أخبار السودان
السلطات السودانية تعتقل كتباً بدعوى أنها تهدد السلم الأهلي

قامت السلطات الامنية السودانية باحتجاز مجموعة من الكتب التابعة للروائي عبد العزيز بركة ساكن إضافة إلى منعه من المشاركة في معرض للكاتب في الخرطوم، وقد أوضح ساكن أن “الكتب التي تم إحتجازها كانت قد طبع البعض منها خارج السودان وقد حجزت في المطار بينما الكتب الاخرى سمح لها للوصول إلى المعرض لثلاث ساعات فقط بعد أن شاهدت القوى الأمنية قبول الناس على شرائها بشكل كثيف”.
النشرة الفنية
…كُتبك دانات…شافوها,اخطر من دانات الانتينوف..!!
يا بؤس حكومة تخاف من الكتب
أي حكومة تصل درجة رعبها للخوف من الكتب ومصادرتها فاعلم انها مفلسة أخلاقياً وفكرياً وتستند على القوة العارية فقط للبقاء
اكتب عبد العزيز ساكن سوف يصل ما تكتب يوما والحرف لا يعترف بمقصلة الطغاء لك التحية فيما تكتب
هؤلا كلهم ود امونة
هذا يدل على جهل النظام فيما يفعل … فلم يفهموا رسالة الكتب المفرج عنها إلا بعد أن تهافت الناس على شراءها …
تحية ليك يا خي ساكن انت الخنجر المسموم في عنق الظالمين
لك السعادة ولهم القهر .. لن يستطيعوا اسكات صوتك .. ايها الساكن
انهم يحاربون الابداع ولكنك ستنتصر,هل بامكانهم مصادرة مشاعرك واحاسيسك التي هي في جواك؟ هيهات…هيهات…
لمن قرأ أن بطل روايه ( جنقو مسامير الارض ) أسمه ود أمونه يعنى هو أكرمكم الله يشبه ويعمل عمل المخانيث فى نهايه الروايه صار وزيرا أتحاديا.. اعجبنى تعليق المعلق ( القرم تفاحه أبل ) أنهم كلهم ودأمونه يا ساكن ….
البلد بقت أسواء من كمبو كديس
قرأت له الجنقو مسامير الارض .. لا اشجع على قراءتها..!!
انه اصدق روائي سوداني…كتب عن الواقع بتجرد صادم لاحاسيسنا الباردة
هذا دليل نجاح لهذ الكاتب البارع، والذى استمعت بقراءة روايته “الجنقو مسامير اﻷرض”، وسوف لن يؤدّى قرار الحظر سوى إلى انتشار أعماله، وربّما دخولها فى “السّوق السّوداء”..
نعم مولفات الاستاذ ساكن جديرة بالقراءة و نتمني من الله ان تفرج السلطات الامنية في الخرطوم عن الكتب المحجوزة حتي يجد القاريئ طريقا الي قراءته و هذا جزء يسير من كتاب جنقو مسامير
يقول الاخ ساكن:-
( جميعهم رجال. تهتف رائحة العرق المشوي بشمس الدَرَتْ الحارقة، شمس سبتمبر، تملأ الأنوف زنخاً لا يُحتمل. الجنقو يتشابهون في كل شئ، يقفزون في مشيهم كغربان هرمة ترقص حول فريستها، يلبسون قمصاناً جديدةً، ياقاتها تحفل بالأوساخ التي عمل العرق وعملت الشمس وريح السموم، التُربة الطينية السوداء على جعلها شاهداً على صراع مرير مع المكان والطقس، يفضلون الجينز ذي الجيوب الكبيرة والعلامات التجارية البارزة، المكتوبة بخطوط كبيرة مثل: كونز، وانت، ديوب، لي مان، ونستون وغيرها، لا يعرفون ماذا تعني، لكنها تعجبهم ويفضلونها على غيرها، ويدفعون لأجل الحصول عليها مالاً سخياً، يحيطون خصورهم بأحزمة الجلد الصناعي، فتبدو هيئاتهم كمخلوقات غريبة لا تنتمي للمكان، لكنها تقلد كل شئ فيه بالأخص كُلّيقَةْ السمسم المحزومة جيداً، أحذيتهم التي كانت جديدة، لامعة وأنيقة في أواخر ديسمبر الماضي، الآن هي ذكرى تلك، مزق متسخة ذات أخرام وألوان يصعب تحديدها في الغالب، لا يهتم أحد بتهذيب شعر رأسه، فيما بعد حدثنا ود أمونة بأن عاناتهم كثة وأنهم يهملونها، يتركون شعر رأسهم الذي يميل للحمرة من فعل الشمس كثاً متشابكاً قصيراً أوطويلاً في مستعمرات للشرا.
للجنقاوي أوالجنقوجوراى عدة اسماء على مر السنة وشهورها وفصولها: فهوكَاتَاكَوْ، في الفترة ما بين ديسمبر إلي مارس حيث يعمل في مزارع السكر بكنانة، ومصنع سُكر خشم القربة، عسلاية أوالجنيد.
ويُسَمى فَحْامِي، في الفترة ما بين أبريل إلى مايو حيث يعمل أم بحتي؛ أي منظفاً للمشروعات الجديدة أوالمهملة من الأشجار، ويصنع من سُوقها وفروعها الفحم النباتي.
ويُسَمى جنقو أوجنقوجورا، في الفِترة ما بين يونيو وديسمبر، أي منذ هُطول الأمطار، إلى نهاية موسم حصاد السمسم. أما خلال السنة كلها فتطلق عليه النساء إسم فَدّادِي. وبالمقابل يُسَمِي هو النساء اللائي يصنعن المريسة والعرقي فداديات، وعرفنا أيضا من بعض الجنقو الذين أتوا من الفاشر ونيالا، أنّ اسم الجنقوجورا هوالمستخدم عندهم، للدالة على ما نُسميه نحن في الشرق إختصارا جنقو، بالتالي لا يطلقون لفظ جنقاوي للمفرد كما نفعل، بل جنقوجوراى.
هي ليست المرة الأولى التي نصطحب فيها بعضنا، أنا وهو، إلى مكان لا نعرفه ولن تكون الأخيرة، فمنذ أن طُردنا من وظائفنا للصالح العام، قبل خمس سنوات، تجولنا كثيراً في شتى بقاع السودان، شماله، جنوبه، غربه وشرقه، كان هو من أسرة ثرية، ويحتفظ بمال كثير لنفسه يمكنه من أن يتفرغ بقية حياته كلها للجري وراء متعة المشاهدة، كما أطلقنا على ما نقوم به من (تِسِكِع ْ وتِلِكِعْ) في بلاد الله الشاسعة. أنا فقير. لكني عازب ولا أتحمل مسؤولية أحدٍ غير نفسي، أخواني وأخواتي متزوجون، بعضهم خارج السودان، والبعض الآخر في الداخل، واتخذوا طريقهم المحتوم في الحياة، أمي وأبي متوفيان، هو يساعدني كثيراً في تحمل مصاريف السفر ومتعة المشاهدة، وأنا أوفر له الرفقة الطيبة، ويقول الناس عندنا: الرفيق قبل الطريق.
دندن في صوت مرح
– رجال… رجال… نحن في حلم؟
قلت له
– أنا شفت واحدة قبل شوية.
يبدو أن الشاب العِشريني الذي يجلس قربنا، الوسيم، الذي يحتسي قهوته، لم يكن منشغلاً بموضوعات الحصاد، الربح والخسارة، العنتت والقبور الكعوك وطيور أم عويدات وود أبرق، كما هوالحال عند الجميع وبمن فيهم صاحب القهوة البدوي الشاب كث الشعر، أوبما تقدمه له رشفات القهوة من متعة تبدو عظيمة، كانت أذنيه تتصيدا ما نهمس به، ربما ما نفكر فيه أيضاً، قال لنا دون مقدمات، بحماس عالٍ ساذج.
– إنتوا ما مشيتوا بيت الأم، معقول؟! لازم تمشوا بيت الأم.
قلتُ أم منو؟ – بيت الأم؟.
قال:
– أم الناس كلهم . نعم، بيت الأم.
سأله صديقي:
– بيت الأم؟
قال:
– أيوه، بيت الأم.
ثم أضاف باللغة التجرنة، وكأنما نحن نعرف كل لغات الدنيا : قَذاَ أَدَّيْ.
نهض مع آخر رشفة من قهوته، نهضنا خلفه، كان وسيماً متوسط الطول، له بشرة لامعة صفراء وشارب كث، شعره منسق وحديث الحلاقة، يبدو أن اهتماماً خاصاً قد صُب عليه، تتبعه رائحة طيبة ميزنا ماركتها بسهولة، كان شخصاً لا يشبه شخوص المكان، نظيفاً، أنيقاً، به ليونة بادية للعيان، في مِشيته وطريقة كلامه ووجهه النظيف.
قال هوينظر إليّ
– أنا اسمي ود أمونة.
ابتسم وهويضيف
– اسمي كمال الدين، لكن مافي زول يعرف كمال.. أمي أمونة. وهي تقول لي ود أمونة الناس لقوا الاسم ساهل، يلاّ… ود أمونة… ود أمونة. الناس يوم القيامة ينادوهم باسم أمهاتهم.
قال له صديقي:
– مافي مُشكلة الأم مافي زيها، يا ريت لونادوني باسم أمي، كنت حأكون أسعد زول.
قال له ود أمونة فجأة
– أمك اسمها منو؟
– أمي مريم.
– وإنت؟
قال مخاطباً إياي:
– زينب، زينب أبّكَرْ.
قال:
– أمي اسمها آمنة، ولكن اسم الدلع أمونة.
وسألته
– إذن بيت الأم دا.. بيت أمك أمونة.. مش كدا؟
قال نافياً بشدة
– لا، بيت الأم دا بيت الأم، قربنا نصل.
ثم أضاف
– إنتومن وين؟
قلنا معاً بصوت واحد
– من القضارف.
صمت صمتاً طويلاً ثم أصدر هواءً من فمه بصوت محسور.
– سجن القضارف… شفتوا سجن القضارف؟ بالتأكيد تكونوا شفتوه، مش كدا؟! في ديم النور.
رد عليه
– بالتأكيد… في زول في القضارف ما شاف السجن؟
قال وهو يخطو بنا خطوات سريعات في عمق المكان
– أنا اتربيت فيهو.
سيعرف فيما بعد أن والدينا كانا يعملان في ذات السجن. سحبنا من بين قطاطي ورواكيب القش في أزقة طويلة لا تنتهي تتلوى كالثعابين، صاعدة هابطة على أرض وعرة عليها أخاديد صنعتها الوابورات واللواري وعربات الترحيل الخفيفة مثل اللاندروفرات والبربارات، تعم المكان رائحة البخور مختلطة بعبق المريسة، وبعض الخمور البلدية، على خلفية من ريح فاترة تهب جنوباً، دافئة وطيبة. دون أن نطرق باباً من الزنك على سور من القش والحطب، دخلنا بيت الأم أوكما يطلقون عليه بالتجرنة: ) نواصل
يا شباب لو سمحتو واحد يدينا رابط ننزل منو الكتبا ده