مقالات وآراء

ما بين لاءات الخرطوم في 1967م و2021م

أسامة ضي النعيم محمد

 

في الفترة من29 أغسطس الي الاول من سبتمبر1967م التئم شمل العرب في الخرطوم ، لعق العرب جراح الهزيمة ويمموا شطر الخرطوم حيث أنسوا نارا وتقاطروا علهم يجدون جذوة من نار يصطلون بها ، كانت الخرطوم علي قدر العزم ، استقبلت الجماهير السودانية جمال عبد الناصر استقبال القائد المنتصر لا المحارب الذي خرج للتو من هزيمة في يونيو1967م ، وخرجت قمة العرب تلك بلاءات ثلاث ، لا صلح – لاتفاوض – ولا اعتراف بإسرائيل .

بيننا اليوم أكثر من نصف قرن ، أما الصلح مع اسرائيل فابتدرته مصر عبر التفاوض ، واعترفت منظمة التحرير الفلسطيني بإسرائيل ، ثم توالت المصالحات والاعتراف بإسرائيل وظلت الخرطوم تحرس لوحة ألاءات الثلاث الصدئة . من مكتسبات مؤتمر الخرطوم حقق المحجوب الصلح بين الملك فيصل وجمال عبد الناصر بعد خلافات عميقة جراء حرب اليمن في عام 1962م ، حصلت مصر نتيجة لذلك المؤتمر علي مساعدات خليجية وعربية قومت اعوجاج اقتصادها الذي انهكته الحرب وملأت خزائنها .

من سلبيات تلك اللاءات أنها أضحت مرتكزا للمتشددين من المنظمات الفلسطينية ، وجدت فيها منظمة أيلول الاسود مبررا وهاجمت السفارة السعودية بالخرطوم في عام 1973 وقتلت بعض الرهائن الغربيين ، اختطفت الاجنحة المتشددة من الاسلاميين في حركة فتح تلك ألاءات وبنت عليها تدخلات لمناصرة تنظيم الاخوان في كثير من البلاد العربية وزعزعت أمنها ، ساهم ذلك التوجه في ظهور الحركات المتطرفة ومارست ارهابا غير مبرر في كثير من الدول الاوربية ، كانت العمليات الارهابية خصما علي التعاطف مع القضية الفلسطينية .

بعد انقلاب 25 أكتوبر2021م استدعت بعض الاحزاب لاءات الخرطوم من ارشيف الذكريات ، خرجت الشوارع تحاكي العام 1967م وأهازيج لا تفاوض ولا شراكة ولاصلح مع المكون العسكري الذي قام بالانقلاب ، حسبناها من الاسقف العالية وتكتيك لإرغام الطرف الاخر للجلوس للتحاور، ربما هي محاكاة لرفع المصاحف فوق أسنة الرماح كما فعل معاوية وفريقه في الخلاف الاشهر في التاريخ الاسلامي ، للأسف تكشف الايام أن ذلك واقع حال يسير فيه أحفاد من استضافوا مؤتمر الخرطوم في أغسطس / سبتمبر1967م. يغيب العقل في اجازة تمنحها اللاءات الثلاث بلا منفذ ليسكن التطرف والغلو.

المرء لا يتفاوض بنية الصلح مع صديق بل مع خصم وغريم للوصول الي منطقة استواء وسلام ، لاءات الخرطوم في 1967 لم تكن لترمي اسرائيل في البحر كما أن لاءات الخرطوم عند الثوار اليوم في 2021م لم يقصد بها الا تأكيد الدولة المدنية لتعلو رايتها المكون العسكري وأطرافه سودانيون يخضعون لذات الحقوق والواجبات ولا يعقل المطالبة برميهم في البحر .

تبقي لاءات الخرطوم في 2021م غير مبررة ولا تحمل قبسا أو جذوة نصطلي بها ، اختلف الزمن وقضية التحول الديمقراطي في السودان أصبحت قضية دولية تناصرها جهات تستمع جيدا وتراقب ثوار السودان في الشوارع وتحصي عددهم وتراقب أدواتهم السلميه وتعجب بها ، فلنرفع مع لاءات الثلاث شروطا وجدولا للتفاوض بميقات وساعة الثورة المجيدة المعلقة شوكاتها في قلب كل ثائر ، جداول زمنية بمواقيت نبدأ من بداية يناير 2022م  الي يونيو 2023م ، تحدد موعدا لقيام المجلس التشريعي ، مفوضية الانتخابات ومعيناتها ، تكوين جيش قومي موحد وفترة الانجاز بتواريخ محددة . الاخفاق في الوفاء ببند يطلق مليونية تنتظم البلاد .

لاءات الخرطوم في 2021م تخرج من عقول سودانية شابة نيرة ، لا يخفي علي الثوار اليوم الحنكة وحسن التدبر وفنون التفاوض ، تدجين الخصم والعدو حتي يصبح كأنه ولي حميم من أدب المحاورة والتفاوض ، أحسبه عند الثوار بين طيات أعلامهم التي تزين وقفاتهم الابداعية ويشهد العالم طرا برفيع أدب ثوار السودان ، منفذ اللاءات الثلاث ينقص ويحتاج الي استكمال لمنح الخصم ثغرة بتقديم البديل ، تلك من فنون التفاوض والحرب ، اللاءات منفردة برتاجها تسمح بالتطرف كما سمحت لاءات 1967م باستيلاد الدواعش وانفرط العقد وتم الصلح والاعتراف مع اسرائيل تمسك مصر وقادتها باللواء ،.

فلنستحضر العقل ونحن نرفع لاءات الخرطوم في 2021م ، فالمحافظة علي وحدة السودان وتجنب مزيد من سفك الدماء السودانية الطاهرة يجب أن يضاف الي اللاءات مع منفذ تلك ليست بدعة بل هي تطبيق حكم الشرع والأعراف السودانية الحكيمة ، فالقتل يحدث بين الاخوان في البيت الواحد والية وقف العنف وجبر الضرر حاضرة وليس من بينها لاءات تنقصها الحكمة .

[email protected]

‫2 تعليقات

  1. إن الخرطوم دائما غير متصالحة مع ذاتها ومع شعوبها السودانية ما معنى الاستقبال الحافل لقائد مهزوم من عدو ماكر بل ما معنى تلك اللاءات التى صدرت من الخرطوم؟ كانت مجرد شعاات جوفاء فمعظم من إجتمع بالخرطوم كانت لهم لقاءات سرية مع عمدوهم المشترك واخيرا احتفلت إسرائيل بهزيمة لاءات الخرطوم..

  2. إقتباس:
    “تبقي لاءات الخرطوم في 2021م غير مبررة ولا تحمل قبسا أو جذوة نصطلي بها ، اختلف الزمن وقضية التحول الديمقراطي في السودان أصبحت قضية دولية تناصرها جهات تستمع جيدا وتراقب ثوار السودان في الشوارع وتحصي عددهم وتراقب أدواتهم السلميه وتعجب بها”

    ما مبررة بالنسبة ليك إنت. ومين القال ليك لا تحمل قبسا أو جذوة؟ إنتو الواحد فيكم ما يبقى صريح ويقول ياخ أنا مرتط بمصالح والمصالح قالت أقول ليكم, هههه

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..