سأحكي لأطفالي يوما….. بأني قد جلست للاستاذ… سمعت له ….وكنت من تلاميذه

للاستاذ محمودمحمد طه مقدرة خاصةتجعل كل من جلس معه يشعران له مكانه خاصة عند الاستاذ.هذه الخاصية مع غيرها من الصفات تجعل من ذلك اليوم من عام1979يوما خاصا فقد جلست للاستاذ شارحا اعجابي بالفكرة ورغبتي ان اكون من تلاميذه,لقد جاء هذا اليوم بعد شهورا من المعانةبعد فشلي في التعايش مع افكار ابوالاعلي المودودي وسيدقطب وعدم مقدرة كتابات محمد قطب ان تجاوب علي اسئلتي.عثرت في منزلنا في الكوة علي 3 كراتين تحوي كل كتب الجمهوريين وهي اصلا تخص خال الوالدة جدنا ميرغني وهورغم عدم احتكاكي اليومي اللصيق به لكني كنت دوما مفتونا بشخصيته تواضعه ووداعته في التعامل مع الكبير والصغير.اول ما قرات كان كتيب عن محاكمة بورتسودان واحداث نادي الخريجين ولم اشعر الا واناالتهم الكتب واحدا بعد الاخر ولمتنقضي تلك الاجازة الا وانا قد قرأت كل كتب الاستاذ و الاخوان الجمهوريين وشعرت بان هذاهو ما ابحث عنه……..وحين وطئت اقدامنا الجامعة لم اتردد ….واستفدت من كل سانحه لاجدها فرصةللحوار والبحث عن اجابات وتراوحت خطواتي بين غرف الجمهوريين ابوقرجة والقاضي ومحمد المجذوب محاورا ومجادلا.ٍ…..
يومها سألني الاستاذ اول ما سألني من اين انا اصلا؟….. ثم بدأ يحكي عن الكوة وقبة الرجل الصالح حاج عبداللة<راجل الدرب> واعتقاد اهل الكوة ببركاته وتحدثنا عن اعجاب ال الكوة بالفكرة متمثلة في شخص العم الاستاذ علي لطفي واسرته وما قدمه من نموذج للانضباط التعامل المهذب اثناء عمله في مدرسة الكوة.
بعدها بهدؤ سالني عن ما الذي لم استسيغه ااو الذي لم استوعبه من الفكرة وكان صوته الهادئ دافعا بأن أصارحه بلا تردد…..فقلت له صلاة الاصالة…… ورد بكل هدؤ وقبول…..بانوا نحن منهجنا ما عمل بما علم اورثه الله علم ما لم ييعلم ولو كان الايمان بالعلم لكان اتقي خلق الله ابليس وقال لي اعمل بالمقتنع بيهو ربنابيسر ليك الباقي………وودعته والاجابه تدور في ذهني واعجابي بعدم امتعاضه لنقدي………وانسحبت وجلست في الانتظار لجلسة العصر واعتقد ان ما قيل وما نوقش في هذه الجلسه ملأ عقلي المتعطش بالدفء والسكينه. ..كتيرا ما أسرح بخيالي وافكر في هذه الجلسات اليومية…وكم حوت من ثروه معرفية…وسلوكيه…للاسف فهي ليست موثقة.لقد كنت أعجب دوما بمشاركة الاستاذة وشخصيته الهادئةيستدعي الحوار ولا يفرض رايا بل دوما يسأل عاوزين نسمع زيادة…..
في نهاية الجلسة ناداني الاستاذ وقال لي انت عندك مشوار ولا طالع الحملة وقلت اتمني اطلع الحملة لكن انا جمهوري ملتزم لاقل من يوم اطلع الحملة كيف؟؟؟…. وقال لي اطلع معاهم وقول الخلاك تبقي جمهوري والما مقتنع بيهو ما تقولوا نحن عندنا البقول لا أدري فقد افتي.
:نت شايل الكتب في اول يوم خليطا من الفرح والخوف…وفي دواخلي فرحا بالالتزام وخوفا ان افشل في عكس الفكرة بالصورة التي تناسبها.
كانت امامي صورة بتول مختار وهي تحاور مجموعة من المتشنجين امام الجامع الكبير وكيف بتفرض احترامها او صورة دالي وهو بيحاور شيخ ابوزيد بكل هدؤ ومنطق…..كنت اتمني ان اعكس الفكرة بهذا المستوي الراقي. كنا في مجموعه صغيرة فيها المطبعجي وكرومة وجا عمنا عبداللطيف وسلم علي وحكيت ليهو قلقي وقال لي خلي ده دافع ليك للتجويد…والطريق بداياته دوما صعبه….
.مر اليوم بسلام وكان الكتاب الاساسي في الحملة هو ايران فتنة وليست ثورة.شعرت بجمال الالتزام عندما يتطابق مع السلوك وانا محاصر بعفوية الأخوان وتواضعهم……في ذلك اليوم شعرت بتيار من الرضا والسعاده لا يوصف…… لم اشعر بمثل هذه السعادة في حياتي الافي مناسبة أخري وهي تلك اللحظة عندما حطم شعبنا ابواب كوبر واطلق سراحنا في يوم الانتفاضة.
كنت حمهوريا لاكثر من عام وهي فترة قصيرة في عمر الزمن..ولكن كم كانت ضخمة التأتير علي حياتي ومستقبلي….. فحتى الان ادين للجمهوريين لكثير من الاداب والسلوك والسمات التي صبغت شخصيتي…..
,ان الفكرة الجمهورية لاتكتمل في نظري الا بمعايشتك مجنمع الجمهوريين الفاضل…كنا في الكلية مجموعة صغيرة تتكون من صديقي صلاح البدوي فقد سكنا سويا في ذلك العام ومعنا اسماعيل وعبدالروؤف واسماء محمد الحسن والتي كان يحلو لي مناداتها بشيختنا اسماء وفي الجامعة كان هناك دالي والقراي والطيب حسن و محمد المجذوب وعواطفوغيرهم.
رغم اعجابي بالجمهوريين وما يمتلكون من قيم في الادب السماجة والتقشف الا ان الاسئلة الحائرة في دواخلي تنامتو اصبحت اكثر الحاحا وشعرت بمفارقتي للفكرة في موقفها السياسي وعدم تقبلي لبعض القضايا الفكرية الاخري أصبح يتعاظم.
لقدحسمت في دواخلي قرار انني ما عدت جمهوريالكن كان اكبر هواجسي كيف ٍٍساوصل هذا القرار للجمهوريين من صلاح واسماء وغيرهم ولكن هذا الهاجس لم يكن سببا كافيا بالنسبة لي لمصارحتهم برغبتي لمفارقة الفكرة ……ومازلت اذكر كيف كان ردهم راقيا وموضوعيامعتذرا لي وممطمئنا…ليحاصرني شعور الخجل والعرفان والحسره….. وقد كان هذا الفراق الراقي سببا لان تستمر جسور الود والتواصل مع الفكرة والجمهوريين الذين لا اشك اتهم قد شعروا بابتعادي الفكري قبل فنرة ولكن ادبهم الجم قد جعلهم ينتظرون مني ان اتي من نفسي بقرار بدون ضغط او ترغيب.واشهد اني لم اري تغيرا منهم في التعامل او في التوصل او في التوادد الى اليوم
في هذه الايام مع ذكري استشهاد الاستاذ اكرر مقولتي التي ارددها دوما حيث اقول ان الاستاذ حتي في مماته بقدم لنا درسا….فلم يكن يستحق ميتة توازي مقامه سوى ما حدث له فكان موتا وحياة و ما كنت اتمني له..وما كنت اتوقع له ان يموت في فراشه من الهرم او من الملاريا.
رغم وقوفي في موقع مختلف من الفكرة ولكني اؤمن بان مرتكزات الفكرة من ديمقرطية وحرية و اشتراكيةكانت وستظل جزء اصيل من شخصيتي وتاريخي الشخصي وذكرياتي.
الاعزاء
للاستاذ الرحمة ليس لما قدمه من فكر فقط ولكن لجعل هذا الفكر سلوكا ومنهجا للحياة باباللشهادةوالخلود.
وللاخوة الجمهوريين الذين اشهد لهم بالتناغم و عدم التناقض بين الفكرة والسلوك.
فقد كانت الفكرة دعوة للتسامح ونيذ العنف.كانت دعوة للمساواة والديمقراطيةاحتراما للاخر واحتراما للنفس البشرية.وكانت دعوة للاشتراكية والتقشف وقد كان الاخوان الجمهوريين تطبيقا حيا لهذه القيم والمباديء.
سأفتخر دوما باني كنت تلميذا للاستاذوعشت مع الحمهوريين وتأدبت بأدبهم و من اي موقع اكون سأدعو بان تكون
الحرية لنا ولسوانا
ولكم الود…..

مجدي اسحق

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. هنيئاً لك بالسنة التي قضيتها مع الأستاذ
    أعتقد بأنك تركت التنظيم و لكنك لم تترك الإسلام الذي عرفته عند الإستاذ
    أنا لست جمهورياً ولكني لو لا قرأءة كتب الأستاذ محمود لكنت ملحداً

  2. الطامة الكبرى في فكر محمود أنه يجعل للإنسان مقامًا يبلغ فيه مرتبة الإله من الكمال بل يكون الله حيث يقول النص في كتابة الرسالة الثانية: «ههنا يسجد القلب، وإلى الأبد، بوصيد أول منازل العبودية. فيومئذ لا يكون العبد مسيرًا، وإنما هو مخير. ذلك بأن التسيير قد بلغ به منازل التشريف، فأسلمه إلى حرية الاختيار، فهو قد أطاع الله حتى أطاعه الله، معاوضة لفعله.. فيكون حيًا حياة الله، وعالمًا علم الله، ومريدًا إرادة الله، وقادرًا قدرة الله، ويكون الله».
    ويقول أيضًا وفي نفس الكتاب: «إن هذا يعني أن حظ الإنسان من الكمال لا يحده حد، على الإطلاق. موعود الإنسان من الكمال مرتبة الإله» بالطبع عند محمود هذا هو الإنسان الكامل وهو المقصود في القرآن الكريم بكل العبارات التى تشير إلى الله تعالى بل هو الذي يدير الكون نيابة عن الله «تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا».
    ولنبدأ الآن في نقد الفكر الجمهوري:
    كيف يصل الإنسان لمرتبة الإله من الكمال وكيف يكون الله وقد أجمعت الرسالات وكل الأنبياء والرسل على اختلاف على التوحيد الا يكون لله شريك في أسمائه ولا صفاته وليس كمثله، كيف يكون الإنسان بمنزلة الإله ويكون الله والله تعالى يقول في سورة الشورى «فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ». من أين أتى محمود بهذا التعريف الغريب للسنة حيث يحصرها في عباداته أو منهجه على المستوى الشخصي ليضع منهجين للشريعة والعبادة منهج يخصه صلى الله عليه وسلم ومنهج لأتباعه؟؟ ألم يكن النبي الكريم يصلي كما نصلي اليوم ويأمرنا بذلك، ألم يحج كما نحج ويقول خذوا عني مناسككم؟: «عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان» رواه البخاري ومسلم. فمن الذي وقت لانتهاء صلاحية العمل بهذا الحديث وقد أطلقه النبي الكريم هكذا وحدد فيه أركان الإسلام التى هدمها محمود ركنًا ركنًا؟ فالشهادة عنده تنتهي ب «لا إله إلا الله» المجرد، فعلى أي أساس بتر منها محمد رسول الله مدعيًا أنه لا يقلد الرسول؟ على أي دليل يستند محمود في ترك الصلاة الواردة في الحديث ليستبدلها بصلاته المبتدعة التى يسميها بصلاة الأصالة؟ من الذي أوحى لمحمود برفع الزكاة وإلغائها لتحل محلها الشيوعية الاقتصادية فينفق الفرد ما زاد عن حاجته إلزامًا وهذا يعني ضمنًا نسف المواريث لأن الميراث لا يقوم من دون موروث فائض عن الحاجة. والحج أيضًا نسفه محمود ولم يحج كما ذكرت بنته أسماء، لا عجزًا ولكن لأنه أصيل وله عباداته الخاصة به! أما الصوم فقد استبدله محمود بالصيام الصمدي وهو صوم المواصلة المنهي عنه.
    محمود يدعي أن الله آتاه فهمًا خاصًا وأذن له بالكلام ولم يستطع هو وأتباعه من بعد أن يثبتوا كيف أعطي هذا التفويض ولم يقدموا دليلاً واحدًا على ذلك.
    تطوير الشريعة التي يدعيها محمود ايضًا بدعوى ارتفاع البشرية عن مستوى الشريعة يكذبه الواقع قبل النصوص، فمن فينا أكمل إيمانًا من أبي بكر وأعدل من عمر وأكثر إنفاقًا من عثمان وأشجع من علي رضي الله عنهم حتى نكون نحن أعلى من مستوياتهم؟ من فينا شهد الصحبة وتعلم على يديه الكريمتين وتبرك بمصافحته وتقبيل بطنه ودعائه صلى الله عليه وسلم له بل وبشهوده لهم بالجنة حتى نكون أرفع منهم، ومن فينا شهد البيعة وكان من أصحاب الشجرة الذين نزل فيهم قرآن بالرضى عنهم يتلى أبد الدهر؟ كيف يكون القرن العشرين أفضل من صحابة رسول الله والقرن العشرين وما تبعه يشهد تقنين زواج المثليين وتجارة الخمور وأدوات ومواقع الفاحشة تباع على قارعة الطريق في جل أركان الأرض؟ أينا أحق بالحجاب، نساء القرن السابع الذي يقول شاعرهم إنه يغض الطرف إذا ما بدت له جارته أم نساء عصرنا حيث تحاصرهن الكاميرات وآلات التصوير والتحوير والتزوير والنشر في جوالاتنا وسياراتنا وشاهقات المباني تصور ليل نهار؟
    كيف يصير الإنسان أصيلاً ليأخذ شريعته من الله مباشرة وأين العدالة هنا في توزيع التكاليف وكيف تقام الحدود وتحد الحرمات ولكل شريعة ولكل حلاله وحرامه الذي يختلف من بلد لآخر بل من فرد لفرد فبشرع مَن نحتكم وبدين مَن نقيم الحقوق والعقود والعهود؟
    إنها شريعة الغاب وعصر الفوضى ونسف القيم!! بالطبع لم يسكت المسلمون على ما يدعيه محمود فقد عقدت له محكمة في الستينيات وحكمت عليه بالردة ولكنه أفلت من التنفيذ لعدم وجود إرادة في وقتها ولعدم وجود قانون ردة حينها.
    كان محمود من مناصري النميري لأنه كان يرى في حكمه الليبرالي حينها خلاصًا من دعاة الشريعة الذين كان يسميهم بدعاة الهوس الديني ولذا سكت على جرائم مايو المريعة في الجزيرة أبا وود نوباوي. وعندما أعلن النميري قوانين الشريعة الإسلامية في العام 1983 أصدر محمود محمد طه منشورًارفض فيه الشريعة ووصفها بأنها قوانين تذل البشرية فتم القبض عليه فعقدت له محكمة ردة وحكمت عليه بالإعدام ليؤيد الرئيس النميري الحكم وتنكر أقرب الأقربين له ويقرون بضلاله علنًا في التلفاز في تخاذل وخذلان مريع قل مثله في التاريخ، وينفذ فيه حكم الردة يوم 18 يناير 1983 وتلقى جثته في مكان مجهول ولم يصل عليه فرد ولا جماعة. الغياب المباغت والموت المفاجئ لمحمود ترك أتباعه في ذهول حيث كان بعضهم يعتقد في نبوته وأنه لن يموت ولن يستطيع الشعب السوداني بأسره أن يأخذ شعرة من رأسه. بموته فقد الجمهوريون الأصيل والمشرع الأوحد ولم يكتب حرف واحد في الفكرة بعد أن توقف مداد محمود ليتشتت أتباعه في تنظيمات اليسار وغيرها من الفرق العلمانية ويؤسسوا موقعًا الكترونيًا جمعوا فيه كتبه ومؤلفاته ومنشورات الفكرة كما حولوا داره المتواضعة في أم درمان الى مركز محمود محمد طه الثقافي وهكذا انطوت تلك الفترة وانتهى ذلك الهراء وهوى الصنم إلى الأبد وبقيت الآثار والركام التي تتحرك في يناير من كل عام.

    [Mohammed Zidan]

  3. هنيئاً لك بالسنة التي قضيتها مع الأستاذ
    أعتقد بأنك تركت التنظيم و لكنك لم تترك الإسلام الذي عرفته عند الإستاذ
    أنا لست جمهورياً ولكني لو لا قرأءة كتب الأستاذ محمود لكنت ملحداً

  4. الطامة الكبرى في فكر محمود أنه يجعل للإنسان مقامًا يبلغ فيه مرتبة الإله من الكمال بل يكون الله حيث يقول النص في كتابة الرسالة الثانية: «ههنا يسجد القلب، وإلى الأبد، بوصيد أول منازل العبودية. فيومئذ لا يكون العبد مسيرًا، وإنما هو مخير. ذلك بأن التسيير قد بلغ به منازل التشريف، فأسلمه إلى حرية الاختيار، فهو قد أطاع الله حتى أطاعه الله، معاوضة لفعله.. فيكون حيًا حياة الله، وعالمًا علم الله، ومريدًا إرادة الله، وقادرًا قدرة الله، ويكون الله».
    ويقول أيضًا وفي نفس الكتاب: «إن هذا يعني أن حظ الإنسان من الكمال لا يحده حد، على الإطلاق. موعود الإنسان من الكمال مرتبة الإله» بالطبع عند محمود هذا هو الإنسان الكامل وهو المقصود في القرآن الكريم بكل العبارات التى تشير إلى الله تعالى بل هو الذي يدير الكون نيابة عن الله «تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرًا».
    ولنبدأ الآن في نقد الفكر الجمهوري:
    كيف يصل الإنسان لمرتبة الإله من الكمال وكيف يكون الله وقد أجمعت الرسالات وكل الأنبياء والرسل على اختلاف على التوحيد الا يكون لله شريك في أسمائه ولا صفاته وليس كمثله، كيف يكون الإنسان بمنزلة الإله ويكون الله والله تعالى يقول في سورة الشورى «فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ». من أين أتى محمود بهذا التعريف الغريب للسنة حيث يحصرها في عباداته أو منهجه على المستوى الشخصي ليضع منهجين للشريعة والعبادة منهج يخصه صلى الله عليه وسلم ومنهج لأتباعه؟؟ ألم يكن النبي الكريم يصلي كما نصلي اليوم ويأمرنا بذلك، ألم يحج كما نحج ويقول خذوا عني مناسككم؟: «عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت، وصوم رمضان» رواه البخاري ومسلم. فمن الذي وقت لانتهاء صلاحية العمل بهذا الحديث وقد أطلقه النبي الكريم هكذا وحدد فيه أركان الإسلام التى هدمها محمود ركنًا ركنًا؟ فالشهادة عنده تنتهي ب «لا إله إلا الله» المجرد، فعلى أي أساس بتر منها محمد رسول الله مدعيًا أنه لا يقلد الرسول؟ على أي دليل يستند محمود في ترك الصلاة الواردة في الحديث ليستبدلها بصلاته المبتدعة التى يسميها بصلاة الأصالة؟ من الذي أوحى لمحمود برفع الزكاة وإلغائها لتحل محلها الشيوعية الاقتصادية فينفق الفرد ما زاد عن حاجته إلزامًا وهذا يعني ضمنًا نسف المواريث لأن الميراث لا يقوم من دون موروث فائض عن الحاجة. والحج أيضًا نسفه محمود ولم يحج كما ذكرت بنته أسماء، لا عجزًا ولكن لأنه أصيل وله عباداته الخاصة به! أما الصوم فقد استبدله محمود بالصيام الصمدي وهو صوم المواصلة المنهي عنه.
    محمود يدعي أن الله آتاه فهمًا خاصًا وأذن له بالكلام ولم يستطع هو وأتباعه من بعد أن يثبتوا كيف أعطي هذا التفويض ولم يقدموا دليلاً واحدًا على ذلك.
    تطوير الشريعة التي يدعيها محمود ايضًا بدعوى ارتفاع البشرية عن مستوى الشريعة يكذبه الواقع قبل النصوص، فمن فينا أكمل إيمانًا من أبي بكر وأعدل من عمر وأكثر إنفاقًا من عثمان وأشجع من علي رضي الله عنهم حتى نكون نحن أعلى من مستوياتهم؟ من فينا شهد الصحبة وتعلم على يديه الكريمتين وتبرك بمصافحته وتقبيل بطنه ودعائه صلى الله عليه وسلم له بل وبشهوده لهم بالجنة حتى نكون أرفع منهم، ومن فينا شهد البيعة وكان من أصحاب الشجرة الذين نزل فيهم قرآن بالرضى عنهم يتلى أبد الدهر؟ كيف يكون القرن العشرين أفضل من صحابة رسول الله والقرن العشرين وما تبعه يشهد تقنين زواج المثليين وتجارة الخمور وأدوات ومواقع الفاحشة تباع على قارعة الطريق في جل أركان الأرض؟ أينا أحق بالحجاب، نساء القرن السابع الذي يقول شاعرهم إنه يغض الطرف إذا ما بدت له جارته أم نساء عصرنا حيث تحاصرهن الكاميرات وآلات التصوير والتحوير والتزوير والنشر في جوالاتنا وسياراتنا وشاهقات المباني تصور ليل نهار؟
    كيف يصير الإنسان أصيلاً ليأخذ شريعته من الله مباشرة وأين العدالة هنا في توزيع التكاليف وكيف تقام الحدود وتحد الحرمات ولكل شريعة ولكل حلاله وحرامه الذي يختلف من بلد لآخر بل من فرد لفرد فبشرع مَن نحتكم وبدين مَن نقيم الحقوق والعقود والعهود؟
    إنها شريعة الغاب وعصر الفوضى ونسف القيم!! بالطبع لم يسكت المسلمون على ما يدعيه محمود فقد عقدت له محكمة في الستينيات وحكمت عليه بالردة ولكنه أفلت من التنفيذ لعدم وجود إرادة في وقتها ولعدم وجود قانون ردة حينها.
    كان محمود من مناصري النميري لأنه كان يرى في حكمه الليبرالي حينها خلاصًا من دعاة الشريعة الذين كان يسميهم بدعاة الهوس الديني ولذا سكت على جرائم مايو المريعة في الجزيرة أبا وود نوباوي. وعندما أعلن النميري قوانين الشريعة الإسلامية في العام 1983 أصدر محمود محمد طه منشورًارفض فيه الشريعة ووصفها بأنها قوانين تذل البشرية فتم القبض عليه فعقدت له محكمة ردة وحكمت عليه بالإعدام ليؤيد الرئيس النميري الحكم وتنكر أقرب الأقربين له ويقرون بضلاله علنًا في التلفاز في تخاذل وخذلان مريع قل مثله في التاريخ، وينفذ فيه حكم الردة يوم 18 يناير 1983 وتلقى جثته في مكان مجهول ولم يصل عليه فرد ولا جماعة. الغياب المباغت والموت المفاجئ لمحمود ترك أتباعه في ذهول حيث كان بعضهم يعتقد في نبوته وأنه لن يموت ولن يستطيع الشعب السوداني بأسره أن يأخذ شعرة من رأسه. بموته فقد الجمهوريون الأصيل والمشرع الأوحد ولم يكتب حرف واحد في الفكرة بعد أن توقف مداد محمود ليتشتت أتباعه في تنظيمات اليسار وغيرها من الفرق العلمانية ويؤسسوا موقعًا الكترونيًا جمعوا فيه كتبه ومؤلفاته ومنشورات الفكرة كما حولوا داره المتواضعة في أم درمان الى مركز محمود محمد طه الثقافي وهكذا انطوت تلك الفترة وانتهى ذلك الهراء وهوى الصنم إلى الأبد وبقيت الآثار والركام التي تتحرك في يناير من كل عام.

    [Mohammed Zidan]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..