وطن.. مسحور

زمان مثل هذا

وطن.. مسحور

الصادق الشريف

? أجرت صحيفة التيّار حواراً مع السيّد رمضان مليك شوك.. رئيس حزب المؤتمر الوطني بمنطقة أبيي.. والقيادي بقبيلة دينكا نقوك. ? والحوار هو حالة من الألم.. مثل وجع الضرس.. ينتحُ على رأس كلّ دقيقة بالألم.. ألمٌ يعيشه بعض المواطنين (الشماليين!!!).. وكلمة الشماليين تتبعها علامات تعجب كثيرة.. لأنّ (التعجّب) هو العلامة الأقرب لتوصيف الألم ومسببات الألم. ? رمضان مليك من دينكا نقوك.. وبالطبع هي كَـ (قبيلة) تتحالف مع الحركة الشعبية.. ولكن رمضان هو قيادي بحزب المؤتمر الوطني.. وأهمية الحوار هو وجود شخص مثل هذا.. يحمل رؤًى سياسية تختلف مع رؤى بني جلدته. ? ومع ذلك لم ينفع انتماء الرجل السياسي في التخفيف من نقمته على المؤتمر الوطني.. ولم ينفع تحالف قبيلته مع الحركة الشعبية.. من نسيانه أوزارها. ? فالرجل يقول إنّ أهله يئسوا من خيرٍ يأتِ من المؤتمر الوطني.. ومن عطاءٍ ينبع من الحركة الشعبية.. وهذا ما قادهم إلى الخيار الثالث المطروح عليهم في المنطقة حسب اتفاق نيفاشا. ? الخيار الأول هو الانضمام إلى الشمال.. والثاني هو الانضمام إلى الجنوب.. ولأنّهم جربوا الاثنين.. فهم الآن يفضلون الخيار الثالث وهو الاستقلال كـ (إقليم/دويلة/ State) منفصلة عن الاثنين.. ليجربوا حظهم بعيداً.. بعيداً عن الاثنين سياسياً.. رغم التوسط بينهما جغرافياً. ? من الآلام التي ذكرها.. أنّ الرئيس أصدر قراراً بـ (شمالية أبيي).. ومع ذلك وقف ذلك القرار في موقعه الفوقي .. فلم يخرج من إطاره السياسي ليصبح واقعاً تنفيذياً. ? قال بحسرة (مواطنو أبيي مازالوا أجانب في دولة الشمال وليست لديهم مستندات مثل الجنسية والشهادات وحتى أولئك الطلابُ الممتحنون للشهادة السودانية لم يتمكنوا من إخراج المستندات واستكمال إجراءاتهم). ? ليس هذا فحسب.. بل مضى الأمر إلى حدود الشعائر الدينية حين قال (وكانت لدينا فرصة لخمسة عشر حاجاً.. وكانت هذه الفرص لمسلمي أبيى.. ولم نتمكن من استخراج المستندات إلى أن انتهت فرصة الحج.. فضاعت الفرص). ? واختصر الأمر في نهاية الحوار على النحو التالي: (المؤتمر الوطني يهتم بأبيي كـ (أرض).. ولا يهتم بها كـ (سكان ومواطنين).. ودليله على ذلك ما ذكره آنفاً.. من أنّهم لم يستطيعوا أن يلحقوا بموسم الحج.. لأنّهم (بدون) جنسية.. و(بدون) أوراق ثبوتية. ? وكنتُ قد أشرتُ في مقالٍ سابق إلى ما قالته السيناتور هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية محذرةً طرفي الأزمة في أبيي (إذا لم يصل الطرفان إلى تسوية حول أبيي.. فسوف تفرض الولايات المتحدة حلولاً حول المنطقة لن ترضي أياً من الطرفين).. وانفصال أبيي هو الحل الذي لن يرضي أيّاً من الطرفين. ? وقد تمّ التمهيد لهذا من خلال طلب بعثة الأمم المتحدة في السودان (يوناميس) للارتكاز في أبيي في حال خروجها من السودان.. وبعدها تحوّل الطلب إلى (يوناميد).. بعد انتهاء أجلها. ? وها هي الخطط الدولية لمزيد من التقسيم تجدُ لها سنداً شعبياً بالداخل.. وتجدُ مَن يُبغِّض الأوطان لمواطنيها. ? هذه البلاد (مسحورة).. فمن يرقيها؟؟.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..