحدث فتحة تدخل عن طريقها وسائل التعفن أي الفطريات والبكتيريا أما البيض الموضوع داخل الثمرة فيفقس الى يرقات (ديدان) تتغذى على الثمرة وتتلفها. ويحدث الضرر للإنسان والحيوان بنقل الذباب لمسببات الأمراض والتي منها.
الذبابة المنزلية House fly التي تنقل كثير من مسببات الأمراض مثل رمد العيون والأسهالات وهي التي تنتشر بكثرة في بيئتنا وهي من الحشرات المستهدفة في الحملة . كذلك ذبابة الرمل Sand fly التي تمتص إناثها دم الانسان والحيوان ناقلة مسبب مرض الليشمانيا (الكالازار)Leishmaniasis ولدغها مؤلم ويطلق عليها السكيت إذ أنها لا تصدر طنين وأيضاً تنقل مسبب حمي الأيام الثلاثة وهو مرض فيروسي يسبب آلام في العين. كذلك من أنواع الذباب الضار الذبابة السوداء Black fly وهي صغيرة في الحجم وتنتشر في السودان في النيل الأزرق وفي منطقة الرباطاب وهي مزعجة ولها القدرة على الدخول للشعب الهوائية مما يسبب الاختناق ويؤدي للوفاة بعد إرادة الله ولها القدرة على نقل مسبب مرض الفلاريا وكذلك عمى الأنهار River blindness ومن الذباب الذي يضر بالحيوانات ذبابة الخيل Horse fly وذبابة الاسطبلات وذباب النقف والذباب الذي يسبب التويد Myiasis
الشامي الصديق آدم العنية مساعد تدريس بكلية علوم الاغذية والزراعة جامعة الملك سعود بالرياض المملكة العربية السعودية ومزارع بمشروع الجزيرة