مقالات وآراء

هذا أو السقوط الوشيك

د.مهدي تاج الدين عبدالنور

استطلعتني محطة إعلامية مرموقة على خلفية مقال نشرته عقب سقوط حكومة الإنقاذ، أشرت في مقالي الذي كان بعنوان : عذراً لا تظلموا الكفاءات الوطنية الموجودة بالداخل، الفكرة الأساسية للمقال تدور حول ضرورة اعتماد التخطيط السليم وتحديد رؤية واضحة لما نريد أن نفعله خلال الفترة الانتقالية وتطويع الموارد وتوجيهها وجهة الأهداف المرسومة والاعتماد على الكفاءات الوطنية ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب والابتعاد عن المحاصصات أياً كانت ( حزبية ، مناطقية ، قبلية …الخ)، كل هذا يجب أن يتم على ضوء أسس ونظم واضحة لتسيير عمل الدولة (System)، حذرت في مقالي من اللهث وراء الكفاءات المزعومة القادمة من الخارج، وقلت يومها أن أولئك ما كان لهم أن ينجحوا حيثما كانوا بالمهجر لولا أن بتلك البلدان أسس وقواعد واضحة للعمل وإلتزام صارم بالأهداف وحشد الموارد اللازمة لتنفيذ الأهداف وفقا لما هو مخطط لها، ثم أن أولئك السودانيون الذين برعوا في الخارج وحققوا إنجازات نفتخر ونتفاخر بها تم ذلك في ظل ظروف حياتية ومعيشية لهم ولأسرهم ماكان للسودان أن توفر لهم تلك البيئة، أما كفاءاتنا الموجودة بالداخل فالعديد منهم أرادت الثورة أن تعاقبهم مرتين؛ وسمتهم بالكيزان وتشككت في قدراتهم، في الوقت الذي عاش العديد منهم الأمرَّين من قبل ومن بعد، من قبل؛ تم إقصائهم من مراكز صناعة القرار والتأثير السياسي والعلمي بحجة أنهم طوابير أو غير موالين، ومن بعد؛ عندما أشرقت شمس الحرية المزعومة والتي استبشر بها الجميع أملا في دولة الحقوق والفرص المتساوية، إذ تمت شيطنتهم وإقصائهم عن قصد وبخطى مدروسة ليقبعوا مرة أخرى في ركن هامش الحياة من جديد.

إن الدولة السودانية تعاني من أزمة المواطنة والوطنية، وأننا كشعب لم نصل بعد إلى وحدة المصير التي تخلق في دواخلنا الرغبة الأكيدة في الحياة المشتركة، إن بلوغ هذه المرحلة ضرورية حتى يحس الجميع بقيمة القواسم المشتركة وتعلي وتقدم المصلحة العامة على مصالحها الخاصة، تلك مرحلة ضرورية لابد من العمل لبلوغها إذا ما أردنا العيش معا كمواطنين شركاء، وإلا فإننا سنموت مع بعضنا البعض وهذا بات وشيكا.
واقع الحال يشير إلى أننا لسنا شعبا موحدا في الآمال والطموحات والقيم، وإنما مجموعة شعوب جُمعت قهرا في بوتقة واحدة وسُميت بالسودان والكثير من هذه الشعوب لم يتخطى بعد مرحلة القبائلية والمناطقية وأن ولاءها للقبيلة أوالعشيرة أو الجهة أقوى من ولائها للوطن والدين، وأن الكثير من هذه الشعوب تقاتل بعضها البعض على الرغم من علاقات التجاور التي امتدت لمئات السنين، لم يحدث أي اندماج وطني حقيقي يُفضي إلى إزابة تلك الفروقات لمصلحة الجماعة الكبرى، فأصبحت القبيلة والعشيرة مواعين للعمل السياسي وتُكافأ أبناء القبائل بمواقع سياسية بقدر تأثيرهم وفاعلية قبائلهم ، فدخلت القبيلة في المعترك السياسي من أوسع الأبواب ، وللأسف تراجع فاعلية الأحزاب التي هي الأخرى شربت من نفس الكأس.

إن الشعب السوداني عانى وما زال يعاني من التشرزم والإنقسام ولم يتمكن بعد من صياغة مشروع وطني جامع ، لهذا لم تنجح الثورات السابقة كما لم تنجح هذه. لابد من الاعتراف والمصارحة بهذه الحقائق الموضوعية حتى نتمكن من صياغة برامج وطنية صادقة حتى لو كانت مؤلمة بدلاً عن  خداع النفس والمبالغة في المدح الزائف لهذا الشعب الذي نسمع به ولا نراه.

لإنقاذ ما يمكن إنقاذه والسير في اتجاه بناء الوطن ؛ لابد من التسامي فوق الجراحات الأليمة والسير في اتجاه المصالحة الوطنية الشاملة التي يجب أن تقوم على رؤية وأسس جديدة ، يؤطر فيها لدولة المواطنة التي تُعلِي من قيمة القوانين والخطط الواضحة لفترة انتقالية يتم التحاور حول تحديد مدتها دون إقصاء لأي طرف.
أما ما لحق بالناس من مظالم  غير السياسية فمحلها ساحات المحاكم حتى لا يفلت أي مجرم من العقاب.
إن شيطنة الخصوم السياسيين أيّاً كانوا ستدخل العملية السياسية –  على ما هي عليها من عِلات – برمتها في دائرة الفعل السلبي وردة الفعل والخاسر هو الوطن المثقل بالجراح.
فهل سيكون شركاء الفترة الانتقالية على قدر من الحلم والحكمة لتحمل المسؤولية وإطلاق نداء صادق لمصالحة وطنية حقيقية تخرج البلاد من الهاوية التي وقع فيه؟ إن مختلف دول العالم التي شهدت نزاعات وقدر كبير من الفساد والإفساد لم تتعافى إلا عندما انتهجت نهجاً تصالحياً،  فكيف نصل إلى بر الأمان ونحن نسبح عكس الحقائق والتاريخ؟
أملي أن تشرق شمسك يا وطني.

[email protected]

‫4 تعليقات

  1. نهج تصالحي كيف؟؟؟
    هل تريد ان تساوي بين الجلاد والضحيه
    وكيف تريد التسامي فوق الجراحات؟؟؟
    هل نجعل من قتل وافسد وسرق شريكا في اداره البلد مره اخري ام يحاسب امام القانون

  2. عفوا .. لست أدرى على المستوى الشخصى الضعيف ماذا تعنى
    ب ( مصالحة وطنية حقيقية.. ؟؟ ) وإلى من تشير الى ( كفاءآتنا الموجودة بالداخل .. ؟؟ ) وقد سار طرحك على هذا النحو بعد أن تشككت فى من يتولون الأمر حاليا .. ؟؟
    فأنت تعلم أو ربما فاتت عليك بعض الأشياء أن كل الشعب السودانى الآن على قلب رجل واحد وفى قالب واحد وبيد واحدة خلف ثورتهم العظيمة ولا أريد أن أذكرك بمهر تلك الثورة الفريدة التى يعلمها كل العالم وهذه الثورة العظيمة كانت ضد عدو هذا الشعب السودانى بكل أطيافه ومكوناته والتى هى الآن قد تختلف فيما بينها نعم.. يذهب من بينها فلان ويأت فلان نعم .. عدا عدوها الوحيد وهم تنظيم مانطلق عليهم ( الكيزان ) فإن كنت تعنيهم بالمصالحة وأن لولاهم السقوط ( الوشيك ) كما توعدت .. فوالله الجرح أكبر من تدمله كلمات و ( تموت الحرة ولا ترضع بثديها ) بل ألم تسمع هذا الشعار المطرب ( الموت ولا الكيزان ..!! ) لن ننحنى لمن قتل شعبا مسالما وأبادة بسادية لم يمارسها كل الطغاة من قبله ولن نمد يدنا للحفاة العراة الذين سرقوا بلدا غنيا حتة افقروه ويستمتعون حتى الآن بما سرقوه بل يريدون أن يركعونا بإمكاناتنا واموالنا التى هربوها الى الخارج ليحاربوننا بها .. ولن نركع ولن نسقط بإذن الله وسوف نأخذ حياتنا غلابا ..!!
    هذا إن كنت تعنى التصالح مع الكيزان فهم كلهم فاسدين وإذا عندك واحد فقط منهم لم يسرق او يقتل او هو فى منأى من الفساد المالى او الأخلاقى فاتنا به .. ؟؟ ثم أن هذا الوطن وطن على الشيوع للجميع وكل من يرى أن لديه مايساعد فى إنتشال هذا الوطن من الدمار الذى أحدثه ( الكيزان ) فالواجب يحتم عليه أن يتقدم حيثما وجد فالبلد بلده وهو غير مشحود ..!!

  3. كاتب المقال كوز عديل مصالحة مع من مع من مرمقنا في التراب ثلاثين عاما حسوما هذا كلام من يضع السم في العسل، مافي مصالحة ويكفي الكيزان انهم نجوا الي حين من المقاصل التي تنصب لهم ا في قارعة الطريق.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..