المرتد ( صاحب ) الرسول ؟؟؟

1-أكثر المرتدين كانوا في عهد النبي محمد (ص) , وارتد بعض الصحابة , ومنهم كتاب للوحي , ومنهم من أقارب النبي الذين فروا بدينهم إلى الحبشة , ولم تسجل حالة واحدة لتطبيق حد ( الردة ) في عهد الرسول ( ص) مع امتلاء مدينته بالمنافقين والمندسين والحاقدين , ولم يكن الرسول يغضب ويتوعد ويتهدد الخارجين عن رسالته ونبوته بل كان وبنص القرآن الكريم يحزن ويأسف ” يأيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا .. ” والمحزون أبدا لا يأتي بنطع الدم ولن تكون كلمته الأخيرة هي كلمة السياف , وقاضي الإعدام .
2-لا يوجد في القرآن كله ما يؤيد حد ( الردة ) بل لا توجد هذه العبارة إطلاقا في القرآن , وكلما ذكرت كلمة ( حد ) أو ( حدود ) فلا يتجاوز معناها التشريع الرباني والأوامر الإلهية ونجرت هذه العبارة وهذبت تهذيبا فقهيا وسلطانيا في العصر العباسي وهو عصر الفتن والصراع المذهبي وفيه استحدثت العقوبات الآتية .
أ. عقوبة شرب الخمر .
ب. حد الردة .
ج. ترك الصلاة .
ولا يؤيد حد الردة إلا حديثان من أحاديث الآحاد وهي الأحاديث ذات الشك والريبة , وهي الأحاديث التي يحسن الابتعاد عنها , وتركها , لأنها تفيد الظن , وليس اليقين , وهي الأحاديث التي نتجت حينما ( دين ) الناس التراث , وجعلوه مقدسا , فما أسهل تقديس وتديين عصر من العصور خاصة ( العصر العباسي ) الذي كان نسبيا قريبا من العهد النبوي , واعتلى فيه سدة السلطة فروع من البيت النبوي الشريف بعد دهور وآلام وانتظار وكوارث حاقت بآل البيت وبالهاشميين عامة ومن يشايعهم . فإذا شكك في هذه الأحاديث الأئمة الكبار أمثال الإمام أبو حنيفة الذي كان لا يعتد بالأحاديث وينظر إليها بعين الشك والريبة فكيف نؤمن بها نحن ونحن نمتلك أدوات البحث والدراسة والفحص وأدوات الإثبات والنفي والإنكار ؟.
3-يقوم حد ( الردة ) المفترى عليه على حديثين من أحاديث الآحاد ” من بدل دينه فاقتلوه ” وهذا نقده العلماء في العصر الحديث والقديم من وجوه كثيرة لا سيما وجهه التاريخي إلى جانب وضعه وهو في صحيح البخاري , وحديث ” لا يحل دم المسلم إلا بثلاث : قتل النفس , والثيب الزاني . والمفارق لدينه .. ” وهو في صحيح مسلم ولا يوجد قتل في القرآن إلا قصاصا حيث لم يعثر باحث واحد على أثر لعقوبة الرجم في القرآن ولا لمفارقة الدين . ولم يكن الناس في تلك الأزمان يتجرؤون على وضع الآيات وزيادتها , واستعاضوا عن ذلك بالتفسير والتأويل وملأ الفجوات بالمعاني , وساعدهم على ذلك أن القرآن حمال أوجه فلذلك كانت كتب التفاسير في كل ملة إسلامية أكثر من كتب الأحاديث وهي في معظمها موضوع ومختلق . والأحاديث الموضوعة نوع من التفسير أو ( الحيود ) حسب حاجة العصر أو حسب ما أسماه دكتور محمد محمود بالوعي المعاكس . وبهذا الوعي استبدل الناس القرآن الذي أصبح مهجورا بالتراث بعد تدجينه وإخضاعه وكسر حرية وحدة عقله وصبغه بالصبغة الدينية وصنعوا من ثم بعض العقوبات الجديدة حسب حاجة البقاء في الحكم والحفاظ على هيبة الخليفة ومن التراث المتدين صنعوا حد الردة وغيره من العقوبات , ولما كان من المستحيل زيادة آية كاملة أو كلمة في القرآن ظهرت الأحاديث المسماة بالآحاد . وغيرها التي فاقمت من عزلة كتاب الله الكريم .. وجعلت النبي قوق الله .
4-انهار حد ( الردة ) في عصرنا مباشرة بعد انهيار الدولة العثمانية الإسلامية في تركيا التي احتاجت في امبراطورية مترامية الأطراف لعقوبات صارمة وعنيفة وضاق المدى على حد ( الردة ) بعد ظهور الدول الوطنية ذات المساحات المحدودة وتطبيق نظم الإدارة والحكم الحديثين ولم يظهر مرة أخرى إلا في الدول المتأرجحة التي تنتهج التجريب ولا تثبت على حال واحدة من التطور والمناهج وكان ظهوره مرة أخرى نتيجة لتنافس الأحزاب الأيدلوجية المتنافرة على الحكم في بعض الدول المأزومة كالسودان كمظهر من مظاهر الأيدلويجيا التي تميز حزب عن آخر . وكمظهر من مظاهر العداء والسلطوية والاستبداد والتخويف ومن مظاهر انهياره الواضحة في السودان أن حد الردة وضعه الفقهاء والخلفاء لمطاردة أعدائهم من السياسيين أصحاب المذاهب ودعاة الخلافة التاريخية وفرق المتصوفة التي تكاثرت وكادت تبتلع الحكم ولكنه الآن يطارد به في السودان فقط النساء ويطارد به المتزوجون ولذلك يأتي هذا الحد في أكثر مظاهره عبثا وإضحاكا متلازما مع الزنا , فالمرتد لابد أن يكون زانيا يحكم عليه بالجلد مع أنه قد حكم عليه من قبل بالإعدام ,فأنت في السودان لن تكون مرتدا إلا أذا كنت زانيا , ولن تكون مرتدا إلا إذا كان معك بعض الأطفال الذين يتابعون ردتك في السجون والمقاصل , وبهذا تكون الردة موجهة للنساء دون الرجال وللأزواج دون المفكرين وللزناة دون الكتاب والمصلحين والمجددين . بل إن المسيحي الزوج ( الرجل ) يكون في داره هانئا مطمئنا يشاهد التلفزيون بينما الزوجة ( المرأة ) تواجه السجون والسجانين والمحاكم وسوء السمعة بل تواجه إعدام الردة وخوفها وهلاوسها والقضاة الذين يدخلون عليها بليل ونهار يمنونها بأنها لو تابت فلا إعدام ولا يحزنون .
5- الرسول لم يقم حد ( الردة ) على أحد من المنافقين بل لم يعزلهم , وقد نزل القرآن الكريم يحكم ( بكفرهم ) . ولم يكونوا كفارا وحسب بل كانوا يعيبون في ( الذات ) الإلهية . قالت اليهود ” إن الله فقير ونحن أغنياء ” و ” يد الله مغلولة ” وتحدث المشركون عن أن الملائكة بنات الله , فكان الرد عليهم فكريا ومناجزة , وليس عقوبة و (حدا ) , وسخروا من القرآن ولغوا فيه وتنادوا على حديث ( الإفك ) واتهموا الرسول في بيته وعرضه فلم يستغل الدين , ولم ينزل الله عليه حد ( الردة ) وهو أحوج ما يكون إليه في ساعات حزنه وغضبه وسمعته الشريفة تسير بها ركبان الأعراب في البادية . بل منع الرسول ( ص ) بصرامة قتل المنافق وهو أعلى حالات الردة وأخطرها . فجاء كما ورد عمر بن الخطاب إلى النبي يسـتأذنه في قتل عبد الله بن أبي سلول كبير المنافقين فأبي النبي وقال كلمته التي تعادل السماء والأرض وزنا وقيمة ” لا تفعل . حتى لا يقول الناس إن محمد ا يقتل أصحابه . ” ومن هنا نستنتج أن المنافق صحابي وأن المرتد صحابي . فكيف يكون من يؤذي الرسول في دعوته ويهدد حياته وحياة أصحابه صحابيا بينما يكون من ارتد عندنا في العصر الحديث ممن يحق عليهم الكفر والنطع والسيف ؟ أليس المرتد عندنا أيضا من أصحاب الرسول ( ص ) ؟ , ولكن لماذا نظر الرسول إلى المرتد كصحابي ؟ وهذا ما يمكن أن نعود إليه مرة أخرى ..
6-أجل القرآن الحكم على المرتد إلى يوم القيامة في آيات كثيرة لأن الإيمان بالله حق من حقوقه كالغفران ودخول الجنة والنار , فالله هو المتفرد في ا لحكم على العقائد والضمائر والقلوب , والله هو الذي يحكم بالكفر والإيمان لأنه الأعلم بالقلوب وحتى النبي لا يملك أن يحكم بالكفر على أحد من الناس وكان يشدد على أصحابه في هذا الشأن . فكل من يحاول محاكمة مرتد في الدنيا إنما يحاول صناعة قيامة جديدة غير الموعودة وهذا هو الكهنوت بجسده وروحه .

[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. مين يقرأ ومين يفهم الناس ديل مركبين غلط يا باشا كلامك صحيح تاريخيا اعدامين فقط للردة حسب علمي الحلاج ومحمود محمد طه والان البنت مريم

  2. لاتفتي بدون علم من قال ان حديث الاحاد لايؤخذ بة تنظير وبس اتق الله اتق يوم تشخص فية الابصار ويوم يعض الظالم علي يديه ويقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا- سوف تندم حيث لاينفع الندم لاتنظر في الدين بدون علم

  3. طالما تحدثنا استاذي خالد عن حريه الاعتقاد وان الانسان عليه ان يختار دينه او معتقده كيف يشاء وفي نهايه الامر ان المحاسب رب العالمين لاننا لاندري من الذي يدخل الجنه اوالنار ولكن في عهد صحابه الانقاذ اصبح الاسلام كانما انزل عليهم هم
    ومشكله الاسلاميين عموما لايقراون التاريخ وماهو سبب انهيار كل الخلافات الاسلاميه وهذا ليس عيبا في الاسلام ولكن هو تفكير الاسلامين عموما بالفكر الواحد ودائما الشيوخ هم المشرعين لي السلطان بما يتوافق مع فكره وبقائهم هم

    شكرا استاذي خالد
    عادل جورج سوداني مقيم بايطاليا

  4. الله يهديك يا خالد لانو مقالك فيهو ريحة تشيع ( من شيعي ) ،، تمجيدك للعصر العباسي و تشبيهه بالنبوي بالاضافة للتركيز في النفاق و الردة و نسبهما للصحابة،، و الادهى استنكار احاديث صحيحة وردت في صحيح البخاري او مسلم ،،

  5. ادلة حد الردة من القران .
    1- قال تعالى { وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } ( 217 سورة البقرة ) .
    الفاء فى (فَيَمُتْ ) هى فاء التعقيب و تعنى ان الردة يعقبها موت وجوبى و لمزيد من الشرح اللغوى يرجى متابعة الرابط :
    http://fiqh.islammessage.com/NewsDetails.aspx?id=5126
    و ستجد فيه شرط ان يكون ذلك خلال ثلاثة ايام و ان زاد فلا يصح التعقيب و يكون استخدام ( ثم ) هو الانسب لانها تفيد التراخى و عليه فهذه الثلاثة ايام هى ايام الاستتابة و التعبير اللغوى دقيق جدا .
    2- قوله تعالى (وَهُوَ كَافِرٌ ) فى نفس الاية السابقة فهو وصف حاله بعد ردته و هو ما يستوجب القتل ايضا عملا بقوله تعالى { فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } ( النساء 5 )
    3- قوله تعالى { وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُواْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْرًا لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ } التوبة الآية 74.
    فالمرتد له عذاب فى الدنيا فكيف يكون هذا العذاب ؟ من القران ايضا قوله تعالى { قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ } ( التوبة 9 ) .
    نعم يعذب الله الكافرين بايدى المؤمنين بقتلهم و خزيهم .
    4- قال تعالى { وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ۙ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ (12) أَلَا تُقَاتِلُونَ قَوْمًا نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْرَاجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ ۚ أَتَخْشَوْنَهُمْ ۚ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (13) } ( التوبة ) .
    و المعنى صريح لا يحتاج الى شرح .
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..