شرق السودان: صراع الأجندة السياسيّة.. وجدليّة سلام جوبا..
علي جعفر


✍️ صراعات سياسية مابين المكونات المجتمعيّة ومنازعات السلطة التنفيذية والمجلس السيادي من جهة والحاضنة السياسيّة من جهة أخرى.. واتهامات التصريحات المتبادلة ما بين قيادات الجبهة الثوريّة مني اركو مناوي وخالد شاويش تعكس تماماً أن وثيقة السلام ما زالت “نيّه” ولم تنضج بعد.. فما هو موجود الآن، قانون طوارئ بولايات الشرق تقف عنده حريات الممارسة السياسية مُقيّدة بأمر الحكومة لحين وضوح الرؤية السياسية.. وتبيان المستقبل السياسي لشرق السودان.. وتُراق دماء الأبرياء بسبب صراعات سياسيّة لا تخدم غرضاً لتنمية ولا تحقق هدفاً لاستقرار..
✍️ بعد الترحم على أرواح كل الشهداء، أسكنهم الله فسيح جناته، فإنّ السبب الرئيسي في تداعيات الأحداث الأخيرة بشرق السودان.. هو توقيت قرار حمدوك باقالة صالح عمار.. فما كان له أن يقيله منفرداً. وهو من ضمن ولاة الولايات المدنيين المُقالين بأمر وثيقة سلام جوبا..
فحمدوك ترك الولاية لشهور عديدة بلا والي خوفاً من حدوث فتنة بسبب تمسك صالح عمار بمنصب الوالي وجهله بأدبيات الاستقالة في مثل هذه الظروف، ليسلك حمدوك سبيل اقالته عبر سياسة غير راشدة بالمرّة تعكس أنّ الحكومة الانتقاليّة تهدم استقرار اوضاع البلاد بيديها..
✍️ موقف مؤتمر سنكات الرافض لمسار شرق السودان بمفاوضات جوبا والذي تزعمه المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة، والتصعيد لاحقاً باغلاق موانئ البحر الأحمر الشريان الرئيسي لتغذية خزينة الدولة عبر وارداتها وصادراتها، مالم يتم تجميد مسار الشرق، هو من جعل قيادات الجبهة الثورية تخرج منفعلة من طورها السياسي وتطلق تصريحاتها هنا وهناك، مما يعكس أنّ مكونات الجبهة الثورية مختلفة في أساسيات بنائها التنظيمي كما هو الحال في قوى الحريّة والتغيير.. ففي الوقت الذي صرّح فيه خالد شاويش أنّ أي تجميد لمسار شرق السودان بمفاوضات جوبا سيكون تجميداً شاملاً للسلام مع الجبهة الثورية، فالسلام شامل ولا يُمكن تجزئته، جاء تصريح مناوي غريباً ومنافياً لذلك بقوله أنّ تجميد مسار الشرق منصوص عليه في وثيقة السلام في حالة عدم قبول مكونات مجتمع الشرق له..
ليبقى الأمر هنا محسوماً بتوضيح نصوص وثيقة السلام الحقيقية لاثبات مصداقية أحدهما وكذب الآخر..
✍️ ما هو ظاهر للعيان، أنّ الحكومة الانتقالية أفلست من ايجاد حلول للأزمات السياسيّة التي هي السبب الرئيسي للتدهور الاقتصاديّ.. وقد دخل كثيرون من شرق السودان في عصيان مدني.. مما سيزيد الأزمة حدّة..
ستظل أطماع الدول في ساحل البحر الأحمر.. عبر الأجندة الإقليمية.. هي المهدد الرئيسي لاستقرار شرق السودان وتفكيك مجتمعاته.. فليتحد أهل الشرق في حماية مواردهم..
✍️ السودان.. واقع مرير ومستقبل مجهول.. والحل واحد لا يوجد غيره.. الارادة الوطنية الحرّة.. فما لم تتخلص قيادات البلاد السياسيّة من أسر الأجندة الدولية.. فلن نعشم في استقرار..
علي جعفر
