السريرة الصوفي .. المعلمة التي صممت علم السودان..اختارت للعلم ثلاثة ألوان مازجت بين النيل والغابة والصحراء فحسمت جدلية الهوية

قالت لوزير المعارف أُمنيتي أن أرى السودان يحكمه سوداني

كتبت السريرة قصيدة «يا وطني العزيز الليلة تم جلاؤك»

السريرة مكي الصوفي ولدت في أم درمان عام 8291، كان يمكن لها أن تكون معلمة مثل سائر معلمات بلادي، ولكن أرادت لنفسها أن تكتب في سير الوطنيين الخالدين فخلدت نفسها أكثر من مرة.. مرة حين قالت أمام وزير المعارف الإنجليزي وهي معلمة منسوبة إلى إحدى المدارس التي يديرها الوزير:
«أمنيتي أن أرى الحاكم سودانياً وأن يتمتع بلدي بحكم ذاتي».
ومرة حين صممت علم السودان بعد أن سمعت بإعلان الإستقلال بواسطة الزعيم الأزهري من داخل البرلمان.

٭ إعلان الاستقلال من البرلمان
في يوم 91ديسمبر 5591م فوجئ العالم بإعلان البرلمان استقلال السوداني من داخله.. حيث رفع النائب البرلماني عن دائرة ريفي البقارة بجنوب دارفور يده وطلب الفرصة من رئيس البرلمان وقدم الاقتراح التالي «نحن أعضاء مجلس النواب نعلن باسم الشعب «أن السودان أصبح دولة حُرة مستقلة كاملة السيادة «وقد تمت تثنية الاقتراح بواسطة النائب البرلماني الناظر جمعة سهل من دائرة المزروب ريفي أُم روابة الغربية وبذلك نال السودان استقلاله من داخل البرلمان في ذلك اليوم ليتم الإعلان الرسمي للاستقلال في الأول من يناير عام 6591م.

٭ قصة تصميم العلم:
المعلمة السريرة مكي الصوفي مصممة العلم تتمتع بمزايا استنارية ومتحلية بوعي مبكر فوالدها قاضٍ بالمحكمة الشرعية ووالدتها من أوائل البنات اللاتي نلن حظهن في ثورة تعليم البنات التي قادها الشيخ بابكر بدري.
السريرة كانت تعمل في المدارس السودانية معلمة للجغرافيا الطبيعية وتتمتع بحس وطني عالي وذوق فني راق وما أن سمعت بإعلان الاستقلال من داخل البرلمان إلا وصممت بدقة متناهية وبالسرعة المطلوبة علماً للسودان ليؤكد سيادته وحريته واستقلاله.

٭ العلم وجدل الهوية:
صممت السريرة العلم بألوانه الثلاثة حيث يرمز اللون الأزرق إلى النيل العظيم الذي يشق أرض السودان من جنوبها ـ آهـ من جنوب السودان الذي ضاع بسبب الانفصال ـ إلى شمالها واللون الأخضر الذي يرمز إلى الغابة والخُضرة والجمال الذي يكسو أرض السودان ويشير إلى مواردها الطبيعية المخضرة واللون الأصفر الذي يرمز إلى الصحراء والتي تعدّ جزءًا أصيلاً من السودان من حيث قاطنيها ودورهم في الاقتصاد الوطني حيث يقومون بمهنة الرعي..
والعلم الذي صممته المعلمة السريرة الصوفي كأنها أرادت به أن تحسم الهوية السودانية التي تزاوج بين أفريقيا والعرب عبر رابط النيل الذي جمع بين الغابة والصحراء.
ولعلّ السريرة تكون قد أوحت إلى مجموعة المثقفين السودانيين في مطلع عقد الستينيات الذين طرحوا «الغابة والصحراء» لحسم جدل الهوية السودانية التي تستمد قوتها بتحالف الغابة والصحراء وليس تنافرها.

٭ وطنية السريرة:
القريبون من المعلمة السريرة رووا عنها روايات كثيرة كلها تدل على صدقها في وطنيتها التي تشربتها من أسرتها التي سكنها الوعي والتعليم والاستنارة منذ سنوات طويلة..
فقد تمنت أن يتحقق للسودان استقلاله ونيل حريته وقد جاهرت بأُمنيتها هذه أمام وزيرها المباشر حين خاطبته بعبارتها التي أوردتها في مقدمة هذه المادة..
السريرة كتبت قصيدة مهمة ومعبرة تؤكد صدق وطنيتها نادت فيها بجلاء القوات الاستعمارية وعنوان القصيدة «يا وطني العزيز تم جلاؤك»

٭ السريرة في سجل الأوائل:
وتبقى الأستاذة السريرة الصوفي معلمة الجُغرافيا الطبيعية في ذاكرة أهل السودان وفي سجل «نساء كُن الأوائل» حيث صنعت «علم السودان» الذي رفعه الزعيمان إسماعيل الأزهري ومحمد أحمد المحجوب إيذاناً بإعلان استقلال السودان حيث أنزلا العلمين البريطاني والمصري معلنين أن السودان أصبح دولة مستقلة ذات سيادة ومعترف بها من قبل الأمم المتحدة في 1/1/6591م.

الوطن

تعليق واحد

  1. علم السودان الأول صممه الأستاز الجليل صالح سليمان رئيس شعبة الفنون بمعهد التربية بخت الرضا
    وقدم له خطاب شكر من وزارة الداخلية في ذلك الوقت وهو من قرية الوحدة جنوب مدنى وموجود الآن وعمره اقترب من التسعين عاما.وهذا يوضح عدم اهتمام الاعلام برموز التعليم في الزمن الجميل وخاصة من خارج العاصمة.والأستاز مؤلف مقررات الفنون في المدارس عندما كانت الفنون تدرس في المدارس .وهو خريج اول دفعة في كلية الفنون المعهد الفنى ودرس بعدها في برطانياالتربية الفنية.

  2. هذا العلم لا يمثل السودان,
    هو عبارة عن مركب نقص تجاه هويتنا الافريقية التي ننكرها و نتبرأ منها في حين يتبرأ منا العرب و تلفظنا افريقيا بسبب حاله “اللاهوية” المزمنة التي يعاني منها السودان.

  3. الشكر الجزيل على المداخلة وفيما يخص العلم فان العلم الأول هو المعنى لأن خطاب الشكر الذى تسلمه الاستاذ صالح فى العام 1956 بعد تكوين الحكومة وعلى ما اعتقد بتوقيع سرالختم الخليفة وتصميم العلم تم في اواخر1955
    وكان قد تم اعلان فى الجريدة لهذا الغرض ووقتها الاستاذ قادما من جنوب السودان مريدي تحديداوذلك بعد التمرد الأول عام1955 راجعا الى بخت الرضاحيث كان منتدبا للتدريس هنالك.ولمن يعرف الأستاذ فهوزاهد عن الاعلام ويزكر لك هذا الحدث بتواضع المعلمين من ذلك الزمن.انا موجود خارج البلاد ارجو من المهتمين محاولة توثيق هذا الامر بمناسة اعياد الاستقلال واجراء حوار معه للادلاء بالكثير.

  4. ياااااااحليلك عمتى السريرة اشتقنا ليك واشتقنا ليمحنتك والله صورتك رجعتنى ليزمنا الجميل العشناه معا زمن الآباء والأجداد رحمهم الله جميعا وجعلهم من أصحاب اليمين … الله يديك الصحة والعافية ونلتقى قريبا فى سوداننا الحبيب باذن الله .

  5. الحقيقة هي ما ذكره الأخ محمد

    فالأستاذ صالح سليمان من أوائل من تخرجوا من كلية الفنون الجميلة (كلية غردون التذكارية)، وأذكر من دفعته في الكليات الأخرى د. محمد خير عثمان وزير التربية والتعليم في عهد مايو وعبد الوهاب موسى أول وكيل لوزارة الصناعة وفتح الرحمن البشير رحمهم الله. وهو رجل زاهد عن الاعلام والشهرة وقد كرس جل حياته في تدريب وتأهيل المعلمين من خلال معاهد التربية حيث بدأها في بخت الرضا ثم مريدي م شندي ثم بخت الرضا مرة أخرى ثم عميدا لمعهد التربية دنقلا عنما تم تأسيسه في الدويم ثم بخت الرضا للمرة الثالثة وتقاعد عام 1982. وقد تخلل هذه الفترات دراسة فوق الجامعية في مدينة بورموث جنوب انجلترا لمدة سنتين وانتداب للملكة العربية السعودية لمدة أربع سنوات.

    أما قصة العلم فقد كانت إعلانا في صحيفة عن مسابقة لتصميم العلم وذلك عقب عودته من مريدي بعد أحداث التمرد عام 1955. وقد قرأت الرسالة المذكورة بنفسي قبل حوالي 45 سنة وأأمل أن تكون موجودة. ولا أذكر من الذي وقع الرسالة.

    صالح سليمان هو مؤسس مدرسة الخرطوم للرسم ولكن الشهرة الأعلامية ذهبت للاحقين في المدرسة.

    سوف أحاول البحث عن الرسالة وبعض أعماله الفنية.
    وبامكان الأخ محمد والأخ أبو أحمد مراسلتي.

    [email protected]

  6. لو الحكاية بالبساطة دي ما كان دا حالنا والطريق الى الجحيم معبد بالنوايا الحسنة مدرسة الغابة والصحراء كانت التفاف عمق أزمة الهوية بدل تفكيكا ولم تستطع تقديم اجابة شافية للسؤال اللعين

  7. الموضوع أدناه كتبه د. الشفيع بشير أستاذ بكلية الفنون الجميلة والتطبيقية بصفحته بالفيس بوك

    … (( تم تكريم الأستاذة السريرة مكي الصوفي كمصممة لعلم الاستقلال بواسطة الرئيس عمر البشير في القصر الجمهوري يوم 1 يناير 2014م ، والحقيقة صممه بروف حسن الهادي رحمه الله، وحتى ويكيبيديا للأسف ذكرت هذه المعلومة الخاطئة، باعتبار أن الأستاذة اختارت الألوان الثلاث (وهذا من وظائف المصمم) في حين أنها قامت (مقدرة) بتنفيذه على ماكينة الخياطة كمختصة في التأهيل النسوي. كان دورها رمزياً وعظيماً تستحق عليه التكريم بلا شك، ولكن يجب أن يرد الحق لأهله وأن تسمى الأشياء بمسمياتها هذا ما يقتضيه الوعي طبع

    كنت في سنة 87م سكرتير ثقافي لطلاب كلية الفنون، ورأينا أن نحتفل بذكرى الاستقلال (الـ31) واقترحت ضمن ذلك عمل معرض في ساحة الخزف وبالفعل كلفنا ومجموعة من الزملاء برسم بورتريهات لرموز الاستقلال وعرضنا الأعمال تلك حول نجيلة الخزف، وكان الرسم والتلوين بديعاً، وأذكر أن الجماعة لونوا البورترهات بباقي مزاج الرحلات حيث قدمنا قبل أيام من رحلة جبال الأنقسنا، وأثناء العرض كان وردي يصدح بالميكرفون بنشيد الاستقلال وأغنيات وطنية أخري، ومن ضمن المشاهدين مر بنا بروف «حسن الهادي»، فتأمل البورترهات بتمعن وكنت حريصا على سماع رأيه في الأعمال، والحقيقة أعجبته جداً، ولما جاء أمام بورتريه الأستاذ مبارك زروق (أذكر رسمه الزميل جلال محمدين) توقف طويلاً، وقال لي بزهو وفخر واضح: هل تعلم انو مبارك زروق دة قريبي؟ وهو الذي طلب مني تكليف ناس الكلية بعمل تصميم للعلم، فأبلغتهم، ولما كان التكتيك والمباغتة جزء من فكرة الاستقلال من الناحية السياسية قبل زروق أول اقتراح قدم له مني وتدارسه معي، ثم عرضه كمقترح في البرلمان.)) أنا مسؤل عن هذا للتاريخ

    هذا الموضوع تحت الرابط
    https://www.facebook.com/WWW.oshaGALZAEEM#!/elshafia/posts/342783349196525?comment_id=270148845&notif_t=like

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..