تأملات مغايرة في قضايا سودانيه معاصرة

عبدالوهاب همت
هذا هو عنوان كتاب باكورة انتاج الصديق د. أمجد ابراهيم سلمان المقيم في دولة قطر بعد أن قضى جل سنوات عمره متجولا مابين ليبيا وبولندا والسودان وهولندا.
وأمجد اقتصادي وسياسي وكاتب ووصديق ورفيق درب بمعنى الكلمه ضل طريقه الى الطب.
يبدأ المقال الاول في الكتاب بالحديث عن جمعية انسانيه كونت عن طريق مجموعه من الاطباء السودانيين الذين تواجدوا في هولندا عقب استيلاء الهولاكويون على مقاليد السلطه في 30 يونيو الاسود المشئوم. يتحدث المقال عن أتقياء قورناص (توينا) وهذه الاتقياء شخصيه ملائكيه بحق وحقيقيه, لايرد اسمها الا وينهال الشكر والثناء في سرد محاسنها ومواقفها الانسانيه الفياضه ومن نساء دول أخر كالصومال والعراق ..الخ.. وتبدأ كل واحدة في سرد مواقف تجعلك تمتلئ بالنشوة والفخار وانت تنتمي الى جنسية (قرناصن برو) أي بت قرناص وليت لو خصص لها عارفو فضلها كتابا كاملا ولما أوفاها ذلك حقها وذلك أقل مايمكن عمله تجاه مثل هذه الشامخه , وهي الاخرى شدت رحالها مع رفيق دربها د.عثمان الى العربيه السعوديه تطبب المرضى بالقول والفعل فلها تحايا عبر البحار.
وفي جزء من الكتاب يتحدث أمجد عن أن كليات الطب حرمت السودان من علماء ومفكرين كان في مقدورهم أن يقدموا أكثر اذا لم يختاروا مهنة الطب.
وفي وفاء نادر يخصص فقره عن الراحل العم اللواء د.عبدالرحمن بنده تحت عنوان رحيل نموذج لجيل متميز وهو موردابي عريق نال أرفع الدرجات العلميه متخصصا في علم الاحياء الدقيقه في بريطانيا ورغم الكم الهائل من العروض التي قدمت له الا أنه آثر البقاء لخدمة وطنه وعم عبدالرحمن بنده لم يعرف عنه أي نشاط سياسي الا أن جهاليل الانقاذ أبوا الا وان يحيلوه الى الصالح العام وقضى المرحوم بنده بقيت أيامه مستشفيا بجوار ابنه الطبيب في أمريكا الى ان توفى له الرحمه.
وفي مقال بعنوان (ظاهرة المثليه الجنسيه والجبهه الاسلاميه القوميه) يتعرض لظاهرة الشذوذ الجنسي ويقدم سردا تاريخيا مختصرا لذلك ويتساءل عن أنموذج السودان ما الذي يدفع مجموعه من المثليين الجنسيين في الانتماء الى تنظيم ديني متطرف (من الخارج) بل والمكوث فيه والدفاع عنه باستماته واستبسال؟ ويقول من الملاحظ وجود اعداد لايستهان بها من المثليين الجنسيين داخل كوادر الجبهه الاسلاميه القوميه في السودان, وقد تم التعامل مع هؤلاء بمنتهى القبول, بل وتقلدوا مناصب متقدمه في التنظيم وقد أصدرت محكمة امريكيه قرار بسجن طبيب سوداني هو رئيس سابق لاتحاد طلاب جامعة الخرطوم وهو من كوادر الجبهه الاسلاميه ,نتيجة لاغتصابه مريضا مختل عقليلا في أمريكا,يقول أمجد هذا ليس من باب التشفي وانما من باب الاستدلال ويأتي باتهام آخر أطلقه برلماني ووزير سابق بمثلية قيادي اخواني في مجلس وزراء الديمقراطيه الثالثه والتي خرج بعدها القيادي (الجبهوي) من الجلسه.
وفي مقال آخر بعنوان (جزاء سمنار في شيوعية الخاتم عدلان وأخونة ثروت الخرباوي) يتحدث الكاتب عن تجربته داخل الجبهه الديمقراطية والحزب الشيوعي السوداني, ويروي تجاربه ومواقفه مع بعض الشخصيات ولاينسى صديقه الودود عادل عبدالعاطي ويتحدث عن وصول رياح التغيير التي وصلت اليهم عقب انهيار النوذج الاشتراكي وعن تجربة الخاتم عدلان بعد ان تصعيده الى عضوية السكرتارية المركزيه للحزب الشيوعي السوداني وأثر الورقه التي كتبها الراحل الخاتم عدلان (آن أوان التغيير) داخل صفوف الحزب الشيوعي وكيف جوبهت محاولات الاخير للتغيير من داخل الحزب الشيوعي السوداني بالتعنت. الى ان تقدم باستقالته من الحزب الشيوعي السوداني وتكوينه للحركة السودانيه للديمقراطيه والتقدم , والتي تحالفت مع تنظيمات أخرى لتكون حركة القوى الجديدة الديمقراطيه (حق).
وعندما تضربت الانقسامات حركة حركة اختار أمجد ان يقف مع من اتخذوا من الاخلاق منهجا ومسلكا.
وفي المقال الاخير والذي أتي بعنوان (العقول العلميه الصماء) الخرطوم عام2015 عاصمة لطالبان السودان. وفيه يناقش ظاهرة تنامي المذهب الوهابي في الكليات العلميه في الجامعات السودانيه وقد أخذ كليتي الطب والهندسه في جامعة الخرطوم كمثال حي, يقول بالطبع لكل شخص حرية أن يفكر بالطريقه التي يعتقد انها صائبه لكن الحق أيضا ان طلاب العلم والمعرفه هم أكثر فئات المجتمع تفتحا على الحضارة الانسانيه وأكثرهم قدرة على ترجمتها والاخذ منها وتطبيقها على أرض الواقع.
تأملات مغايرة كتاب صغير يحتوي على مضامين مكثفه.
عبدالوهاب همت