أخبار السودان

استراتيجية (الهوشة)

أسماء محمد جمعة

ليست هناك حكومة في العالم مُتهوِّرة ومُتسرِّعة في قراراتها وتنفذ برامجها ومشاريعها بلا خطة ولا رؤية مستقبلية ولا هدف إلاّ حكومة السودان هذه، كل شيء تريده لحظياً وتتوقّع له النجاح ولكنها تتحصّل على نتيجة أكثر سُوءاً ودماراً، ورغم ذلك لا تتعظ، 28 سنة وهي بهذا الحال، المُؤسف أنها ما زالت تصر على هذا النهج حتى هذه اللحظة، وكَم من مَشروعٍ الآن يُعلن عن فشله قبل أن يبدأ أو في بداياته الأولى وأمامنا جمع السلاح الذي يبدو واضحاً أنها اتخذت القرار دون أن تناقشه حتى مع نفسها، فقد تعوّدت على استراتيجية (الهوشة).

نتّفق جميعاً أن انتشار السلاح في دارفور كان سبباً في عدم استقرارها، ولا أحد يرفض اختفاءه من دارفور تماماً، ولكن كيف يتم ذلك حتى لا ينتشر مرةً أخرى؟ فالسلاح في دارفور لم تمطره السماء ولم يزرعه المزارعون ولم يسعه الرعاة، وقبل وصول المؤتمر الوطني للحكم كلهم كانوا يعيشون حياة هادئة ومُتناغمة من غير سلاح بالرغم من وجود حروبات في دول الجوار من كل النواحي، لدرجة أن دارفور كانت سوقاً للسلاح ولكنه يعبر دون أن يستخدمه المواطنون إلا في عهد هذه الحكومة، ومثلما انتشر السلاح يمكن أن يختفي حتى من غير إعلان عن جمعه وكان الأوفق أن يكون البرنامج هدفه القضاء على انتشار السلاح وليس جمعه وهناك فرق كبير بين الإثنين، لأنه ما دامت أسباب انتشاره موجودة، لن يفيد جمعه وربما يؤدي إلى مشاكل كثيرة أكبر من السلاح نفسه.

يوم الجمعة الماضي، والي جنوب دارفور آدم الفكي، وجّه الإدارات الأهلية بالولاية بتسليم أسماء اللصوص والمتفلتين للأجهزة الأمنية للقبض عليهم، ومنع الفزع الأهلي في حَالة السَّرقات ووعد بتطبيق قرار جمع السِّلاح بصرامة وقوة، وإنه قد تَمّ منح القوات المشتركة سلطة مطلقة في التعامل مع من يُقاوم عملية جمع السلاح، وأن الحكومة مَاضية في جمعه حتى تخلو منه الولاية خلال شهرين، هذه التصريحات المليئة بالتحدي ستواجه بنفس التحدي، كما أن الوالي يضع الإدارات الأهلية في موقف صعب بتوجيهه هذا وسيُكلِّف القبائل الكثير من عدم الاستقرار، أما فيما يتعلق بالفزع فهو يضع الحكومة في امتحان عسير أرجو أن تكون مستعدة له، ما تكون (هوشة) على الفاضي.

والي الولاية الأكثر امتلاكاً للسلاح واستخداماً له وسبب القرار نفسه شرق دارفور أنس عمر، قال في حديثه لبرنامج مؤتمر إذاعي إن مواطني الولاية يمتلكون أسلحة مضادة للطيران وراجمات ودوشكات وهاون، مثل هؤلاء المُواطنين كيف يقبلون تسليم سلاحهم هذا دون أي مقابل؟، هم يمكنهم التخلص منه إذا فرضت الدولة هيبتها وانتشر الأمان لأنه سيصبح بلا قيمة.

السلاح الذي دخل دارفور خلال السنوات الماضية سواء نتيجة حرب الحكومة مع الحركات أو عبر دول الجوار لن تتمكّن الحكومة من جمعه لأنها قررت ذلك اليوم بمزاجها وبعد 15 سنة من حروب وصراعات هي من هيأت لها المناخ، وسنين أكثر من ذلك عاشتها المنطقة في ظل اللا دولة واللا حكومة، فجمع السلاح لن يثمر عافية وصحة على دارفور مهما تنمرت الحكومة على المواطن وغابت الدولة، وكان يجب عليها أن تهيئ المناخ ليتخلّص منه المُواطنون من خلال الاستغناء عنه لعدم الحاجة إليه، فالذي يمنع انتشار السلاح هو الإحساس بالأمان بمعناه العريض وليس رغبة الحكومة المصحوبة بعدم رؤية، فمتى تتعلم الحكومة أن تنفيذ المشاريع برؤى وأهداف وتأنٍ ومن غير (هوشة) هو الطريق الأقصر لاستقرار المُواطنين؟.

التيار

تعليق واحد

  1. استاذه اسماء كم مره طلبت الحكومه تسليم الاسلحه الموجوده بالتي هي احسن ولكن لا حياه لمن تنادي فلابد من القوه. وبعد خلو الولايات الغربيه من التمرد. فلابد ان يكون السلاح عند القوات النظاميه فقط.وحفظ الامن مسئولية هذه القوات ليس بيد الاداره الاهليه او بقيام الفزع عند حدوث السرقات والنعرات القبليه حتى يسنتب الامن ويعم السلام ف كل البلاد وليس دارفور وحدها.

  2. استاذه اسماء كم مره طلبت الحكومه تسليم الاسلحه الموجوده بالتي هي احسن ولكن لا حياه لمن تنادي فلابد من القوه. وبعد خلو الولايات الغربيه من التمرد. فلابد ان يكون السلاح عند القوات النظاميه فقط.وحفظ الامن مسئولية هذه القوات ليس بيد الاداره الاهليه او بقيام الفزع عند حدوث السرقات والنعرات القبليه حتى يسنتب الامن ويعم السلام ف كل البلاد وليس دارفور وحدها.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..