أخبار السودان

هَل تتكرّر مأساة فيضانات العام السَّابق؟

تقرير- نجدة بشارة

تتزايد المخاوف من احتمال تكرار مأساة فيضانات العام السابق التي أودت بحياة 117 شخصاً على الأقل؛ ودمّرت ما لا يقل عن ألف منزل، فقد أطلقت غرفة الطوارئ في محلية مروي بالولاية الشمالية أمس الأول صافرة الإنذار، مُعلنةً عن حالة الطوارئ بسبب وصول كميات كبيرة من المياه فوق المتوقعة لبحيرة سد مروي، وأشارت إلى أن إدارة الخزان ستقوم بفتح بوّابات المياه لتمرير المياه المُخزّنة، فيما أظهرت صُورٌ اُلتقطت عبر الأقمار الصناعية، استعدادات السودان لفيضانات أغسطس بعد إعلان الطوارئ في سد الروصيرص.. لكن بالمقابل يتساءل مُتابعون عن ما هي المؤشرات لتوقع الفيضانات هذا العام؟ وهل سوف تتكرر سيناريو العام الماضي؟

مخاوف وهواجس!!

في نهاية الأسبوع الماضي، توقعت الإدارة العامة للخزانات بوزارة الري والموارد المائية، حدوث زيادة في وارد مياه النيل الأزرق كنتيجة لهطول أمطار غزيرة في الهضبة الإثيوبية.

وقالت الوزارة وفقاً لمصادر صحفية، إنه ستحدث زيادة تدريجية لمناسيب مياه النيل الأزرق جنوب خزان الروصيرص وشماله حتى الخرطوم، ودعت الوزارة المُواطنين لاتخاذ الحيطة والحذر حفاظاً على الأرواح والممتلكات، كما تحدثت تقارير عن ارتفاع في منسوب نهر عطبرة، ممّا أدّى إلى وصول كميات غير مُتوقّعة من المياه إلى بحيرة سد مروي في شمال السودان.

وعلى الرغم من تأكيد السُّلطات المُختصة بذل الجهود المُمكنة، إلا أنّ البعض يرى وجود مخاوف مُستمرة تتطلّب استعدادات أكبر للحد من الخسائر الكارثية التي حدثت العام الماضي.

 

مُؤشِّراتٌ وفَرضياتٌ

في ذات الوقت، كانت اثيوبيا قد اكملت الملء الثاني لسد النهضة في اجراء احادي للمرة الثانية، وطبقاً لخبراء سودانيون، فإنّ سد النهضة سيزيد خلال مراحل الملء الأولية من احتمالات التدفق العشوائي، أو غير المتوقع لمياه السد في اتجاه الأراضي السودانية، مما يزيد من احتمال حدوث فيضانات في بعض مناطق السودان؛ خصوصاً أن سعة خزان الروصيرص الذي يبعد نحو 100 كيلومتر من سد النهضة لا تتعدى 10 في المئة من سعة السد، لكن بالمقابل فإن عدم قدرة اثيوبيا على رفع الحوائط الخرسانية الى المستوى المطلوب قد يزيد من خطر حدوث فيضانات أكبر هذا العام.

ويُشير خبراء الى أن الفترة التي سبقت وقوع كارثة الفيضانات العام الماضي شهدت حالة من الارتباك في عملية تشغيل سد الروصيرص بسبب الملء الأول المفاجئ لسد النهضة بمقدار 4.9 مليار متر مكعب.

وعزّز هذه الفرضية مصدر أوروبي مُطّلع في العاصمة أديس أبابا، قال “حسناً فعل السودان بتصحيح المعلومات لمواطنيه بدلاً من المُناورة السياسية التي قام بها قبل يومين، إذ حذّر من انخفاض إيراد النهر بنسبة 50%، لأن الصحيح أن فيضانات كبيرة جداً ستجتاح السودان تبدأ في الأسبوع الأول من أغسطس”، وتابع: “الفيضان الذي يتوقّع أن يضرب السودان ويحدث خسائر لمُواطنيه، هو نتيجة الأمطار الغزيرة التي هَطلت في الهضبة الإثيوبية، ما جعل الملء الثاني وفق القصور الذي لازم بناء الممر الأوسط يكتمل في الأسبوع الثالث من شهر يوليو بدلاً من الأسبوع الرابع من شهر أغسطس”.

أخطاءٌ

ويرى خبراء أن اثيوبيا لم تستطع أن تحجز كل الكمية المقررة لها في عملية الملء الثاني، مشيرين الى ان ذلك وضع لأزمته أخطاءً مُركّبة من وزارة الري السودانية ستكون نتائجها كارثية، تمثّلت في ملء السودان لبحيرة سد الروصيرص ضمن تدابيره الداخلية بمقدار 1.6 مليار متر مكعب، لذا لن يَكُون بمقدار الخرطوم سوى فتح جميع البوّابات في سد الروصيرص لتمرير كمية المياه الهائلة التي ستقدم من الهضبة الاثيوبية، ولقصور الإنشاءات في سد النهضة ستقوم بتمرير المياه إلى السودان، واشاروا إلى أن الخطأ الثاني في الخرطوم هو التدابير الخاصة لبحيرة سد جبل أولياء على النيل الأبيض، حيث نسبة الأمطار تضاعف حجم إيراده الضعفين ما سيولد آثاراً مدمرة هو الآخر والمُستفيد من ذلك مصر التي سيأتيها كل فيوض المياه من النيلين الأزرق والأبيض.

اتساع الخطر

ولعل رقعة الخطر بدأت في الاتساع، حيث استغاثت منطقة الفاو بولاية القضارف بحكومة الولاية، نتيجةً لإحاطة الفيضانات، المنطقة مُهدِّدةً حياة سكانها، وناشد المواطنيون، منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الرسمية بالمشاركة السريعة في إنقاذ منطقة الفاو من الأضرار التي تَرَتّبَت على الفيضانات، وذكروا أنّ الأهالي بحاجةٍ عاجلةٍ إلى خِيَامٍ للإيواء ومُشمّعات جوالات لتشييد التروس اليدوية، فضلاً عن المواد الغذائية، والأدوية وخاصة المُضادات الحيوية، والأمصال المُنقذة من لدغات الثعابين ولسعات العقارب.

وعلّق خبير المياه وأستاذ الجيولوجيا المصري عباس شراقي، عن زيادة التفريغ من سد الروصيرص بالقول: “تضرّر السودان العام الماضي أثناء التخزين الإثيوبي الأول بحوالي 5 مليارات متر مكعب، وحاول تفادي هذا الضَرر مع التّخزين الثاني، خَاصّةً وأنّه كان مقررا له أن يكون ثلاثة أضعاف العام الماضي، فحافظ على مخزون كبير في سد الروصيرص وصل إلى 5 مليارات متر مكعب”.

وتابع شراقي: “لكن بعد معرفة أن التخزين لن يكون كاملاً والتأكُّد الأيام الماضية بعبور الفيضان أعلى الممر الأوسط، ازداد التفريغ من سد الروصيرص استعداداً لفيضان أغسطس، ويتّضح ذلك بعد فتح حوالي 6 بوابات صباح الجمعة.

 

توقُّعاتٌ ومحاذيرٌ

وتوقّع خبير المياه المهندس شرف الدين أحمد حمزة في حديثه لـ(الصيحة) تزايُد مُعدّل الفيضانات بنسبٍ تُقارب مُعدّل فيضانات الأعوام 88 – 1998م، وذلك نسبة لوقوع حزام المطر على منتصف الهضبة الإثيوبية، وبالتالي هذا مؤشرٌ إلى أن موسم هذا العام سيكون مطيراً، وعن توقع ارتباط الملء الثاني لسد النهضة بزيادة مُعدّل الفيضان في السودان هذا العام، قال إن إثيوبيا ما زالت في طور الملء ولن تضطر لفتح البوابات، لتزيد من تدفُّق المياه نحو السودان، وأكّد أنّ التكهنات والتأويلات التي تُطلق من قِبل بعض الخُبراء لا تتجاوز الاجتهادات الشخصية، وأردف حمزة: الفيضانات ليس بالشيء الجديد على السودان، وإنّ مثل هذه الفيضانات طبيعية، خاصّةً على شريط النيل الأزرق، وحدثت عبر سنواتٍ مُتكرِّرة بصورةٍ عشريةٍ، أي كل عشر سنوات تتغيّر المواسم بين الجفاف والماطرة.

الصيحة

 

تعليق واحد

  1. للاسف ما عندنا خبراء كل التصريحات مجرد تكهنات او بتاثير من المصريين الذين يخوفون السودان من اشياء في علم الغيب ..لا عيب في ان نستعين بخبراء اجانب ..بس ما يكونوا مصريين …لابداء النصح و المشورة للحكومة فيما تتخذه من اجراءات ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..