المحلل السياسي بروفيسور حسن مكي في حوار الراهن العربي: من ينادون بطرد الوزراء الداعين للتطبيع كمن يكتبون على الرمل

بعض الحكام العرب تم تنويرهم مبكراً بالقرار الأمريكي

لا أتوقع أي تحوّل عربي أو إسلامي بعد قرار ترمب

هناك من يعمل بصورة سرية مع ترمب من أجل تنفيذ القرار

حوار: عبد الرؤوف طه

بدا المحلل السياسي، والخبير الاستراتيجي بروفسور حسن مكي متشائماً بردة فعل عربية وإسلامية بعد قرار أمريكي بنقل سفارة واشنطن إلى القدس الشريف.

معتبراً خروج الجماهير في العواصم المختلفة (صيحة في وادي)، مشيراً إلى انعدام التوازنات الاستراتيجية بالمنطقة مما يساهم في ضعف الخيارات القادمة.

وقطع في نفس الوقت بعدم استطاعة الدول العربية والإسلامية طرد سفراء إسرائيل وأمريكا من أراضيها، قائلاً إن بعض الحكام العرب كانوا يعلمون بالقرار الأمريكي قبل صدوره.

ـ ما هو مستقبل المنطقة العربية والإسلامية بعد قرار أمريكا بجعل القدس عاصمة إسرائيل؟

لا جديد في المنطقة، وما حدث هو مصيبة على مصائب، وهو (يشبه شخص سرقو منزله ثم قاموا بحرقه مرة أخرى)، بالتالي لا أتوقع أي تحول جديد في المنطقة العربية بعد القرار الأمريكي الأخير بنقل العاصمة الأمريكية للقدس.

ـ ولكن ردة الفعل العربي والإسلامي كانت سريعة وقوية من خلال المظاهرات في عدد من العواصم؟

الغرب يعتبر ردود الفعل العربي والاسلامي عبارة عن (صيحة في وادي) مثل شخص يطلب الاستنجاد بالآخرين دون جدوى.

ـ بمعنى الرد العربي والإسلامي الذي تلى القرار لم يكن له أثر على أرض الواقع؟

القرار مبني على استراتيجية كبيرة وعدد من قادة الدول العربية والإسلامية تم تنويرهم بالقرار قبل صدوره، ولم يكن القرار مفاجئاً بل كان متوقعاً بالنسبة لهم.

ـ بعض القادة العرب هددوا بقطع علاقاتهم مع أمريكا وإسرائيل؟

لا يستطيعون قطع علاقاتهم الدبلوماسية مع أمريكا، في السبعينات حينما قامت بريطانيا بالتدخل في روديسيا الجنوبية، السودان قام بقطع علاقاته الدبلوماسية مع بريطانيا كنوع من الاحتجاج على التدخل البريطاني في روديسيا الجنوبية واستجابة لقرار القمة الأفريقية في ذلك الوقت.

ـ هل يمكن أن يقوم السودان وبعض الدول العربية بقطع العلاقات مع أمريكا؟

السودان بالوقت الحالي تائه من أجل استعادة علاقاته السياسية والدبلوماسية مع أمريكا، وكل الدول العربية هكذا تسعى لغقامة علاقات سياسية مع أمريكا.

ـ بمعنى لا نتوقع أن تقوم بعض الدول العربية والإسلامية بطرد السفراء الإسرائيليين؟

لا تستطيع أي دولة عربية أو إسلامية طرد السفير الإسرائيلي من أراضيها كاحتجاج أو طرد السفير الأمريكي.

ـ تركيا لوّحت بطرد السفير الإسرائيلي؟

لا تسطيع تركيا أو غيرها من الدول طرد السفير الإسرائيلي أو قطع العلاقات مع أمريكا.

ـ تقصد لا توجد كروت ضغط في يد الحكام العرب والمسلمين تستخدم ضد أمريكا؟

نعم، وهنالك استراتيجية كبيرة واتفاقيات سرية مع ترمب للمساعدة في تنفيذ القرار بصورة سرية وبعضهم يقول لترمب (أنا بساعدك تحت تحت في تنفيذ القرار وانت ساعدني في حاجات تانية)، وحتى اجتماع القمة الإسلامية باسنطبول لن يخرج بقرارات قوية بل سيخرج بعبارات الشجب والإدانة فقط، ولا يلوح في الأفق أمر يمكن أن تفعله الدول العربية والإسلامية.

ـ البعض يقول إن الجماعات الإسلامية المتطرفة سيكون رد فعلها قوياً من ثم تتحول المنطقة لبركة من الدماء؟

الجماعات الإسلامية المتطرفة ضربت تماماً خاصة وأن بعضها مصنوع، وبعضها مؤقت، وبالتالي هي لا تملك استراتيجية والتاريخ يثبت أن أي عمل بدون استراتيجية لن ينجح، مثلاً الثورة المهدية في السودان كانت قائمة على استراتيجية مفهومة بعد كسب السلطان علي دنيار في دارفور وعثمان دقنة في الشرق فهي كانت تعمل باسيتراتجية، بالتالي أي عمل في المنطقة من غير استراتيجية لم يكن مجدياً.

ـ بمعنى لا أمل في موقف عربي أو إسلامي ضد قرار القدس عاصمة إسرائيل؟

العراق دمرت بغزو رسمي وشهده كل العالم ولم يحصل شيء، وأنا أتساءل أيهما يستحق موقفاً غزو العراق أم تحويل القدس عاصمة لإسرائيل، وأرى أن غزو العراق هو الموقف الذي كان يستحق موقفاً قوياً عربياً وإسلامياً.

ـ لكن القدس تمثل رمزية للعرب والمسلمين وتمثل تحدياً أكبر لهم؟

هل التحدي الحالي أكبر من 1967م الذي احتلت فيه إسرائيل عدداً من المناطق العربية المجاورة؟.

ـ البعض يقول إن القرار يصعب تنفيذه؟

القرار تم تنفيذه بصورة فعلية بعد حديث ترمب.

ـ هناك من يقول إن القرار نوع من قياس رد الفعل العربي؟

ليس قياساً لرد الفعل، بل تم تنفيذ القرار بمجرد اعتراف ترمب بالقدس عاصمة لإسرائيل.

ـ هل تتوقع نقل السفارة الأمريكية للقدس حسب الموعد المضروب خلال ستة شهور؟

المسافة بين تل أبيب والقدس لا تزيد عن 30 كيلو متراً وممكن أن يمارس السفير الأمريكي عمله في القدس اليوم قبل الغد إلى حين تأسيس سفارة وبها علم أمريكي.

ـ هنالك اتجاه لتقسيم القدس لغربية وأخرى شرقية وتقسيمها بين إسرائيل وفلسطين؟

هذا القرار رقم 42 صدر من الأمم المتحدة في العام 1969م، وقالوا إن القوات الإسرائيلية يجب أن تنسحب إلى أراض تم احتلالها في ذات العام والقدس الشرقية أصلاً تم احتلالها في هذا العام، وبالتالي لا جديد في القرار لأنه مجمد ومعتمد منذاك الحين ويحتاج لتحريك من مجلس الأمن والأمم المتحدة.

ـ يمكن إحياء القرار ليكون جزءاً من الحل مستقبلاً؟

أصلاً القرار لا يموت، ولكن يجب أن يكون هنالك توازن استراتيجية قبل تحريكه وتنشيطه ومعروف أن القدس الغربية كلها ترجع للدولة الفلسطينية من خلال قيام دولتين أو اتحاد كونفيدرالي معروف.

ـ تقارير إعلامية تشير إلى أن أمريكا تعمل على إعادة هندسة الشرق الأوسط وتقسيمه وفق مصالحها؟

المنطقة أصلاً مخططة ولا تحتاج لتخطيط، وهذه أحاديث غير ذات جدوى خاصة في ظل غياب التوازن الاستراتيجي بين الشرق الأوسط وأمريكا.

ـ كيف تنظر للجموع السودانية التي خرجت نصرة للقدس؟

ضاحكاً.. لماذا لم يجتمع مجمع الفقه الإسلامي ويقول إن الهتاف ضد أمريكا ممنوع كما فعلوا قبل فترة من الآن.

ـ عفواً.. الذين خرجوا حشود عفوية منددة بالقرار الأمريكي في حق القدس؟

لماذا لم يخرج الكبار الذين يذهبون للعلاج في أمريكا ولماذا لم يخرج الذين يذهبون ليلاً للسفارة الأمريكية بدلاً من ناس (قريعتي راحت)، ولماذا لم يخرج الذين يعملون في اللوتري للتظاهر ضد أمريكا.

ـ مساعد رئيس الجمهورية إبراهيم السنوسي وآخرون حذروا من دعوات التطبيع مع إسرائيل في إشارة للسيد مبارك الفاضل، وألمحوا إلى أهمية إبعاده من الحكومة؟

لماذا لم يقوموا بطرده من الحكومة لأنه تحدث صراحة عن التطبيع، أما إنهم تعاملوا معه بنظرية عفا الله عما سلف. أحاديثهم عن طرد الوزراء الذين نادوا بالتطبيع مع إسرائيل والتهديد بطردهم يشبه الكتابة على الرمال.

ـ ما هو مستقبل السودان دبلوماسياً وتحديداً مع الغرب بعد التصعيد الأخير بسبب القدس؟

مستقبل السودان يتمثل في كبح جماح الدولار الذي بلغ 25 جنيهاً هذا هو مستقبلنا.

الصيحة.