الثورة الثقافية

تبدو الثورة الثقافية معضلة على أفق الواقع ، البعض يعتقد بأن المجتمع غير مهيأ بعد لها ، البعض يرى أن هناك ما يتحداها كالتراث الديني والتقاليد والأعراف والتكوين الإجتماعي (قبلي ، عشائري ، جهوي ، طائفي ، مذهبي ..الخ). والبعض قد يرى أن الثورة الثقافية غير واضحة المعالم ولا الحدود فما الذي نعنيه بالثقافة ، وقد يرى البعض أن الثورة الثقافية هي نفسها أدلجة حداثوية أحادية (أي من طرف استعلائي الآيدولوجية) وشمولية (ﻷنها تقف في مواجهة الآخر وربما تستأصله وتقصيه). ما أراه هو أن كل هذه الانتقادات صائبة إذا نظرنا إلى الثورة الثقافية كأيدولوجيا ، ولكن ماذا لو كانت الثورة الثقافية منهج فقط لتهذيب جميع المفاهيم ؛ أي أن تكون الثورة الثقافية قاسم مشترك أو طريق وسط تمشي عليه سائر المفاهيم فيمنع التصادم والصراع ؟
لا ؛ فالثورة الثقافية تنطلق من منطلق ليبرالي وهي بالتالي آيدولوجيا ولا شك في ذلك ، ولو لم تكن كذلك لما احتاجت إلى تبني سياسي . إن الثورة الثقافية تزهر على حساب المفاهيم الأخرى لا سيما الراديكالية . إنها تحتاج -كسائر الآيدولوجيات- إلى التموضع والاستقرار لتؤتي ثمارها على المستوى البعيد . إنها ليست منهج ولكنها خطاب وبما أنها كذلك فهي سلطوية وعقائدية وتحتاج إلى العنف في بداياتها شأنها شأن غيرها . وعندما تتغلغل في العقل الجمعي وتتحول إلى روح جماعية تستأصل غيرها وتتحول إلى أسلوب حياة ثم إلى منهج . فهي تبدأ كايدولوجيا وتنتهي إلى كونها منهج.