أخبار السودان

النخبة الإسلامية الحاكمة إرتكبت أخطاء كارثية بدارفور.

لئن فشلت النخبة الإسلامية الحاكمة أخطاء الكارثية، فقد فضحت مأساة دارفور ما هو أخطر انخفاض سقف الإلتزام الأخلاقي عند دعاة “المشروع السياسي الإسلامي” في السودان، ولئن جرى تسويق الحرب في الجنوب تحت لافتة “جهادية”، فقد كان عصياً إيجاد لافتة لتبرير الفظائع التي ارتكبت في دارفور بحق “مسلمين.

خالد التيجاني النور

وفضحت انخفاض سقف الإلتزام الأخلاقي عند دعاة “المشروع السياسي الإسلامي” في السودان، ولئن جرى تسويق الحرب في الجنوب تحت لافتة “جهادية”، فقد كان عصياً إيجاد لافتة لتبرير الفظائع التي ارتكبت في دارفور بحق “مسلمين.
عشر سنوات انقضت وجرح دارفور الأليم لا يزال ينزف، يقطر دماً وأسًى ويخلف مأساة لا أحد يعلم متى تنتهي، أو متى تنقضي عذابات ما لا يحصى من مواطنين ضعفاء لا حول لهم ولا قوة وقد أصبحوا وسيلة وأداة سهلة لتحقيق أجندة ومصالح أطراف محلية وإقليمية ودولية، يدفعون من أرواحهم ومن دمائهم ثمن أن تظل الحرب تجارة رابحة لسياسيين متعطشين للسلطة، بلا وازع من ضمير أو إنسانية.

ولولا أنها أطراف متعددة مختلفة، ومتباينة الأجندة، لما ساور المرء شك أن هناك ثمة تواطؤ دولي وإقليمي ومحلي هو الذي أدخل، في حالة توافق فريدة وغريبة، أزمة دارفور في ثلاجة التجميد السياسي، فبعد عشر سنوات من اندلاع أكبر مأساة إنسانية من نوعها يشهدها العالم في القرن الجديد، أصبح مشهد اللاسلم واللاحرب هو الذي يخيم على الوضع في دارفور، مع طغيان حالة اللادولة في ظل هيمنة فوضى أمنية واقتتال مستمر، تغيَّرت فيه للمفارقة حتى مفردات تعريف الحرب الأهلية من حرب عنصرية، بين زرقة وعرب، إلى اشتباكات مريرة داخل بطون القبائل العربية، وتبدلات درامية في التحالفات.

ببساطة لم يعد هناك معنى لوجود الدولة السودانية في دارفور إلا أسماء مملكة في غير موضعها، ولايات وحكام لا تمتد سلطتهم أبعد كثيراً من عواصمها، ومع ذلك مشغولون بصراعات عبثية داخل اسوار البيت الحاكم لتثبيت مواقعهم لا لحل مشكلات مواطنيهم، والطريف أن الحكومة المركزية في الخرطوم، مع كل هذا الذي يجري، لم تعد تشغل بالها كثيراً بفقدان سلطتها وسيطرتها على الأرض، ولم تعد تلقي بالاً لما يجري على أرض دارفور وكأنه يحدث في بلاد الواق واق، وبدا كأنها مستمتعة بالمشهد تيمناً بحالة المنشد الصوفي “وأشغل أعدائي بأنفسهم وأبليهم ربي بالهرج والمرج”.

لا يمكن لستمرار مأساة دارفور كل هذه السنوات ليس فقط دون حل ناجع، بل كذلك مع حالة عدم اكثرات غير مسبوقة، إلا ان تقف دليلاً على مدى الانهيار الذي أصاب القيم الإنسانية والأخلاقية في عالم اليوم، على الرغم من كل الصخب الإعلامي ودموع التماسيح التي ذرفت باسم دارفور، ولا يمكن إلا أن تكون فضيحة مكتملة الأركان تصيب لعنتها الأطراف المتورطة جميعاً في هذه الكارثة الإنسانية.

وأسوأ ما يحدث الآن في ذكرى عشرية هذه المأساة ليس استمرارها فحسب، بل هذا التواطؤ على تطبيع الأزمة والتعامل مع استمرار سفك الدماء وترويع الآمنين بدم بارد وكأنه مهمة عمل روتيني لا يستدعي أكثر من تسجيل وقائعه لا المسارعة الجادة إلى إطفاء حرائقه التي يدفع ثمنها البسطاء من غمار الناس.

لا شك أن التعميم الذي يطال الجميع يستلزم تفصيلاً لمسؤولية كل طرف في ما آلت إليه الأوضاع في دارفور، وهي حالة لا ينفع معها إنكار وقائع ما يجري، وما من شك أن الحكم الإنقاذي على وجه الخصوص، و”الحركة الإسلامية” التي أتت به إلى السلطة، يتحمل الوزر الأكبر في ما جرى، ولا يعفيه من المسؤولية تدخل أطراف خارجية استخدمت الأزمة لتحقيق مصالحها، فالحقيقة المرة أن أزمة دارفور تفاقمت نتيجة “جهل” النظام بإدارة الحكم وعجز عن إدراك الواقع الاجتماعي وتعقيداته بأكثر مما هي هدف مقصودة لذاته في بادئ الأمر، ما حدث أن غياب الوعي وقلة الخبرة بشؤون بلد كبير في حجم السودان، أغرى البعض لاستخدام القوة وسيلة وحيدة لفرض سلطته، صحيح قد تحتفظ بالسلطة ولكن الثمن ما نراه اليوم من فوضى وانفلات وفشل لم يسبق إليه نظام حكم مر على البلاد.

لقد اعتبر البعض من بيدهم الشأن أن الأمر سيكون مجرد نزهة، وأن تجريد حملات عسكرية سريعة ستكون كافية لإسكات أصوات التمرد الوليد، كان جهلاً فاضحاً بالتاريخ والحاضر معاً، والمفارقة أن أزمة دارفور اندلعت في وقت كان تطوى فيه صفحة قضية الجنوب على طاولة المفاوضات في نيفاشا، كان الدرس الواضح والعبرة المباشرة، أن التسليم بمطالب المنادين بشراكة حقيقية في الوطن تتوازن فيها الحقوق والواجبات والمكتسبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية لكل أهل البلاد مهما كان موقعهم في الهامش أو المركز هو الضمانة الوحيد للأمن والاستقرار والسلام.

لقد اعترفت سلطة المركز بعد ستة عقود من الإنكار وبعد تضحيات جسيمة أهلكت الحرث والنسل وتسبَّبت في تخلف ركب البلاد عن الأمم، وبعد فوات الأوان بمطالب الجنوبيين المشروعة، ولكنه اعتراف متأخر كان ثمنه تقسيم البلاد لأن ساستنا لا يقرأون عبر التاريخ ولا يفهمون عظات الحاضر. وكان الدرس الثاني أن الحرب مهما توفرت لها أسباب القوة من عتاد ومقاتلة لا تحسم معركة الإرادة، وما ضاع حق وراءه مطالب. كانت قلة حيلة منقطعة النظير أن ما فشلت فيه الدولة السودانية على مدار خمسين عاماً، كان البعض يزعم أنه سينجح في تفاديه، وأنه لن يسمح بإعادة إنتاج أزمة الجنوب في دارفور، وكانت النتيجة أن أعيد إنتاج الأزمة على أسوأ ما يكون.

وكانت قمة الملهاة في تبرير عدم إنهاء تمرد دارفور في أول أمره، ما قاله أحد كبار قادة الحكم حينها “لن نفاوضهم حتى لا تصبح سنة فينهض كل مرة من يحمل السلاح يبغي التفاوض معه”. ما حدث فعلاً بعدها أن الحكومة نفسها تفنَّنت في التفاوض مع كل من هبَّ ودبَّ، ويكفي أن يحمل عشرة أشخاص السلاح لتقطع أكباد الأبل تخطب ودهم في حالة إدمان تفاوض لم يبرأ منها النظام حتى اليوم، ووقعت العشرات من اتفاقيات السلام التي تحولت إلى مجرد لعبة كراسي وتوزيع امتيازات لم تحقق لا أمناً ولا سلاماً، ولكن ما حدث أن الأزمة تعقدت بفعل هذه الحيل القصيرة النظر إلى درجة يقف الجميع الآن حائرون إزاءها لا يجدون منها مخرجاً.

لم تكف عبرة الجنوب، والكلفة الباهظة لوقف محرقتها، لم تتعلم الطبقة الحاكمة منها شيئاً، وما هو أفظع أن التدويل المتسارع الوتيرة الذي شهدته أزمة دار فور لم يكن نتيجة مؤامرة يستسهل البعض البحث عن مشاجب لتعليق الفشل والعجز عليها، ولكن أزمة دارفور بنت عصرها، عصر الفضاءات المفتوحة، والعالم الغرفة، وعصر الجماعات الحقوقية، كان الذين يعتقدون أن أيديهم طليقة يستطيعون أن يفعلوا ما يشاءون في دارفور دون أن يراهم أحد أو يرصد فعلتهم أحد، كانوا يعيشون خارج التاريخ، لا يدركون أنهم في عصر تغيرت فيه مفاهيم سيادة الدول.

وفوق ذلك لم يدركوا أن دارفور منطقة تقاطع مصالح دولية، ولا يمكن ان تكون شأنا داخلياً محضاً بأي حال من الأحوال، لم يقرأوا التاريخ القريب عن مكانة دارفور ودورها، وأنها آخر أجزاء السودان الحديث انضماماً إليه، غابت كل تلك المعطيات في حسابات صناع القرار، وحسبوها معارك عابرة مع شذاذ آفاق وقطاع طرق، وكان أن انتهى بنا الحال لخسائر إنسانية وسياسية واقتصادية واجتماعية فادحة فاقت ما تكبدته البلاد جراء حرب الجنوب التي دامت خمس عقود. لقد بدا الحكم في الخرطوم كمن أخذ على حين غرة وهو يرى كرة الثلج المتدحرجة في دارفور تكبر كل يوم مخلفة كل هذا الإرث المأساوي الثقيل.

ولئن فشلت النخبة الإسلامية الحاكمة في حسابات السياسة وهي ترتكب كل هذه الأخطاء الكارثية، فقد فضحت مأساة دارفور ما هو أخطر انخفاض سقف الإلتزام الأخلاقي عند دعاة “المشروع السياسي الإسلامي” في السودان، ولئن جرى تسويق الحرب في الجنوب تحت لافتة “جهادية”، فقد كان عصياً إيجاد لافتة لتبرير الفظائع التي ارتكبت في دارفور بحق “مسلمين”، فضلاً عن أنها لا تجوز في حق أي “إنسان” ولو كان عدواً، كانت المفارقة المريرة كيف لنظام حكم يرفع شعارات إسلامية يصل الامر بنخبته المتشبثة بالسلطة أن تفعل أي شيء في سبيل البقاء فيها، ولو كان ذلك التضحية بدماء أبرياء، ليس مهماً الجدل حول أرقام ضحايا مأساة دارفور، لأن السقف الأخلاقي للإسلام الحقيقي يجعل من قتل نفساً واحدةً بغير حقٍ كمن قتل الناس جميعاً، ويجعل زوال الدنيا أهون عند الله من إزهاق دمٍ بغير حق، دعك من زوال سلطة زائلة مهما طالت.

لقد كانت أسوأ ما كشفت عنه مأساة دارفور ذلك القدر الكبير من الاستهانة والاستهتار بقيمة العدل عند ولاة الأمر، وقد بلغت من بشاعة الظلم أن حرمه المولى على نفسه، وحرمه على خلقه، فما بال أحد منهم يعطي نفسه ما لم يعطه الخالق جلَّ وعلا لنفسه؟. لم تكن المشكلة هي ارتكاب تلك الفظائع بحق الأبرياء فحسب، بل التجاهل التام لإقامة العدل بالقسط، وتفنَّنت السلطة في التحايل وإسباغ الحماية على مرتكبي تلك الجرائم النكراء، وتجاهلت الحكومة حتى توصيات لجنة التحقيق الوطنية التي شكلتها، والتي هدفت بالأساس إلى تخفيف العواقب على الحكم بأكثر مما هدفت إلى إقامة العدالة المرجوة.

وهكذا حتى جاءت طامَّة المحكمة الجنائية الدولية التي ارتهنت البلاد وقيادة الحكم إلى مذكرات الاعتقال التي أصدرتها، كان المطلوب تحقيق العدل لذاته لا خشية الضغوط الخارجية لأن ذلك أدنى مقتضيات الشريعة الإسلامية التي يرفع النظام الحاكم شعاراتها، ولكن تواصل التحايل من أجل إرضاء المحكمة الجنائية الدولية وتفادي تبعاتها، وغابت العدالة إلى الأبد لأنها مفهوم لا وجود له في قاموس سلطة تتخذ الإسلام شعاراً لها.

لم تفضح مأساة دارفور الطبقة الحاكمة، وعرَّت شعارات “الإسلاميين” فحسب، بل فضحت كذلك الطبقة السياسية السودانية، ومن خلفها المجتمع السوداني بأسره، ماذا فعل المعارضون السياسيون من أجل بسطاء دارفور، لقد اتخذوا مأساتهم مطية يستخدمونها في صراعهم مع الحاكمين على السلطة، ماذا قدموا لهم؟، ماذا فعلوا من أجلهم؟، أليس عاراً أن أغلب القادة السياسيين في قوى المعارضة المختلفة لم يزوروا دارفور أصلاً إبَّان محنتها المتطاولة على الأقل من أجل إبداء تضامن إنساني، وتقديم ما يمكنهم من عون، حتى بعض الذين زاروها مرة على قلتهم اعتبروا أنهم أدوا واجباً ثقيلاً، ولم يعودوا إليها مطلقاً، دعك من قادة الصف الأول، أين هي قيادات الصف الثاني، أو الثالث، للاسف الشديد بقيت أزمة دارفور حاضرة في الجدل السياسي البيزنطي، ولكن لم تشكل أبداً جرحاً غائراً يغلي في دماء من يفترض أنهم أحرص على البلاد من حكامها الحاليين.

ولم يكن حال عامة المجتمع السوداني في ردة فعله وتفاعله بأفضل تجاه ما يحدث في دارفور، لقد كشف عن وجه آخر لأزمة الوطنية السودانية، هذا الخلل الخطير في الشعور والإحساس بالتضامن الوطني، لقد كاد يغيب الحس تماماً عن المعاناة التي يكابدها إخوة لهم في وطن يفترض أنه يجمعهم بشعور قومي، فإذا هو سراب بقيعة، لفقد اكتفى الغالبية بتسامع ما يجري في دارفور وكأنه أمراً لا يعنيهم، فلم ير الناس جماعات أهلية تسارع لنجدتهم إلا ما ندر، أو تنافح عنهم، بدا أمر بالغ الغرابة أن تجد من يجتهدون في تسيير المظاهرات والاحتجاجات من أجل غزة وغيرها, وهم مظلومون حقاً يستحقون النصرة، ولكن كيف لا تتوفر لمن هو مفترض أقرب، والأقربون اولى بالمعروف, كما أن ذلك لا يعني التجاهل التام لمن هو أحق بالنصرة، وألا يحرك ما يحدث في دارفور الوجدان الوطني، الذي يكاد المرء يشك في وجوده مع هذا الانصراف المثير للاستغراب وللتساؤل كيف نزعم أننا مواطنون في بلد واحد وشعبه لا يحس بعضه ببعض.

لقد كانت أكثر الأمور مضاضة أن من يطعم الجوعى في معسكرات النازحين هم جماعات الإغاثة الأجنبية، وقد كادت تغيب منظمات العون الوطني، والعربي والإسلامي، التي لم يكن وجودها جميعاً إلا رمزياً. يطرح هذا الانصراف الجمعي عن الحس “بالجسد الواحد الذي اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”. علامة استفهام كبرى حول وحود مسلمات للوحدة الوطنية السودانية أساساً، وتعزز من أطروحة صراع المركز والهامش بما يتجاوز جدل النخب السياسية إلى صميم وعي المجتمع المنكفئ على ذاته عن إدراك متطلبات التضامن الوطني والإنساني.

في الواقع إن مواطن دارفور البسيط هو من يدفع في نهاية الأمر ثمن استخدامه من قبل جميع أطراف الصراع المحلية والدولية، كبشاً لفداء أجندة ومصالح هذه الأطراف المختلفة. ويساعد على هذا الاستغلال البشع لإنسان دارفور أن نخبة أبناء الإقليم من قادة الجماعات المسلحة أو السياسيين هم من يتحملون المسؤولية الأكبر في إطالة أمد النزاع واستمرار معاناة مواطنيهم بسبب الانقسامات الأميبية الحادة التي شهدتها هذه الحركات المتمردة بلا مبررات موضوعية إلا التنافس على الزعامة والسعي للحصول على وظائف حكومية في تسويات مشبوهة على أجساد مواطنيهم مما أضعف حجة المطالب المشروعة الساعية للتغيير، واضاع فرص التسوية العادلة التي ذبحت على أعتاب المطامع الشخصية على حساب المصلحة العامة لأهل دارفور.

واتهام الحكم في الخرطوم بأنه انتهج سياسة فرق تسد في أوساط المناضلين يسيئ إلى النخبة الدارفورية التي ترضى أن تكون سلعة تباع وتشترى في سوق السلطة؟ ألم يكن حرياً بالنخبة الدارفورية أن تتعلم من الثوار الجنوبيين أنهم لم يسمحوا للانقسامات بينهم أن تصل إلى حد أن تكون سبباً في ضياع أصل قضيتهم، لقد فضحت أزمة دارفور أيضاً هذه النخبة التي بدت هي الأخرى حريصة على استمرار مأساتهم لتبقي القضية حية بثمن باهظ يدفعه غمار الناس ارتهاناً لمطالب كل طرف من القادة المنقسمين على أنفسهم والمتكالبين على امتيازات سلطوية تهزم القيمة المعنوية والفعلية لحقوق مواطنيهم المغلوبين على أمرهم.

أما المجتمع الدولي والإقليمي، لا سيما كبار لاعبيه، فلعل مأساة دارفور فضحته بأكثر مما فعلت مع كل هذه الأطراف مجتمعة، فقد تمخَّضت كل تلك الضجة المثارة عن قضية دارفور عن جعجعة بلا طحين عشرات القرارات الصادرة عن الأمم المتحدة التي ثبت أنها لا حققت أمناً، ولا بسطت سلاماً، ولا فرضت عدلاً، عشر سنوات ومواطنو دارفور من المنكوبين يرون عشرات الآلاف من قوات حفظ سلام مزعوم لا وجود له أصلاً، عاجزة عن حماية نفسها، دعك من حماية من أرسلت لنجدتهم، أكثر من عشرة مليارات دولار أنفقت على مدار السنوات الماضية باسم الأمن والسلام في دارفور، وكانت النتيجة إبقاء نيران الحرب متقدة، تغير لون قبعات الجنود بعد جدل عقيم فتغير كل شيء إلى الأسوأ، تزداد معاناة المواطنين البسطاء فترتفع تصريحات المبعوثين الدوليين علواً، ويقدم الأمين العام للأمم المتحدة التقرير تلو التقرير حتى غدت مسألة دارفور مع كل الضجة التي رافقتها مجرد حدث بيروقراطي يعتاش باسمه الموظفون الدوليون.

تحدث المجتمع الدولي عن أهمية تحقيق العدالة وحرك آليات المحكمة الجنائية الدولية ثم تبيَّن أنها لم تكن أكثر من مجرد وسيلة ضغط على النظام في الخرطوم تجعله أكثر طوعاً تحت طائلة الخضوع المستمر لمصالح ومآرب الدول الكبرى تحقق من خلالها أجندتها المتحركة بثمن زهيد لا يكلفها شيئاً، أما مواطنو دارفور فلا بواكي لهم، وقد عز عنهم النصير فلم يجدوه لا من بني جلدتهم، ولا من بني وطنهم، ولا من المجتمع الدولي الذي تبين ان كباره يتاجرون أيضاً بقضيتهم.
وأختم في وصف نكبة دارفور بما عبر به موظف أممي, صاحي الضمير, على صلة بالملف عن المأزق الذي انزلقت إليه الأمور هناك: “أنا مُحبَط للغاية ويؤسفني ما آل إليه الوضع في دارفورمن اقتتال قبلي وقصف واصطدامات مسلحة وسطو ونهب وسط عدم الاكتراث العربي والدولي والعجز الأممي والأفريقي. أتمنى أن يتغيَّر الوضع مع قدوم ابن شمباس الذي لا أحسده على مهمته شبه المستحيلة” في إشارة للممثل الجديد للبعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي. تلك شهادة غير مجروحة لا تؤكد في الحقيقة إلا خطورة ما يجري على أرض الواقع, ولكن لا حياة لمن تنادي.

نقلاً عن صحيفة إيلاف
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. الغرب و امريكا بالتحديد لا تريد ان تذهب حكومة الانقاذ لانو سوف تنفذ اجندتها من خلالهم و زى ما انفصل الجنوب سوف تنفصل دارفور و لو لبعض حين ؟ و هى رد من الترابى على ناس الانقاذ اى اذا افتكرتوا انو سوف يهدأ لكم بال بعد اتفاق الجنوب خذوا دارفور ساخنه من فرن الاعداد و ورنا شطارتكم و هى حرب شطرنج بين الوطنى و الشعبى و الشعب هو كبش الفداء

  2. كلام موجع لكنه صحيح
    لقد كشفت مأساة دارفور عورة ما كنا نتوهمه من لحمة وطنية
    يظل عزاءنا أن ضيق ذات اليد قد طال الجميع
    اتمنى ان يغفر لنا أهلنا في دارفور

  3. وشهد شاهد من أهلها أن الأخوان المسلمين من خالد التيجاني حتى حسن البنا ما نافعين ، ما نافعين ، ما نافعين ،،،،،،،،،،،

  4. ماساة دارفور يعرفه القاصي والداني لكن اهلنا في الاجزاء الاخري من ربوع المعمورة دفنوا روؤسهم في الرمال طوال العقد الاول من عمر الحرب لم ولن نسمع من اي جهة مبادرة لحل ازمة دارفور اهلنا في معسكرات اللجوء والنزوح لم يسلموا من زمهرير الشمس وغزارة الامطار ولا حتي من طقس الشتاء القارس والذي اعرفه اتي الينا لفيف من علماء هيئة السلطان بقيادة الما عارف بالله المدعو ع الحي يوسف القي محاضرة في مسجد نيالا العتيق نصحوا المصلين بالا يستاجروا منازلهم وسياراتهم لليهود وحزرو الشباب من العمل معهم في الحقل الانساني حتي انتقده امام المسجد بسبب ذلك وانتقاد الحكومة في كثير من الامور دارت ولا زال دائرة فاقالوا مولانا محمد ع المتعال الربيع لاسباب عديدة في صبيحة عيد الفطر المباركة فؤجنا جمعيا باقامة الصلاة في الثامن والنصف كالعادة كانت عند التاسعة دة كانت اول تغيير للوالي حمادعند قدومه الولاية مياه كثيرة عبرت تحت الجسر ولا زال الجرح نازفا وليكن الله في عون دارفور

  5. لا فض فوك أخي الدكتور خالد التيجاني النور، مقال واضح ورصين عن أزمة دارفور بجميع زواياها.

    شكراً لمجهوداتك المتواصلة عن الكتابة الصادقة والأمينة عن قضايا السودان وأهله، فالتاريخ لا ينسي الوطنيين وأصحاب القامات الرفيعة والمبادئ الثابتة وأنت منهم.

    متعك الله بالصحة والعافية.

  6. ذرفت دموعي و أنا أقرأ المقال لأنه والله يصور الواقع الأليم رغم إنه في الحقيقة هو أكثر إيلاما بكثير مما خطه هذا القلم. قد لا يعرف الكثيرين ان ما تم كشفه لا يعبر إلا عن القليل جدا من تلك الفظائع و الحجم الحقيقي للمآسي التي عاشها هؤلاء البسطاء. أيضا قد يختلط للكثيرين طبيعة أزمة دارفور بأنها نتيجة المعارك التي دارت بين الحكومة و المعارضة، لكنها أزمة خلقت من أخبث الخبثاء الذين ليس لهم ضمير إنساني و بحسابات خاطئة، لقد قامت الحكومة بتسليح ميليشيا الجنجويد هدفها ليس محاربة التمرد بل ضرب القرى و حرقها و ضرب سكانها العزل و تهجيرهم قسريا مع العلم بوجود حساسيات و حروب قبلية سابقة بين هؤلاء السكان و تلك الميليشيات لم تندمل جروحها بعد. توقع عزيزي القارئ ماذا تكون عواقب مثل هذا الإجراء. و مع الأسف الشديد كشف لنا فيما بعد موت الضمير الإنساني في الوجدان السوداني بما لاقايناه من عدم تضامن من أقرب الأقربين لنا حتى كنا نقول في ذلك الوقت ما أصاب أخاك اليوم سيصيبك غدا. فكانت النيل الازرق و جنوب كردفان. ربما نجد لهم العذر رغم عدم منطقيته لعدم مشاهدتهم لما جرى هناك للتغييب المتعمد للإعلام العربي و حتى الإفريقي لأن ما يحكى ليس كما يشاهد أو يرى بالعين المجرد، و أيضا وسائل الإعلام الغربية و التي تطرقت للأزمة ليست في متناول الشعب السوداني. فالصمت الإقليمي الرهيب تجاه الأزمة كشف للعالم قمة العار و الانحطاط الأخلاقي للضمير الإنساني العربي و الإفريقي بتقاعس إعلامهم لتعرية ما جرى هناك، فلم يتم تسليط الضوء على مأساة دارفور إلا من الإعلام الغربي فقط. فأنا أقسم برب الكون لو تم تصوير ٢٠% فقط من تلكم الفظائع لحظة وقوعها لكانت كافية لإجبار المجتمع الدولي لإزالة النظام و تقديم قادته للعدالة. الحديث عن مأساة دارفور تحتاج إلى الكثير من الوقت و الصحائف. عشرة سنوات دون إحلال سلام أو ايجاد حل للمشكلة بجد هو شعور مؤلم لن تجد من بعده ألما. فقط نتمني ان ينصفنا عدالة السماء و يعيد لنا حقنا. آسف على الإطالة.

  7. كما كشفت ماساة دارفور البعد العنصري الذي يكمن داخل الحركة الإسلاموية…. فحرب دارفور يقودها المستعربة من أبناء دارفور أمثال الفريق آدم موسي واللواء طيار عبدالله صافي النور ..وغيرهم ولقد دخل هولاء الي وكر الكيزان عبر بوابة العنصرية يقف خلفهم مؤيدا نافع أبو العفين والطيب دلوكة وبمباركة المأفون البشير كبير العنصريين والذي لم ينفي الي اليوم ما ذكر الترابي في ندوة مفتوحة الحاج يوسف عن حديث البشير مع رئيس لجنة تحقبق دارفور( أرجع ألي اليوتيوب) !!! ذلك الحديث العنصري البغيض التافة عن شرف ركوب الجعلي لبنات دارفور !!! أين الإسلام من هذا ياشرذمة العفن والجبن ؟؟؟؟؟؟؟؟؟

  8. الساده هيئة علماء السودان .. قبل عدة سنوات سمعت فى السى ان ان لاجئة من دارفور هربت الى تشاد .. قالت ان الجنجويد الاسلامى دخل قريتهم فى الفجر وقتل الرجال والشباب وحرق القريه ورمى الجثث فى بئر المياه الوحيده . وقالت انها اصطحبت خمسة من ابنائها فى رحلة الهروب ووصلت تشاد بواحد فقط .. وبقية ابنائها اكلتهم الذئاب فى الصحراء امام ناظريها .. ونهدى القصة للتجانى السيسى .. هذا هو دين هيئة علماء السودان دين الابادة الجماعيه ودين الاجرام والقتل والسحل والنهب ..هذا هو دين المشير البشير ( خادم القرآن ) بطل الابادة الجماعيه ..اللهم اشهد اننا لسنا على دينهم ..

  9. المعروف انو نافع وعلي عثمان والجاز والبشير وعبدالرحيم ورموز الكيزان كلهم جو من خلفيات اجتماعية متواضعة واتربو في فاقة وحرمان يعني الحاضنة الاجتماعية حقتم كانت ضعيفة واتلقفتم الحركة الاسلامية بالمال والمناصب ووعود التمكين حياتم كلها صراع سياسي ومؤامرات وجرايمة يعني مرحلة النضج الاخلاقي البمر بيها الانسان العادي عبر التجارب في مسيرة حياتو الطبيعية هم ما عاشوها ولذلك حتى وهم في اوج تمكنم ونفوذم فضلو مستصحبين معاهم نفس منظومة القيم المنقوصة ومنظور ثقافة الفقر السلبي للحياة على كدا ومن باب تسمية الاشياء بمسمياتا الصحيح هو انهم طغمة او حثالة حاكمة ما نخبة

  10. جزاك الله خيرا فقد اجتهدت كثيرا حيث جاء تحليلك الاقرب الى الحقيقة والواقع وان كان الواقع اعمق من ذلك بكثير في وطننا الذي نحبه جميعا– مثالا انا احد ابناء الغرب تربيت ودرست فيه حتى الثانوى لكنني لم يخطر ببالى ابدا ان مجتمعنا مشروخا شرخا عميقا بداء العنصرية البغيض الا بعد ان وصلت الخرطوم قادما لاكمال الدراسة الجامعية حيث عرفت لاول مرة ان تقييم السودانيين لبعضهم يشوبه الكثير من الانطباعات الفاسدة وتاثيرات تاريخ المهدية المريرة وونسات الحبوبات التي ظلت العقول الباطنية تختزنها لزمن طويل وتجترها ومن ثم يؤتي بها لتفرغ في الخرطوم عاصمة الجميع لتفرق الناس وليس لتجمعهم كما ينبغي . عانينا هنا في الخرطوم من تصرفات عنصرية من اناس كنا نعتقد انهم قادة وقامات في الفكر والوطنية واصابنا الظلم الذي ظللننا نقاومه بقوة الايمان واليقين في نصر الله فلم يخذلنا الواحد الاحد القوى الجبارفي جميع المطبات والمضايقات التي وضعوها في طريقنا ولكن ظل الهم يعترينا ويقلقنا على الدوام لان القضية ليس قضية فردية انما هي قضية وطن باكمله– فطفقنا نبحث في الاسباب والعلل — فتراءى الينا ان ما حدث في المهدية بين اهل السودان الشرقي النيلي والغربي الصحراوي الممتد الى السافنا من انقسام وتضاد في تللك الفترة ظل الوقود الذي يمد نيران الحقد الدفينة المستترة بين الفريقين كلما تراصت الصفوف للتتقدم بالوطن الى الامام — خاصة ان تشاكس الفريقين في المهدية ادى الى انتصار فريق على الاخر بعون كبير من المستعمر بل بعمالة رخيصة من جانب الفريق السوداني قد تصل الى درجة الخيانة الوطنية — فظل كل فريق ينظر الى الاخر بعين الحذر والشك, خاصة عندما سلم المستعمر كل السلطة والثروة للفريق الذي ساعدة على تدمير بلاد السودان واستلابها لمدة 57 عاما – ومن هنا جاء الخلل الذي شكل دافعا نفسيا قويا للتعامل مع دار فور بتلك الفظاعة لكسر عظمها الى الابد لانها هي دار فور وليس غيرها كانت منبت ومنشأ قائد ثاني الثورة المهدية المتهمة عندهم بكل ما هو سيء — وسنواصل

  11. ازمة دارفور وحروب النيل الازرق وجنوب كردفان اثبتت باننا فعلا لسنا شعبا ولسنا دولة نحن مجرد كيانات تحمل اسما واحدا لكن لايربطها ببعض اى وازع من ضمير او اخلاق او قيم ! ربما كان قيام دولة بهذا الاسم خطاء من الاساس؟؟؟؟ فليتفرق السودان الى دويلات اكثر تجانسا بدلا من هذه الزريبة البشرية!

  12. من هو المستفيد ومن الخاسر اسباب كامنه تركها المستعمر في بلد كبير حدد حدوده بعنايه ورسمها وسلمها لشعب لا يحسن قيمتها وهو يعلم ذالك زرع زراعته المعتقه بخمر السنين بريطنيه وفرنسا ماذلتا تستعمر بعض الجزر علي المحيط الاطلنطي بشعوبها وبتجاه يتكلمون عن الانسانيه والحريه وحقوق الانسان ومن خلفهم الغرب برمته نفس الفكر والمنهج اذا نحن وضيعنا هاكذا شمال بوصايا خاصه من المستعمر وجنوب منطقه مقفوله للهيئات الكنسيه وشرق بعيد عن الاحداث وغرب تكثر فيه المشاكل القبليه ومجموعات النهب المسلح والمستعمر حصد وينتظر المزيد (فرق تسد)

  13. ماذا تفعل المعارضه ويد الحكومه ممدوده ضد كل من يتكلم اويكتب او يزور او يقترح اي اجراء او يلتقي اي من اهل دارفور او مقابلة اي مسئول خارجي زائر او يمد يد العون……………
    الحكومة مسئولة عن كل ماجرى………..

  14. دز خالد

    كتبت لا تبتغي إلا وجه الله

    لم نعهدك إلا هكذا شفيفا مؤدبا مهذبا لين الجانب صادق الكلم.

    لقد استبرأت لدينك .

    سيحفظ لك التاريخ والمنصفون هذا الموقف النبيل .

    السودان وطن لكل أبنائه … وهناك أشخاص كثر في الشمال والوسط والشرق تتقطر قلوبهم دما ,,, حرقة وألما لأهلهم في دارفور ,,, ولكن لعن الله السلطة والتسلط ,,, في أحيان كثيرة تعمي القلوب التي في الصدور لأجل مصلحة آنية قد لا يسعد بها ذلك الشقي كثيرا .

    الحق -دائما – يعلو ,, ولا يعلي عليه .. الحق أبلج , والباطل لجلج.

  15. كنا حينها في الجامعة عندما أتي بخبر يحيي بولاد واسره..كنا غير مصدقين وكأن علي رؤوسنا طير،كيف ولماذا يتمرد من كان قائدا في الاتجاه الاسلامي علي اخوته بالأمس؟كانت اجابات اعضاء الاتجاه الاسلامي باهتة ومشوشة ثم بدأت حملات منظمة لاغتيال تاريخه..اعلنوا انه ارتد دون ان يرمش لهم جفن ولكننا كنا موقنون ان تمرد بولاد لم يكن سحابة صيف عابرة بل كان فحيح بركان قبل انفجاره وان المسكوت عنه داخل الحركة الاسلامية بدأ الهمس به وسيكون هتافا قريبا وأن هنالك عنصرية آسنة متغلغلة حتي وسط المداومين علي ارتياد المساجد وحفظة القران وان مأساتنا تكمن في الخوف من طرح الاسئلة المثمرة،واليوم يتملكني احساس يقيني،ان البشير وخدمه همو بضاعتنا وقد ردت الينا

  16. المشكله ليست في الكيانات او الاثنيات المشكله في الانقاذ تخلصوا من حكم الكيزان تعود البلد الي سابق عهدها وتعايشها وسلامها وامنها

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..