تدنى الأجور .. أين النقابات .؟ا

تدنى الأجور .. أين النقابات .؟

المتوكل محمد موسي

لقد أوردت الصحف اليومية الأسبوع المنصرم تلخيصاً لندوة مستويات الأجور بالقطاعات الاقتصادية ، والذي إعترف فيه المجلس الأعلى للأجور بعدم عدالة الأجور وأيضاً عدم التزام مؤسسات الدولة بتنفيذ السياسات الخاصة بالأجور، مُقراً أن الحد الأدنى للمرتبات يُغطي فقط 12% من تكاليف المعيشة وقد أكد رئيس المجلس الأعلى للأجور بروفيسور سوار الذهب ، أن مجلسه يواجه العديد من التحديات تتمثل في عدم السيطرة على الأسعار، مشيراً إلى وجود مفارقات كبيرة في الأجور، وطالب بتفعيل القوانين لتسوية أجور العمال ، وأبان أن متوسط الإنف?ق الأسري في عام 2011م بلغ «1371» جنيهاً وأن الحد الأدنى للأجور «165» جنيه يغطي 12% من تكاليف المعيشة، وبإضافة مبلغ المنحة يغطي 19%، منوها إلى أن المجلس قام بإجراء دراسات لتطوير واتساق سياسات الأجور في القطاعات الاقتصادية المختلفة وربطها بالإنتاج لتسوية الفوارق في الأجور.
معلوم أن الأجور والمرتبات هى إحدى أذرع آلية توطين العدالة وإشاعة الإستقرار في بلدٍ ما من البلاد ، وبنظرة خاطفة للنسبة التي أوردها المجلس الأعلى للأجور فى السودان يدرك المرء كم يُعانى عمّال وموظفو السودان من الإجحاف والظلم ، فمن واقع النسب والأرقام التي أوردها المجلس ، على العامل والموظف ليُنفق على أسرته عليه تأمين 88% من تكاليف معيشته خارج دخله من العمل الوظيفي الذي يوفر له فقط مايُعادل 12% من تلك التكاليف .. فإذا كان عمل الفرد منهم يستهلك كل يومه من الساعة الثامنة وحتى الرابعة مساء ثم يحصل على مرتب يع?دل فقط 12% من تكاليف معيشة أسرته .. فكم من الزمن يكفيه من أجل الحصول على نسبة الـ 88% من تلك التكلفة ؟؟ومن أين يجد الزمن الكافي ليفعل ذلك وهو يقضى سحابة يومه فى عمله ذي الدخل الذي يُعادل فقط 12% من تكاليف معيشته ؟؟ …أين النقابات !!!؟؟
يُعد تدنى الأجور والمرتبات من أهم أسباب إنهيار الإقتصاد القومي وتدنى الإنتاجية فيه وتصدع النسيج الإجتماعى وتفشى الظواهر السالبة فى المجتمع وهنا أورد بعضاً من الآثار السالبة التى يُحدثها تدنى الأجور فى كل القطاعات الاقتصادية ، الخدمية منها والإنتاجية :
– يؤدى تدنى الأجور إلى إحباط عام وسط الموظفين والعمال ..فيمتنعون عن المبادرة والإبداع والعمل بنفسٍ مفتوحة .. يؤدون عملهم « على الواقف « أو كما يقولون أداء واجب .. وإن خطرت لهم أفكار لتطوير العمل ولزيادة الإنتاج يمتنعون عن تقديمها ولا يكترثون لتطوير مهاراتهم .
– الأجر المتدني يُعد من الأسباب الرئيسية لتسيب وتسرب الموظفين والعمال من مواقع عملهم والبحث عن منافذ أُخرى لزيادة دخولهم حتى تتلاءم مع متطلبات حياتهم اليومية والضرورية على الأقل وسد الفجوة ( 88% ) بين ما يتقاضونه من المخدم وبين ما تحتاجه فعلاً تكاليف معيشتهم أى الفرق بين نسبة الـ12% ( المرتب) والـ 100 % متوسط تكاليف المعيشة .
– بسبب الأجور المتدنية وعدم عدالتها يلجأ البعض إلى الغش وقبول الرشاوى والتعدي على المال العام .
– تتحول بيئات العمل الصالحة إلى بيئات فاسدة يتعاظم فيها السلوك الإنتهازى وتنحدر فيها القيم الأخلاقية وتنشأ الشلليات واللوبيهات التى تضرب بعضها البعض تحت الحزام ويتم تصنيف العاملين إلى موالين أصحاب القرب والحظوة وآخرين منبوذين.
ما ذكرناه عن تردى بيئة الخدمة المدنية هي ظاهرة خطيرة وسنوليها بعض التفصيل ، فبسبب عجز ضحايا المرتبات والأجور الضئيلة عن سد الفرق بين المرتب والأجر الحقيقيين وماهو واقع فعلاً ، لجأ بعض ضعاف النفوس إلى ممارسات حقيرة داخل مؤسسات الخدمة المدنية ..فشاع التدليس والإيقاع بزملاء العمل لدى المسئول الأول ، خاصة الذين ينتقدون سياساته فى إدارة العمل ، بُغية الحصول على ترقية أو حافز يُحسن من مستوى الدخل .. فأصبحوا لايتورعون عن التقرب منه بإستخدام كافة الوسائل ، ليصبحوا من أهل الحظوة والمقربين فيزينون له أساليب ال?ساد ويشعرونه بأنه عبقري زمانه وأن هذه المصلحة أو الهيئة لا يستقيم أمرها إلا تحت قيادته وهو يصدق هذه الفرية.. فإذا وجدوه نزَّاعاً إلى سماع النميمة ومن المرتابين أصبحوا له الأعين التى تراقب الموظفين والعمال المغضوب عليهم والآذان التى تسمع نيابة عنه همس ودبيب منتقديه من المرؤوسين ، كل ذلك من أجل الحصول على أموال إضافية لجبر كسر المرتب والأجر المتواضع .. وهكذا تفرخت مجموعات المقربين والأصفياء « وكسارين التلج « حتى أصبحت ظاهرة مثيرة للقلق ، كل ذلك من أجل الحصول على فرصة لزيادة عجز الأجر والمرتب ، فينالوا ترقيا? لايستحقونها ويدخلوا فى اللجان التي تمنح أعضاءها الحوافز بنص اللوائح والتكليف بالمأموريات دون الآخرين حيث عبرها ينالون بدل السفرية وغيرها من المنافع ولذا تجد المسئول الفاسد وبحكم صلاحياته يوزع الفرص للدخول فى لجان الحوافز والمأموريات المجزية لهؤلاء المتسلقين والهتيفة وناقلي « القوالات « فصارت بيئة العمل لا تُطاق وكثر الفساد بل وصل الأمر ببعضهم لتقديم الخدمات للمسئول الأول فى بيته ولأسرته إمعاناً في القرب بل وفى مناسباته الإجتماعية تجدهم من السبّاقين إلى الحضور والقيام بخدمة ضيوفه ووصل الأمر ببعضهم أن لايجد?ا حرجاً في القيام له بأمور أكثر قذارةً من ما ذكرنا ، لقد اُفرغت الخدمة المدنية تماماً من القيم الفاضلة التي كانت عليها ، أنا على يقين أن من يقرأ هذا المقال قد مر بتجارب مماثلة ، وأحيل من لم يمر بها إلى أقرب قريب أو صديق يعمل موظفاً أو عاملاً فى الخدمة المدنية ليسأله من صحة ما سقناه عن أوضاع الخدمة المدنية هذه الأيام ، ليدركوا حجم الكارثة التى أحلت بها جرّاء هذه الممارسات .. ولذا نوصى بقيام حملة إدارية لتنظيف الخدمة المدنية من الدنس والرجز الذي تعلق بها ولن يحدث هذا إلا ببتر الأسباب التي أدت إلى هذا الإنهي?ر ومن الأسباب التدني المريع لمستوى الأجور ، ولن يستقيم العلاج إلا بإستئصال بؤر الفساد الذي باض وأفرخ فى أجهزة الخدمة المدنية جرّاء تأثير تدنى الأجور والضغوط المعيشية .
أما بخصوص شكوى أمين المجلس الأعلى للأجور من أن بعض المؤسسات لا تستجيب لسياسة المجلس فيما وصفه بـ» عدم التزام مؤسسات الدولة بتنفيذ السياسات الخاصة بالأجور « فهى مسئولية يتحمل المؤتمر الوطنى وزرها .. بتجاوزه للخطوط الحمراء فى تعيين بعض قادة العمل العام من غير الأكفاء وتغليب أهل الولاء على المؤهلين ، فلا أحد يجرؤ على عصيان سياسة مجلس تم تعيينه بمرسوم جمهوري سوى تلك المؤسسات التي تُحظى بشرف الحصانة الحزبية .. مما يجدر ذكره أيضاً بخصوص قضية تدنى الأجور أن هناك جهة تنوب عن الموظفين والعمال في المطالب? بتحسين أجورهم تلك الجهة هي النقابات المهنية التي ينبغي عليها المطالبة بحقوق من تمثلهم ولكن التدخل السافر من المؤتمر الوطني فى إنتخابات النقابات وتسييسها حرمهم من الجسم الوحيد الذى يطالب لهم بحقوقهم بل ينتزعها إنتزاعاً من فك الدولة ، فأُفرزت نقابات هى أقرب للجان الحزب الحاكم وأبعد ما تكون من نبض عضويتها في مؤسسات الخدمة المدنية ، كلها جملة أمور جعلت حياة الموظفين و العاملين جحيماً لا يُطاق فهجر العمل منهم من هجره ومنهم من هاجر وترك البلاد وهى فى أمسّ الحاجة لخبراته ومؤهلاته وفسد منهم من فسد ومات هماً من ما? ، لذا لا مناص من تدشين ثورة تصحيحية على هذا الهيكل المتدني الأجور وافتراع هيكل جديد يُراعى فيه أن يكون الأجر فى حدوده الدنيا مواكباً لإحتياجات العامل والموظف الضرورية ، هيكل يحقق العدالة والكفاية في ما يتعلق بالوظيفة

الصحافة

تعليق واحد

  1. الاخ المتوكل كلامك صاح اننانعاني اشد مانعاني من الشللية والقوالات كنا نفتكر ان قيام الولايات بشكلها الحالي يؤدي الي تقريب الظل الاداري لكن قرب الوالي من سماع القوالات والصواتات .كان زمان التدرج والترقية الي وظيفة تتم علي اساس الدرجة الوظيفية وتقارير الملف السري دون التعرف عليك شخصيايعني تاخذ حقك الوظيفي بعدالة لدرجة ان زملاءك الاخرين يقدمون لك التهاني والتباريك .لكن اليوم صار الترشيح الي وظيفة يتم علي اساس الولاء الي المؤتمر الوطني او الشللية او المزاجيات اي بمعني الارتياح للشخص المرشح .المؤسف تجد المرشحين اقل خبرة ودرجة وظيفية من اقرانهم في نفس المؤسسة .لذا تجد ان مدير مدر سة اقل خبرة ودرجة وظيفية من وكيل المدرسة والمعلمين الذين يراسهم . كما ايضا تجد مدير ادارة مرحلة اقل خبرة ودرجة وظيفية من الذين يراسهم وهذا ماادي الي تدهور العملية التعليمية وخاصة في الولايات .:lool: ( ) 😉 (؟) :lool: 😮 :confused: 😮 😎 😀 ;( :rolleyes: :lool: :crazy: 😡 😉 (؟) :lool: 😮

  2. المتوكل اخوي الاجور للدستورين والبرلمانييين والتيسيرات والمسيرات والفارهات للولاة والجيش الذي من خلفهم – ام الموظفين والاطباء قطاع الدولة والمعلمين قطاع الدولة وميزانية وزارة الشباب فحدث ولا حرج اما الاعنات للمتاثرين بالجفاف والحروب فهي تجارة يديرها المؤنمر الوطني عبر منتفعين – خلاصة المشكلة ان المؤتمر الوطني اصبح يؤمن بان السودان حكرا خالصا لة وحدة لا شريك لة ارضا وسماء ومواطنا مش هم 90 % من الشعب بس الذين اكلوا الدسم وحدهم لا يزيدون عن نصف.% وهم الدستورين فقط الذين يصفقون لزيادة اسعار السلع الضرورية ويريدون ان يبيعوا الماء للمواطن بالكباية حتي جاء الماء ملوثا وغير كافيا وهم قد باعوا مياة الامطار للرعاة في البطانة اوليس ورود الحفاير للسقاية اصبح تدفع لة رسوم للمحلية وعصابات النهب المصلح والمسلح علي الطرق السريعة من جبايات واتاوات ورسوم وغيرها من المسميات هذا يالمتوكل هو الشئ الوحيد الذي برعت فية الانقاذ ولكن ان ناكل مما نزرع او نلبس مما نصنع فقد حطمنا مشروع الجزيرة لانو ارباحة قليلة بدون ان ندري انة يعول ما لايقل عن خمسين الف اسرة يرحو في ستين دهية الانقاذ تري بعين تحصيل وجباية الفلوس وعميت منها العين التي تري مصلحة المواطن التي هي في الاصل مصلحة الوطن فهي لا تهتم الا بتمكين اهلها الرساليين فهم من سيقيموا العدل في الارض مش في السودان بس هذا هو اقصي افق مفكري ومنظري وعرابي الانقاذ والبركة في عرابهم الكبير الذي اوصاهم بالسلطة والثروة ان لا يكون هناك شريكا لهم فيهما ومن منظريهم الصغار جاءت فكرة القبيلة والامن يعني الوظيفة بالقبيلة والامن مقصود بة امنهم وامن سلطتهم وليس امن البلاد وما استبيحة منها في الشمال والشرق ليس بقليل ولكن لا يهم هم مقتنعين بالخرطوم وبس ارجع لتاريخهم يعني حتي لو لم يبقي من البلد الا الخرطوم هم راضين اهم شئ يكونو في السلطة وقد احتكروا الثروة – اما رسالتهم الاصلية فهي عبارة عن شعارات من امثال نضحك مما نسمع

  3. الدولة لا تهتم بالمرتبات وتحسينها لأنها لا تمس المسئولين فهم قد حسنوا المرتبات والمخصصات ودونك مجالس الادارات والاجتماعات والحوافز الخرافية ولم يعد هناك كادر موحد حسب الكفاءة والوصف الوظيفي. ومخصصات من ترضى عنه الدولة لا توصف وهناك عقودات خاصة
    اما اصحاب الكفاءات فلا احد يهتم بهم وبذلك فشل كل شيىء وتدهور
    اما النقابات فحدث ولا حرج في ظل النقابات الشمولية ولا جمعية عمومية ولا خطاب دورة وتعقد بأى عدد ولا تمثل العاملين. وليست لها اى انجازات ووجودها وعدمها واحد بل يوفر الاستقطاعات بل واصبحث استثمارية تستقطع من القليل .
    ومن المؤسف انه حتي الكادر الحالي بكل ضعفه لا ينفذ بالتساوى ودونك قرار الجامعات تدفع البديل النقدي والتذاكر للعاملين وبعضها سدد وبعضها لم يدفع حتى الأن وما اكثر ديون العاملين على الدولة
    والشكية لغير الله مذلة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..