الحاج آدم يوسف : جهاز الأمن يؤدي مهامه وفق القانون، ولا ينبغي أن نقول إن جهاز الأمن يأتمر بأمر المؤتمر الوطني،

الخرطوم – آدم محمد أحمد
إجراءات التأمين والسلامة لا زالت تحكم قبضتها في مدخل المنزل الرئاسي بحي المطار، وإن قلت حدتها عما كان في السابق عندما كان الرجل يحتل الموقع الثالث في الدولة، وهو أمر يشيء بأن ثمة ملفات مهمة بحوزته.. يتوافد الزوار سواء زيارات خاصة أو تلك التي تتعلق بالعمل السياسي أو العام.. سعة البيت وبراحته وهدوءه عوامل كافية لأن يحتضن أيما لقاء أو فعالية.. ثمة شباب يتحركون بهمة، لا يترددون في تلبية طلباتك إن كنت زائرا جلهم أبناؤه.. في الصالون الرئاسي طلب مني أن أجلس وقيل لي إن دكتور الحاج آدم يوسف لديه لقاء صغير مع بعض الناس لكنه سيأتيك عاجلا.. زيارتي غرضها إجراء حوار صحفي مع الرجل.. بعض الوقت قضيته في الانتظار داخل الصالون “العتيق” وأنا أتفحص ملامحه الفخمة؛ هيبة المكان وأهميته، كل شيء يتسم بالترتيب، وأنا أجلس سألت نفسي: كم من القرارات المهمة فيما يبدو خرجت من هذا المكان؟..
بهيئة الشيوخ، جاء الحاج وهو يرتدي جلابية عادية تلك التي يجلس بها داخل بيته عند القعدة الأسرية.. لم يجتهد في تغيير زيّه فهو ليس ممن يتكلفون في البحث عن مظهر ربما يكون مصطنعا حسب رأيه.. قال لي أنا دائما أطلب من الصحفيين تسليمي المحاور حتى استطيع أن أعد نفسي. قلت له: في تقديري لا يحتاج دكتور الحاج إلى محاور ليذاكرها لأن الأمر واضح عنده.. ضحك وواصلنا.. بطريقة تحمل قدرا من الإيمان بالأفكار والدفاع عنها يتحدث الرجل.. لا مجال عنده إلا بالالتزام الصارم بالمبادئ وإنفاذ اللوائح وتمكين المؤسسات من أداء عملها.. لا خلط عنده للأوراق؛ فكل شيء يجب أن يكون وفقا لضوابطه.. وهو يودعني في مدخل الباب دس العبارة التالية في مسامعي: “بعد ما تخلص من تحرير الحوار دعني أراه قبل النشر”.
* ما هو الاختلاف وأنت تعود إلى الجامعة مرّة أخرى أستاذا؟
– الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.. منذ أول تكليف لنا عام (1990) انتدبنا للعمل بولاية الخرطوم في اللجان الشعبية، ثم انتقلنا إلى الولاية الشمالية واستمر الحال إلى عام (2000) عندما انتهى تكليفنا في وزارة الزراعة والغابات عدت مباشرة إلى الجامعة، لأني أجد نفسي فيها وأنا أدرس في تخصص جديد في الجامعة في كلية الهندسة.. هذا التخصص أنشئ حديثا، بالتالي يحتاج إلى أساتذة في هذا المجال، فعودتي للجامعة شيء عادي.
* لم تنقطع العلاقة بالجامعة وأنت مسؤول؟
– فور رجوعي من الخارج عام (2006) عدت إلى الجامعة واستمر الحال إلى أن كلّفت بموقع نائب الرئيس فأستاذنت إدارة الجامعة للعمل برئاسة الجمهورية وبإنهاء التكليف عدت مباشرة للعمل بالجامعة، بل خلال كل الفترات التي عملت بها خارج الجامعة في المواقع الدستورية المختلفة ظلت صلتي بالجامعة قوية.
* عندما يعود الحاج إلى التدريس من منصب الرجل الثالث في الدولة، هل ثمة دهشة عند الطلاب أو زملاء المهنة؟
– لم أشعر أن هناك دهشة من الطلاب أو العاملين أو الأساتذة. والعمل بالجامعة يختلف عن الخدمة المدنية في المجالات الأخرى، فالتقدير للفرد يؤسس على التأهيل الأكاديمي وليس الدرجة الوظيفية. فقد كنا نرأس وظيفيا من يعلوننا أكاديميا ونحن نكن لهم الاحترام والتقدير، وبعيد عودتي الأخيرة للجامعة كتب أحد الجاهلين أن الحاج وصلت به الذلة ليكون مرؤوسا لمدير جامعة الخرطوم بعد أن كان الرجل الثالث في الدولة، وهو لا يعلم بسبب جهله أن هذه عندي هي الرفعة ذاتها، وأزيده أن رئيس القسم الذي أعمل فيه هو طالبي تخرج على يدي ودوني في درجته الأكاديمية وأنا أفتخر أن أعمل تحت إمرته وهكذا علمتنا جامعة الخرطوم.
* حتى حينما هتفوا ضدك داخل الجامعة في إحدى الفعاليات التي شرفتها وأنت نائب؟
أحسب أنها فعالية تخريج، أو هكذا كانت، منظمة في قاعة الامتحانات وأخطرت قبل وصولي للموقع بأنّ بعض الطلاب يتظاهرون خارج القاعة احتجاجا على قيام ذلك المنشط. وكان قراري أن أشهد المنشط حتى وإن تظاهر الطلاب، فأنا أنوب عن رئيس الجمهورية راعي التعليم العالي، وبالتالي لا يحق لأي جهة أن تحول بيني وبين حضور ذلك المنشط، بالإضافة إلى أنني درست في هذه الجامعة وتخرجت فيها وتدربت بها واشتغلت بالتدريس فيها.
* وماذا حدث؟
– من حق الطلاب أن يهتفوا لتوصيل صوتهم لكن ليس من حقهم أن يحولوا بيني وبين الحضور، بالفعل أتيت مخترقا كل هذه الأصوات والهتافات وقد دهشوا أن أتيت بهذه الصورة، فذهلوا ولم يفعلوا شيئا إلى أن دخلنا القاعة، وكان الحضور كثيفا. أثناء البرنامج استطاع اثنان من الطلاب أن يدخلا في القاعة، ويردّدا بعض الهتافات، ولكن سرعان ما أخرجا واستمر البرنامج إلى نهايته.
* هل تبيّنت حقيقة هؤلاء الطلاب؟
– من بعد أتى بعض الطلاب واعتذروا وقالوا نحن ما كنا نقصد أن نعترض حضورك، ولكننا ضد قيام المنشط، حتى أن بعضهم ما كان يعلم أنّني أنتمي لأسرة الجامعة.. علاقتي بالطلاب ظلت ممتازة طوال فترات عملي بالجامعة وأنا سعيد بذلك.
* صف لنا العلاقة بين العمل التنفيذي والتدريس؟
– العمل التنفيذي فيه ضغوط كثيفة لا تستطيع أن تتحكم في الجدول اليومي وهناك طوارئ من وقت لآخر، إما أن تدعو لاجتماع أو تدُعي لاجتماع أو يحدث طارئ يستدعي أن تسافر أو تقابل جهة ما.. هناك تسيير العمل اليومي.. المكاتبات والتقارير تستغرق وقتا ليس بالقليل، حتى أن جزءا كبيرا من وقتنا في المنزل يمضي في متابعة المكاتبات، بعض البرامج تأتي هكذا، وكلما اجتهدت أكثر زادت الأعباء، وأضف إلى ذلك الانشغال المستمر بأمهات القضايا والتحديات الكبرى التي تتطلب التفكير واستنباط الحلول سياسيا أمنيا اقتصاديا واجتماعيا. ثم هموم الأفراد التي لا تتوقف ليل نهار.
* وفي الجامعة؟
– في التدريس الوقت أكثر انضباطا لأن الجدول اليومي والأسبوعي والشهري ولكل العام الدراسي محدد بدقة، كما أن الجهد المطلوب للتحضير للتدريس أقل بكثير خاصة في مجال التخصص وأنا حينما عدت الآن إلى الجامعة بل وفي كل مرة أعود فيها للعمل بالجامعة لم أستغرق وقتا كثيرا للاستمرار في التدريس بالرغم من التجديد في المواد لكن لم أجد عسرا في أن أدرس وفي بعض الأحيان يمكن أن أدرس دون مذكرات، بالتالي العبء أقل من عبء التنفيذ، الآن يمكن أن نتحكم في وقتنا، وقت للاطلاع ووقت للتدريس ووقت للطلاب سواء في الدراسات العليا أو المرحلة الجامعية.
* عقب التعديلات الأخيرة في الحكومة والحزب، هناك من يردد بأن الحاج آدم هو الخاسر الوحيد؟
– بمعنى شنو؟
* بمعنى أنك لم تمكث طويلا في المنصب؛ فقط سنة أو يزيد؟
– فعلا وجّه لي هذا الحديث أكثر من مرة، فأنا مكثت لعامين، ونحن نؤمن بتداول المواقع، فإذا عشنا لقرن من الزمان فسوف لن يتعاقب على هذا الموقع أكثر من خمسين فقط من أبناء السودان الأكفاء، لك أن تتصور إذا مكثنا أكثر من ذلك فكيف يمكن أن يتحقق تداول حقيقي للسلطة؟ ومتى تفتح الأبواب بالنسبة لتفجير طاقات أبناء السودان وهم كثر؟، بل من طال بقاؤه بالتكليف من إخوتنا وأدى أمانة التكليف بحقها هو الخاسر على المستوى الشخصي في ماله وأسرته وصحته ونسأل الله لهم الثواب فإن كنت أقل إخوتي عمرا في رئاسة الجمهورية فأنا أقلهم خسارة على المستوى الشخصي وأسأل الله أن يكلأني برحمته فلا أقل عنهم ثوابا، بالتالي أنا سعيد بالذي حدث.
* ألم يكن تقلدك لموقع منصب نائب الرئيس صفقة لانضمامك؟
– اعلم أخي الكريم أن تكليف الأشخاص بالمؤتمر الوطني يقرره المكتب القيادي، أما الصفقات فهي برتوكولات سياسية مع القوى السياسية الأخرى، فمن أراد أن يتبوأ موقعاً من أعضاء المؤتمر الوطني عبر صفقة فسيعطى صفعة، وليتبوأ موقعه في الصفوف الخلفية مكدرا.
* هل أنت راض عن ما قدمته في الموقع خلال تلك الفترة؟
– إذا كنت تعني براضٍ أنني قدمت كل ما أريد؛ بالطبع لا، لكن عزائي أنني قد بذلت ما أستطيع من جهد، والله لا يكلف نفسا إلا وسعها. أنا بذلت غاية جهدي لتحقيق الأهداف المرجوة ولتحقيق مصالح العباد، ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، وبالتالي أقول يمكن أن يكون هناك أداء أفضل من الذي قمت به إن شاء الله، لكن بذلت ما أستطيع.
* ثمة حديث بأن القيادات الذين ترجلوا “زعلانين”.. هل أنت منهم؟
أنا ما زعلان غايتو، أنا مبسوط.
* طيب يا دكتور؟
– “مقاطعا”: أنا حقيقة مبسوط، لكن “زعلان دي يمكن أن أزعل في شيء أمتلكه أنا، وانتُزِع مني.. أنا لم آت إلى موقع النائب بقرار منّي.. أنا أتيت إلى هذا الموقع بتكليف مباشر عبر مؤسسات المؤتمر الوطني، ورُفع عنّي التكليف عبرها، بالتالي لا مكان للزعل.. بل العكس تماماً؛ فأنا راض.
* البعض يردد أن الحاج آدم كان قاسيا في حديثه تجاه المعارضين أثناء توليه منصب النائب؟
– والله يمكن أن يأتوا بأمثلة، لكن نحن مواقفنا لم تتغيّر؛ سواء قبل، أو أثناء، أو بعد.. نقول الحق ولو كان مراً، ولا زلنا على هذا المنوال؛ لا نغيّر مبادئنا بأي حال.. المعارضة التي تقول إنّنا كنا قاسين عليها؛ أليست هي التي تقسوا علينا في الحكومة؟ أنا من تلكم الحكومة، فماذا تتوقّع مني المعارضة؟ أتمنى أن تجد المعارضة من يحنو عليها من بعد..
* جاء ذلك القول لأن التوقّعات بأنّ الحاج كان يجب أن يكون أكثر مهادنة، لكونه قادماً من صفوف المعارضة؟
– إذا كلامنا عن التمرّد نقول عنه كلام واضح، وعن المعارضة من الداخل كذلك.. أنا لا أـستطيع أن أفصل إلا إذا ذكر لي مثال محدّد؛ بأنك قلت كذا وكذا، بعدها يمكن أن أرد، لكن كلام عام نحن لا نقسوا إلا على من يستحقّ ذلك، لكن ليس من ديدننا أن نقسوا دون سبب وفي الحق نكون أقوياء.
* “لو طلبت منا القيادة “كنس” الشارع لفعلنا” هذه من أقوال الحاج آدم؟
– أعني الالتزام بقرار المؤسسات.. قلنا ذلك في لقاء مع الطلاب بعد أن نزل عنا التكليف.. قلنا لهم: نحن رهن قرار مؤسسات المؤتمر الوطني -كررها مرتين- ولو طلبت منا هذه المؤسسات أن تكون وظائفنا تنظيف الشوارع لفعلنا ذلك، أنا لا أحس بأن هناك فرقا بيني وبين من يقومون بنظافة الشارع، هذه مهنة شريفة وفيها خير كثير ولا عيب بأي حال أن نقوم بهذا إذا كلفنا بقرار من مؤسسات الحزب ذات السلطة.. أيما تكليف كلفنا به فسوف نستجيب له أيا كان مستواه.
* كأنك تريد أن ترسل رسائل معينة من خلال العبارة؟
– أنا أحسّ بأن بعض الناس -وهم قلة- حينما يكلف أحدهم بقرار من المؤسسات في موقع قيادي ينسيه الشيطان أن ذات الموقع يمكن أن يملأه عشرات الآلاف من غيره. بل وسبقه عليه آخرون كثر. فإذا أعفي من ذلك الموقع لا يقبل تكليفا في موقع آخر أقلّ درجة، وهو ينسى أن هذا الموقع لم يأته بكسبه الشخصي فقط بل هو قرار مؤسسات، وبالتالي إذا وضعت في هذا الموقع، وغدا قيل لك تنازل لموقع آخر، فلابد أن تتنازل وأنت راض، كما فعل خالد بن الوليد، الذي كان قائداً، وحينما أُعفي رضي بأن يكون جنديا في صفوف الجيش، تحت قيادة القائد الجديد.. أنا أعلم أنّ الذي أقوله لك شاقّ على كثيرين تطبيقه. ولكن نحن نريد للإنسان ألا يتدثّر بثياب السلطة الزائفة، والمكانة الصورية، ظنا منه أنّه ينال احترام الآخرين له بذلك. هذه كلّها مفاهيم لا قيمة لها، وإنما القيمة الحقيقيّة في أنّنا نكون جنوداً؛ أينما وجّهنا نسمع ونطيع، ولدينا أسوة في إخوة أكثر تقوى منا، وأكفأ منا علماً وتجربة، وحتّى أرفع منا مقامات؛ ذهبوا واستشهدوا في سبيل الله جنوداً.. لم يطالبوا بوضع خاص؛ ناموا على الأرض، وانقادوا لمن هم أصغر منهم عمراً، وأقلّ درجة، فنالوا الحسنيين والحمد لله.. كما وأنك ترى الإخوة الذين غادروا مواقع قياديّة بالدولة مؤخراً كيف ضربوا المثل الأعلى، وقد أخذ كل منهم موقعه حيث أُشير له. الأمر كله هو أمرُ الجماعة؛ أن نقدّم فلاناً، ويترجّل فلان.. هذه المسائل مطلوب منا أن نفهمها، فليس من بيننا من تقدّم الآخرين بمقدراته الشخصيّة فقط. ومن أراد أن يدوم احترام الناس له، فليتّق الله ربه، وليتواضع لله، يرفع الله مكانته عند الناس. كم من شخص يُكشّر الناس في وجهه، وهو يظن أنهم يحترمونه، بينما تلعنه قلوبهم.
* نفهم من ذلك أن هذه مشكلة تواجه المؤتمر الوطني الآن؟
– كثير من المجتمعات، ونحن لسنا استثناء من ذلك، الحكاية موجودة.
* المؤتمر الوطني في الشرق يمر بخلافات وأنت المسؤول عن القطاع؟
– صحيح طفح حديث في الإعلام -وما كان ينبغي أن يطفح- لأننا نمنع أي خلافات داخلية أن تذهب للإعلام، ولدينا مؤسسات تحكم الحزب وتحكم عضويته فلدينا لوائح للمحاسبة ولجان، وأي خلافات سواء في الشرق أو غيره الحزب قادر على حسمها وفقا للوائح، بالتالي أي كلام يرشح في الإعلام غير مقبول بأي حال من الأحوال ونحن لا نقبل لأي عضو منا أن يذهب إلى الإعلام ويتحدث عن خلافات داخل الحزب وكل من يفعل ذلك سيحاسب.
* يمكن أن نقول إن الوطني يتجه لمحاسبة عضويته في الشرق؟
– كله، في الشرق أو غيره؛ أي زول خالف اللوائح سيحاسب إن شاء الله.
* العضوية في الشرق تطالب بإقالة محمد طاهر أيلا والي البحر الأحمر ويدفعون بمبررات؟
– ليست هناك سلطة لأي جهة أن تتحدث عن إقصاء زيد أو عبيد إلا السلطة المختصة، بالنسبة للولاة فالولاة القائمون دستوريا السلطة لمجالس الولايات المعنية في حجب الثقة عنهم بإجراءات محددة. وحزبيا السلطة للمكتب القيادي المركزي الذي اختارهم ورشحهم، أما الولاة القادمون فهنالك كليات شورية هي التي تبادر بترشيح خمسة أسماء ترفع للمكتب القيادي المركزي للقرار النهائي وذلك وفق لائحة تنظيمية ضابطة وبإجراءات محكمة، وأي حديث خارج هذه المؤسسات لا يأبه به بل عندنا ممنوع، من حق الإنسان أن يقول لا أريد فلانا واليا لكن هذا يكون داخل المؤسسة حينما تنعقد الكلية الشورية الخاصة بالانتخاب.
* حسناً، ندلف إلى مقام آخر؛ قصة توقيفك من قبل الإنتربول في دولة الإمارات؟
– لم يحدث أن استوقفتني جهة وأنا نائب للرئيس، هذا كلام غير صحيح، وأنا لم أقم بزيارة رسمية للإمارات حينما كنت نائبا لرئيس الجمهورية. يمكن أن أكون مررت بها، لكن الذي حدث في السابق وأنا مواطن عادي سافرت إلى دبي وفي طريقي إلى الصين وكان هناك (كونكشن) لعدة ساعات انتظار بالمطار، وقلت بدلا من أن أمكث في المطار أخرج إلى البلد وأعود مرة أخري، وعند طلب خروجي من المطار أخطرتني السلطات المختصة بأنني محظور من الدخول إلى هذه البلد، طبعا محظور لأنه فعلا في وقت سابق وجهت لي بعض الاتهامات ووزع اسمي إلى دول من ضمنها دبي والدول تتعامل في ما بينها.
* ماذا كانت ردة فعلك؟
– قلت إن هذه (حاجة إيجابية) وليست سلبية في أن تلتزم الدول بما وقعت عليه من وثائق، الحصل أن اسمي وقتها لم تتم إزالته من تلك الدولة، لكن الحمد لله بعد اتصالات سمح لي بالخروج وعدت في الوقت المحدد وبصحبة شخص في موقع رفيع في دبي صاحبني واعتذر عن الذي حدث، وأنا حقيقة بدلا من أن أغضب قلت له أنا سعيد جدا بأن تلتزم الدول بمسؤولياتها تجاه بعضها، وبالتالي أنا لا أحمل أي شيء، هذا بالضبط الذي حدث لكن بعض الناس يصورون الحكاية بغير حقيقتها.
* ملف جديد؛ ما الباعث للتشكيك في نوايا “الوطني” تجاه الحوار؟ وهل تريدون فقط كسب الوقت لدخول الانتخابات؟
– نؤكد أن قرار المؤتمر الوطني قيام الانتخابات في موعدها وهذا التزام دستوري، الحوار لا يتعارض مع الانتخابات، نقول إن المؤتمر الوطني ظل في حوار مع القوى السياسية، وهو ليس بجديد على الأقل أنا شخصيا خلال العامين الماضيين قبل أن أترجل، شهدت بنفسي حوارات كثيفة كنت جزءا منها وأقودها مع كل القوى السياسية وتوصلنا إلى تفاهمات، صحيح تمنعت بعض القوى السياسية وقتها ولم تنقطع اتصالاتنا بهم، مبادرة الرئيس الأخيرة أتت بعد أن استجابت قوى سياسية معتبرة، وكان الناس طوال تلك الفترة لم يدفعوا بعجلة الحوار إلى الأمام أملا في أن تلحق به قوى سياسية وثبتت صحة هذه النظرة، وبالتالي مع قرب موعد الانتخابات ينبغي أن لا يتأخر الأمر أكثر من ذلك، الآن الناس يعملون للاتفاق على الآليات والمواقيت المحددة.
* النتيجة المتوقعة شنو؟
– هذا الحوار بالطبع سيفضي حسب تقديري إلى وفاق سياسي أو اتفاق في مسائل كثيرة، اذا اتفقنا اليوم فسنتفق على موعد تطبيق هذه الاتفاقية وإذا اتفقنا غدا أو قبل أو بعد الانتخابات كله لا يهم لكن المهم أن تصل القوى السياسية إلى اتفاق يتضمن آجال آليات وكيفية تطبيق ما اتفق عليه، وبالتالي إذا اتفق الناس قبل الانتخابات على شيء يدخلون متفقين وإذا لم يتفقوا فهذا لا يعني بأي حال تعطيل الانتخابات لأنها مضبوطة بقانون ودستور، بعد الانتخابات يظل الحوار مستمرا ومتى ما توصل المتحاورون إلى اتفاق يمكن أن ينزلوا بنود الاتفاق للتطبيق حتى بعد الانتخابات، أنا عندي يجب أن لا نربط بين الحوار والانتخابات، لأنه في حالة عدم قيام الانتخابات في مواقيتها المحددة سينشأ فراغ دستوري قد يؤثر حتى في مسيرة الحوار، لكن المطلوب أن يفهم بأن نتائج الحوار متى ما خلصت القوى السياسية إلى اتفاق يمكن أن تتنزل على أي وضع قبل الانتخابات أو بعدها.
* وهل يمكن أن يصل الحوار إلى اتفاق قبل الانتخابات؟
– في تقديري قبل الانتخابات يصعب أن تصل القوى السياسية لاتفاق، لكن هذا الأمر له لجنة مختصة في المؤتمر الوطني وهنالك آليات اتفق عليها بين القوى السياسية، أنا أملي لو جد الناس يمكن أن يصلوا إلى توافق قبل الانتخابات..
* لكن مجلس الوزراء أجاز بعض التعديلات في القانون؟
– نعم المواد التي أجيزت هي شكلية تتعلق بخروج الحركة الشعبية من الدستور والجنوب، فهناك تعديلات لازمة كتعديل عدد عضوية المجلس الوطني وما يتعلق برئاسة الجمهورية والمحاصصة التي خلقتها الاتفاقية إلى آخره، فإذا أجيز القانون بمجلس الوزراء فهنالك فرصة للقوى السياسية أن تتداول حوله إلى أن يمضي إلى المجلس الوطني، لكن ما أؤكده هو أن القانون حتى قبل أن يصل إلى مجلس الوزراء أديرت حوله حوارات واسعة جدا مع الجميع، وبالتالي القانون الذي خرج هو ناتج لمشاركة واسعة لجهات كثيرة.
* ثلة من قيادات المؤتمر الوطني لا ترغب في أن يمضي الحوار، ما مدى صحة ذلك؟
– أنا لا أعلم بأن هناك جهة داخل المؤتمر الوطني تعارض الحوار، سبق وأن قلت إن مثل هذا القرار يصدر من المؤسسات القيادية بالحزب، وبالتالي لا يؤخذ بآراء الأفراد. المعارضة ربما لم تتخذ شكلا ظاهرا، نحن مطالبون بالظاهر والسرائر نتركها لله رب العالمين.
* ثمة شواهد تدلل على ذلك، توقيف الصادق المهدي وإبراهيم الشيخ؟
– جهاز الأمن يؤدي مهامه وفق القانون، ولا ينبغي أن نقول إن جهاز الأمن يأتمر بأمر المؤتمر الوطني، أنا سبق أن قلت عن هذا الموضوع على القوي السياسية أن تترك الأجهزة القومية تمارس سلطاتها وفقا للقوانين المنظمة لها، نريد لهذه المؤسسات أن تعمل وفق القانون ولا يطلب من المؤتمر الوطني أن يتدخل في ما يتصل بممارسة هذه المؤسسات لسلطاتها لأن المؤتمر الوطني لا صلة له ولا اختصاص له بأي حال في ما يتصل باختصاصات هذه الجهات، لكن دائما الناس حينما تقوم أي من المؤسسات بممارسة سلطاتها ينسب ذلك للمؤتمر الوطني وهذا فيه تشجيع لأن يمارس الحزب سلطات لا تقع في دائرة اختصاصاته، نريد أن ننأى بأنفسنا تماما وحينما تمارس جهة محددة سلطاتها ويرى شخص في الممارسة مخالفة للقانون عليه أن يتقدم بشكواه للجهة المختصة في القضاء ضد الجهة المعينة. وما عندنا شخص فوق القانون لا أمن لا شرطة لا قوات مسلحة ولا كائن من كان، لا تقدم الشكوى للمؤتمر الوطني كأنه هو الذي يأمر ويوجه هذه الأجهزة، صحيح لرئيس الجمهورية سلطات منصوص عليها بالقوانين المنظمة لهذه المؤسسات يمارسها كرئيس للجمهورية وليس كرئيس لحزب المؤتمر الوطني نؤكد أن قادة هذه الأجهزة لديهم من الوعي والنضج السياسي ما يمكنهم من استيعاب متطلبات المرحلة بكل أبعادها ولكن الناس يستعجلون.
* المؤتمر الوطني يخشى على نفسه من إطلاق الحريات بصورة كاملة؟
– هو الذي فتح باب الحريات!
* لكن هناك من يرى أنه عاد وأغلقها مرة أخرى؟
– أنتم كصحفيين، هل حجم الحريات الموجود عندكم موجود في أي دولة من الدول التي تتشدق بالحريات؟، أنا أقول سقف الحريات مفتوح حتى في العمل لتغيير الحكومة عبر الانتخابات. يعني كل من يريد أن يغير هذا النظام يعمل للانتخابات ليفوز لأن الذي يغير النظام هو صندوق الانتخابات وليس تغييره بالقوة، بعض السياسيين يخلطون بأنهم يريدون أن يغيروا النظام بالقوة وبالتالي النظام لا يقبل أن يتم تغييره بالقوة، وسيواجه من يستخدم القوة بالقوة، إذا تحدث شخص عن التنسيق مع حاملي السلاح لإسقاط أو تغيير النظام فهل يتوقع أن يفتح له باب الحريات ليحقق أهدافه؟ بالطبع لا، بالتالي أنا لا أرى أن المؤتمر الوطني ضاق بالحريات لأنه يدعو لتبادل السلطة عبر الانتخابات، الاعتقالات وغيرها تقوم بها مؤسسات تطبق القانون، المؤتمر الوطني لم يعتقل أي شخص ولم ولن يستطيع، كلها تتم وفق القوانين وبأجهزة رسمية، نريد لهذه المسائل أن تكون بينة وواضحة ويتم تشجيعها والتركيز عليها.
* “ما في قبيلة تستطيع أن تلوي يد المؤتمر الوطني”، هذا ما قلته أنت هل يعاني الحزب من ذلك؟
– في الحزب وفي الممارسة السياسية في البلاد بعض الأفراد والمجموعات تستخدم القبائل من أجل تحقيق مآرب سياسية، نحن في المؤتمر الوطني قرارنا أن أي شخص جاء متدثرا أو مستنصرا بقبيلته إثنيا أو مهنيا لا يكلمه أحد ولا ينظر في أمره ويوجه للالتزام بالمؤسسات الحزبية. طبعا نحن في حملة البناء التي تنتظم المؤتمر الوطني هذه الأيام وفي أكثر من ولاية لاحظنا قلة من الناس يحاولون الزج بالقبائل لتحقيق بعض المآرب السياسية من هنا نقول لن تستطيع أي قبيلة كبرت أو صغرت أن تلوي يد المؤتمر الوطني وتفرض ما تريد من أبنائها على الحزب، فالقرار الملزم لكل المستويات في اختيار من يقدمهم الحزب للانتخابات القادمة هو قرار للمكتب القيادي المركزي.
* عضويتكم تمانع في إفساح المجال للآخرين؟
– وثيقة الإصلاح التي أجيزت مؤخرا نصت على أنه لابد من تداول المواقع ونص التعديل في النظام الأساسي الجديد أن لا يمكث أي شخص في الموقع المحدد أكثر من دورتين، “يمشي حتة تانية” يشتغل ما في مشكلة.
* رغم ذلك نتوقع أن يواجه الحزب بهذه المشاكل مستقبلا؟
– لا توجد مشكلة أصلا سنطبقها بصرامة شديدة جدا.
* يعني يمكن أن يستخدم القوة؟
– كيف يعني قوة؟
* قوة اللوائح عبر إجبارهم على الامتثال؟
– لا نجبر هو قرار وما في زول جاء بقوته، الأمر للمؤسسات، صحيح متى تبدأ الدورتان، القرار أن الدورة الحالية تعتبر دورة أولي وبعدين يمكن أن تكون دورة تانية، بعدها مافي طريقة، نحن نتحدث عن المواقع القيادية في المركز والولايات، هذه السلطة حصرية للمكتب القيادي المركزي أو من يفوض، بالتالي لا يستطيع أحد كائنا من كان أن يفرض نفسه إلا بقرار من المكتب القيادي.
* وثيقة الدوحة تكاد تصل لنهاية مدتها كيف تبدو الأوضاع في دارفور؟
– الوضع أحسن مما كان، السلطة الإقليمية استطاعت أن تحقق الكثير من الإنجازات واستطاعت أن تحقق علاقة قوية مع المجتمع الدولي وتستقطب دعما قويا وتقوم بعمل تنفيذي وتنموي واسع في ولايات دارفور وساهمت في رتق النسيج الاجتماعي، صحيح المشوار لم يكتمل بعد نحتاج إلى جهود كبيرة جدا ولكن إذا نظرنا إلى ضخامة المشكلة في دارفور، الحالة التي كانت عليها واليوم نجد أن تقدما ملحوظا قد تم ويحتاج إلى جهد إضافي بالتالي كل الجهود ستصوب في المرحلة المقبلة لإكمال ما تبقى. ولا يفوتني أن أحيي إخواننا في السلطة الإقليمية.
* عمل سياسي مثلا؟
– العمل السياسي طبعا هو الانتخابات.
* أنا اقصد على صعيد الحوار مع الرافضين لاتفاق الدوحة من أبناء الإقليم؟
– الحوارات مستمرة، والدعوة متجددة، الحمد لله استجابت قوى كثيرة جدا، لكن الذين يتمنعون لم نقطع بهم الاتصالات سواء في المؤتمر الوطني أو الحكومة وهناك جهود شعبية من مواطنين والقيادات الأهلية يتصلون بهؤلاء لإقناعهم.
* حجم الاستجابة؟
– إلى الآن لم تتبلور الاستجابة بصورة ملموسة، لكن الأطراف كلها تؤمن بضرورة أن نتوصل إلى حل سواء الحركات أو الأطراف الدولية والإقليمية أو الحكومة، كلنا اقتنعنا بأن التسوية لهذه القضية مهمة، ونعمل الآن من اجل تحقيقها، صحيح هناك أشياء تحتاج منا إلى جهود، مثلا في وثيقة الدوحة هناك حديث عن إقليم دارفور نحن في المؤتمر الوطني ضد فصل إقليم دارفور وقد يتطلب الأمر حسما وفقا للآليات المنصوص عليها بوثيقة الدوحة قبل الانتخابات القادمة، وبالتالي مع قيام انتخابات عام 2015 سيظل السودان موحدا ولا سبيل بالنسبة لفصل أي من أقاليمه. وسينشأ دستور جديد وفقا لذلك.
* هل ما تبقى من مدة زمنية كاف؟
– قد لا تكون كافية ولكنها لازمة.
* لا زال موسى هلال معتكفا في جزء من ولاية شمال دارفور، هل يعني هذا أن المؤتمر الوطني عجز عن أن يصل معه إلى تفاهم؟
– موسى هلال حتى الآن لم يفصح بأنه خرج من المؤتمر الوطني بالتالي أي مخالفات لشروط العضوية تصدر من عضو الحزب يحاسب عليها وفق اللوائح ولدينا لوائح ولجان محاسبة لكل مستوى تنظيمي يمكن أن تقوم بمحاسبة أي عضو أخل بالتزاماته في العضوية وموسى هلال سيمضي عليه ذات الأمر، وهو ليس بدعا من الناس أو استثناء، هناك كثير من عضوية الوطني التي طبقت عليها لائحة المحاسبة وحوسبوا وآخرون ينتظرون أن تطبق عليهم ذات الإجراءات..
* هل شرع الحزب في المحاسبة؟
– نعم.
* يعمل في محاسبة موسي هلال؟
– “قالها منفعلا”: يعمل في محاسبة هلال.
اليوم التالي
مَلأوا سَماءَ بلادنا تضليلاَ *** وبأرْضها غَرسوا لنا تَدْجيلا
واستمطروا سحب الضلال فأنبتتْ *** في كلِّ شبرٍ للضلالِ حُقولا
يتحدَّثون عن الطهارة والتُّقى *** وهُمو أبَالِسةَ العُصور الأُولي
وهُمو أساتذةُ الجريمة في الورى *** وأخَالُهُمْ قد علَّموا قَابيلاْ
هم قادة الانقاذْ أربابُ اللحى *** جاءوا وقد صَحِبوا الغُرابَ دليلا
ركبوا على السَّرجِ الوثير وأسرعُوا *** بإسم الشريعةِ يبْتَغون وُصولا
وثبوا على حُكمَ البلاد تجبُّرا *** فأتى الشقاءُ لنا يجرُّ ذُيُولا
ماأنقذُوا السودانَ بل دفعوا بهِ *** صوبَ الهلاكِ وأقْعَدوه عَليلا
ما قدَّموه وإنَّما هَبطوا به ***تحت الحَضِيضِ وأرْدَفوه نُزولا
وضعوا أصابعهم على آذانِهم *** وأستكبروا وأستمرأوُا التَّنْكِيلا
ذبحوا السماحةَ والفضيلةَ بيننا ***والعدل أمْسَى بينهم مَقْتُولا
أتَخذوا المصاحفَ للمصالح حِيلةً *** حتىَّ يكونَ ضَلالهُم مَقْبُولا
ماأَصَّـــلوا شرعَ الإله وإنَّما ***هم يَنْشدونَ لحكمهم تأصْيلا
لَعبُوا على أوتار طيبةِ شــعبنا *** فالشعبُ كان مصدِّقاً وبَتُولا
قَد خــدَّروه بكل قولٍ زائفٍ *** كيْ يَسْتكينَ مُسالما وجَهُولا
ويغطُّ في نومٍ عميقٍ حــــالمٍ *** ويدور في فلك الظلام طويلا
قد أفرَغوا التعليمَ من مضمــونهِ *** وكَسُوُا عقولَ الدارسين خمُولا
قتلوا البراءة في عيون صغـارنا *** فغدوت عيونهم البريئة حُوُلا
أضحى الوباءُ يدبُّ في أوْصَالهم *** والشرُّ بين ضلوعهم مَشتولا
فلْتُدركوا أبناءكمْ يا إِخْــوتي *** كيلا لا يكون سَّويهم مَخْبُولا
قد أفســدوا أبناءَنا وبناتنا *** وأستعبدوهم يُفَّعا وكُهُولا
خَتموا على أبصارهم وقلوبهم *** حتى غدا تفكيرهم مَشْلولا
دفعوا بهم نحو الجنــوب غِوايةً *** فتجرعوا كاس الرَّدى مَعْسُولا
نسبوا إلى حرب الجنوب خرافةً *** لو قالها إبليسُ باتَ خَجُولا
زعموا بأن الفـيل كان يُعينهم *** والقردُ ظلَّ جهاده مَبْذولا
فيفجــر الألغام قبل وِصولهم *** حتى يُسهِّل زحفهم تسهيلا
وتردد الأشجــارَ رجعَ هُتافهم *** وتسير خلف صفوفهم تشكيلا
وتحلق الأطيار فوق رؤوسهم *** وكذا الغمام يظلهَّم تَظْليلا
هذي شمائلــهم وتلك صفاتهمْ *** هل نَرتْجيِ من هؤلاء جَليلا
تاللهِ ما خَبروا الجــــهادَ وإنَّما *** لَبِسوا الجهاد أسَاوِراً وحُجولا
في الساحة الخضراء كان جهادهم *** في محفل كالظار كان حَفيلا
رقـص الكبار مع الصغرا كان تهتكاً *** ونسوا الوقارَ وعاقروا المرذولا
حسبوا الجهاد هو النشيدُ وليتهم *** تركوا التغني بالجهاد قليلا
رفعوا العِـصِىَّ وهــللوا فكأنهم *** يستعرضون الجيشَ والأسطولا
حذقوا أفانين الـرقيص وصيروا *** جيش البلاد مطبلا ضِلِيلا
لمواكب التـهريج أمسى شادياً *** وغدا يدق طبوله مشغولا
ومكـبرات الصوت تهدر فوقهم *** بالتُرِّهات ولا تكف صليلا
فتصــكُّ آذانَ العباد نكاية *** لتزيد فوق عذابهم تَخْذِيلا
عــجبي لكل مثقـف متهالــك *** يسعى إلى حُضن الطغاة عَجُولا
يقتات من عرق الضمير ويـرتمي *** فوق الموائد جائعاً وأكُولا
أو يرتدي ثوب الخــيانة خائِفاً *** أو خَائِفاً مُتخاذلاً وذَلِيلا
قد أسرفوا في كذبهم وضـــلالهم *** حَسِبوا الشهورَ جميعَها إبريلا
جعلوا من الإعــلام إفكاً صارخاً ***يستهدف التَّزييف والتجهيلا
فالقـطن في التلفاز بَانَ مفرهداً *** لكنه في الحقل كان ذَ بولا
والقمــحُ يبدوُ سَـــامِقاً متألقاً *** والفولُ مال يداعب القندولا
ظلـوا يمنـونا بأبـركِ مـوســمٍ *** وأتى الحصاد فلم نجد مَحصولا
ومداخن للنفـط طال زفيرها *** لكنها لا تنتج زيتا و لا بترولا
وبدت مصـــانعنا كـاشباح الـدُّجَى *** وغدت بفضل المفسدين طُلُولا
ومصارف التَّطفِيفِ أضحتْ مَورداً *** للملتحين وجنَّة ونخيلا
لم يشهد الســـودان مثل فسادهم *** أبداً ولا رأت البلاد مثيلا
بالقمـــع والتجويع أصبح شعبنا *** في المحبسين مكبلا مغلولا
يقـــتات من صخب النشيد ويرتوي *** كذبا ومَا أروى النشيدُ غَليلا
طــــحن الغلاءُ لحومَنا وعظامنا *** ومشى على أشلائنا تمثيلا
أمـا العَـنَاءُ فـقـد تطـاول مُـرعِباً *** وأجتاز في كبد السماء سُهيلا
زادوا مـعاناة الجـياع وأجْـزلوا *** للمترفين مصانعاً وحقولا
قد خـرَّبوا وجهَ الحياة وخـلَّفُوا *** في كل دارٍ ضَائعاً وقَتيلا
هضموا حقـوق الـبائسين تعسفاً *** ملأوا بيوت البائسين عَويلا
جـعلوا الزكاة غنيمـة لكـبارهـم ***ومن الضرائب خنجراً مسلولا
عبثوا بخيرات البلاد وسَخَّروا *** أموالها لفلولهم تمويلا
نثروا كـوادرهم لنشـر سُمومهم *** ومنظماتٍ تَحذِقُ التطبيلا
فـتحوا البلاد لـكل تجار الرَّدَي *** والمارقين شراذما وفلولا
عـاثوا فـسادا في الـبلاد وروَّعوا *** أمن العباد ومارسوا التقتيلا
لم يسلـم الجـيران من إرهـابهم *** وبهم غدا سوداننا مَعزولا
يَلهُـون بالبهـتانِ شـعـباً بائساً *** كيما يكون مُطاوعاً وذَلولا
قـالوا البـلاءُ هـو ابتلاءً مـن عَلِ *** ولتصبروافالصبرُ كان جميلا
ما أنــزل اللهُ البـلاءَ وإنـَّمــا *** قد جاء تحت ردائهم محمولا
هـم أنزلـوه ووطـدوا أركانـهُ *** حتى تمدّد في الديار شمولا
نهـبـوا مـواردنا فــصارت مـرتعـاً *** لذوي اللحي ، وذوي الأيادي الطُّولي
سرقوا صناديق التكافل جهرةً ***و بشعبنا كان الألهُ كفيلا
جـاؤا بملهـاة التنازل خدعةً ***لا تنطلي أو تستميلَ عُقولا
لجاؤا إلى التهـريج لما أيقنوا *** إن الرواية لن تتم فُصولا
فالمخـرجُ المـوهوم لم يكُ حَاذقاً *** وشُخوصه لا تُحْسن التمثيلا
زعمـوا بأن الحاكــمين تنـازلوا *** والشعبُ صار الحاكمَ المسئولا
قالـوا هو العـهدُ الجديد فكبَّروا *** متفاخرين ومارسوا التهويلا
أين الجـديد؟ فلا جـديـد وإنـما *** نسجوا من الثواب القديم بديلا
ما بدَّلوا شـيئاً سـوى ألقابهم *** فعقولهم لا تعرفُ التبديلا
بقى النـظامُ العـسكريُّ بقـضِّه *** وقضيضه يستشرف المجهولا
ظـل البشـيرُ هـو الرئيسُ ومثلـهُ *** ظل الكذب معاوناً وزميلا
أضحى البشيرُ الفرد فـوق رءؤسـنا *** متربعاً فوق الصدور ثقيلا
جَـلب التعاسة والشـقاء لشعـبنا *** وأذاقهُ سوءَ العذاب وبيلا
حـشدوا لبيعته المدائـن والقـرى *** مثل الطيور تراوَّعْ الهَمْبُولا
رفعوا الأكف مخادعين وأقسموا *** ببراءة لا تقبل التأويلا
أنت المـوكَّـلُ بالمكـارهِ كُلـهَّا *** أما المناشطُ لا تَروم وكيلا
قـد بايعـوه للرئاسـة مثلمـا *** قد بايعوا من قبله المعزولا
ثم اتحفــوه ببيعتـين غــوايةً *** كيما يكون لصانعيه عميلا
ظـفروا بآيات المـنافق كـلها *** زادوا عليها أذرعاً وذيولا
كـذب وغـدر والخـيانة مـنهجُُ *** ولركبهم كان الفجور خليلا
هـوسُُ، وشـعوذةُ؟،ُ ومسخُُ شائهُُ *** وحديثُ إفكٍ جاوز المعقولا
لاَ قسْـط عندهمو، ولا شورى لهم *** عشقوا الحرامَ وزيَّفوا التحليلا
سِـيَان عند هم إذا ما بَسْمَلُوا *** أو رتلوا القرآن والانجيلا
أو سيَّروا في كـلِّ يـوم موكباً *** أو عاودا التكبير والتهليلا
لا يَبْتغــون اللهَ أو مـرضـاتهِ *** بل ينشدون لحكمهم تأهيلا
خرجـوا على الدين القويم وأصبحوا *** مثل الخوارجْ بل أضلُّ سبيلا
قـد فـارقوا درب الشريعة بعدما *** نَحلوا الحديث وحرَّفوا التنزيلا
تركوا كتابَ الله خلف ظهورهم *** وتدافعوا يستحدثون بَديلا
تبعوا الـمظاهر والـقشور تعمـداً *** ونسوا من الدين الحنيف أصولا
أيخادعـــون اللهَ في عليائه *** أم يَخْدعون رسوله جبريلا
في كـل يـوم يخرجـون ببدعـةٍ *** والشعب يرقب إفكهم مَذْهولا
فــرضوا وصايتهم على اسـلامـنا *** وكأنهم جاءوا به عبر الحدودِ دَخيلا
نادوا بتعظيم الصـلاة كـأنها *** لم تلق عند المسلمين قَبولا
فـمتى استهنا بالشعيرة إخوتي *** حتى نعيد لأمرها تبجيلا
وكأننا كـنا مَجُـوساً قبـلهـم *** أوْعَابدين مع الهنود عجولا
لم نعـرف الاسلامَ قبل مجيئهم *** كلاَّ ولا بعث الإلهُ رَسولا
فاللهُ يحفظُ دينهُ مـن كـيْدهم *** دوْماً وما كان الإله غَفُولا
طَـمَسُوا ينابيعَ الحـقيقـةِ بيننا *** وبغيِّهم أرخى الظلامُ سُدولا
زعـموا بأن النيلَ فـاض بفضلهم *** والغيث جاد من السماء هُطُولا
زعـموا بأنهموا دعـاةُ حضارةٍ ***وهمُو البناةُ لصَرحها تفعيلا
أمِن الحـضارةِ أن نبيتَ على الطَّوى *** عَطْشي ومَرْضي بُكرة وأصيلا
هل دولةُ الإسلام كانت مغْنماً *** للمُفسدين ومرتعاً ومقيلاً
قـد مزَّقوا أوصالَ كـل ولايةٍ *** لتكون حِكرا للولاةِ ظليلا
ما قسِّمت أبـداً لصالح شعبنا *** بل فُصِّلت لذئابهمْ تفصيلا
ما قـلَّصُوا ظِـلَّ الإدارة إنَّمـا *** قد أفسحوا للطامعين سبيلا
هي قسمةُُُ ُ ضِيزي ليصبح نهبها *** سَهْلا ويُمسي طَلعُها مأكولا
فـقيـادة الإنقــاذ نبـت وإفــدُُ *** لا ينتمون إلى البلاد فَصِيلا
تَخِذوا الترابي شيخهم وإمامهم ***وكأنهُ فاق المشايخ طولا
خَلعوا عليـه عباءةً فضفاضةً *** ليُعيدَ مجدَ المسلمين صَقيلا
فسَعوا إليه مسبِحين بحمدهِ *** وجَثْوا على أقدامه تقبيلا
وتشبهـوا بالمُفْلحينَ فأُلِقمـوا *** حَجراً وكان سلاحهم مَفلولا
زعمـوا بأنـهمو حمـاةُ تراثِنا *** تَخذوا من المهدي الإمام دليلا
نسبوا مهازلهم إلى راياتهِ *** وتشبَّهوا بجهادهِ تضليلا
كـذبوا فما تبعوا الإمام وإنَّمَا *** تبعوا الهَوى والبغىَ والتَّختيلا
فامامنا المهديُّ كان مجاهداً *** في الله حقَ جهاده وأصيلا
تاللهِ لوْ بُعـث الإمـام مُـجَددا *** فينا ، لأشرع سيفه مصقولا
حتى تبدد جورهم وفجورهم *** ويزيلهم كالغابرين أفولا
أنسُـوْا تطـاولهم عـلى مِحرابهِ *** يوم استباحوا صرحهُ المأهولا
وتدافعوا نحو الضريح سَفاهة *** ليشوِّهوا تاريخنا الموصولا
وقفوا “كأبْرَهة ” على أبوابهِ *** متربصين ويبتغون دُخولا
سـيجئ يـومُُ يدفعون حِسابهُ *** رَجْما، كما رجمَ الإلهُ الفيلا
ياقـبَّةَ المـهـدي رمـز فخـارنا *** سنُعيد فوق جبينك الإكليلا
يا بقـعة الأحــرار يا أمَّ القُــرى *** سنضئُ في غسق الدجى القنديلا
يا معشـر الأنصار يا أهـل التُّقَى *** سيروا على نهج الإمام عديلا
من غـيركـم نصـر الإلهَ مجاهداً *** من غيركم ملأ البطاح صَهيلا؟
لا تستجـيبوا للطـغـاة فإنـهم *** يسعون بين صفوفكم تعطيلا
هُبُّوا مع الشعب الجـريح جماعـةً *** كي نستردَّ من الطغاةِ النيلا
أين القيادةُ يا مصـابيح الدُّجي *** هبُّوا لنشعل للنضال فتيلا
فالشعبُ لا يرضى بغيرِ رَحيلهم *** أبداً، وهم لا يبتغون رحيلا
والشعب مَا مَلَّ النضالَ ولا انحنى *** ما كان يوماً بالعطاءِ بَخيلا
لن نستعِيدَ مـن الطغاة خِــيارنا *** إلا إذا ركبَ الكماةُ خيولا
لـن يسلم السودانُ مـن إنقاذهمْ *** إلا إذا جرت الدمَّاءُ سِيولا
يا معشرَ الأحرار يا أهلَ الحِمىَ *** هيَّا نعيدُ خيارنا المأمُولا
فـامْدُدْ يمينكَ يا أخـي مُـتوثبا ***حتى نشدَّ الساعدَ المفتولا
فـغداً نـردُّ الظلم عـن سَـاحاتنا ***وغداً نرى وجهَ الحياةِ جَميلا
أنا أقول سقف الحريات مفتوح حتى في العمل لتغيير الحكومة عبر الانتخابات. يعني كل من يريد أن يغير هذا النظام يعمل للانتخابات ليفوز لأن الذي يغير النظام هو صندوق الانتخابات وليس تغييره بالقوة، بعض السياسيين يخلطون بأنهم يريدون أن يغيروا النظام بالقوة وبالتالي النظام لا يقبل أن يتم تغييره بالقوة، وسيواجه من يستخدم القوة بالقوة،
هههههههههههههههههه كان اول تطبقوا الكلام …بنفس فهمك دا الإنقاذ أتت بالقوة يعني انت تدافع عن الباطل وتقول انه حق وهذا اخر الزمان عندما يكون الباطل حق والحق باطل ….كل كلامك كلام فارغ فمهما قلت تظل حكومة الإنقاذ حكومة غير شرعية وكلام الانتخابات دي مسرحية للعالم فقط
لكن انت اظهرت الحقيقة واضحة للمعارضة كما قال البشير جابها بضراعه بالقوة والعاوزة يشيلها بالقوة ..انتوا يا معارضة لسة مافهمتو الكلام دا …قال حرية وانتخابات ههههههههه…
المؤسف ان يكون الواحد استاذ جامعي ويدعى انه اسلامي ومع ذلك يعمل على تضليل المجتمع وكان من اكثر منتقدي المؤتمر الوطني ويقول في حريات ويعلم ان الأمن يقبض ويعذب كل من ينتقد المؤتمر الوطني وان الامن هو امن المؤتمر الوطني وليس موجه لمصلحة السودان ولماذا لم تحاسبوا والي الخرطوم ووكيل وزارة العدل في فساد الاراضي ولماذ تسكتون ؟