الطيب الأصيل .. والعالم الجميل

أظهر عبقري الرواية العربية الراحل الطيب صالح براعة سردية لا تضاهي وصوّر واقعاً أصيلاً لا ينسى واستخدم مزيجاً تعبيرياً لا يطال من خلال إبداعاته القصصية والروائية ومختاراته الأدبية التي أفصح عن السر الكامن وراء كتابتها بقوله: (كتبت حتى أقيم جسراً بيني وبين بيئة أفتقدها)، ولعل الدافع للكتابة له ما يقابله من توق ونهم لدي القراء، لذلك صار جسر الطيب صالح كمفتاح سحري مكن الجميع من تذوق طعم حروفه والتغلغل والتعايش بين شخوص رواياته. وكما هو معلوم، لم يقتصر ذلك علينا وحدنا فقد شغلت إبداعاته قراء العالم بمختلف ألسنتهم حين تم نقلها لمختلف لغاتهم الحية.

ومنذ العام 2002 ? أي قبل وفاة الطيب صالح بسبع سنوات – بادر مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي بتنظيم مسابقة سنوية موجهة للشباب في كتابة القصة القصيرة والرواية بغرض كشف الكامن من القدرات مع نشر الأعمال الفائزة، فرفدت حصيلتها الساحة بمبدعين شقوا طريقهم راكزين في هذه المجالات أذكر منهم على سبيل المثال عبد العزيز بركة ساكن ومنصور الصويم وسارة الجاك وعاطف الحاج سعيد وأحمد مصطفى الحاج وصلاح حسن أحمد، ولا زالت عجلات المسابقة تدور بانتظام سنوي مصحوباً بندوات أدبية ودراسات نقدية، لتضيف لساحة الإبداع نجوماً آخرين.

وأذكر بعد عام من رحيل الطيب صالح وبالتحديد من الرابع إلى السادس من فبراير 2010 أن حضرت (ملتقى الأديب الطيب صالح) الذي أقامه النادي السوداني ومركز عبد الرحمن كانو بدولة البحرين وكان من بين الذين شاركوا حضوراً فاعلاً وقدموا أوراق عمل ضافية أو شهادات، البروفيسور علي شمو والأستاذ التشكيلي إبراهيم الصلحي والأستاذ طلحة جبريل والأستاذ الشاعر خالد فتح الرحمن والراحل الأديب حسن أبشر الطيب والأستاذ المسرحي علي مهدي والبروفيسور محمد المهدي بشرى والمخرج قاسم أبو زيد أضافة إلى ما قدمه الأدباء والمبدعون من أصحاب الدار وعلى رأسهم وزير الثقافة البحريني.

في تقديري أن ما تم بدولة البحرين من فعالية اشتملت على الأوراق النقدية ومعرضاً للكتاب كان فاتحة شهية لأصدقاء الراحل لتكرار الفعالية بالسودان أو ابتداع ما يحيي الذكرى، فكان أن اطلقت الشركة السودانية للهاتف السيار (زين) وفق ترتيبات مدروسة مسابقة سنوية أدبية مفتوحة تحت مسمى (جائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي) تقديراً وتكريماً وتخليداً لذكرى الراحل الطيب صالح كأنها تريد بذلك توسيع دائرة المشاركة والانتشار خاصة وأن للطيب صالح نقاد وأصدقاء وقراء في المحيط العربي على وجه الخصوص، فاستقطبت المسابقة بدورها كثيراً من الكتاب والمبدعين السودانيين والعرب وصارت موسمية راتبة تزود الحضور بإصدارات الأعمال الفائزة وأوراق العمل النقدية والتجارب والشهادات كجزء من الفعالية السنوية التي يتم فيها توزيع الجوائز وتكريم شخصية المهرجان فضلاً عن أن سانحة الفعالية تشمل استضافة كريمة لبعض كبار المبدعين والكتاب ولجان التحكيم كضيوف شرف حيث يشاركون بالأوراق العملية ويثرون منابر الثقافة والإعلام المقروءة والمرئية بالمزيد من التنوير الإبداعي والمعرفي.

لقد درجت الجائزة على تكريم شخصية في كل دورة من بين الرموز الأدبية والفكرية لإسهامها وريادتها في تشكيل الحركة الثقافية مثل البروفيسور عز الدين الأمين والأستاذ الرائد الصحفي محجوب محمد صالح والمؤلف المسرحي الأستاذ حمدنا الله عبد القادر والشاعر عبد الله شابو والدكتور يوسف فضل حسن والدكتورة فدوى عبد الرحمن على طه بينما في دورة هذا العام وهي من الرابع عشر إلى الخامس عشر من فبراير وقع الاختيار على الأستاذ الجامعي البروفيسور سيد حامد حريز ليكون الشخصية المكرمة لما له من عطاء وافر في الدراسات الفولكلورية والمأثورات الشعبية كما له إصدارات عديدة منها فن المسدار، الشعر الشعبي السوداني، الحكاية الشعبية في السودان، المؤثرات العربية في الثقافة السواحلية، تداخل العناصر الأفريقية والعربية والإسلامية، علم اللغة الاجتماعي، دراسات في الفولكلور التطبيقي الأفريقي وغير ذلك الكثير.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. شكراً صلاح يوسف
    والشكر موصول للبروفسور الرائع : سيد حامد حريز
    ونتمنى له دوام الصحة والعافية

  2. شكراً صلاح يوسف
    والشكر موصول للبروفسور الرائع : سيد حامد حريز
    ونتمنى له دوام الصحة والعافية

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..