الخدمة المدنية: تذكار عزيز!

إذا كان المؤتمر الوطني (ومخرجاته) قد قصد (تغطيس حجر) الخدمة المدنية وتشتيت شملها و(بعزقة انتظامها) وخلخلة أواصرها وتمزيق أوصالها.. فقد نجح (بدرجة الشرف الأولى)! وهذه من الكبائر التي ستنعكس تأثيراتها المتطاولة شقاءً وتعاسة على كل حركة وسكنة في الوطن، حيث أن تداعي بنيان الخدمة المدنية من أكبر أبواب الاستباحة التي تفكّك (صواميل) المحاسبة والمراجعة وتسلسل المسؤوليات، وخدمة المواطنين بالحق والعدل والمساواة.. وهذا هو جوهر مهمتها ووظيفتها!
ومن المعروف أن الفسّاد لا ينتعش مع وجود خدمة مدنية (قومية ومهنية ومنضبطة) وغيابها هو الذي يجعل من الميسور (توهان القروض) وفقدان الولاية على المال العام وضياع (أموال التجنيب) في مسارب (الله وحده العليم) بقيعان صخورها الرسوبية! ومع تضعضع فاعلية الخدمة المدنية تتلاشى الحدود بين (الجيوب الخاصة) وبين تخصيص الأموال العامة للولايات أو للصحة والتعليم أو قصور الضيافة أو (أثاثات المكاتب) أو (تلجين سيارات الدولة) كما (تنمحي السطور) بين أوراق العطاءات والمزادات! وينهض الموظفون والعمال الراحلون من قبورهم ليعيدوا تقييد أسمائهم في كشوف المرتبات!
حاول أن تبحث عن الخدمة المدنية؛ وإذا عثرت على ما هو قائم منها فتلك (فلتة من فلتات الدهر)! حيث من العسير أن تستشعر أن الموظف الحالي في غالب الأمر يمكن أن يخشى (رقابة الباشكاتب) أو أن المرؤوس يمكن أن (يعمل حساباً) لرئيس المكتب، أو أن العامل يخاف أن يضبطه الملاحظ متعطلاً؛ وهذا هو الطرف الأدني من المسألة؛ أما عند أصحاب النفوذ الأعلى فلن تجد غير (لهوائل) التي لا يمكن أن يستقيم معها نظام! والمنبع الأصيل لكل ذلك هو (التمكين والتسييس) وكم سمعنا من شهود العيان وشخوص التجربة أن موظفاً صغيراً يمكن أن تكون كلمته هي النافذة على وكيل الوزارة إذا اختلفت مواقعهم في (الترتيبات الحزبية الباطنية) ومتى ما حدث ذلك فانتظر خراب وبوار الخدمة العامة من قاعدتها إلى قمتها!
وعليك أن تستنتج: هل هذا الأمر مقصود لذاته؟ أم أن الوظائف العامة أصبحت أداة للثواب والعقاب والمكأفاة على الإنتماء والموالاة؟ فأنت ترى منذ بدايات التسعينات التي بدا فيها (تشليع الخدمة المدنية) أن المُستقدمين للوظائف دخلوها من باب المكافاة السياسية، كما إن خلع الآخرين من وظائفهم جاء من باب العقاب على الانتماء الحزبي، أو حتى بالظن (أنه ليس من جماعتنا)! وفي كل الأحوال ستثبت الأيام أن خراب الخدمة المدنية كان من الأسباب الرئيسية في الإنحدار الاقتصادي والبيئي والخدمي والمالي والتعليمي والثقافي الذي ضرب السودان ..ولن يبارحه (بالهينة)!
أنظر إلى أي موقع عمل عام، أو مصرف، أو (كاونتر) لخدمات المواطنين أو مكتب استخراج شهادة، أو صرف دواء، أو قاعة مسافرين وقادمين أو أو مراقبة مواصلات، أو شهادات أراضي، وستعرف من الفوضى الضاربة أطنابها وكيفية التعامل مع المعاودين والعابرين وأصحاب الحظوة والجمهور المقهور إن كان هناك أي ملمح قد تبقّى من الخدمة المدنية.. وستضرب كفاً على كف وأنت تبحث عن النظام أو العدل أو الكفاءة!
[email][email protected][/email]
صدفت يا استاذ عشت في الخدمة المدنية وعرفت اصولها كنت مزظفا لملفات اخر صرفية وحين تاتي اسركها وارسلها للمحاسبة باسرع ما تيسر واذا تعذر وجود المراسلة كنت اخذها بنفسي في السيرك لا اؤحر يوما اخر في مرتبة حتي ان رئيسي كان يقول لي تعمل اشياء تحير كنت اقول له دائما ( لتعرف قيمة الخدمة ضع نفسك في مكان طالبها ) كان رده ( هذا منتهي العدل وياما اعطيت ترقيات اضافية لهذا حتي فارقتها وهاجرنا منذ اربعة عقود !!!الان المحنة الوطنية هي الخدمة المدنية اذا صحت صح كل شئ والا كما تري الانهيار
صدفت يا استاذ عشت في الخدمة المدنية وعرفت اصولها كنت مزظفا لملفات اخر صرفية وحين تاتي اسركها وارسلها للمحاسبة باسرع ما تيسر واذا تعذر وجود المراسلة كنت اخذها بنفسي في السيرك لا اؤحر يوما اخر في مرتبة حتي ان رئيسي كان يقول لي تعمل اشياء تحير كنت اقول له دائما ( لتعرف قيمة الخدمة ضع نفسك في مكان طالبها ) كان رده ( هذا منتهي العدل وياما اعطيت ترقيات اضافية لهذا حتي فارقتها وهاجرنا منذ اربعة عقود !!!الان المحنة الوطنية هي الخدمة المدنية اذا صحت صح كل شئ والا كما تري الانهيار