أخبار السودان

“قباب” قصة المملكة التي تهاوت بالمناقل .. مارست نشاطها رغم أنف القانون، وتبنت استثماراتها بلا معايير مؤسسية

تحقيق / هاشم عبد الفتاح

ربما لم يخل اى مجلس بين ثلاثة او اثنين بمدينة المناقل وما جاورها من قرى او فرقان يتهامسان او يتناجيان الا وبينهما احاديث وقصص وروايات عن “اكشاك المناقل” وفساد الاراضي وصعود الراسمالية الجدد على اكتاف الحق العام ..اسماء تتردد بكثافة ليس لانها فرضت نفسها علما او ريادا او رشدا او صلاحا ولكنها برزت هكذا ربما في غفلة من الزمان واكتنزت لنفسها اطنان من متاع الدنيا وحازت كذلك بالحق او بالباطل على آلاف الامتار والافدنة من الارض “الكيري” ..طوعوا القانون لاجل خاصتهم وملكهم الزائل , ولهذا كله باتت المناقل تنام على حكاية وتصحو على اخري اكثر وقعا وايلاما ويستمر نزيفها دون ان تجد طبيبا معالجا يداويها فالقانون غائب او “مغيب” ولهذا ظل الحق العام كانما مهدر ومبدد فحكايتنا اليوم التي نحكي تفاصيلها المؤلمة من المناقل هي شركة “قباب ” والتي يحكى عنها وكانها اسطورة القرن “الحادي والعشرين” وسط مجتمعات المناقل بكل ريفها وقراها وحضرها ..تقول سيرتها المتداولة بين السن العامة انها شركة تاسست ثم نمت وتمددت “كما الاخطبوط”واستاثرت بالقدر الكبير من اقتصاديات محافظة المناقل “الكبرى” آنذاك ولكنها الان تتداعى عليها “العاتيات” ويحاصرها اصحاب الحق القديم ويطاردونها بالقانون والقضاء علهم يسترجعون كل حق مشروع وضائع
عبقرية “قباب” ..!
في مارس من العام 1998 تحالف نفر من نافذي محلية المناقل ومن قياداتها البارزة في ذلك الزمان وجادت عبقريتهم وافكارهم بانتاج مشروع تجاري استثماري اطلق عليه ابائه “شركة قباب للتجارة والاستثمار” وقتها كانت المناقل ملء السمع والبصر ذات ثراء ممدودة اليدين لكن من يطلب عونها ودعمها او حتى سرقتها كانت الزراعة ذات خير باسط بلا رهق ولا عناء ولا حتي تكاليف مقارنة بمقاييس اليوم فبهذه المعطيات المتوفرة في “رقعة المناقل” ولدت فكرة قباب والمؤسس الاساسي هم “محافظة المناقل” بعدد 9 اسهم بالاضافة الى 14 محلية وهى المكونة لمحافظة المناقل الكبرى آنذاك والتى تسمى الان بالوحدات الادارية , فساهمت كل محلية من هذه المحليات بعدد 7 اشهم مما يعني ان كل مواطني محافظة المناقل هم اعضاء في هذه الشركة وبالتالي فهم شركاء في راسمالها واصولها وارباحها ولكن يبقى السؤال هل المواطنين يدركون هذه الحقيقة وهل نالوا اي مبالغ من ارباح الشركة طالما مشروع قائم على التجارة والاستثمار علما بان قدر كبير من حصص السكر في ذلك الوقت والتي كانت توزع على مواطني المحافظة عبر وحداتهم الادارية قد ذهبت “عربونا” حتي تقف شركة قباب على اقدامها , فالشركة من واقع افادة المسجل التجاري بولاية الجزيرة تاسست باموال مواطن محافظة المناقل والمساهمون فيها هى المحليات التي كانت تتكون منها المحافظةفهى اذن بهذه المعطيات (والتوصيفات) شركة حكومية خاصة واموالها اموال عامة .
وشهد شاهد ..!
“الاخبار” حصلت على “تقرير خاص” صادر من مولانا الفكي الضو محمد احمد وكيل النيابة الاعلى بمحلية المناقل وذلك بتاريخ 29/ اكتوبر من العام 2015 عن شركة قباب للتجارة والاستثمار والتقرير موجه الى رئيس الادارة القانونية غير ان الصحيفة لم تحصل على الحيثيات الحقيقية التي السيد وكيل النيابة الاعلى الى كتابة هذا التقرير رغم انه اشتمل على حقائق وبيانات في غاية الاهمية .
تحدث التقرير بانه بتاريخ 24/ 4/ 2002 قررت شركة قباب وعبر اجتماع جمعيتها العمومية رفع سقف راسمال الشركة من (10) مليون دينار آنذاك الى (100) مليون دينار كما قررت الجمعية العمومية في ذلك اليوم ادخال مؤسسين جدد وهم الاتحادات الفرعية لاقسام مشروع امتداد المناقل بالمحافظة بواقع 75 سهم لكل قسم حيث تمت الموافقة من قبل المسجل التجاري بولاية الجزيرة بتاريخ 30 /4/ 2002فيما لم يتم اي تعديل مقدم من الشركة منذ تاسيسها وحتى تاريخه بحسب التقرير وقتها كان رئيس مجلس الادارة هو الشيخ عبد الباقي الريح وعضوية كل من (صلاح المرضي- يوسف الضو ? عمر عبد الرحيم “مقررا” ? فضل المولى الشكيري ? نصر الدين بابكر) وطبقا لهذا التقرير الصادر من وكيل النيابة الاعلى بمحلية المناقل فان القوى العاملة بهذه الشركة حتى تاريخ 29/10/ 2015 عددهم اربعة افراد فقط وهذه المعلومة التي اوردها التقرير ربما لا تتناسب والاصول والامكانيات الكبيرة التي تمتلكها شركة قباب والتي ذكرها التقرير في الاتي :
ثراء واصول “قباب” ..!
حرص المؤسسين لهذه الشركة ان تكون معظم الاصول في شكل اراضي وعقارات ومنازل فالشركة تمتلك كما جاء في افادات وكيل النيابة الاعلى ( قطعة ارض رقم 11/1 مربع (2) الصناعات الشرقية في مساحة (3600) _ منتزه قباب (الذي تحول الان الى خرابات ) ? منزل كبير بمربع (38) ? قطعة ارض شرق مكتب جهاز الامن والمخابرات بالرقم (93) مربع 85 المناقل ومساحتها (9) الف متر مربع ? مخازن بالمنطقة الصناعية الشرقية ? طلمبة وقود شرق رئاسة محلية المناقل ? عدد (2) كرين ? عدد (1) حفار ? بوكس موديل 81 معطل ? لوري داف (تم بيعه لسداد حقوق العاملين) ? عدد 11 كشك مؤجر بالميناء البري ? حساب جاري بالبنك الزراعي فرع المناقل بالرقم (7434) ورصيد قدره (43,455)جنيه -?عدد واحد بوكس دبل كاب – عدد واحد عربة صالون باجوري ) .
“غبش” وضبابية ..!
تلك هى الاصول التي افلح وكيل النيابة الاعلى في حصرها في هذا التقرير مما يؤكد ان شركة قباب تاسست بقدرات وامكانيات ضخمة , الا ان التقرير الذي حاولنا التمعن في فقراته ومعلوماته قد اشار الى ان هناك ضبابية حول اعمال الشركة ومن يديرونها والمستفيدون منها كما انها لم توفق اوضاعها منذ تاسيسها والاهم في ذلك انها (اي شركة قباب) لم تستوفي اشتراطات قانون الشركات لسنة 1925 والمعدل في 2015 ولكن ما لم يفهمه او يستوعبه عامة الناس بل حتى اهل القانون بانه كيف لشركة بكل هذا الثراء والاصول والمعدات والقدرات الاقتصادية الضخمة وطيلة هذه السنوات الطوال منذ تاسيسها تمارس نشاطها بشكل (كيري) دون ان توفر لنفسها الاشتراطات القانونية ؟ فهل فعلا كانت هذه الشركة فعلا ذات (حسب ونسب) ؟ .
“عريضة” المحامين ..!
تساؤلات عديدة ظلت متداولة بين عامة الناس وخاصتهم تبحث عن اجابات حول كل ما يثار من احاديث وقصص عن شركة قباب ولهذا بادرت مجموعة من القانونيين وعلى راسهم المحامي الضليع وصاحب التجربة القانونية الممتدة والراشدة في مجال القضاء الواقف (جاد الله عجيب) فالرجل تحركت فيه حمية الانتماء للمناقل وللمهنة فكتب عريضته ومعه اخرين يحملون ذات الهم وتقدم بها الى النيابة بالمناقل وفتح بلاغه لاعتقاد بان هذه قضية حق عام لابد لها من “تحقيق” لان الذي حرك المحامي جاد الله يمكن ان يحرك العشرات من اصحاب الضمائر الحية , وبحسب متابعات “الاخبار” فان هذه القضية وجدت تجاوبا كبيرا من نيابة المناقل فتولت بنفسها اجراء عملية التحقيقات الاولية فاستدعت عدد من المسوؤلين بالاراضي “والمساحة” بالمناقل ولازالت التحريات جارية وربما تتكشف في الايام القليلة القادمة بعض الخيوط والمفاتيح في هذه القضية .فيما تتحدث المصادر التي تتحدث من هناك عن حراك كثيف داخل منظومة “قباب” هذه الايام على خلفية فتح ملف الشركة امام الجهات القانونية .
البحث عن “المؤسسين” ..!
الصحيفة حرصت على ان تستجلي حقيقة الامر من مصادر حقيقية على ان تقف على اصل حكاية شركة قباب للتجارة والاستثمار التي شغلت الناس كثيرا فحاولت ان تتصل على بعض المؤسسين للشركة فكانت المحاولة عصية فكل الذين حاولنا الاتصال بهم لم نتمكن من مقابلتهم , غير ان السيد يوسف الضو مدير هيئة الاوقاف الاسلامية بولاية الجزيرة واحد المؤسسين لشركة قباب قد نفى صلته بالشركة في الوقت الحالي وقال انه لا يريد الحديث عن هذا الملف باعتبار ان هناك اجراءات قانونية مفتوحة الان بالنيابة حول هذه الشركة وهى ذات الاجراءات التي وصفها المحامي جاد الله عجيب بانها تمضي على قدم وساق .
مفاتيح “الجريمة” ..!
وقال “عجيب” ان هذا الملف الان في مرحلة التحريات الاولية و اضاف : اعتقد ان النيابة مجتهدة كثيرا وتتولى بنفسها عملية التحريات حيث كانت قد استدعت رئيس التسجيلات ومدير الاراضي كما سيتم استدعاء الشخص الذي حرر ووقع على عقد البيع الذي تم لقطعتين تتبع لشركة قباب , القطعة الاولى في مساحة (5) الاف متر مربع تم بيعها لشخصية تجارية (ص/ر) والقطعة الثانية مساحتها (2) الف تم بيعها لامراة ذات علاقة بمسوؤل نافذ , لكن يبقى السؤال ..من هو صاحب المصلحة العليا من هذه (الصفة) ؟ ومن هم الذين يعمل البائع بالنيابة عنهم ؟ تفاصيل وتعقيدات كثيرا سيتم تفكيكها عبر التحريات والتحقيقات التي تجري الان بواسطة النيابة .
وستكتفي الصحيفة بهذه الافادات في هذه المرحلة لمصلحة الاجراءات القانونية رغم ان الصحيفة لديها الكثير من الحقائق والمعلومات عن هذا الملف ولكنها ستتابع كل محطات التحري لرصد كل ما هو جديد ومثير في هذه القضية .
الحرفيون ..والقطط السمان ..!
وفي جبهة اخرى يتاهب قطاع كبير من الحرفيين واصحاب المهن “تحت الشمس” بالمناقل يتاهبون لمنازلة او مواجهة كل من يحاول ان يحول بينهم وبين الهواء الطلق ويسرق “ميدانهم” التاريخي حيث هناك الالاف من المهنين واصحاب الورش الذين جعلوا من هذا “الميدان” ملاذا ومتكأ ومتنفسا , لكن يبدو ان هذا الميدان الذي تبلغ مساحته حوالي (1600) متر مربع بالمنطقة الصناعية الغربية بالمناقل والمعروفة بالقطعة 60 مربع (20) والتي تم اخضاعها الى التخطيط ” والتعويض” عبر لجنة استشارية ولائية لاصحاب القطعة 57 مربع 20 وتعويض ملاك القطعتين 685 / 1 و655/1 مربوع المناقل المتاثرة بحرم مدينة المناقل هكذا كان المدخل للاستيلاء على هذا الميدان وهى محاولة يبدو ان ظاهرها “تعويض” وباطنها استثمار .
تفاصيل السيناريو ..!
وحتى يتم تنفيذ هذا السيناريو فقد التقت (الاخبار) بعدد من اصحاب “الوجعة” من هؤلاء الحرفيين وهم محمود محمد الريح رئيس اتحاد الحرفيين بالمناقل وعبد الباقي عبد الله الامين العام ومصطفى عبد الحفيظ امين البال وبلغوا الصحيفة ان هذا السيناريو بدأ عصر يوم الاحد 18/ يونيو من العام الماضي حينما حضر (السيد المساح) الى الميدان وبدا في التخطيط فتجمع اصحاب الورش مستنكرين هذه العملية عندما تاكد لهم ان هناك مطامع تحوم حول هذا الميدان فادركوا الحقيقة بان هذا الميدان سيتحول الى غرض اخر (كتعويض زراعي ) ومعلوم ان التعويضات لا تمنح في مناطق استثمارية وبحسب افادات هؤلاء الحرفيين فان هناك ثلاثة قطع ممنوحة لشخصيات معروفة (ونافذة) بغرض البيع وربما امتلكت هذه الشخصيات الان (شهادات البحث) رغم ان هؤلاء الحرفيين قد حفيت اقدامهم سنوات عددا وهم يبحثون عن مسجد ومركز صحي داخل هذا الميدان ولكن في خاتمة المطاف كان حصادهم “سرابا” فسارعوا للاتصال بالجهات المعنية فذهبوا الى مدير المساحة بمحلية المناقل فلم يجدوا عنده حلا فهو “عبد المامور”اما سعادة المعتمد فابلغهم بان هذه ارض حكومية ولها حق التصرف فيها , ثم رفعوا سقف التصعيد لهذه القضية فذهبوا للسيد مدير عام التخطيط العمراني بولاية الجزيرة قسم الله محمد احمد والذي اقسم (بالطلاق) بان لا علم له بقضية هذا الميدان مع العلم بان السيد قسم نفسه (موقع) على قرار التصديق بالتعويض في هذا الميدان ضمن ثلاثة اعضاء اخرين يمثلون لجنة الولاية للتخطيط العمراني .
هل ينصرهم “ايلا” ؟ .
وعندما ادرك الحرفيون ان كل المنافذ تبدو مغلقة امامهم فذهبوا للسيد الوالى الدكتور محمد طاهر ايلا علهم يجدون (حلا) يوقف تنفيذ هذا السيناريو فوضعوا على منضدته مظلمتهم بتاريخ الخامس من فبراير من العام الحالي بالرقم (92/19) والتي استلمها مدير مكتبه وذكروا في هذه الشكوى ان هذا الميدان يشكل اهمية قصوى للمنطقة الصناعية الغربية باعتباره المنفذ الوحيد لتفريغ الاليات الثقيلة كما تفتح في هذا الميدان اكثر من 148 ورشة يعمل فيها عدد كبير من الحرفيين , تلك هى حكاية ميدان تتجازبه المطامع ويكاد ان يسقط من بين ايدي هؤلاء الحرفيين ..فهل ينصرهم السيد “ايلا” ؟ (وتستمر الحكاية)

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..