مقالات وآراء

البلاد في مهب الريح ( ٢ )

يوسف السندي

فشلنا ثلاث مرات في استدامة الديمقراطية ولن ننجح في الرابعة ان لم نغير بعض الموانع والعقبات المستمرة الوجود في الساحة وعلى رأسها البناء المؤسسي للأحزاب السياسية وزيادة الوعي بين الجماهير. الأحزاب السودانية الأربعة الكبرى ( الامة، الاتحادي، الشيوعي، الاسلاميين) لا مناص من التسليم بأن المستقبل السياسي يجب أن يتقبل وجود هذه الرباعية وعملها ضمن إطار وطني واحد من أجل مصلحة البلاد، الحديث عن إقصاء لأي جهة سيكون مجرد أحلام وامنيات لا يسندها واقع ولا منطق، والحقيقة أن تأخير الاعتراف بهذه الحقيقة هو الذي يجعل البلاد في مهب الريح.

التفكير الجاد في استيعاب الفصيل الإسلامي ضمن ترتيبات بناء السودان الديمقراطي لا يجب أن تخضع لمزاجات وادعاءات ثورية او عاطفية، وإنما يجب أن تطرح بصورة جادة وفوق الطاولة لا تحتها، وفق مبدأ ان من اغترف ظلما يحاسب ومن لم تثبت عليه جريرة من حقه أن يواصل الدفاع عن أفكاره السياسية الإسلامية وان يجد الاحترام من الجميع وان يشرك في تقرير مصير البلاد وانتقالها الديمقراطي، ليست هذه طوباوية ولا سذاجة وإنما طوي لمراحل التاريخ ووصول مبكر لمستقبل وطني مشترك لا يقصى فيه احد، فالاقصاء يؤخر العبور ويضع البلاد في مهب الريح.

حزب الأمة القومي يعتبر الحزب الأكثر انتشارا في السودان ويتمتع بثقل جماهيري في كل بقاع السودان شمال وشرق وغرب وجنوب ووسط، ويكاد يكون الرابط الوحيد المتوفر الذي يعصم كثير من المناطق والقبائل من الانتكاس إلى المناطقية والجهوية والقبلية، بعد رحيل زعيمه التاريخي يمر هذا الحزب بحالة انعدام وزن ويحتاج إلى قيادة ذات كاريزما وقوة شخصية تملك مفاتيح اللعب الداخلي والدولي من أجل المحافظة على خيط الحزب الذي يجمع اختلاف السودانيين ويرتفع بهم فوق الاثنيات، لا يمكن فصل حزب الأمة في الوقت الراهن عن الأنصارية ولا عن بيت الإمام المهدي باعتبارهما مصدر الجماهيرية والكاريزما، لذلك خروج التأسيس الرابع للحزب عن الإطار التاريخي للحزب سيقود إلى تفتيت الحزب وانفراط هذا الخيط، وهو ثمن لن يدفعه الحزب فقط بل البلاد بأجمعها. سيكون في المستقبل متسع لأحداث الانتقال في الحزب كما انتقلت الملكية في أوربا.

في هذه المرحلة الراهنة ليس مقبولا ان يفكر البعض في حزبه او حركته او جيشه وينسى الوطن، لا يجب ان يفكر البعض في المعارك الوقتية مع الكيزان والدعم السريع والشرطة والنيابة وينسى الوطن، الوطن أولا، والوطن يحتاج للجميع، اي جهد يبذل في جمع شتات السودانيين سيكون أفضل الف مرة من اي جهد يبذل في الإقصاء والاغتيال السياسي والمحاكم، الاوطان لا يبنيها الغاضبين، ولا الباحثين عن انتقام ذاتي، ولا الساعين نحو مجد او منصب ذاتي، وإنما يبنيها المتسامحين العاملين من اجل وحدة صف الأمة وتماسك الوجدان الوطني المشترك، المؤمنين بتجاوز الماضي والمرارات من أجل بناء مستقبل صحيح ومعافى.

‫7 تعليقات

  1. مادام اعتمدت الحركة الاسلاموية في بناء مستقبل السودان يبقي انت ضال و مضلل و مضلل بكسر الميم و فتحها

  2. مادام اعتمدت الحركة الاسلاموية في بناء مستقبل السودان يبقي انت ضال و مضلل و مضلل بكسر الميم و فتحها. يجب ان لا تضحك علي الشعب

  3. الواقع اليوم يقول غير ماذكرت والصحيح ان كل الاحزاب السياسية القديمة قد فقدت مصداقيتها ولم يعد لها من قواعد جماهيرية تذكر الا من بعض المغيبين والانتهازيين واصحاب المنافع. لقد تفرق السودانيون ايدي سبا ولم يعد يجمع بينهم سوى الجغرافيا المكانية وايقنوا ان لا خير يرجى من هذه الاحزاب المتكلسة التى لم تقدم شيئا يذكر للمواطن السودانى سوى البؤس والفقر والعذاب. هذه الأحزاب السياسية ماهي الا ظواهر صوتية كلامية لاغير . كما انهم سئموا من العسكر وانقلاباتهم التصحيحية التى لم تجلب غير الدمار والخراب ، فهؤلاء وأولئك من نفس الطينة والعجينة. انظر الى الخارطة السياسية السودانية بتمعن لترى بام عينيك كيف تحلق اهل دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق حول حركاتهم المسلحة تاركين ما سواهم، وعرج على شرق السودان فلن ترى سوى الاصطفاف خلف القبيلة والرموز القبلية، وهناك في اقصى الشمال نرى من تحت الرماد وميض نار فهاهي بعض الكيانات بالامس القريب تهدد بالتمرد وحمل السلاح ، وكل هذا نتيجة لعبة عسكر وحرامية.

  4. انت تعترف بأن الفشل كان حليف هذه الأحزاب التي ذكرت فمن اين لها بالنجاح و انت تعترف بأن غياب الكاهن الصادق المهدي سيكون له أثر على حزب الأمة رغم ان تاريخ الصادق المهدي كأفشل سياسي سوداني لا يحتاج لدليل و فعلا لم يستطع أن يطلع كوز أخضر الى أن رحل الحل في التخلص من عقل الحيرة و الاستحالة و سببه عقل أحزاب وحل الفكر الديني من طائفية و حركة اسلامية و و كذلك النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية فانها دين بشري أفشل من الطائفية و الحركة الاسلامية و السلفيين الحل في مفارقة وحل الفكر الديني و بناء فكر يحترم الفرد و العقل و الحرية بعيد عن أي كاهن سواء كان امام أو مولانا او استاذ و بعده تصبح مسألة حقوق الانسان بقطة المبتدى و الوصول و لا يكون بغير فكر ذو نزعة انسانية مستند على العقلانية التي لا تفتح إلا على العلمانية التي تضع حدا نهائيا للمتجارة بالدين من قبل اسرة المهدي و اسرة الميرغني و بلامناسبة اتفاقية سلام جوبا من ضمن بنودها عدم استغلال الدين في السياسة و كذلك نجد عبد العزيز الحلو يطالب بعلمانية الدولة و حقا يلعب دور الأقلية الخلاقة بعكس الأغلبية التي يتحكم فيها الكاهن بفكر لاهوتي غائي ديني مفارق لمختصر تاريخ البشرية في اعتماده على نزعته الانسانية التي انجزت أجمل مرحلة تاريخية و هي الديمقراطية بعيدا عن الخضوع لاسرة المهدي او اسرة الميرغني و هذا الذي سيكون آجلا أم عاجلا.

  5. والله يا أستاذ سندي من النادر ان تجد كاتبا يتحدث اليوم بهذه النظرة الوطنية والموضوعية الشاملة ويتحدث بقوة وجراءة عن العلاج الحقيقي لازمة السودان.
    الذين يتحدثون عن اندثار الأحزاب الكبيرة لا يفهمون مطلقا كيمياء الشعب السوداني وارتباط الشعب التاريخي بهذه الأحزاب.. _ أقول ذلك وانا لا انتمي لأي حزب- صحيح لهذه الأحزاب كمؤسسات بشرية نجاحاتها واخفاقاتها ولكنها تظل هي بوصلة الشعب وهي المرتكز عند أي منعطف سياسي للبلاد.
    بعد الثورة ارتفعت أصوات ولغة الكراهية التي لا تبني بلد ولا تعمر وطن وانما هي نار ظلت تحرق في جسم الوطن منذ الاستقلال حتى صار في قاع العالم.. ولا زلنا نلتمس نفس الطريق ونفس لغة العداء والثارات والكراهية والظلم .
    رواندا لو ظل فيها فصيلان، هوتو وتوتسي، في احتراب ولغة كراهية ما كانت تكون اليوم افضل واسرع دول العالم نموا..
    الفكرة الجوهرية انك حين تتشكل الى فريقين متخاصمين متحاربين متعاديين أحدهما يسعى للخروج من الازمة والأخر يشمت ويفرح لنكسات البلاد ومستعد أن يتعاون مع كل عدو داخلي أو خارجي تعاونا صريحا ضدها لأنه يستقصد افشال النخبة الحاكمة ويستقصد الثأر فالسودان والله ووالله ووالله ووالله لن يتقدم خطوة.. فنحن نكرر نفس الشئ عند كل ثورة وعند كل انقلاب منذ الاستقلال.
    يقول انشتاين ان الجنون هو ان تقوم بمحاولة نفس الشي مرارا وتكرار ا وتعتقد أنك ستحصل على نتيجة مختلفة!
    insanity is doing the same thing over and over again and expecting different result
    ليت الناعقين بالشؤم يسمعوا صوتك أخي السندي قبل ان يحل الندم وقد بلغنا للأسف الشديد مرحلته الان لأنه لا توجد دولة في العالم كله تعاني من الازمات التي نعانيها.

  6. بصراحة بصراحة بصراجة الكاتب على حق.
    بلد تتكون من فريق كورة فيه أكثر من 30 مليون لاعب نص اللاعبين هدفهم احراز هدف في مرمى الخصم والنص التاني هدفه احراز هدف في شباكه ثارا او انتقاما من المدرب.
    بلد زي دي ممكن تحرز أهداف أو تغلب؟ حتى ولو كان من يريد احراز الهدف في مرماه واحد على المليون فمن السهولة يمكان أن يحرز الهدف في مرماه ويخلي البلد كلها في حيص بيص.
    الاستاذ يوسف وضع يده في الوجع الذي لا يريد أحد أن يلمسه.

  7. (الحل في مفارقة وحل الفكر الديني و بناء فكر يحترم الفرد و العقل و الحرية)
    يا طاهر وهل يمكن حل الفكر ايا كان هو؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    والله لو كانت الافكار تحل وتربط وتهدم وتنشأ كان باعوها في البقالات..
    العالم يتحدث عن التعايش أما الحديث عن حل أي فكر خاصة القكر الذي له جذور عقائدية عميقة فيه قصر نظر مدهش!
    حل الفكر؟!!!!!!!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..