والي البحر الأحمر: مئات المواطنين غادروا حلايب بسبب التضييق من جانب المستعمر

أدينا صلاة العيد في أوسيف دعماً لمواطني المنطقة المحتلة
مصر لن تشيِّد موانئ في حلايب لإدراكها الحقيقة
قرار تغيير هيئة المجلس التشريعي صحيح
لا يوجد في منهجنا مكان لتصفية الحسابات
لم يتم إغلاق الطريق القومي لعبور سيارتي
حاوره: صديق رمضان
كشف والي ولاية البحر الأحمر، اللواء علي أحمد حامد، عن مغادرة المئات من المعدنين لمثلث حلايب المحتل على إثر المضايقات التي تعرضوا لها خلال الشهرين الماضيين من المستعمر المصري، قاطعاً بأن الوجود المصري مهما تطاولت أيامه في حلايب سيظل احتلالاً سينتهي وقته، مستبعدًا إنشاء المصريين لموانئ داخل المثلث لإدراكهم بأن الأرض ليست ملكهم، ولفت إلى أن معلومة حدوث اختراق من الجيش المصري لحدود السودان قبل أيام في منطقة العلاقي تحتاج لمزيد من الاستيثاق، ولفت إلى أن الجلسة الإجرائية لتغيير هيئة المجلس التشريعي يتم تحديدها عقب انطلاقة دورته في شهر أكتوبر القادم، مؤكدًا على اتساق قرار المكتب القيادي للمؤتمر الوطني بالولاية مع موجهات المركز، ونفى تقديم إغراءات للنواب وممارسة ضغوط عليهم، وفيما يلي نستعرض إجابات الجنرال علي حامد على أسئلة الصيحة:
*دعناأ نثمن خطوة تأديتكم صلاة العيد بمدينة أوسيف بمحلية حلايب، ونسأل ما هي الرسائل التي أردتم إرسالها من وراء ذلك؟
– هدفنا من أداء صلاة عيد الفداء مع الأهل بمحلية حلايب إرسال رسائل تطمين للمواطنين في المثلث المحتل، تؤكد لهم أن الحكومة معهم وتفرد اهتمام كبير لأمرهم ومتابعة لأوضاعهم وتقدر وجودهم تحت الاحتلال، وكذلك أردنا أن نؤكد لهم قربنا منهم، وفي هذا جانب معنوي أردنا أن يصل إليهم في المناسبة الدينية العظيمة، بالإضافة إلى ذلك فقد هدفنا إلى إرسال رسالة أخرى مفادها أن الاحتلال مهما تطاولت أيامه وعمد إلى إحداث تغيير في المنطقة سيظل في الحقيقة احتلالاً لا يمكن أن يغير من الحقيقة شيئاً.
*ألم تساوركم مخاوف وأنتم تؤدون صلاة العيد على مقربة من حلايب المحتلة؟
– لا.. لا.. ومرد ثقتنا يومها أننا واجهنا الكثير من المخاطر في حياتنا، ولا يوجد ما يدعونا للخوف، ولم تكن أول مرة ندخل في مثل هذه المواقف، والأمر الذي جعلنا أكثر اطمئناناً أننا نؤدي الصلاة داخل تراب بلادنا ووسط أهلنا، ووجود المحتل على مقربة منا لم نكترث له كثيرًا لأن المنطقة التي وضع يده عليها هي أرض سودانية.
*وماذا عن رسالتكم التي أردتم إيصالها للجانب المصري المحتل؟
– رسالتنا واضحة، ظللنا نؤكدها في كل مناسبة، وهي أن الواقع المفروض حالياً في حلايب هو احتلال، ولن يغير من الحقائق التاريخية التي تؤكد أن المثلث سوداني الهوى والهوية، وأن الاستعمار يظل بالنسبة لنا أمراً مؤقتاً وعابراً ولابد أن ينتهي أمده.
*ولكن ما أُخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة؟
– هذا ليس منطقنا، وفي هذه المرحلة، فإن سياسة الحكومة الاتحادية ترتكز على التفاوض والتحكيم وهي الأصل ونحن معها في هذا النهج.
*المحتل المصري ظل يرفض التفاوض والتحكيم، ويتوقع أن يمضي على هذا النهج، فإلى متى يستمر هذا الواقع؟
– من المعلوم أن قضايا الخلافات الحدودية بين الدول لا تحل في عام أو عامين، بل تتطاول الفترة، ولكن في النهاية تظل الحقوق هي الحقوق، والتجارب والأمثلة توضح أن الكثير من الخلافات بين الدول على الحدود تم حلها في النهاية عبر التفاوض، ونحن لسنا استثناءً من ذلك، لذا سنظل متمسكين بأحقيتنا في حلايب، ولن يصيبنا اليأس من الحل عبر التفاوض مهما تطاول الزمن.
*منذ توليك إدارة الولاية أفردت اهتماماً لملف حلايب على عكس سلفك، ما هي الأسباب؟
– في الواقع أننا نفرد اهتماماً لكل محليات الولاية، ونرى أن واجبنا توفير الخدمات للمواطنين وإحداث تنمية على الأرض، وفي هذا الإطار نهتم بحلايب التي لها خصوصية لوجود جزء منها تحت الاحتلال، بالإضافة إلى حاجة المواطنين للخدمات، وقد تم بذل جهد كبير في هذا الإطار من أجل إحداث استقرار، وكذلك حتى يمارس السكان حياتهم الطبيعية، وحلايب جزء من الوطن، وقد عانت لسنوات طويلة وتستحق الاهتمام وتحتاج لمزيد من الجهد .
*في خطابك بأوسيف أكدت على أن المنطقة تحتاج للتمييز الإيجابي وتوجهت بالشكر لوزارات اتحادية، ألا تعتقد أن المنطقة ما تزال بحاجة إلى التفاعل أكثر؟
– نعم.. المنطقة تحتاج لمزيد من الخدمات، وقد بذلنا مجهودات كبيرة لترقية خدمات المياه والتعليم والصحة، ولكن في تقديري أنها تحتاج إلى المزيد خاصة فيما يتعلق بالمشروعات الاستثمارية التي يمكنها توفير فرص عمل للمواطنين، وهذه المطلوبات ستكون محور اهتمامنا في المرحلة القادمة.
*الاهتمام الحكومي بحلايب جاء بعد أكثر من عقدين من الاحتلال، هل هذا استدراك لما مضى وتكفير عن أخطاء الماضي؟
– أختلف معك في اعتقادك هذا.. لأنه لا يمكن القول إن الاهتمام جاء متأخراً، والشاهد على ذلك أن الحكومة حرصت على ربطها بطريق مسفلت حتى بورتسودان، أو فلنقل أجزاء الوطن الأخرى وهو مشروع ضخم جداً، وكذلك توجد بالمحلية الكثير من المنشآت التي شيدتها الحكومة مثل مستشفى أوسيف قبل خمس سنوات، علاوة على وجود مرافق خدمية أخرى، ولكن بكل تأكيد يظل سقف التنمية مرهوناً بسياسة توزيعها على المحليات.
*حسناً.. ولكن ما إن تحرك وفدكم صوب بورتسودان حتى جاء الرد سريعاً من الجانب المصري بمزيد من التضييق على المواطنين في المثلث المحتل؟
– غير صحيح.. المعلومات التي يتم تداولها في هذا الإطار لا علاقة لها بالواقع بالمثلث المحتل، حيث لم يتعرض المواطنون لمضايقات كما أشرت بعد مغادرة وفدنا مدينة أوسيف يوم عيد الأضحى، ولم يتعرض مواطن للقتل، والسبب الذي جعلنا نشد الرحال شمالاً ونؤدي صلاة العيد في أوسيف أن المواطنين تعرضوا خلال الشهرين الماضيين لمضايقات من المحتل أسفرت عن خروج المئات من المعدنين من المثلث، حيث توجهوا إلى مناطق متفرقة منها بورتسودان، وفي الواقع فإن المعاناة والموت موجودان سلفاً، ولم يحدثا عقب زيارتنا.
*وأيضاً أعلن المحتل المصري عقب زيارتكم إنشاء موانئ داخل المثلث؟
– أستبعد هذه الفرضية، نعم، تمت الإشارة من جانبهم منذ فترة طويلة أنهم أعدوا الدراسات وصمموا هذه المشروعات، ولكن قناعتي أن الاحتلال لن يركز على هذا الجانب لإدراكه التام أنه يتواجد في أرض ليست ملكه، وفي نهاية المطاف، فإن هذه الأصول وعند عودة الأرض إلى اصحابها ستضيع منه، ومن قبل تم الإعلان عن هذه المشروعات أكثر من مرة، وأعتقد أنها مجرد دراسات فقط.
*أرسلت في خطابك تحية لقائد الجيش السوداني داخل المثلث المحتل العقيد إمام أحمد إمام، ولكن يوجد من يشير إلى تعمد الجانب المصري تقليص هذه القوات؟
– الوجود السوداني ممثلاً في القوات المسلحة داخل المثلث المحتل يأتي استناداً على اتفاقية قديمة بين الطرفين، وليست لدي تفاصيل عن هذه الأحاديث، ولكن ما أستطيع تأكيده أن قيادة الجيش السوداني تعلم كافة التفاصيل ولديها حساباتها وتقديراتها.
*أحاديث تدور عن حدوث اختراقات للجيش المصري بدخوله الأراضي السودانية للاعتداء أو اعتقال المعدنين؟
– الاعتقالات التي طالت المعدنين تمت داخل المثلث المحتل، ولا توجد خروقات للجيش المصري للحدود السودانية التي توجد بها وتحرسها القوات المسلحة وحرس الحدود والشرطة والأجهزة الأمنية.
*ولكن يوجد من يؤكد اجتياح الجيش المصري لمنطقة العلاقي؟
– نعم، سمعنا هذه الأنباء التي أشارت إلى أنه قبل أيام دخلت قوة من الجيش المصري إلى منطقة العلاقي، ولكن هذه المعلومات تحتاج إلى تأكيد، لأن المنطقة بعيدة، وبصفة عامة طوال رصدنا للسنوات الماضية لم يحدث اختراق لحدودنا الشمالية.
*يوجد من يشير إلى أن المحتل على مرمى حجر ورغم ذلك تعج مدينة بورتسودان بالمستثمرين المصريين والفرق الموسيقية؟
– لا توجد علاقة بين الاحتلال والوجود المصري بالولاية، لأن السودان تجمعه بمصر علاقات ثنائية تصب في قناة التبادل التجاري والتمثيل الدبلوماسي وزيارات المواطنين والمسؤولين وغيرها، وهذه العلاقة لم تتأثر طوال السنوات الماضية بقضية حلايب.
*بعد عودتك إلى بورتسودان قادماً من اوسيف توجهت ناحية نادي الضباط لتلقي تهانئ العيد، البعض رأى أن في هذا الأمر رسائل؟
– درجنا في عيدي الأضحي والفطر على تنظيم معايدة بنادي الضباط ببورتسودان للقوات المسلحة والشرطة، وجهاز الأمن والقضاء، ونحرص على هذه المعايدة التي لم تحمل رسائل في المرة الأخيرة كما يعتقد البعض.
*لننتقل إلى محور آخر.. يوجد من يؤكد أن قرار المكتب القيادي بالولاية الذي قضى بتغيير هيئة المجلس التشريعي جاء قبل انتصاف دورة المجلس وأن موعد ذلك في نوفمبر وليس أغسطس؟
– هذا حديث غير صحيح، لأننا حينما تسلمنا في شهر يونيو الماضي الخطاب الذي أرسله المركز، سألنا أولاً عن موعد تغيير هيئة المجلس التشريعي، فكشف لنا المركز أن نصف دورة المجلس انتهت في الثلاثين من شهر يونيو، وحينما سألنا عن التغيير أكدوا إمكانية حدوثه لانتصاف المدة القانونية، وقد فعلنا ذلك استناداً إلى تأكيد ذات الجهة التي أصدرت قرار التغيير وأرسلت لنا الخطاب، وهذا يعني أن إجراءات وقرارات المكتب القيادي بالولاية سليمة ومتسقة مع موجهات المركز.
*ولكن لم ينص قرار المركز على تغيير رئيس المجلس التشريعي حسب تفسير البعض للخطاب الذي أرسل لكل الولايات معنوناً إلى رئيسي الحزب والمجلس التشريعي؟
– هذا أيضاً حديث غير صحيح، لأن هيئة المجلس تعني رئيس ورؤساء اللجان، والفيصل في هذا القول صاحب الفتوى والخطاب، وهو المركز الذي استشرناه قبل اتخاذ الإجراء وإصدار المكتب القيادي للحزب بالولاية قراره.
*ما حدث في المكتب القيادي اعتبره كثيرون مفاجأة هدفت من ورائه لتصفية حساباتك مع خصومك بعد أن ظللتَ تتّبع سياسة النفس الطويل؟
– لا يوجد في منهجنا ما يسمى بتصفية الحسابات، وطوال فترة عملي السياسي بالبحر الأحمر ونهر النيل والمواقع الأخرى لم أتعاطَ مبدأ التصفيات والخلافات، أما قرار المكتب القيادي فهو نابع من قناعة الجميع بضرورة إحداث تغيير، وكان من الطبيعي أن تطال هذه السياسة هيئة المجلس التشريعي، وأؤكد أننا ظللنا نتعامل مع الجميع بلغة الحوار والمؤسسية ومصلحة الحزب والولاية.
*اتهمك رئيس المجلس التشريعي بإغراء عدد من النواب بالتشريعي بمناصب حتى يساندوا قرارك؟
– هنا لستُ في مقام الرد على اتهامه، ولكن بصفة عامة نحن كحزب لدينا مبادئ وأهداف ليس من بينها الإغراءات، ومثل هذه الأساليب البعيدة عن قيم الحزب، ونتعامل بما يتسق مع مبادئ المؤتمر الوطني .
*الولاية تشهد استقطاباً حاداً بين تيار علي حامد وأحمد همت أو التيار الإيلاوي كما يؤكد البعض حول تغيير هيئة المجلس التشريعي؟
– نعمل بكتاب مفتوح ومرجعيتنا فيما حدث كما أشرت آنفاً قرار المكتب القيادي المستمد من موجهات المركز، وكذلك مرجعيتنا الاتفاق السياسي الذي يجمعنا مع الأحزاب المشاركة في حكومة الولاية، وعليه فإن أعضاء التشريعي إما أنهم من مسنوبي الحزب ولديهم التزام تنظيمي، أو أن الأعضاء منتمون لأحزاب أخرى نخاطبهم بمنطق تحالفاتنا السياسية معهم، لذا لا يوجد استقطاب سياسي في هذا الإطار.
*توجد تدخلات من قبل بعض الأجهزة الرسمية في الصراع الحالي لمساندتك بممارستها ضغوطاً على المعارضين للقرار داخل المجلس؟
– هذه أحاديث لا علاقة لها بالصحة، ولا وجود لها على أرض الواقع كما لا يمكن حدوثها.
*إذن متى ستعقد الجلسة الإجرائية للمجلس التشريعي لإجازة قرار تغيير هيئته؟
ـ المجلس سيبدأ دورته في أكتوبر.
*إلى ذلك الوقت يظل أحمد همت ورؤساء اللجان في مواقعهم؟
– نعم.
*يعتقد البعض أنك لم تتدرج في تطبيق المؤسسية، لأن الولاية خرجت من فترة حكم الرجل الواحد التي استمرت عشر سنوات؟
– لا أريد أن أحكم على الفترة التي سبقتني.. لأنني أعمل وفقاً للمنهج الذي أبدو على قناعة تامة به، وأعتقد أن الإدارة والحكم يحتمان منح الصلاحيات لكل إنسان حتى يبدع في مجاله على مستوى الجهاز التنفيذي والسياسي، وسوف أظل ملتزمًا بهذا النهج والمبدأ المؤسسي بمنح الثقة في كل الفريق الذي يعمل معنا.
*لماذا تم إغلاق الطريق القومي بسببك لمدة عشر ساعات؟
– يضحك ويرد قائلاً: ثاني أيام العيد تحركت من مدينة بورتسودان عند الساعة الواحدة ظهراً صوب ولاية نهر النيل، وقد وصلت إلي كبري أم الطيور عطبرة عند الساعة الخامسة مساءً، ولم يتم إغلاق الطريق بسببي بل حتى إن عربتي لم تصاحبها حراسة وسارينا، وكنت أسير بها مثل غيري من مستقلي الطريق العام، ولم يلاحظ أحد أن بالعربة الوالي أو غيره والطريق كان شبه خالٍ من السيارات لظروف العيد، وهذا الحديث تم تداوله قبل شهر ولا أساس له من الصحة ووقتها كنت في الخرطوم ،ولا علاقة له بسفريتي الأخيرة التي أوضحت لك تفاصيلها.
*أخيراً.. ما هي المشتركات والفوارق بين نهر النيل والبحر الأحمر، وهل واجهتك صعوبات في حكم الولاية الثانية؟
– المشتركات كثيرة جداً، أهمها أن المجتمع في الولايتين متجانس ومنسجم، كما أن الأداء الاقتصادي متشابه، ولكن تركيبته مختلفة، ففي نهر النيل الاعتماد على الزراعة، وفي البحر الأحمر على الميناء، أما الصعوبات فهي لم تواجهني وغير موجودة، ونعمل في أجواء جيدة بولاية البحر الأحمر، والسبب لأن مبدأنا تقديم الخدمة للمواطن وحل المشكلات.
الصيحة.