الحقيبة المدرسية.. أثقال تفضي لتقويس الظهر وإهمال الدروس..

الخرطوم – زهرة عكاشة
تبدو على ملامح سمير عدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة، وهو قاطب الجبين كل صباح، ومن يرى سمير الذي لم يتعدَّ عمره الثماني سنوات تلك الأثناء يشفق على حاله، وهو يحمل حقيبة أثقل من وزنه.
لم تراع المدرسة سنه الصغيرة، وكيف يمكن لهذه الحقيبة الممتلئة بالكتب والكراسات أن تؤثر على سمير وزملائه، فقد أعرب سمير عن عدم رضاه، لأنه يضطر لحمل كل يوم أرتال من الكتب والكراسات ذهاباً وإياباً، وهذا فوق طاقته، ما ي الآثار الصحية المترتبة من ذلك الأمر؟ وهل تشجع هذه حالة الأطفال لمواصلة تعليمهم وما هي التأثيرات الصحية والنفسية على الطفل؟
وصفات طبية
قال أطباء: إن نحو ربع الطلاب تحت سن الرابعة عشرة في كل أنحاء العالم يحملون الحقائب المثقلة بالكتب والكراسات، التي تزن أكثر من 20% من أوزانهم. وأوضح العلماء في مركز (أكرون) الطبي العام أن حمل الأطفال لحقائب ثقيلة لفترات طويلة أمر بالغ الخطورة، وغالباً ما يسبب آلاماً مزمنة ومشكلات طويلة الأمد في الفقرات الممتدة من الرقبة إلى أسفل الظهر. وأشار خبراء إلى أن نسبة عالية من الأطفال يعانون آلاماً في الظهر، وأن الإصابات التي تنتج من زيادة الأحمال على الظهر ارتفعت لأكثر من الضعف في السنوات الخمس الماضية.
تقويس في الظهر
وفي هذا الصدد، يقول د. عبد المنعم عبد القادر بانقا استشاري طب الأطفال، إنه مع وجود حمل ثقيل مثل الحقيبة المدرسية يسبب ضغطاً وقوة كبيرة على ظهر التلميذ، وإن حمل حقيبة ثقيلة بصفة يومية يؤدي إلى تقويس الظهر وإنحناء العمود الفقري، مؤكداً أن التغيرات في وضع الجسم يمكن أن تتسبب في خلل في العمود الفقري ربما تصل حد الانزلاق القضروفي أو إحداث شلل للطفل لا قدر الله. وأضاف: كما تتسبب حقيبة الظهر الثقيلة أيضاً في جعل العضلات تعمل بشكل أكثر قسوة مما يؤدي إلى إصابتها بالتوتر والإجهاد، وتحدث آلاماً عنيفة في العنق والكتفين والأرجل التي تكون أكثر عرضة لعدم القدرة على الحركة. وأوضح بانقا أن هذا الحمل الثقيل حتماً سيؤثر في التحصيل الأكاديمي لدى الأطفال، خاصة مع الازدحام في تلقي المعلومات عن طريق الحصص الكثيرة المخصصة لليوم الواحد، التي تفوق قدرته الاستيعابية، فيصبح من الصعب فتح مجال للخيال، وبالتالي تخزين المعلومة، وتصبح العملية مجرد حفظ للامتحان فقط.
بليد ومهمل
“للحقيبة المدرسية معايير يجب أن تراعي المصلحة الفضلى للطفل”، هكذا ابتدر المعالج النفسي د. ياسر موسى حديثه، وقال: يقصد بالمصلحة الفضلى كل ما من شأنه أن يحدث حماية ووقاية للأطفال من أي أذى نفسي أو اجتماعي أو بدني وجنسي. وأضاف: بهذا المفهوم تكون الحقيبة هي واحدة من أهم عناصر البيئة المدرسية الحامية، ولأنها لا تقل أهمية عن الزي المدرسي ومواعيد الدراسة أهمية، بالتالي مسؤولية معاييرها ونوعها تقع على وزارة التربية والتعليم أيضاً.
مواصفات عديدة
موضحاً أن للحقيبة المدرسية مواصفات لابد أن تتوفر فيها تبدأ بالمادة المصنعة لها التي يجب أن تكون ذات جودة عالية وحامية من أي مواد عناصر مسرطنة، كما يجب أن لا تتسبب في أوضاع غير صحية أثناء حملها على ظهر التلميذ. وقال د. ياسر: ليس من العدالة أن يحمل التلميذ كل متطلبات العام الدراسي تسعة أشهر داخل حقيبته ويحملها على ظهره. ولفت إلى أن الدول التي تهتم بالاستثمار في الإنسان تهيئ له الحياة حتى ينشأ صحيحاً قوياً معافى، اهتمت بالحقيبة المدرسية بالدرجة الأساس، وذلك لأن وزن الحمل في مقابل عمر الطفل وقدرته البدنية قد يخلق عيوباً جسمانية مذمنة، وأمراضاً خطيرة تجبر الدولة على دفع أموالاً طائلة، لذا لابد أن تكون الحقيبة صديقة للأطفال من حيث الشكل ومكونات تصميمها والوزن والحمل، كل ذلك بحسب المعالج النفسي يساهم بشكل كبير في استمراره في العملية التعليمية، ويبعد عنه الإحساس بالرهق والملل فيهمل مقتنياته المدرسية، ويقوده ذلك إلى التأخر الدراسي وصعوبة التعلم، وهي إحدى أكبر مشكلات الأطفال التي لا تنفصل عن بعضها. وأضاف: ويمكن للحقيبة أن تكون سبباً في أن يكره الطفل المدرسة ويتأخر دراسياً، فتسميه المدرسة بليداً ومهملاً، ويعرضه ذلك للعقاب البدني واللفظي فيحس بالإذلال، وربما يعرضه ذلك للاكتئاب.
معايير صارمة
لذلك يرى د. ياسر أن على وزارة التربية والتعليم أن تضع معايير صارمة وواضحة للحقيبة المدرسية. وطالب إدارة المواصفات والمقاييس والجودة بالتدخل في تحديد نوع الحقيبة المدرسية، وأن لا تترك الأمر لهوى التجار الذين يستوردونها رخيصة من أي مكان بالعالم، ويملأون بها بالأسواق دون مراعاة لهذه المشكلات السابقة. ولفت إدارة المدارس إلى ضرورة التعامل بنظام جدول الحصص الواضح، وتعليم التلاميذ حمل ما يوافق الجدول الموضوع بدقة.
اليوم التالي
الحل لمشكلة الحقائب واضح وهو العودة للنظام القديم. فقد كنا تلاميذا في السبعينات في الابتدائية والمتوسطة وقد كان لكل طالب درج خاص به في الفصل يضع فيه كل كتبه ومهماته ويقفله بطبلة ويحتفظ بمفتاحه معه وفي اخر اليوم الدراسي ناخذ معنا فقط مانحتاجه من كتب وكراسات لاغراض المذاكرة واداء الواجبات ونترك البقية بالمدرسة وكانت شنطة المدرسة عبارة عن شنطة قماش (خرتاية) خفيفة الوزن وسهلة الحمل. ياريت نعود لنظام الادراج من جديد ياجماعة. تصميم الحقائب وغيره لن يحل المشكلة لان وزن الكتب والكراسات سيظل هو وزنها مهما كان شكل الحقيبة المدرسية وتصميمها.