ارحموا غزة

عثمان ميرغني

ما تتعرض له غزة، في ظل ما جرى ويجري بين إسرائيل وحماس، يطرح أسئلة كثيرة تبحث عن إجابات لا تقدمها تصريحات المسؤولين، ولا النتائج المتوقعة والمحتملة من هذا التصعيد. فالعمليات العسكرية تقاس بنتائجها، وليس بالتمنيات أو بالتصريحات الحماسية والخطب النارية. والسؤال المحير هنا هو: ما الذي سيتحقق في هذه المواجهة مختلفا عما تعلمناه من حرب الأسابيع الثلاثة في غزة عام 2008 التي انتهت بمقتل نحو 1400 فلسطيني وبدمار هائل في القطاع، مقابل 13 قتيلا إسرائيليا؟ فتلك الحرب انتهت بهدنة، لم تدُم بالطبع، ولم تؤدِّ إلى رفع الحصار عن غزة، وبالتالي لم تتحسن أحوال الغزيين بل ساءت، بينما على الجانب الإسرائيلي عادت الصواريخ بعد توقف قصير، ولم تؤدِّ العملية إلى ما قال القادة الإسرائيليون إنهم سيحققونه منها وهو تدمير البنية التحتية لفصائل المقاومة وإضعاف حماس. فهناك من يشكك أصلا في أن تكون إسرائيل تريد تدمير حماس، لأن الانقسام الفلسطيني الحاصل، والصراع بين حماس والسلطة الفلسطينية، يصب في مصلحتها، كما أن في إسرائيل من يرى حتى اليوم أن البديل لحماس لن يكون حركة فتح، بل حركات أكثر تشددا، مثلما قال وزير التعليم الإسرائيلي جدعون ساعر.

في ظل تجربة عام 2008 يحار المرء عندما يرى البعض يفرح اليوم ويهلل لمجرد إطلاق صاروخ على تل أبيب، حتى لو سقط هذا الصاروخ في البحر أو في الخلاء، بينما الحقيقة المريرة أنه مقابل ذلك يموت عشرات الفلسطينيين ومنهم الكثير من الأطفال والنساء في الغارات الجوية والبحرية الإسرائيلية. وبالحسابات العسكرية البسيطة، لا تبرر النتيجة بعض المظاهر الاحتفالية التي برزت في الأيام الأولى من هذه العمليات، فبعد نحو 848 صاروخا أطلقت من غزة في الأيام الستة الأولى من العملية، قالت إسرائيل إن منظومة القبة الحديدية أسقطت منها 302، وتحطم أكثر من 90 في الجو قبل أن تصل إلى أهدافها، بينما أحدثت البقية بعض الدمار وقتلت ثلاثة إسرائيليين. مقابل ذلك قصفت إسرائيل أكثر من 1350 «هدفا» كما تقول، ودمرت الكثير من المنشآت والمنازل، بينما زاد عدد القتلى الفلسطينيين عن 100. والأرقام تتحدث عن نفسها ولا تحتاج إلى كثير شرح لكي يدرك المرء أن معادلة الردع غير موجودة وأن الخسائر الفلسطينية أكبر وأفدح، فكيف يهلل البعض وكأن ما حدث هو النصر المبين؟!

الغريب أن مطالب حماس اليوم لا تختلف كثيرا عن مطالبها عقب حرب 2008، فهي تقول على لسان بعض المحسوبين على قيادتها إنها توافق على التهدئة إذا أوقفت إسرائيل عملياتها وأنهت سياسة الاغتيالات ورفعت الحصار عن غزة. إسرائيل من ناحيتها حددت مطالبها في وقف إطلاق الصواريخ وبأن يكون هناك هدوء تام في مناطقها الجنوبية. فالطرفان يريدان تهدئة أو هدنة، والوسطاء يعرفون أن هذا أقصى ما يمكنهم تحقيقه في الظروف الراهنة.

قد يقول البعض إنه بالنسبة لإسرائيل فإن التصعيد يحقق مكاسب انتخابية لنتنياهو وباراك اللذين يأملان في تعزيز موقفيهما قبل انتخابات يناير (كانون الثاني) المقبل التي دعا إليها رئيس الوزراء الإسرائيلي قبل موعدها، لأنه يريد تدعيم مركزه السياسي في مواجهة أحزاب اليمين الديني المتشدد، وتقوية موقفه في مطالبته المستمرة لواشنطن بشن حرب ضد إيران. استطلاعات الرأي أكدت بالفعل أن نتنياهو وباراك عززا موقفيهما بعد عملية «عمود السحاب»، وأن 84 في المائة من الإسرائيليين، وفقا لصحيفة «هآرتس»، أعربوا عن تأييدهم للعملية.

هناك من يرى أيضا أن إسرائيل تريد استنزاف مخزون حماس من الصواريخ، وذلك تحسبا لأي عملية قد تقوم بها أو تشارك فيها ضد إيران، وحتى لا تواجه احتمال قيام حلفاء طهران بعمليات دعم لها في مثل هذه الحالة. وكان لافتا أنه إلى جانب تصعيدها لعمليات قصف أنفاق التهريب، فإنها صعدت عملياتها في السودان التي كان آخرها الغارة على مصنع اليرموك في الخرطوم وسط تسريبات في وسائل الإعلام الإسرائيلية عن استهداف شحنات من الأسلحة والصواريخ الإيرانية كان بعضها في طريقه إلى حماس.

في موازاة ذلك فإن توقيت التصعيد الجديد في غزة يعزز احتمال أن تكون إسرائيل هدفت أيضا إلى عرقلة جهود السلطة الفلسطينية للحصول على العضوية غير الكاملة في الأمم المتحدة، لا سيما أنها عارضت بشدة تحركات محمود عباس في هذا الصدد وضغطت عليه مع حلفائها في الغرب للتراجع عن هذا الطلب. واللافت أن حماس بدورها لا تؤيد تحركات السلطة في هذا الاتجاه وترى أن لا فائدة منها، لتلتقي في ذلك مع إسرائيل وإن اختلفت الدوافع. وعلى الرغم من أن السلطة الفلسطينية أعلنت أنها ماضية في تحركاتها لطلب العضوية في الأمم المتحدة، فإن الصواريخ المنطلقة من غزة وعليها أعطبت بالفعل هذه التحركات واضطرت أبو مازن إلى قطع جولته الأوروبية لحشد الدعم للطلب الفلسطيني، كما أدت إلى توتير الأجواء بما لا يخدم خططه.

حماس التي تستقوي الآن بالمد الإخواني في المنطقة قد تكون تفكر في أن لديها فرصة في تجاوز أبو مازن والسلطة الفلسطينية ومد نفوذها على الأرض، وهي تعكف حاليا على إعادة ترتيب أوضاعها الداخلية بعد تنحي خالد مشعل عن رئاسة المكتب السياسي للتفرغ للعمل التنظيمي وتعزيز التواصل مع الأطراف الخارجية، خصوصا مع حركات الإسلام السياسي التي قويت شوكتها بعد «الربيع العربي»، بينما تتحرك قيادة حماس في الداخل لترجمة الوضع الجديد إلى واقع لتعزيز نفوذها. وربما في هذا الإطار يمكن إعادة قراءة تصريحات إسماعيل هنية، رئيس حكومة حماس، التي قال فيها الشهر الماضي إن تجربة حماس في حكم غزة كانت أول تجربة للحركة الإسلامية بهذا العمق والاتساع، معتبرا أن حكومته «ليست حكومة غزة، وليست حكومة في غزة، وليست هناك دولة أو كيان في غزة، فنحن نتحرك على امتداد هذا الوطن فلسطين، كل فلسطين».

إن ما يحدث في غزة اليوم لا يثير الحيرة فحسب، بل الحسرة والألم للمعاناة التي يعيشها القطاع وأهله الذين عانوا كثيرا من حروب الأشقاء والأعداء، ومن مغامرات السياسيين وحساباتهم.. ارحموا غزة وأهلها.

[email][email protected][/email]

الشرق الاوسط

تعليق واحد

  1. ايها الميرغني وما هو تحليلك ودراستك عن دارفور والنيل الأزرق والأبيض وكردفان والشرق وقضايا الهوية والوطنية في السودان وبدون اي انتماء سياسي انت تفلح فقط كتابة مثل هذا السخف اللذي لا يعني السوداني البسيط اين انت انائم انت ام تعيش خارج الأطار السوداني الأصيل اكتب لنا عن السودان وكل مشاكله التي لا تعد ولا تحصي هداك الله تعالي وايانا يهمنا المواطن السوداني هويته اكله شرابه تعليمه صحته بل وحتي جيبه ازرع في عقول الناس محبة الوطن والأصالة والأهتمام بمشاكله ومصائبه فما تكتبه لن ينير عقولنا ولن يشبع بطوننا ودع قضايا اهلها هم اولي بحلها

  2. نحنا مالنا ومال غزه خلينا في مصيبتنا ياريت مايفضل ولا فلسطيني كرهتونا وحشيتونا وطلعتو دي………………………

  3. جارينا لي في شئون ادول العربيه والله ما حصل قرأت لكاتب عربي عن الشأن الداخلي السوداني ,الا نادرا
    ونا س ود الميرغني يحللوا في القضيه الفلسطينيه .مالنا ومالو أن شاء الله مايحرروا

  4. يعنى خلاص مشاكل السودان إتحلت بقيتوا تكتبوا لينا عن البلدان التانية؟؟؟ بعدين قصة حماس و غزة شنو اليومين ديل معانا؟؟؟ بالطريقة دى أريتها ما إتحلت القضية دى كلو كلو.. وجعتوا قلبنا الله يوجع قلبكم.

  5. حريقة في غزة لاخر فلسطيني… احنا مالنا ومال الناس اللي بيقولوا علينا عبيد
    صحيح الشعب السوداني بقي كله عبيد
    اخيرا الجنوبيون بقوا احرار واسياد بلد ليها عزتها وكرامتها
    ونحنا بقينا عبيد العربب والايرانيين

    الله لا بارك في حكومة الكيزان لاخر واحد
    اللهم اصيبهم بمرض يجعلهم يتمنوا الموت ولا يجدوه
    لعنة الله علي الاسلاميين محل ما كانوا

  6. حماس الاخوانية هي السبب في كل المصائب التي حلت بقطاع غزة ….

    فالعنترية والخطب الهوجاء والتصرفات الرعناء هي التي جلب الموت والدمار على غزة …..

    لا فرق بين ( ساطور) الحاج آدم و ( العاب حماس النارية ) …..

    والنتيجة وهم ظل يعشعش في اذهان هؤلاء المرضى ……

    هل حررت صواريح حماس فلسطين ام انها ازهقت ارواح بريئة من اطفال ونساء غزة بلا ذنب …..

    اخوتي اهل غزة مبتلون بحماس تماما كما ابتلينا باخوان السودان المتاسلمين …..

    فادعوا الله ان يزيل عنهم البلاء وايانا …

    آمين

  7. Is this man sudanese?? well we agree with you in gazza and you also agree with us in supporting our families , relatives in sudan

    do you know that the ration of education in gazza is the best all over the arab world???????? do you know that sudanese are slaves in the eyes of gazza people and other arabs?? do you know that palatinan victims since 48 are yet to be the same number of darfurian victims since 2003 til now??

    Oh God, help gazza and sudan people against the injustice and war crimes

  8. مالنا مال غزة انحنا الحاصل علينا عمرو ماحصل في غزة بتاعتك دي ياعثمان هضربة بالله غور انت وغزة خلينا في مشاكلنا المتلتلة اللي نحنا فيها دي وبعدين اسمع انا زول بقول لي عبد ده لااخوي ولا بعرفو وان شاء الله غزة والدول العربية كلها تغرق البحر ماغرضي وفي ستين داهية كلهم ومادام عاجبينك كده امشي اقعد معاهم هناك خليهم ينفعوك ديل ناس مساخيط والعياذ بالله ربنا سلط عليهم اليهود يابشر فاهم يهود ياوهمان ياايها الغارق في احلام اليقظة انت والحاج ادم الخرفان

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..