جهاز الامن يغلق صحيفة الجريدة المتخصصة في كشف فساد النظام

ابراهيم علي ابراهيم ( الصحفي )

بدأت جريدة الجريدة في مطلع الثمانينات إبان العهد المايوي ، وكانت من أوائل الصحف المستقلة التي سمح لها بالعمل ، لكنها لم تكن جريدة سياسية ، إنما أهتمت بالابداع من شعر وأدب وفن وقدر من المنوعات ، وقام بتحريرها عدد من الزملاء والمبدعين من بينهم صديقي الشاعر محمد نجيب محمد علي .. والصديق الراحل زين العابدين احمد محمد .. ، ولم يكن مسموحا لها بالطبع العمل في المجال السياسي . ولم تكن هناك سياسة أصلا .
وبدأت الاصدارة الثانية خلال الديمقراطية الاخيرة تحديدا في العام 1987م وترأس تحريرها الصديق الصحفي الكبير هاشم كرار وعدد من الزميلات والزملاء والذين ماتزال تربط بين غالبيتهم صداقة ووشائج حميمة .. ، وهذه المجموعة ، نفذت إضرابا عن العمل لخلاف مع إدارتها وأغلقت علي إثره الصحيفة ، وسعت الادارة لإستمراريتها ولكنها أستمرت لخمسة أيام فقط وأغلقت . وكان الخلاف يتمحور حول رفضنا عمل المحررين بالإعلانات الي جانب عملهم الصحفي وهذا بالطبع يتنافي مع اخلاقيات المهنة .. ، فالجهة التي تعطي المحرر إعلانا .. لن يقدر في الغد علي إنتقادها .. ، والاعلانات هي علم قائم بذاته وله أقسامه الخاصة في الصحف ويشرف عليها موظفون متخصصون .

صدرت الجريدة للمرة الثالثة في ظل هذا النظام عقب اتفاقية السلام علي ما اعتقد ، ولكن تحت ملكية وفريق آخر .. ، ومن حسن الطالع ان يكون الفريق الثالث أيضا يتميز بالمسئولية الوطنية والالتزام المهني .. ، فقد ظللنا نتابع الظروف الصعبة التي تعمل فيها هذه الصحيفة .. ، في ظل الممارسات التي اعتاد عليها زبانية النظام الفاسد .. ، فهم مثل آل بوربون لم ولن يتعلموا .. ، رغم ان ولي نعمتهم قال في شهر يونيو الماضي انهم رفعوا الرقابة عن الصحف ولكن .. لافائدة .. ، وحدث ذلك أيضا بعد توقيع اتفاقية السلام عام 2005م .. ولكنهم لم ولن يتمكنوا من منح الصحف حريتها لأن بيوتهم من زجاج .. ، ولكن البيوت المبنية بأساس متين لا تخشي الرياح .. ولا يقوي احد علي المساس بها ..فخلال أسبوع واحد صودرت الجريدة لثلاث مرات أيام 21 و 22 وأخيرا صودرت بالامس وأغلقت لأجل غير مسمي ..
إن ما يحدث للجريدة يعد أنموزجا لطبيعة النظام الذي يعمل بكل جهدة حتي لا تكون هناك صحافة حره و جادة ومسئولة تعين الوطن والمواطنيين علي الخروج من النفق المظلم الذي أدخل النظام فيه البلاد ..
وهل يقوي أي صحفي يملك ضميرا يقظا وقدرا من الوفاء لهذا الشعب .. ، أن يري مآسي البلاد والفساد الطافح .. والمجاعات والحروب ويقف موقف المتفرج .. ؟
إن هؤلاء الشباب الرائع من الزميلات والزملاء في الجريدة .. وغيرهم في الصحف الاخري .. والذين تعرضوا للأعتقال و التعذيب والطرد من العمل والملاحقة .. ، ليسوا معزولين عن جسد الصحافة الممتد منذ عهد الاستعمار .. مرورا بكل النظم الدكتاتورية التسلطية .. ، والذين دفعوا الثمن غاليا .. ، من أجل ثبات المهنة وتطورها ..
وأقسم بالله العظيم .. انني إلتقيت الاستاذ الكبير ومعلم الاجيال رحمي سليمان .. عقب إنقلاب الجبهة الاسلامية عام 1989م ” ونظارته مكسورة ” يسير في شوارع الخرطوم علي قدمية . وهو الذي رفض رشوة من دولة كبري .. لإقامة صحيفة يومية .. ، قدمت له عبر دولة جارة… ، وهو موضوع حقق فيه الدكتور عبد الله علي ابراهيم .
إنه أحد النمازج الوطنية المشرفة التي تقتدي بها الاجيال .. ، ولقد فقدنا في سنوات الانقاذ عدد لا يستهان به من الزملاء الذين رحلوا في المنافي دفاعا عن حرية الصحافة ودفاعا عن الديمقراطية ووحدة الوطن ، وان يظل انسان السودان عزيزا سيدا في وطنه .

تظل الصحافة السودانية تواجه قدرا من عدم الاستقرار .. ، نتيجة لغياب الحرية .. ، إذ لا توجد صحيفة أستمرت لبضعة سنوات إلا الصحف الممالئة للنظم المستبدة التسلطية .. ، مثل هذا النظام الذي يعمل علي الاضرار بالوطن يوما بعد يوم .. ، ولن يرعوي ما لم يتم إنتزاعة عبر ثورة شعبية عارمة .
يرونها بعيدة ونراها قريبة . الزميلات والزملاء الاعزاء في جريدة الجريدة تحية وإحتراما لكم .. ومعا علي الدرب نسير .. ، أ

فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الارض ، كذلك يضرب الله الأمثال . صدق الله العظيم ” الرعد الآية 17 ” .
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. خلي يقعدوا فيها الطبالين (تيتاوي ، عثمان ميرغني ،الهندي ، حسين خوجلي ، د. ياسر ، وأمثالهم) شخصياً سأعتزل الصحافة لو أوقفت أي صحيفة سودانية بسبب حقيقة .. فساد .. لكن أن تغلق صحيفة بسبب شفافيتها وإظهار الحقائق ..وتصدر أخرى كالذي يقول لأخيك إنت ابن كلب على مسمع منك ..

  2. يا ابراهيم ما كان تكتب بعد الصحفى دي ( ابو نظارات) عشان للتذكير لانه غيابك طال والكثيرين يذكرونك بالخير. ماقلته فى حق الجريدة قليل من كثير فقد صمدت لاستهدافها بواسطة السلطات ومصادرتها بعد الطبع مرات ومرات لتكبيدها أكبر قدر من الخسائر المادية .. ولكنها رغم ذلك صمدت وتحدت . المأمول أن نسعى جميعا لاقتناء الجريدة حال عودة صدورها دعما لصمودها وحتى تتجاوز الخسائر التى سببها لها الاستهداف المستمر . أرجو ان يجد هذا النداء التجاوب من الجميع بشراء الجريدة يوميا

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..