الموقف الفلسطيني يجبر دولا عربية على رفض خطة سلام لا تتضمن القدس الشرقية عاصمة لدولتهم

لندن – القدس العربي
قالت مصادر دبلوماسية إن دولا عربية أبلغت واشنطن رفضها أي خطة سلام لا تلبي طموحات الفلسطينيين، مؤكدة عدم جدوى ممارسة ضغوط على القيادة الفلسطينية.
وفيما أكدت مصادر عربية وصحف غربية وإسرائيلية أن العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز طلب من ابنه ولي العهد محمد بن سلمان عدم التدخل بالملف الفلسطيني، ووقف أي تنسيق حول الموضوع مع المبعوثين صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، جاريد كوشنر، والمبعوث الخاص لعملية السلام، جيسون غرينبلات، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس الأول الأحد، «لا نستطيع أن نقبل ما لا يقبله الفلسطينيون والسلطة، فالقضية قضية الشعب ونحن داعمين لهما».
وكتبت صحيفة «معاريف» العبرية: «حتى قبل بضعة أشهر ضغط محمد بن سلمان على الفلسطينيين لقبول خطة ترامب للسلام، لدعم خطة لا تشمل القدس عاصمة فلسطين، الآن بدأ والده الملك سلمان يدير الأمور مرة أخرى».
وأضافت الصحيفة أنه بعد فترة زمنية ظهر فيها أن ولي العهد يقود المملكة العربية السعودية لتغيير موقفها من عملية السلام، وسعيه لنقلها إلى جانب إسرائيل، يبدو أن الملك قد تسلم مرة أخرى مقاليد الحكم، وعادت الرياض لتؤيد مرة أخرى الموقف الفلسطيني بشأن القضايا الجوهرية للصراع وخاصة قضايا القدس وحق العودة.
وتابعت الصحيفة قائلة إن التغيير الأخير يضع قدرات السعودية موضع شك في قدرتها على إقناع الدول العربية لدعم اتفاقية سلام تنهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وعلى قدرتها في توحيد الجهود العربية ضد إيران. وحسب الصحيفة فإن دبلوماسيا عربيا كبيرا في الرياض صرح لها أن «الملك سلمان هو الذي يقرر هذه المسألة الآن وليس ولي العهد، خطأ الولايات المتحدة اعتقادها أن دولة واحدة يمكنها الضغط على الآخرين وجعلها تستسلم، لكن القضية ليست ضغوطا، بل الحقيقة أنه لا يمكن لأي زعيم عربي التخلي عن القدس أو فلسطين».
وعن العلاقة بين السعودية والسلطة الفلسطينية قالت الصحيفة العبرية، في الأشهر الأخيرة تم الإعلان عدة مرات أن السعودية تحت قيادة ولي العهد ضغطت على أبو مازن لدعم خطة ترامب، الطلب السعودي كان على الرغم من المخاوف من أنها لن تمنح الفلسطينيين أكثر من الحكم الذاتي دون تواصل الجغرافي في الضفة الغربية، ودون حق العودة.
ومع العلم أيضاً أن خطة ترامب لا تتناسب مع المبادرة العربية للسلام التي صاغتها المملكة العربية السعودية، والتي بموجبها تقبل الدول العربية التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي مقابل إقامة دولة فلسطينية.
السفير الفلسطيني في الرياض كان قد صرح لوكالة رويترز أن الملك سلمان أعرب عن دعمه للفلسطينيين في اللقاء الأخير له مع الرئيس أبو مازن، وقال في ذلك اللقاء: «لن نتخلى عنكم، وسوف نقبل ما تقبلون به، وسنرفض ما ترفضون «.
وحسب دبلوماسيين في منطقة الشرق الأوسط، فإن الموقف الأمريكي الحالي كما تم التعبير عنه في زيارة جاريد كوشنر وجيسون غرينبلات الأخيرة للمنطقة لا يشمل القدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية، ولا حق اللاجئين في العودة، ولا يشمل تجميد الاستيطان.
نيل فراتريك، الخبير في شؤون المملكة العربية السعودية قال: «يبدو أن الملك سلمان قام بتقييد موقف ابنه السياسي غير المسؤول بسبب أهمية القدس بالنسبة للعالم الإسلامي، وولي العهد لن يعترض على صفقة الإدارة الأمريكية ، لكنه لن يعمل على تشجيعها».
وعن الموقف العربي من السياسة الأمريكية كتبت «معاريف»،» في العالم العربي وجهوا انتقادات لسياسة المبعوثين الأمريكيين غرينبلات وكوشنر بسبب عدم عرضهما لخطة السلام الأمريكية التي وصفها أحد الدبلوماسيين بأن فيها خطوطا حمراء أكثر من اللازم».
كما نشرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية تقريرا تناولت فيه رفض العاهل السعودي، لصفقة القرن، وأوضحت الصحيفة أنّ بلدانا عربية رئيسية أبلغت إدارة الرئيس الأمريكي أنّها لن تؤيد خطة السلام الأمريكية، ما لم تتضمن القدس الشرقية عاصمة لفلسطين.
وقالت المملكة العربية السعودية ومصر والأردن إنها لن تكون قادرة على دعم خطة ترامب للسلام ما لم تتضمن إشارة واضحة إلى العاصمة الفلسطينية في القدس الشرقية.
وأكدت مصادر دبلوماسية شاركت في المحادثات حول خطة السلام الأمريكية التفاصيل في محادثة مع «هآرتس»، وقالت إن مصر والأردن عبرتا عن موقف مماثل في المحادثات مع فريق السلام الأمريكي.
وتم نقل الرسالة السعودية إلى فريق السلام الأمريكي، الشهر الماضي، خلال زيارة كوشنر وغرينبلات، إلى المنطقة. ونقلت المملكة العربية السعودية الرسالة نفسها إلى الرئيس الفلسطيني، وإلى قادة آخرين في المنطقة. هذا على النقيض من عدد من التقارير في الأشهر الأخيرة التي ادعت أن السعودية تدعم الخطة الأمريكية، حتى لو عارضها الفلسطينيون وأعلنوا أنها متحيزة لصالح إسرائيل.
يذكر أنه في العام الماضي، وحتى قبل إعلان إدارة ترامب عن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ادعت صحيفة «نيويورك تايمز» أن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، مارس ضغطًا على عباس لقبول الخطة الأمريكية، حتى لو لم تتضمن تواصلاً إقليمياً للدولة الفلسطينية أو عاصمة في القدس الشرقية، وقد رفض عباس ذلك، مما أدى إلى أزمة بين السلطة الفلسطينية والسعودية.
وفي هذا السياق يشاع أن الملك سلمان أبعد نجله محمد بن سلمان ولي العهد عن ملف فلسطين والقدس، وطلب منه عدم التدخل فيه.
وبيّنت الصحيفة أنّ الملك سلمان أعرب عن الموقف السعودي خلال اتصالات جرت أخيراً مع مسؤولين أمريكيين كبار، وخلال محادثات مع الرئيس عباس وغيره من الزعماء العرب في المنطقة، مشيرةً إلى أنّه جدّد تأييده لمبادرة السلام العربية التي تشمل إقامة دولة فلسطينية ضمن حدود عام 1967 تكون القدس الشرقية عاصمة لها.
ونقلت الصحيفة عن مصدر ديبلوماسي قوله إنّ السعوديين أخبروا الإدارة الأمريكية بأنّهم بعد نقل السفارة الأمريكية إلى القدس باتوا عاجرين عن القيام بأي خطوة كانوا قادرين على اتخاذها قبل هذا التطوّر المفصلي.
كما نقلت الصحيفة عن إيلان غولدنبرغ، مسؤول سابق في وزارة الخارجية الأمريكية ومسؤول في البنتاغون عمل على الملف الإسرائيلي ? الفلسطيني في عهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما: «بالغت إدارة ترامب باعتقادها بأنّ السعوديين قادرون بشكل أو بآخر على تحقيق السلام في الشرق الأوسط»، مضيفاً: «لا يملك السعوديون هذه القدرة للضغط على عباس»، ولم يكن من الواقعي التوقّع من الرياض إجباره على القبول بخطة السلام الأمريكية.
بدوره، رأى آرون ديفيد ميلر، مسؤول أمريكي سابق شارك في مفاوضات السلام الإسرائيلية ? الفلسطينية، أنّ الموقف السعودي لم يكن مفاجئاً، قائلاً: «هناك فرق كبير بين الرغبة السعودية المتزايدة في العمل مع إسرائيل على جوانب ذات أهمية مشتركة، مثل التهديد الإيراني من جهة، والفكرة بأنّ السعودية ستضغط على الفلسطينيين على مستوى مسائل مثل القدس والمستوطنات، من جهة ثانية».
وفيما قال ميلر أنّ السعوديين وبلدانا عربية أخرى ترغب في التقرّب من إسرائيل، استدرك بالقول: «إلاّ أنّ هذا لا يعني أنّها ستتمكن من دعم مبادرة السلام البعيدة كل البعد عن المواقف العربية التقليدية بشأن الصراع، لا سيّما الفلسطينية منها».
وفي ما يتعلّق بالأردن ومصر، لفتت الصحيفة إلى أنّهما شجعتا الإدارة الأمريكية على عرض خطة السلام إذا كانت عادلة بالنسبة إلى الجانب الفلسطيني، مشيرةً إلى أنّ الأردنيين حذّروا الإدارة الأمريكية من أنّ الخطة التي تغلب كفة إسرائيل من شأنها أن تزعزع استقرار الأردن وأن تجبر عمان على رفضها بشدة.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..