“عندما تتشظى صاحبة الجلالة”

عبدالدين سلامه
هرب الرزيقي لتركيا لاحقا بجماعته في عاصمتهم هناك كما تناقلت وسائل التواصل ، وهروب الرزيقي واحد من نتائج القصور الأمني للأجهزة العسكرية في تنفيذ القرارات المدنية حتى يتم وصم الحكومة المدنية بالضعف ، فالرزيقي بحسب آخر الأخبار لازال على ذمة التحقيق فكيف يسافر عبر مطارنا الرسمي ، ومطارنا الرسمي في حقيقة الأمر لازال يحتاج ثوره ، فالحكومة المدنية قامت بدورها كاملا في توجيه التهم وسير مجرى القانون ، ومن يحرس المطار ليس المدنيون وإلا لما اكتظت تركيا بكل مردة النظام المقبور وأذياله .
هروب الرزيقي يقودنا لنقطة حساسة لابد من الحديث فيها ، فحل اتحاد الصحفيين بكل أسف لم يقف الصحفيون منه موقفا مشرفا ، ولم يفتح الله على زملاء المهنة الأعزاء بكلمة حق تقف في وجه الحل ، فالحل يجب أن يكون للجنة لا الاتحاد ، وللسياسة لا المقر والمأوى ، ولو كانت القاعدة التي تم اتباعها مع اتحاد الصحفيين صحيحة فلماذا لم يتم حل الوزارات وتجميد القصر الجمهوري وحل كل المؤسسات الحكومية ؟؟ ألم يكن النظام المقبور متربعا عليها وتم طرد مسؤوليه منها وتركها تمارس عملها دون تعويق ودون أن نسمع بإغلاق باب وزارة أو وضع حراسة مغلّظة على مفوضية ّ !!!!!!
مشكلة الخلط في الأمر أظهر الاتحاد وكأنه ملك للرزيقي ولجنته أو ملك للنظام البائد ، وكما تم تحرير الجامعات من قبضة النظام البائد واستئناف النشاط فيها بعد ذلك ، كان من المفترض أن ينطبق الأمر على اتحادنا ، فاتحاد الصحفيين هو بيتهم ، والبيت لم يكن خالصا للجنة الرزيقي ولا للمؤتمر اللاوطني ، وإلا ماكانت شبكة الصحفيين تخلقت من هذا الجسم ولاكان المغضوب عليهم من الأعضاء أضعاف أضعاف المرضي عنهم من نطيحة ومتردية الصحافة .
والغريب في الأمر أن زملاءنا الصحفيين بدلا من أن يقفوا صفا واحدا ضد تجريف بيتهم ،انخرطوا في صراعات غير معلنة لنيل شرف بناء بيت مغاير ما زاد في تقسيم المقسم في أسرة بيتنا الواحد .
والإنقلاب الواضح الصريح الذي حدث نهارا جهارا هو تشكيل جسم للصحفيين الذين يكتبون في الأنترنت ، وبدعم واضح من زميلنا وصديقنا وزير الاعلام ، وهو تحايل واضح ، فليس هناك فرق بين الصحفي الورقي وصحفي الأنترنت ، لأن كل صحفي هو صحفي أنترنت طالما الصحافة الورقية تحولت للأنترنت تحولا كاملا أو عبر نسخ يومية أو مقتطفات ، ومن الضحك على العقول أن تتم محاولة فصل الفئتين ، وكان الأجدر أن يتم داخل الاتحاد تعديل النظام الأساسي وفق شروط منطقية لاستيعاب الصحفيين غير الورقيين طالما أن الأنترنت إستوعبهم جنبا لجنب مع الورقيين ، فالمريض يتم علاجه لاقتله .
الصحفيون هم حملة لواء الوعي ، والوطن في ظروفه الحالية واللاحقة يحتاجهم جسما واحدا متحدا يمتاز بالمهنية الصرفة التي لاتنحني أمام أية ميول لفصيل دون الآخر أيا كان تصنيف ذلك الفصيل ، وما يحدث بين زملاء المهنة في وطننا أمر مخجل ولايبشر بمستقبل مأمول ، فسقف أحلام الناس بوطن ماقبل الثورة يحتاج صحافة قوية متماسكة وواعية تقوده لأن الاعلام هو الذي يقود حركة الحياة ويعبّد طريق مسيرة ازدهار الأوطان والشعوب ، وإعلامنا الحالي سيكون المعوق الأول في طريق الوطن لو استمر الصحفيون على خلافاتهم وتفريطهم في بيت بذلوا النفيس والغالي لبنائه
وقد بلغت