الإسلام ليس هو الحل

الإسلام ليس هو الحل
نجم الدين جميل الله

الاسلام : دين حنيف له مكانة خاصة من دون الاديان باعتباره اخر رسالة من رب الناس إلى عباده المستخلفين في الارض , يدعو لعبادة الله الواحد الاحد ويرشد علاقة الانسان بخالقه و يرسم الخطوط بين ما هو دنيوى و ما هو اخروى فى سرد دقيق , مبرهن باخبار الامم السابقه و مثبت باحداث الحياة اليومية . نؤمن بها انها رسالة ربانية سامية المكانه , كاملة المحتوى , واضحة الاهداف
نؤمن بالاسلام لانه دين سماوى يدعو للخير و نبذ الرذيلة و الشر , نؤمن بها لانها رسالة ترك للانسان الخياران
” و قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر إنا اعتدنا للظالمين نارا احاط بهم سرادقها و إن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه بئس الشراب و ساءت مرتفقا ” إن الذين امنوا و عملوا الصالحات إنا لا نضيع اجر من احسن عملا ” و صدق رب العباد فى كلمته حين بين مصير كل طرف من الاثنين ..و من العدل ان يستحق كل منهما جزاءه .و بذلك يرتبط الاسلام بالعدالة التامه امام محكمة الرب و ميزان الشر و الخير … يومها لا احد ينفعه شئ غير اعماله …
و من هنا ياتى الرفض الضمنى لفكرة مساواة الرسالة الربانية بافكار و نظريات عباده , فلا يعقل ان نطرح الاسلام فى مجاراة نظريات الساسة و الفلاسفة , حينها نكون قد عرضنا رسالة الرب للاهانة و قللنا من مكانته و الذين يرفعون شعار الاسلام هو الحل فى مختلف ميادين العمل السياسي ,إنما يعرضون الاسلام للاهانة بجهل منهم او تعمدا احيانا , فكيف لاحد ان يطرح الاسلام كنظرية دنيوية بحته يهتم بحياة الانسان و يجهل ان الاسلام يهتم بخاتمة الانسان و اخرته اكثر من اهتمامه بالحياة , فبالنسبة للاسلام يعتبر الحياة مجرد مرحلة يمتحن فيها العبد و يختبر فى إيمانه . “و اضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء انزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض فاصبح هشيما تذروه الرياح و كان الله على كل شئ مقتدرا” هكذا نظرة الاسلام للحياة الدنيا
اما النظريات الدنيويه فتعتبر الحياة مكانا دائما لانتشار فكرتها و نمو تطبيقاتها حتى تصل مرحلة الاذدهار فى حين ان رسالة الله انزلت من يومها ليعم الارض
النظريات الدنيويه عرضة للتغيير و التحريف فى حين يقابلها رسالة الله الثابته و المحفوظة من التحريف
فطرح الاسلام كنظرية سياسية يقلل من مكانته , اما مقارنته فى إطار التطبيق مع النظريات البشريه تعتبر إهانة كبرى للإسلام , الاسلام ليست نظرية سياسية حتى يكون احزاب باسمه و يسمى دول بها , و يلقب بها بعض السياسيون , فالقاب مثل الأسلاميين و دولة إسلامية و احزاب إسلامية اضرت بالاسلام اكثر , و وضعتها فى مقارنة مباشرة مع الافكار البشرية , فالبسطاء قارنوا بين الاسلاميين و الشيوعيون , الاسلاميين و الاشتراكيين , الاسلاميين و العلمانيين , الاسلاميين و الديمقراطيين و الاسلاميين و الجمهوريين و غيرها من النظريات البشرية و فى سياق مقارنه اصل الفكرة بالفكرة المضادة قاس الجاهلون الاسلام بالشيوعية , الاسلام بالعلمانية , الاسلام بالديمقراطية و غيرها من الافكار , متجاهلين ان الاسلام رسالة ربانية شاملة يخص الجميع و افكارهم يخصهم فقط
و متجاهلين ان الاسلام رسالة خالق يتصف بالكمال و باقى النظريات عبارة عن قطرفات منظرين نالوا قدرا من الاهتمام لكنهم يتصفون بكل صفات النقص و الجهل
و يتفق دعاة الاسلام هو الحل مع الملحدين فى ان كليهما ينظر للاسلام كنظرية دنيوية يطبق لتحقيق الغايات الانسانية فى حين ان الاسلام رسالة اسمى من ذلك و يمتد اكثر حتى تصل مرحلة ” إن الدين عند الله هو الاسلام ”
و يجهل كلاهما ان الاسلام رسالة جامعة للافكار يجمع بداخله نماذج الالحاد و يضرب لها الامثال فى الذين قالوا لا نؤمن حتى نرى الله جهارة و يتناول ممارسة الديمقراطية فى حياة البشرو يكفل حرية الفرد حتى فى الايمان بالله او الكفر به , و يضرب اروع امثال الاشتراكية حين خصص من مال الاغنياء نصيبا للفقراء و اطلق حرية البشر فى التفكر و الابتكار حينما مدح اولى الالباب
هكذا الاسلام يشمل كل الافكار الجزئية لانها رسالة شاملة و مقارنتها او عرضها للتنافس مع الافكار البشرية لهى من كبائر الاهانات للرب و رسالته
يجب ان نحترم الاسلام كدين سماوى يهتم بالعلاقة بين الرب و عباده و ان هذه العلاقة لا تقبل الوسيط , فلا الدولة مسئولة عن إيمان البشر , ولا رجال الدين يتوسطون لكى يتوب الله لنا , لانهم لا يسألون يوم القيامة عنا ..
اما فى الدولة فهنالك من يؤمن بالرب و هنالك من يكفر به , و بينهما المنافقون و الوثنيون , هذا إن وضعنا فى الاعتبار كل الموجودات على الارض دون حدود صناعية ابتكرها البشر , فلابد من إيجاد نظام يتماشى مع تصرفات كل هؤلاء , و يحافظ على كرامتهم و حقوقهم , كما يحافظ على إنسياب الحياة بشكل سلس مصتحبا معه اختلافات الثقافة و الراى و الاعتقاد للقاطنين فى ارض الله الفانية
اما ان ننادى بالاسلام هو الحل , فهنا ندعوا لاسلمة كل من على وجه الارض , وهذا مستحيل لان الله تعالى اراد ان يبقى الشر بجانب الخير و الكفر بجانب الايمان حتى يوم يبعثون و قد بين فى قوله ” لو اراد ربك لامن من فى الارض جميعا ” نعم إنه قادر على ذلك لكنه قدر ان يسير الحياة كهذه
و كل من يشك فى قولنا عليه مراجعة قصة سيدنا نوح حين امره الله بان ياخذ معه الذين امنوا فقط و جوزين من كل شئ , لم يبقى بعد ذلك من يكفر بالله , ثم خرج من اصلاب المؤمنين الذين نجوا مع نوح الد اعداء الله امثال ابى لهب و ابى جهل و غيرهم , و سر عدم تحقق الايمان الكامل للبشر هو ان الكمال من صفات الله فقط
و لان الله يعلم ان البعض سوف لن يؤمن به انزل فى كتابه ايات مرشدات للتعامل مع اهل الكتاب و المشركين و غيرهم اى ان عمومية الاسلام التى يدعو له بعض المنظرين مستحيلة بعلم مسبق من الله .
إذا يجب ان لا ندخل ديننا فى مستنقع المقارنة مع الافكار البشرية , بل يجب علينا التعامل مع الافكار البشرية فى حدها البشرى و نقوم بمقارنتها بالافكار البشرية المماثلة لها , فالدين لله و السياسة للدنيا و لنا فى الدنيا مئات بل ملايين الاحزاب اما فى الدين فلدينا حزبين , حزب الله و حزب الشيطان
فالاسلام ليس حلا للمشاكل البشرية البسيطة بل هى رسالة سامية ترسم العلاقة بين الربانية و العبودية و بذلك هى ارفع من ان تختزل فى إطار علاقة العبد باخيه العبد

و السلام على من اتبع الهدى.

تعليق واحد

  1. استاذي الجليل :
    لك التحية و انت تعلمنا من جديد ,, ديننا الحنيف تعرض للاهانة بسبب الذين سموا انفسهم اسلاميون من دون المسلمين ,,, و لك اجر الاجتهاد على اقل تقدير

    سلامي

  2. شكرا علي المقال الذي بذلت فيه مجهود مقدر وواضح. فقط نرجو من الاستاذ كاتب المقال الا يختم بعبارة السلام علي من اتبع الهدي لانها كانت تكتب لامراء النصاري او غير المسلمين و استبدالها بعبارة السلام عليكم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..