السودان لم يبرح محطة السيدين

هناك مثل سودانى يقول ( ريسين بيغرقوا المركب) وهذا بالضبط ما حصل لسوداننا الحبيب منذ نشأته كدولة ذات سيادة وأصبحت حالته من غرق الى غرق حتى وصل الآن الى القاع .
كان السودان قبل احتلال الأتراك عبارة عن دويلات متفرقة وممالك وجاء الأتراك واحتلوا السودان وهزموا كثير من الممالك . وتكون بما يسمى دولة السودان رغم أنها لم تكن مثل ما كانت عليه قبل انفصال الجنوب .
الأتراك لم يحكموا السودان منفردين بل كان الحكم الثنائى التركى المصرى أى أن كل منهما يمثل ريس فى المركب ودخلت على بلادنا عبر السيد التركى والسيد المصرى عادات سيئة وكان هناك قهر وتسلط على المواطن المسكين ثم جاء الانجليز واحتلوا مصر وتبدل السيد المصرى بالسيد الانجليزى فكان السيدين التركى والانجليزى هما من يحكمان السودان حتى قامت الثورة المهدية وقضت على حكم السيدين ووحدت كل السودان وأقامت دولة مستقلة ذات سيادة واحدة وتعتبر من شواذ القاعدة فى ممارسة الحكم .
بعد مقتل الخليفة عبد الله التعايشى فى ام دبيكرات على يد الانجليز رزح السودان مرة اخرى تحت حكم السيدين حيث تبدل السيد التركى بالسيد المصرى وأصبح الحكم الثنائى الانجليزى المصرى هو من يسيطر على مقاليد الحكم. نهب السيد المصرى والسيد الانجليزى ثروات بلادنا فلم يستفد المواطن السودانى الا الكبت والقهر ودفع الضرائب وهناك مناطق بعينها تم قفلها حتى لا يصلها تعليم أو تمدن مثل جنوب السودان وغرب السودان وسمى بسياسة المناطق المقفولة .
كان هناك طائفتان لهما تاثير كبير فى المجتمع السودانى هما طائفة الانصار وطائفة الختمية . عملت الطائفتان معا على الاستقلال . بعد استقلال السودان قامت انتخابات ديمقراطية فاز بها الحزب الاتحادى الديمقراطى وكان اسماعيل الازهرى فى رئاسة الوزراء ولكن الواضح أن ادارة الدولة كانت تحت عباءة زعيما الطائفتين وهما السيد عبد الرحمن المهدى والسيد على الميرغنى ولا يخفى الخلافات التاريخية بين الطائفتين والتى انسحبت على مستقبل الحكم وحاضره فى البلاد, وهذه التناطحات فى القرارات السياسية والغيرة السياسية المتبادلة بين الزعيمين أضرت كثيراً بالسودان وكان التلجلج فى القرارات المصيرية والاستبداد بالرأى وسوء الظن بالآخر أدى الى فشل الديمقراطية الاولى وحتى عندما تم ما يعرف أو اشتهر بلقاء السيدين لم يجدى نفعاً أو يرتق فتقاً حتى جاء قرار تسليم الحكم الى العسكر من قبل السيد عبد الله بك خليل لأنه ظن أن العسكر أرحم للبلد من المصريين حيث أن الحزب الاتحادى الديمقراطى يريد أن يسلم البلد للمصريين أو الاتحاد مع مصر فى مفهومهم فكان قرار عبد الله بك خليل تسليم السلطة للعسكر لنرزح بعدها فى دوامة (ديمقراطية ? عسكر ?ديمقراطية ?عسكر) أو ما يسمى اصطلاحا بالحلقة الجهنمية أو الدائرة الخبيثة .
لم يستمر حكم الفريق عبود طويلاً حتى قامت ثورة اكتوبر وجاء الائتلاف الثانى وبعد وفاة السيدين (عبد الرحمن المهدى وعلى الميرغنى) آلت امور ادارة الدولة الى الامام الهادى المهدى عن طائفة الانصار والشريف حسين الهندى عن الاتحاديين وكانت سياسة الدولة تسير وفق رؤيتيهما فلم تنجح الديمقراطية وذلك لتشاكسهما المستمر ولأن طبيعة الحكم الديمقراطى الائتلافى اللبرالى لا يمنح الحكم المطلق لصاحب أكثر المقاعد فى البرلمان واستمر الوضع حتى جاء انقلاب نميرى مايو 1969 وأطاح بالحكم الديمقراطى وتوفى الامام الهادى مقتولاً كما لحقه بعد سنوات الشريف حسين الهندى .
عهد نميرى لم يسلم من سيطرة السيدين فمرة الحزب الشيوعى سيداً ونميرى يمثل الجانب العسكرى سيداً آخر ومرة نميرى سيداً والقوميون العرب سيداً آخر وفى آخر المطاف آلت السيادة الى الترابى ونميرى حتى تم سقوط نميرى .
فى العهد الديمقراطى الأخير كانت سيادة البلد للحزبين الكبيرين متمثلان فى السيد الصادق المهدى والسيد محمد عثمان الميرغنى وكذلك نفس الحال معاكسات فى القرارات السياسية واختلافات كبيرة فى وجهات النظر وتقاطعات فى المصالح الحزبية
وغيرة سياسية أدت الى فشل ادارة الدولة مما ساعد على الانقضاض على الديمقراطية حتى جاءت الطامة الكبرى واستلم الاسلاميون السلطة فى يونيو 1989م وفى عهد الاسلاميين لم يسلم السودان من حكم السيدين فحكومة الانقاذ نفسها منقسمة الى اسلاميين وعسكريين تمثل السيدين الحاكمين مما أدى الى فشل حكم الانقاذ فالحركة الاسلامية تمثل السيد الأول فى الحكم بداية الانقلاب والعسكر يمثل السيد الثانى وعندما اشتدت الخلافات بينهما استطاع السيد العسكرى ازاحة السيد قائد الحركة الاسلامية وبازاحة قائد الحركة الاسلامية لم يستطع السيد العسكرى الانفراد بالحكم لأن توغل الحركة الاسلامية فى مؤسسات الدولة يصعب مهمة الرئيس مما كان لها الأثر الكبير فى القرارات وفى توجيه الحكم وادارة الدولة .
فالحل فى رأيى هو الديمقراطية الرئاسية التى تمنح صاحب الأغلبية الحكم المطلق وبهذا ربما استطعتنا أن ننقذ مركبنا من الغرق.
حماد صالح
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. ليس صحيحا أن الديموقراطية قد قشلت … !!!
    ولكن الذي حصل إن هنالك جهات لا تريد للسودان أن يستقر …
    فمثلا إنقلاب مايو دبره الشيوعيون لأنهم كانوا منبوذين من قبل الشعب السوداني عن جهل ووجدوا ضالتهم في النميرى الذي كان كلما يسكر يقول لهم أنا سوف أحكم السودان في يوم من الأيام …. وعندما إنقلب النميرى على الشيوعيون بعد تدخل جهات خارجية كانت لها عداوة مع الشيوعيون …. لم يستطيع النميري تحقيق شىء للسودان لأنه ليس لديه فكر أو برنامج إقتصادي يتبعه بل أضعف أكبر المؤسسات الإقتصادية كمشروع الجزيرة والسكة حديد.
    الأخوان المسلمون فعلوا بالمثل ولأن الشعب لم ينتخبهم دبروا المكائد وقاموا بحاربة المواطن في غذائه وموارده لكي يتذمر الشعب وهيئوا المناخ لإنقلابهم العسكرى وحكم البلاد ورفعوا شعارات ذائفة وأدخلوا الوطن في دوامة صراعات.
    والديمقراطية تحتاج منا أن نكون وطنيين ونضع مصلحة الوطن في الأول وإتباع المعارضة البناءة مش (يا فيها … يا أفسيها) كما كنا نفعل لما كنا صغار.

  2. الصادق المهدي تولي منصب رئيس وزراء السودان سنة1986 وهو في عمر 29 سنة وفي عنفوان الشباب قادماً من كرسي الدراسة بأمريكا ؟؟ وقبلها كان في بريطانيا في جامعة اوكسفورد العريقة ورأي في هذه الدول الحضارة والنظافة والزراعة والصناعة المتطورة والأمانة وحب العمل والإخلاص فيه ؟؟؟ فعزم علي ان يطور السودان ويجعله في القمة ؟؟؟ ففي أول ايام حكمه اجتمع مع وزير المالية الذي أخبره بأن الخزينة شبه فارغة ولا بد من الإستدانة حتي نرضي طموحاتك ؟ رفض الصادق موضوع الأستدانة وقال انه يجب ان نعتمد علي أنفسنا وخير السودان كثير بس عايزكم تتعاوني معي ؟؟ فأجتمع مع وزير الصناعة وقال له اننا درسنا في المدارس ان محمد علي باشا غزا السودان لأخذ الذهب والرجال ؟؟؟ وهذا يعني ان في ارضنا ذهب وفير ؟ وميزانية الحكومة ضئيلة ولا ترضي طموحي لتطوير السودان فأريدك أن تجد لي اي شركة عالمية لها خبرة في استخراج الذهب لتشاركنا في استخراجه وشركات أخري للتنقيب عن البترول والغاز ؟؟؟ لأن كل الدول حولنا لها حقول نفط وغاز فلا بد ان يكون عندنا مثلهم ؟؟؟ فعمل وزير الصناعة بجد مع لجنة من الخبراء والعلماء واتوا بالشركات العالمية التي استخرجت الذهب والبترول والغاز واصبح السودان من أغني الدول العربية ؟؟؟ وأشار الصادق الي انه يجب أن تنحصر صناعتنا في ما نملك من خامات مثل الصناعات الجلدية وأمر بأنشاء معهد متخصص في الصناعات الجلدية وكذلك القطنية حيث يملك السودان ثروة هائلة من الجلود والقطن ؟؟؟ وصرف ميزانية ضخمة علي الزراعة والصناعة ؟؟؟ وأمر الصادق وزير الزراعة بتطوير الزراعة وأدخال محاصيل زراعية وفواكه وخضارات جديدة وأمر بزراعة كل سنة مليون نخلة ؟؟؟ وزار الصادق المستشفيات فوجدها سيئة الأعداد ومهملة ولا تشبه ما شاهده في لندن وأميريكا فأمر بأقصاء مدرائها وأتي بآخرين وحزرهم من الأهمال وقال لهم اريد مستشفيات مماثلة لمستشفيات انجلترا وأمريكا في النظافة والأداء ؟؟؟ وأجتمع مع مديري الجامعات وقال لهم اريدكم تطوير المناهج لتناسب السودان الحديث وتطوره ومنع الفصل التعسفي والضرب في المدارس؟؟؟ وفي شؤون المرأة أعطاها حقوقها الكاملة وأصدر قانون بمنع جريمة اجتثاث وتشويه أعضاء المرأة التناسلية وأمر بالقضاة عليها بأصدار عقوبة رادعة لمرتكبيها بعد أن قرر صرف مرتبات شهرية للعملات بهذه المهنة الإجرامية وكذلك أمر علماء الدين بمحاربتها بالدعوة لتجنبها في المساجد ؟؟؟ واصدر قانون آخر يمنع زواج القاصرات وفي مجال حقوق الأنسان أمر بمنع تشغيل الأطفال ؟؟؟ وعدم التعذيب في السجون ؟؟؟ وأمر بجمع الأطفال المشردين وأيوائهم وتعليمهم صنعة ليفيدوا المجتمع ؟؟؟ وطاف علي الأقاليم وشاهد بعينه مستوي معيشتهم المتدني فأمر بعمل خطط لتطويرهم وكون لكل إقليم مجلس من نفس المنطقة ليمده بالمعلومات ومتطلبات منطقتهم ؟؟؟ وأصدر قانون إستثمار شفاف لمصلحة الطرفين وشجع البنوك الوطنية ومنع البنوك الشخصية ؟؟؟ كل ذلك وأكثر قام به في أول ثلاثة شهور من حكمه ؟؟؟ وعاش السودان في نعيم وأحبه شعبه وقدسه واصطفوا بالملايين ليبوسوا يده صباح مساء ؟؟؟ فلماذا يا كتاب الراكوبة تهاجموا عمكم وسيدكم الصادق الوطني الغيور والمفكر والمتحدث الرصين الذي أحب شعبه وعمل له بجد وأخلاص ؟؟؟ تم ترشيحه لجائزة نوبل وجائزة أحسن رئيس يطبق متطلبات حقوق الإنسان ؟؟؟ وتم تسميته بكبار وطنيي العالم ? مانديلا السودان ? مهاتير السودان ? زايد السودان ؟؟؟ وما أظن في رئيس دولة احبه شعبه مثله الا المرحوم طيب الذكر الشيخ زايد الذي جعل شعبه بالأمارات من أسعد الشعوب في العالم ؟؟؟ والآن انتهت قصة الصادق المهدي الذي كبر وخرف وما عنده غير النقة والكلام ؟؟؟ وأحسن ليه يبعد ويدي الشباب فرصه ويتفرغ للأفتاء في شؤون المرأة ولعب التنس والبولو ؟؟؟ واللبيب بلأشارة يفهم ؟؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..