سنة أولى سدنة

أدخل بنك، وأنت لابس(شيك) من الباب الخلفي المخصص فقط للمدير العام، ولا تلقي التحية للحرس المدجج بالسلاح، بل تجهم في وجههم وكأنك وزير المالية، ثم أدخل على المدعو المدير العام دون إستئذان، واطلب مرابحة قدرها مليار جنيه دون أي ضمانات. ولو رفع حاجبيه من الدهشة، قل له أنك جاهز لكل الاحتمالات، أفتح الشنطة التي تحملها، واستخرج دفتر شيكاتك( ورصيدك صفر)ثم حرر شيكاً بمبلغ خرافي دون أن تكتب اسم المستفيد، وقل له هذا عربون أول، وأن الشيك يمكن صرفه بعد أن تستلم المرابحة المليارية.
سيطلب لك المدير(حاجة)باردة، وشاي بي لبن ومعاه بسكويت، وسيطق معاك الحنك، فأزعم أن الوزير الفلاني نسيبك، وأن الوالي الفلاني دفعتك في الدراسة.
سيعطيك المدير العام كلمة السر، بعد أن يضع شيكك بعناية في درجه، وهي ورقة صغيرة لأحد موظفي البنك لإجراء اللازم.
وبعد أقل من 24 ساعة ستوقع ببطاقة(مضروبة) على ورقة تستلم بموجبها مليار إلا حاجة، والحاجة دي هي الفائدة على القرض والتي تسمى مجازاً بهامش المرابحة بناءاً على فقه الضرورة.
لا (تتلوُّم)مع المدير، وغطى حسابك الكاشف، بمبلغ يوازي مبلغ الرشوة التي منحتها للمدير العام، حتى يصرف شيكه في أمن وأمان.
في اليوم التالي ستقرأ في الصحف عن نفرة لنهضة ولاية، وهذه مناسبة يجب ألا تضيعها، فأدخل في زمرة السدنة وأعلن في (المايك)عن تبرعك بـ(50)مليون جنيه لمشروعات الولاية، وأفتح الشنطة واستخرج النقود (كاش)وسلمها للوالي ومعه بطاقة عملك وصفتك(رجل أعمال)، وأدخل برفقته إلى جوقة الفرقة الموسيقية التي تصدح بالأغنية التي تقول(دخلوها وصقيرها حام) وحينما ينفض مولد السدنة ستكون خزائن المال قد فتحت لك علي مصراعيها، فسافر إلى الولاية المعنية، وأحصل علي العطاءات، والامتيازات بالعملة المحلية والدولارات، ولن يسألك(الجنجويد)عن ناتج أفعالك.
وهكذا أخرج من ولاية، وأدخل من ولاية باسمائك المستعارة، وشعارك:( ساكن بغداد في كل بلد سوالو أولاد) وعندما(تفتر)من الحوامة ترشح نائباً عن أي دائرة وستفوز بالتزكية، طالما أن الانتخابات مضروبة،وتقرَّب من النافذين لترأس أي لجنة تتيح لك السفريات الخارجية والتصريحات الصحفية، وأحمل في قاموسك اللغوي كلمات السدنة من شاكلة(ألحس كوعك).
ولا يقف طموحك الإنتهازي في محطة البرلمان، بل(تكتك)أمورك،وأدخل التشكيلة الوزارية، ولووزير دولة، ثم تقدم في الدهنسة لوزير إتحادي، ومستشار رئيس، ثم مساعد(حلة) لا يشق له غبار.
ومن قعاد(الضل)والهواء البارد سيتغير لونك،ولن يعرفك حتى مدير البنك (صاحب الشيك الشهير) فأسرح وأمرح في المال العام، وإن لاقاك المراجع العام، فقل له أي كلام، وسافر إلى بلاد لم تحلم بها في المنام، ولو سئلت يوماً عن مصدر أموالك فقل لهم(ملك الملوك إذا وهب لا تسأل عن السبب) وإن سمعت يوماً هتاف(الشعب يريد إسقاط النظام) فاقرأ على روحك(السلام).
[email][email protected][/email]
إقتباس :( واحمل في قاموسك اللغوي كلمات السدنة من شاكلة الحس كوعك ) .. وكلمات أخري مثل :( أحسب ) .. والقصد من هذه الكلمة ليس ( أعني أو أعتبر .. أو الترجمة ألأنجليزية للكلمة وهي ( I consider ) وإنما المقصود هو المعني الحسابي للكلمه وهو (أعد) أو بالأنجليزي (I count ) .. وكذلك عليك تكرار كلمة ( حقيقة ) بقدر ما تستطيع لأنها أكثر كلمة إستعمالا وإستهلاكا من لدن أعلي القمة الرئاسية وحتي أسفل سافل من محسوبي ( نظام الأنجاس ) والذين يعلمون في قرارة أنفسهم أنه لا توجد ( حقيقة) في مفاهيمهم بل مجرد كلمات جوفاء وأوهام يطعمون ويسقون بها هذا الشعب الصابر ..