
من أهم شروط نهضة الشعوب وإزدهار الأمم. وتقدم الدول. وجود نواة حاكمة تتفق على فكرة ما. بالطبع هنالك جدل لانهائي عن مدى صلاح الفكرة من فسادها. لكن حتى الفكرة الفاسدة قد تسود فترة من الزمن قبل أن ينهض أهل الحق ويردوا الأمور الي مسارها الصحيح . وقد تدوم الفكرة الفاسدة بقدر تقاعس همم مناهضوها. في السودان لدينا فكرة رائعة من قبل إنتصار الثورة بزمن طويل. وهذه الفكرة السامية هي التي أبقت جذوة الأمل مشتعلة سنين طويلة رغم ضراوة الرياح وإستبداد النظام. وتقلبات الأحوال إقليميا ودوليا. <br>
بعد إنتصار الثورة أصبح لدينا كتلة ثورية ضخمة. قامت هذه الكتلة على هذه فكرة نبيلة. تلاقت حولها قوى المعارضة وتجمعات الشباب غير المنتظم في كشوفات التنظيمات السياسية والملايين من عامة الناس . قد تختلف مكونات هذه الكتلة لكنها تتفق على نقاط مهمة. هذا الإختلاف يغذيه المتضررون من سقوط النظام السابق . وهذا يبطئ وأحيانا يعوق تقدم عجلة الثورة.<br>
السؤال ما هو الذي يقدمه أعداء الثورة لحلفائها بغرض استمالتهم واستخدامهم ضد الثورة ولا تقدمه الثورة لتضمن ولاء هؤلاء الحلفاء ؟ أعتقد أن الأمر يتعلق بقدرة الطرفين على الإقناع . كلا الطرفان يراهنان على مستقبل السودان. لكن الثورة تملك معظم الاوراق وأقواها. الثورة تملك سند كل الشعب إلا النذر القليل ومهما علا ضجيجهم إلا أنهم قلة قليلة. والثورة في يدها السلطات والقوانين والموارد وتجربة سيئة للغاية للنظام البائد وظروف دولية مساندة وقبل كل ذلك أحلام ودعوات غالب الشعب السعيد بزوال الظلم بنصر الثوار. بينما يملك أعداء الثورة بعض المال والكثير من الوعود المعسولة. وإن كانت الثورة تملك كل شيئ بعد أيلولة كل السلطات والموارد والقوانين والإعلام ومساندة المجتمع الدولي فما الذي ينقص لكي تتسارع خطوات التنمية في السودان؟<br>
أعتقد ان ما ينقص بعض قادتنا هو الثقة العالية بقدرات الثوار والإيمان العميق بأحلام الشعب المشروعة. لا يبدو أن بعض المسؤولين يقدرون عظمة ما لديهم. بعضهم لا يدرك ضخامة التفويض الممنوح لهم وإتساع صلاحيات مناصبهم. إن قوة التفويض ومرونة الصلاحيات تشملان كل ما من شأنه تصحيح الاوضاع الخاطئة التي أوجدها النظام السابق ووضع الأسس الصحيحة لحكم راشد وتنمية مستدامة. اذا لم يفهم البعض ذلك فعليه مراجعة القواميس لفهم كلمة ثورة.