الإنقلابات بين تمجيد السرقة …ونكران الفشل ..!

تلتقي الحركات الإنقلابية في عدة أعراض عند بداياتها … وتنتهي في النتائج بذات سكرات الموت …ثم الذهاب المتشابه في طريقة الدفن حيث ينتهي عدم العزاء بتلك المراسم !
تبدأ الكذبة بتسمية الإنقلاب بما ليس فيه من صورة المبتدأ أو خاتمة الخبر.. فإذا كان قد تم بدون إراقة دماء .. أطلقوا عليه
( الثورة البيضاء ) كما فعل جماعة الفريق عبود ..أما إذا كان عقائدياً يحمل بندقيته في يساره .. فيتناقض المسمى ويبدأ
( بجمهورية السودان الديمقراطية ) حيث أطلق إنقلاب مايو على الديمقراطية الثانية ما لا يماثلها وهي مقيدة بشمولية الرايات الحمراء !
أما إذا كانت كذبة الإنقلاب تبيت النية ليكون خبرها مناقضا لمبتدأها أملا في خلع البزة العسكرية .. و التزيي بعباءة الدين والرقص على طقطقة المسابح وإبراز اللحى دون خجل أو إستحياء في ساحات التثني .. فحينها يكون الشعار هو
( ثورة الإنقاذ الوطني ) التى قيل أنها جاءت لصيانة التراب الوطني و إفشال خطة الجنوبين الذين قالوا أنهم باتوا يتربصون الدوائر بالعاصمة الطاهرة المسلمة لنشر الفسق و الرذيلة و إخراج الناس من دين الله افواجا !
ثم تتوالى سنوات ما يسمونه الإحتفال بمرور ذكرى الثورة المجيدة ..!
وهو تمجيد لسرقة الحكم في الليل البهيم .. ولكن حينما يتجاوز النظام مرحلة البلل متوغلا في منزلقات الغرق .. فتبدأ ساعتها مرحلة تبرير الفشل بتعرض المسيرة القاصدة للتأمر حتى لا يسود النجاح الذي لايريده لنا اليهود والنصارى .. وإن كنا قد هيانا لهم ترحيل الفلاشا أو نسيان ما قدمناه من خدمة جليلة فيما بعد للتي دنا عذابها من تعاون تمثل في تسليم أخوة العقيدة الذين أويناهم لحماية بيضة الدين فأنقلبنا عليهم بعد أن دربناهم وزودناهم بالسلاح .. ثم إكتشفنا على حين غرة أنهم محض ارهابيين !
ذهب عبود وترك أثرا من إيجابيات كانت تفوق بعشرات المرات سلبيات شمولية نظامه .. فهتف له من ساءهم فشل الذين خلفوه .. بالقول ( ضيعناك وضعنا وراك )
ثم سقط النميري من علياء غروره و تعثره في العباءة الفضفاضة عليه التي البسسها له ثعالب المكر وأخذ يتقمص توهما شخصية الخليفة الذي قفز الى سرج الإمامة صاعدا من طاولة القمار السياسي الذي مارسه متقلبا من اليسار الى الوسط ثم التسليم لمن كانوا يضحكون عليه وهم يرونه كفرعون وقلة عقله مثلما درسنا في إبتدائيات الزمن التعليمي قبل ان يحيله بتقليده للمصرين الى سلم تعليمي ضربه سوس التدني المعرفي .. حتى أكمل الذين بايعوه كمسيلمة باقي الناقصة فبات الطالب الجامعي لا يعرف إن كان ذنب الحصان يكتب هكذا أم زنب هكذا !
ولكن دون أن نعفي كل من استيقظ قبل الديك ليؤذن في الناس بعهد جديد و فتح فريد وهو يصيح في صباحات الوطن من على ظهر الدبابة أو من ( شنقل الريكة ) فوق رؤوس زملائه جهارا نهارا ..غير أن مصيبتنا في الإنقاذ و جماعتها مزدوجة ومركبة .. فهم على الرغم من أنهم على خلاف سابقيهم باتوا يستحون من الإحتفال بذكرى سرقة سلطتهم التي أثقلت رقبتها العوجاء مسابح الشعارات .. ولكنهم لا زالوا ينكرون الفشل .. ولا يريدون الإعتراف ولو بذرة من ترابه الذي تراكم فوق جثة نظامهم وقد فاحت منها كل الروائح التي تستوجب على شعبنا أن يرمي بها بعيدا .. وإلا فإن دود الزمن كفيل بأن يقوم بالمهمة .ولكن الى متى ننتظرك يا دود الوعر .. أنت الآخر!
[email][email protected][/email]