أخبار السودان

صفوف بلا نهاية ..أزمة الخبز .. يد الحكومة مغلولة

الخرطوم: أم زين آدم

بضاحية الكلاكلة جنوبي الخرطوم، وأثناء ساعات الانتظار الطويل أمام أحد المخابز بمربع(8) القبة، نهشت سيدة يد الشابة لمياء الخير، وسببت لها أذى بليغاً، فانتهى يوم إحداهن في المستشفى، والأخرى بالحراسة لتغادر لاحقاً بكفالة مالية.

ثمة قصص أخرى لشجارات نشبت بين المواطنين في سبيل الحصول على حصة من الخبز، تروي استفحال أزمة الخبز وندرته بالعاصمة الخرطوم التي يقطنها عشرة مليون نسمة، ما يعادل ربع سكان البلاد حسب آخر إحصاء، وتحتاج إلى (50) ألف جوال دقيق يوميا، لمقابلة الاستهلاك البالغ (40) مليون قطعة خبز في اليوم، بيد أن المتوفر اليوم (43) ألف جوال.

هلع بالغ أصاب المواطن بسبب الندرة، فعمدت بعض الأسر إلى شراء كميات كبيرة من الخبز لتخزينها بالمنازل، خوفا من توفق إمداد الدقيق، وبذلك يحصل المواطن على حصة أسرته وحصص أسر أخرى، وحلاً لذلك اعتمدت لجان المقاومة في بعض المناطق تسليم الأسر حصتها من الخبز بالمنزل بعد تسجيل ما يكفي قوت يومها، أو عبر بطاقة صرف بالمخبز، في ساعات محددة.

 

مشهد يومي

لأكثر من شهرين، تمددت صفوف المواطنين أمام المخابز، في نهارات الخرطوم القائظة التي تتجاوز درجة حرارتها (35) درجة في أغلب الأيام. بعض المخابز أغلقت أبوابها لعدم استلام حصتها، كما يقول وكيل أحد المخابز الشهيرة بمنطقة الصحافة، والذي فضل حجب اسمه، إنه خلال الشهرين الأخيرين، تعذر وصول إمداد الدقيق للمخبز لمدة تسعة أيام، وأن حصة المخبز ليومي أمس وأمس الأول لم يتم استلامها، بسبب توقف المطاحن عن الإمداد.

الحكومة أعلنت أن مخزون القمح يكفي حاجة البلاد لثلاثة أشهر، إلا أن حال المخابز لا يطابق ذلك، فهناك أزمة بين المطاحن التي توفر دقيق الخبز المدعوم، ووزارة المالية لعجز الحكومة عن سداد مديونية تبلغ مليون دولار لمطاحن سيقا وسين، وروتانا والحمامة. وزارة المالية قايضت المبلغ بمائة كيلوجرام من الذهب، لكن المطاحن رفضت استلامها، وطالبت المالية بردها لبنك السودان المركزي لبيعها، وتسليمها مديونيتها نقداً.

قمح مهدر

استبشر المواطن، بالإنتاج العالي والوفير للقمح في العروة الشتوية الأخيرة، وبلغ التفاؤل حد أنه سيحل أزمة الخبز بصورة جذرية، حسين سعد الصحفي المهتم بقضايا مشروع الجزيرة، أفاد بأن الذي حدث أن الحكومة اشترت القمح من المزارعين، بيد أنه لم يرحل، وأن ذلك ارتبط بمشاكل، تزامنت مع الإنتاجية العالية متمثلة في شح الوقود وندرة في جوالات الخيش الفارغة، وتمسك المزارعين ببيع المحصول للحكومة ممثلة في المخزون الاستراتيجي، بالرغم من رفع سعر جوال القمح الذي دفعه المضاربون.

وأطلق المزارعون نداء استغاثة وصيحات تحذير للحكومة من الضرر والتلف الذي سيلحق بالمحصول من الأمطار والسيول والفيضان، بسبب البطء في عملية ترحيل المحصول وتخزينه. وذهب حسين إلى أنه على الحكومة أن تعجل بترحيل ما بقي من محصول القمح قبل الشروع في حصاد محاصيل العروة الصيفية، لتفادي ما ينجم من مشاكل متعلقة بالعروة، وتفادي أن يضاعف ذلك من عوائق ترحيل القمح.

 

أعمال معطلة

أمين اتحاد المخابز بولاية الخرطوم أرسل وعداً بحل الأزمة خلال الأسبوع المقبل، وسد الفجوة في دقيق الخبز التي تبلغ سبعة آلاف جوال. هذا الحديث المتفائل يدحضه الواقع، فحسب جولة للصحيفة بمنطقة جنوب الخرطوم فقد تم بالأمس توزيع (15) جوال دقيق على بعض المخابز الآلية والبلدية، فيما كانت حصة المخابز الآلية (138) جوالا للمخبز في الأسبوع.

صاحب أحد المخابز قال: في الأوقات الطبيعية غير المتعلقة بالأزمة، ينتظم المواطنون في صفوف لسهولة الحصول على حصتهم من الخبز، وأن المخبز في اليوم ينتج (25) ألف قطعة خبز، وتنتهي ورديته الساعة الحادية عشر ليلاً، لكن اليوم المخبز مغلق تماماً لعدم استلام حصته.

الصحفي والباحث في الشأن الاقتصادي سنهوري عيسى أفاد بأن استلام المخبز لحصته ناقصة، يؤثر على خط الإنتاج، ولا يشجع أصحاب المخابز على العمل، لجهة ارتباط ذلك بورديات العمال وأجورهم التي ارتفعت، بجانب عدم استقرار إمداد التيار الكهربائي، والغاز، جميعا تجعل صناعة الخبز غير مربحة ومواتية، فيذهب أصحاب المخابز إلى خيارات أخرى، والشاهد أن كثيراً من المخابز أنشئت محال لصناعة البسكويت والحلويات والفطائر جنبا إلى جنب مع الخبز.

 

أزمة مزمنة

عجز الحكومة عن توفير الخبز بسعر مناسب، واحد من أسباب ثورة الشارع ضد نظام الإنقاذ البائد إذ بلغ سعر قطعة الخبز بمدينة عطبرة بولاية نهر النيل ثلاثة جنيهات، ومنها انطلقت شرارة الثورة في ديسمبر العام قبل الماضي، التي أطاحت بحكم الإنقاذ العضوض. وكان وزير التجارة والصناعة مدني عباس مدني قد أصدر قراراً بإلغاء رخص وكلاء توزيع الدقيق، بوصفهم أرباباً للنظام البائد، تجنباً لاستخدام كرت الدقيق لأغراض سياسية، إذ أصبح الخبز سلعة سياسية بامتياز.

أوكل مدني مهمة حراسة وتوزيع الدقيق للجان المقاومة والمحليات، وحسب ضبطيات للسلطات وللجان المقاومة منشورة في وسائل الإعلام ، فإن (75%) من الدقيق المدعوم من الحكومة يتم تهريبه عبر الولايات إلى دول الجوار، ويتم التهريب في المسافة بين المطاحن والمخبز، محلات المخبوزات والبيتزا والسيدات المستثمرات في المعجنات من منازلهن المتهم الأساسي بشراء الدقيق المهرب.

وحسب أصحاب المخابز أنه كان يتم تسديد ثمن الدقيق للوكلاء بالدفع الآجل، وأن حصة الدقيق تصل إلى باب المخبز، وهذا ما فشلت فيه آلية المحلية ولجان المقاومة، فصاحب المخبز مطالب بالدفع مقدما، على أن يتحمل نقل الدقيق إلى المخبز، وتدراكت الحكومة هذا الخلل باعتماد الشركة السودانية للسلع الاستهلاكية، التي اصطدمت بشح وندرة الدقيق بسبب مديونية المطاحن للحكومة.

وقالت الحكومة إنها في حاجة إلى توفير (45) مليون دولار شهرياً لتوفير قمح الخبز. سنهوري عيسى قال لا مناص للحكومة من أن تستورد قمحاً لمدة عام أو ست أشهر عبر عطاء، وأن توكل آلية توزيع الدقيق على المخابز للحكومة، أي تسندها لموظفين بالدولة وتفعل المراقبة والمحاسبة وتشدد العقوبة على المخالفين وغير الملتزمين من أصحاب المخابز، لضمان وصول حصة الدقيق المدعوم إلى مستحقيها.

الديمقراطي

‫2 تعليقات

  1. افسد الكيزان الشعب السوداني ولا سبيل لاصلاح ذلك الا بالعقاب الرادع.
    عودوا بالتاربخ للوراء ولتعد بنا الداكره الي عبدالله التعايشي الذي كان يعاقب المجرمين بادخال القطط داخل سراويلهم لتنهش ما تنهش..
    جزء لا يستهان به من الشعب السوداني فاسد ومفسد وساعد في ذلك دخول السوريين الي بلادنا وهم لا يقلون سوءا عن المصريين عاثوا في الارض فسادا.
    العقاب الرادع لابد منه.. السجن مع الاعمال الشاقه جدا.. اقلها استعمال هولاء اللصوص في نظافة شوارع المدن والاحياء تحت غيظ الشمس الحارقه.. الضرب اليومي بالسياط والعصي حتي يفيق هولاء المجرمين من غيهم.. ولا ننسي عقوبة الاعدام لكبار المجرمين ..
    هولاء القتله يتلاعبون باراواح الناس ويعطلون اعمالهم ويقتنون الاموال الطائله من وراء ذلك..

    اصحي يا حمدوك واصدر القرارات الرادعه..

  2. استبدال وتعديل اتفاقيات برنامج الغذاء العالمى فى السودان (جزئيا) بتلك المعمول بها فى اليمن والقائمة على تشغيل مطاحن الدقيق يخرج السودان من أزمة الخبز المزمنة.
    ولكن :
    أستمرار الازمة والنهش وتبادل اللكمات هو تعزيز للمغبشة و المغرزة التى أطرّ لها المثقفين السودانين من خلال أنتاجهم الأدبى و الاجتماعى لأكثر من (قرن و نيف) , وأسسوا لبناتها الاصيلة.
    وأذكر هنا شعر الاديب السودانى السمانى حسن ودالحوش :
    فينا غباشه ، فينا فراسة ، فينا الفينا
    وفينا سماحه تعجب للببجي بخاوينا
    فينا قباحة مريين نطحن المابينا
    وما ولدونا للفارغات نباري دروبا
    ولا ولدونا لل اللينة المعاها رطوبة
    (مع الاعتذار للقونات و ندى القلعة ونجوم أغانى وأغانى) و معجبيهم من أغلب الشعب السودانى بفنهم الفارغ و الهابط الاصيل.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..