قرار “حمدوك” حول لجنة التحقيق يقوده لداخل عرين “الحبر”

الخرطوم: الراكوبة
علامة إستفهام كبيرة تركها قرار رئيس مجلس الوزراء عبدالله حمدوك، القاضي بتشكيل لجنة تحقيق في الأحداث التي رافقت تظاهرات الخميس السلمية المناهضة لقرار القوات المسلحة بالاستغناء عن الضابط محمد صديق والعنف المفرط الذي مارسته الشرطة تجاه الثوار مما ترتب عنه اصابة العشرات.
الاستفهامات نتجت عن تكليف حمدوك للنائب العام تاج السر الحبر بتولي رئاسة لجنة التحقيق وتوجيهه بتقديم تقرير نهائي حول العنف في فترة لاتتجاوز الـ(7) أيام كون ان صلاحيات حمدوك لا تمكنه من تكليف (الحبر )
و أشعل القرار جدلا واسعا حول صلاحيات الرجلين وماذا كان يحق لحمدوك توجيه الحبر وماتضمنته الوثيقة الدستورية وقانون النيابة من نصوص تشكل الرد القانوني الصريح حول ما أثير .
فيما يرى وكيل النيابة الأعلى أحمد عثمان في حديثه لـ(الراكوبة) أن النائب العام هو المسؤول عن الجريمة في الدولة ويجوز له بموجب قانون النيابة العامة أن يشكل لجنة تحقيق في أي أحداث دون توجيه من أحد بينما ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بحديث ساخن لقاضي المحكمة العليا المتقاعد الزبير محمد خليل الذي ذهب إلى ان حمدوك ما كان له ان يشكل لجنة تحقيق في اى فعل يشكل جريمة باعتبار ان ذلك اختصاص ينعقد للنيابة في وقت لا توجد اى سلطة لرئيس الوزراء على النيابة بنص الوثيقة الدستورية.
ويستدل على ذلك بأن المادة (74) من الوثيقة الدستورية التي تقول “باستثناء سلطات وصلاحيات مجلس السيادة المنصوص عليها في هذه الوثيقة تؤول سلطات رئيس الجمهورية ذات الطبيعة التنفيذية المنصوص عليها في اي قانون ساري المفعول لرئيس مجلس الوزراء” وبما أن الوثيقة الدستورية نصت على ان تعيين النائب العام يكون بواسطة مجلس النيابة العامة ويعتمده مجلس السيادة فضلاً عن ان قانون النيابة العامة لا يمنح رئيس الوزراء أي سلطة على النائب العام باستثناء التعيين بناء علي توصية مجلس النيابة العامة .
واوضح ان رئيس الوزراء بموجب ذلك لا تكون له أي سلطة علي النائب العام بل يعطي القانون النائب العام صلاحيات استدعاء رئيس الوزراء ولا يوجد نص في قانون لجان التحقيق يجيز تشكيل لجنة تحقيق في واقعة تشكل جريمة ذلك لان سلطة التحقيق والتحري مكفولة بموجب قانون الاجراءات الجنائية الساري المفعول فضلا عن عدم وجود اي نص يتعلق بالنائب العام قاطعاً بأن تعيين النائب العام علي راس لجنة تحقيق في واقعة تشكل جريمة ورفع التقرير اليه يخالف الوثيقة الدستورية ويقدح في استقلال النيابة العامة وتحقيق العدالة وطالب رئيس الوزراء بالغاء القرار والإعتذار للنائب العام في اطار تاصيل دولة القانون.
لكن المحامي الشهير عمر حضرة ربما وجد مخرجا لرئيس الوزراء من ذلك المطب القانوني عندما اشار في حديثه لـ(الراكوبة) الى ان د. حمدوك طلب من النائب العام لتشكيل لجنة تحقيق، على إعتبار أن النائب العام هو الذي يملك سلطة التحقيق ويملك سلطه فتح البلاغات مشيرا الى ان النائب العام عندما طلب من النيابة رفع كل البلاغات المتعلقه بالمظاهرات الاخيرة لتوضع امامه، يكون بالفعل قد باشر إجراءات التحقيق قبل طلب رئيس مجلس الوزراء .
غير ان المحامي أحمد موسى عمر خالف تبرير زميله “حضرة” عندما قال إن قرار رئيس الوزراء بتشكيل لجنة تحقيق برئاسة النائب العام خاطئ ومعيب قانونا واعتبره تدخل سافر في صلاحيات عدلية مستقلة” لكنه اشار الى ان رئيس الوزراء يمكن له أن يشكل لجنة تحقيق بموجب قانون 1954 برئاسة وزير العدل ولكن ليس من حقه أن يتدخل في عمل النائب العام. وشدد المحامي بأن النائب العام له سلطة التحقيق وعمل لجان تحقيق وفق صلاحياته طالما نما لعلمه وقوع مخالفة ترقى لمستوى جريمة .
بالمقابل يقول الأمين العام لهيئة محامي دارفور الصادق على حسن في حديثه لـ(الراكوبة) انه وبموجب احكام الوثيقة الدستورية النيابة العامة مستقلة ولا يوجد سلطة عليها لا من جانب رئيس مجلس السيادة ولا من رئيس مجلس الوزراء، وقال “بالرجوع إلى الأحداث المتعلقة بالمسيرة وما صحبتها من عنف وإنتهاكات فإن الجهة التى مارست الإنتهاكات هى الأجهزة الرسمية التى تتبع للقوات النظامية المعنية بالحفاظ على الأمن والسلامة وليس إنتهاكها لذلك طالبت هيئة محامي دارفور النائب العام بصفته المستقلة وصاحب الولاية بتكوين لجنة تحقيق والتى يمكن ان تفضي تحقيقها إلى تحديد مسؤولية رئيس مجلس الوزراء حمدوك نفسه او القائد العام لقوات المسلحة الفريق اول البرهان.
وحيثما ان كل الافتراضات التى وضعها المشرع حينما وضع الوثيقة الدستورية السارية بصورة مجردة قائمة وغير مستبعدة فلا يستقيم قانونا ولا منطقا ان يشكل رئيس مجلس الوزراء لجنة للتحقيق برئاسة النائب العام وكانه استبعد نفسه من المسؤولية الجنائية وقد تطاله هو نفسه الإتهامات .
ونبه الصادق الى نقطة مهمة وهي ان رئيس الوزراء تعمل مع الأمر بحسن النية كونه تنقصه الخبرة والحنكة لإدارة الدولة لذا فهو في حاجة ماسة لمستشارين قانويين اكثر إلماما وإطلاعا بالوثيقة الدستورية والقوانين.
ويترك الجدل احتمالات واسعة حول مستقبل قرار توجيهات رئيس الوزراء الذي دخل عرين النائب العام بقرار تشكيل لجنة التحقيق .