أخبار السودان

بعد مرور(55) عاماً على الاستقلال ..الإقتصاد .. العودة إلى المربع الأول

تقرير:سنهوري عيسى

تحل علينا هذه الايام الذكرى الـ(55) للاستقلال المجيد لنقتبس منها الدروس والعبر،ونستلهم آفاق المستقبل المشرق،ولنرى كيف سيكون المشهد السوداني لاسيما وان هذه الذكرى تصادف اجراء الاستفتاء على تقرير مصيرجنوب السودان بين البقاء فى السودان الموحد اوالانفصال تنفيذاً لاتفاقية السلام الشامل بين الحكومة والحركة الشعبية والتى انهت الحرب بالجنوب .. ومن هنا لابد من اجراء قراءة للمشهد السودانى بعد الاستقلال واتجاهاته بعد استفتاء جنوب السودان المقرر اجراؤه فى التاسع من يناير 2011 ،وسنركز فى هذه القراءة على المشهد الاقتصادى .. كيف كان يدار الاقتصاد ومكوناته، وعلى ماذا كان يعتمد الاقتصاد وموازنة الدولة بعد الاستقلال والآن، وطبيعة المشكلة الاقتصادية زمان والآن،هل هنالك متغيرات فى المشكلة الاقتصادية،وهل سنعود الى المربع الاول فى الاعتماد على مقومات ومكونات الاقتصاد بعد مرور(55) عاماً على الاستقلال ،وبعد استخراج النفط السودانى ليصبح اقتصادنا زراعياً كما كان بعد الاستقلال .
—-
معلوم أن الاقتصاد السودانى بدأ بعد الاستقلال فى العام 1956 اقتصاداً زراعياً بالدرجة الاولى يعتمد على الزراعة والصادرات الزراعية خاصة القطن الذى كان يطلق عليه اسم ( ذهب السودان الابيض)،ولكن اصبح هذا الذهب مهملاً بعد استخراج النفط السودانى فى نهاية اغسطس عام 1999 حيث تم وقتها تصديرأول باخرة من البترول السودانى،ليقبع القطن او(الذهب الابيض) فى سلة المهملات وتتراجع مساحاته المزروعة وصادراته وبالتالى عائداته بل خرج القطن فى بعض المشاريع الزراعية من الدورة الزراعية،بينما كانت السمات العامة لأول موازنة بعد الاستقلال ( موازنة العام 1955/ 1956) التى قدمها اول وزيرمالية سودانى بعد الاستقلال المرحوم (حماد توفيق حماد) تعتمد على القطن مورداً رئيسياً للموازنة.
وذكرالمرحوم حماد توفيق فى السمات العامة للموازنة والتى تعد اول موازنة بالجنيه السودانى أن الزراعة تشكل العمود الفقرى لاقتصاد البلاد وبالتحديد انتاج القطن وهو المحصول النقدى الرئيسي كما تلخصت أهداف السياسة الاقتصادية لـ( موازنة العام 1955/ 1956) فى عدد من المحاور بينها الحد من الانفاق من إحتياطى العملات الاجنبية على الواردات غيرالضرورية والبنود غيرالمنظورة،وتوفيرفائض كافٍ فى الميزانية يمكن الحكومة من مواجهة التزاماتها المتزايدة وتمويل مشاريع الانشاء والتعمير،وتشجيع المشروعات الانتاجية التى تضطلع بها المؤسسات الخاصة، كما ذكر وزير المالية المرحوم حماد توفيق الوسائل التى يمكن خلالها تحقيق الاهداف الثلاثة وهى تتمثل فى فرض قيود على الاستيراد للحد من الصرف بالعملات الاجنبية على المواد غير الضرورية،وتقييد تسهيلات الائتمان من الخارج لاستيراد السلع الاستهلاكية الى جانب الحد من القوة الشرائية للمستهلكين وذلك بتوجيه البنوك بتقييد تسهيلات الائتمان خاصة تلك التى تزيد من الوارد من السلع الكمالية وبالمقابل تقوم البنوك بتمويل المشاريع الانتاجية للمؤسسات الخاصة وزيادة الضرائب غيرالمباشرة على السلع الواردة ووضع القيود على المصروفات غيرالمنظورة .
وكشف الوزيرعن تحقيق فائض فى ( موازنة العام 1955/ 1956) بلغ نحو (1.8) مليون جنيه والذى يعتبر أول فائض تحققه الميزانية العامة للدولة كما استطاعت الحكومة الوفاء بوعودها باتخاذ الاجراءات الاولية اللازمة لادخال أول عملة سودانية خاصة بالبلاد ( الجنيه السودانى)،حيث اوضح الوزير في هذا الصدد انه تم الاتصال بالحكومة المصرية بشأن سحب العملة المصرية من التداول فى السودان .
وأختتم المرحوم حماد توفيق بيانه حول ( موازنة العام 1955/ 1956) بتلخيص لمشكلة الاقتصاد السودانى وهى : اولاً : الميل الى أن نعيش فى مستوى لا يتماشى ودخلنا (تكلف المواطن السودانى اكثرمن دخله)، وثانياً : الاتجاه الى تأجيل مشاريع الانشاء والتعميربسبب ميلنا الى الصرف على المشروعات غير الانتاجية واستطرد الوزيرفى حديثه قائلاً : ( إن هذه الاخطار تملى علينا ان نشدد الرقابة المالية فى حياتنا الخاصة كانت ام العامة وإلا تعرضت البلاد لصعوبات جمة داعياً الشعب الى شد الاحزمة على البطون وادخار ما يفيض عن الحاجة وتوظيفه فى مشاريع التنمية )،واختتم وزير المالية خطابه بترديد شعاره للشعب وهو : ( عيشوا ببساطة وادخروا لبناء حياة أسعد فى المستقبل).
اذاً لخص المرحوم حماد توفيق أول وزير مالية سوداني مشكلة الاقتصاد السودانى فى شيئين هما : تكلف المواطن اكثرمن دخله،وعدم اهتمام الدولة بالمشروعات التنموية التى توفر فرص العمل ولجؤها الى المشروعات الانتاجية سريعة العائد كما حدد فى بيانه مكونات الاقتصاد السوداني بانه (اقتصاد زراعى )،وان الزراعة تشكل العمود الفقرى لاقتصاد البلاد خاصة محصول القطن،ولكن بحلول الذكرى الـ(55) للاستقلال المجيد يبدو أن المشهد الاقتصادى يتجه الى العودة الى ( المربع الاول ) حيث مازالت المشكلة الاقتصادية قائمة كما شخصها ولخصها المرحوم حماد توفيق بان المواطن السودانى ظل يتكلف وينفق اكثرمما يكسب من دخل، والدولة لم تركز على المشروعات التنموية الكبرى لتوفيرفرص العمل واستغلال الموارد،بل اهدرت حتى توظيف عائدات النفط ولم توجه لاستغلال وتفجيرطاقات موارد اخرى كالزراعة، لتلجأ الحكومة الى البحث عن بدائل للنفط ببرنامج اقتصادى ثلاثي يستوعب تداعيات مرحلة ما بعد الاستفتاء ويمتص تأثيرات فقدان موارد النفط اذا جاءت نتائج الاستفتاء بالانفصال، ومن بين تلك الموارد العودة الى الزراعة كمورد اساسي فى الميزانية اي ( العودة الى المربع الاول) للاقتصاد الزراعى الذى قامت عليه أول ميزانية بعد الاستقلال حيث ركزت الحكومة فى بدائل النفط على تطويرالزراعة وزيادة الصادرات الزراعية خاصة الصمغ العربى الذى الغت الرسوم المفروضة عليه فى موازنة العام 2011 اول ميزانية للبرنامج الاقتصادى الثلاثي (ميزانية الاساس)،ودعم الزراعة والتوسع فى زراعة القمح لتمزيق فاتورة الواردات من الغذاء الذى ارتفع الى (26.4%) خلال الـ(10) اشهرالاولى من العام 2010 ، كما بلغت فاتورة استيراد القمح فقط نحو(1.6) ملياردولارخلافاً لاستيرادنا الى السكر والدقيق وزيت الطعام والالبان وغيرها من السلغ الغذائية ،ولذلك لجأت الدولة فى هذا البرنامج الجديد الى زيادة الانتاج الزراعى كما حددت بدائل للبترول لتوفيرالنقد الاجنبي الذى يمكن فقدانه بعد ذهاب النفط بزيادة الصادرات الزراعية والصناعية والماشية واللحوم والذهب الذى يتوقع ان تبلغ عائداته بنهاية العام الحالى نحو ملياردولاربينما ستقفزالى (3) مليارات دولارفى ميزانية الاساس لهذا البرنامج .
ومن هنا يتضح أننا عدنا الى المربع الاول الى المشكلة الاقتصادية والى الاقتصاد الزراعى، ونقول: ( العود أحمد )،والفرصة مواتية لاحداث نهضة اقتصادية بالبلاد تقوم على استغلال امكانياتنا الزراعية عبرتشجيع الاستثمار الزراعى المحلى والاجنبي، وبناء شراكة مع الدول الصديقة خاصة الصين وبقية دول شرق آسيا والخليج لما تتمتع به من امكانيات مالية واسواق تستوعب هذه الصادرات الى جانب توظيف فائض ما ننتجه من النفط بالشمال الآن بعد تغطية الاستهلاك الداخلى من مواد بترولية (جازولين وبنزين) فى تنمية وتطويرالقطاع الزراعى بشقيه النباتى والحيوانى ليصبح اقتصادنا الزراعى اكثر قوة لامتصاص الصدامات وهذا ليس ببعيد المنال اذا توافرت الارادة الصادقة والادارة الرشيدة والموارد المالية والبشرية المطلوبة.

الرأي العام

تعليق واحد

  1. متى نرتاح من تزايد الضرائب والرسوم والجبايات والنفايات والزكاوات والأتاوات والهنايات والوزراء والوزارات والنواب والنائبات وما يتبع ذلك من مخصصات وفق بند الإنتماءات والترضيات وغض الطرف عن نهب المال العام الذي تسرب ليكون رأسمال شركات وفيلات في كافوري والعمارات ودعايات ومهرجانات يمتزج فيها الرقص بالتكبيرات لإفتتاح المشروعات الفاقدة لأدنى المواصفات والتي (دفع وسيدفع) المواطن حقها بالمضاعفات أو التي لن يستفيد منها إلا بعد أن يدفع المليونات في الشبابيك والخزينات لينال مرتبة القرف في اللهث خلف الفتات

  2. صح النوم !!!! يا دوب عرفتو أهمية الصناعة ؟؟ كنتو وين لما الحكومة دمرت الصناعة الوطنية (عن قصد) وشردت العمال والموظفين والفنيين؟؟ عدد كبير قعد في البيوت وعدد آخر دخل السوق على شكل سماسرة وسائقي أمجاد وركشات ؟؟ كنتوا وين ؟؟؟؟؟ الحكومة أستوردت (كل) المواد الأساسية للمعيشة عبر تجار الجبهة. المناطق الصناعية أصبحت خرابات ينعق فيها البوم وأفراد الجبايات. ما عدا (بعض) المصانع المحسوبة على الحكومة والتي تستأثر على السوق كله وتحتكره. إتقوا رب العالمين يا حكومة ونوم العافية يا (نواب الشعب الصابر المكلوم)
    ها ها ها ……….. شر البلية ما يضحك …… وينو القطن السوداني ؟؟؟؟ الكم بالة ديل ؟؟؟؟؟؟؟؟ ما خلاص الحكومة دمرت مشروع الجزيرة بالإتفاق مع (أولاد بمبة) في الشمال وصار عالمياً الشعار المعروف = القطن طويل التيلة هو القطن المصري (فقط) وهو الأجود والأفضل عالمياً في حين القطن السوداني (كان) الأفضل عالمياً !!! المؤسف والمحزن أن مزارعي الجزيرة في السجون لعجزهم عن السداد !! ظلم -ظلم- ظلم والظلم ظلمات يوم القيامة )

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..