مقالات سياسية

مَسِيرَة خَدَم المَنَازِل غَدَاً الأربعَاء، خِيَانَة وانْتِحَار

عبد العزيز عثمان سام

فى أمريكا عند بداياتِ ثورة العبيد انقسموا إلى صنفينِ، عبِيد مزارع وعبِيد منازل. عبيد المزَارِع قرَّرُوا التحرُّرَ من العبُودِيَّةِ مهْمَا كانت التضحِيات، فتَمَّ تجوِيعهم وحرْقِهم إحْيَاء وتعلِيقِهم على جذُوعِ الأشجار ولكنَّهم أصَرُّو أن يعيشوا أحرَارَاً وأدركُو أنَّ للحُرِّية ثمن لا بُدَّ أن يُدفَع. أمَّا عبيد المنازل فأثرُوا العبُودية فالأكْل والشُرب والسكن مجَّان. وتطوَّرت ثورة عبيد المزَارِع حتَّى تحرَّرُوا فلم يعُودُوا عبِيدَاً بينما تمَّ إذلال عبيد المنازل رغم صَمْتهم وخضُوعهم وقنَاعتهم بحَياةِ العُبودِيَّة، ووَصَل بهم الأمر حدّ إعتِقَالهم وحرقِهم أن وُجِدُو فى أمَاكنِ تجَمُّعِ البِيضِ. فألْقَى عبيدُ المنَازِل باللَوْمِ على أحرَارِ المَزَارِع وأنّهم السبب فى جَلَبِ المُعَاناه لهم بتحَرُّكِهم وصَرْخَتِهم فى وجْهِ العبُودِيَّةِ. استمَرَّ نِضال أحرَارُ المزَارِع حتَّى إنتزعوا الحُرِّية، وقامتِ الحرب الأهلية وحرَّرَ كلَّ عبِيد امريكا فاصبَحُو أحرَاراً. وعبيد المنازل الأمريكان ينعمُونَ اليوم بحُرِّيةٍ لم يشارِكُو فى صُنعِها، بل حارَبُوها، ويشعُرُونَ اليوم بالإمْتِنانِ لِمن رفعُوا صرْخَة الحُرِّيَّة.

وهذا هو حال خدم المنازل البؤساء شُركاءِ المؤتمر الوطنى، أسْوأ من يسْهِم فى الحياةِ السياسية. رغم عُبودِيَّتهم تجدهم الأكثر حِرصَاً على أسْيَادِهم لأنَّهم ماتت كرامتهم الإنسانية وقيمة الحُرِّية فى دَواخِلهم وأدمنُوا أكل فضلاتِ سادتِهم وإرتِداء ملابِسِهم القدِيمة، فإكتفوا من الحياة بهذا الحالِ البَائِس ويزودُون عنهم بالنفسِ.

يزمعُ خدم منازِل المؤتمر الوطنى تسْيِّير موكب غداً الأربعاء 9 يناير2019م لنُصرَةِ سيِّدِهم البشير وحكومته الساقِطة، ولتخذِيلِ وخِيانَةِ ثورة الشعب السودانى المُشتعِلة “نار مَنْقَد” التى إنتظمت مُدن السودان تُصِرُّ على إقتلاعِ شجَرَةِ المؤتمر الوطنى التى أصْلُها فى الجحِيم وطلْعُها كرُؤوسِ الشَياطِين. ولكنَّ هؤلاء الخدم واهِمُون، وبموكِبهم هذا إنَّما ينْتحِرُون ويرَكِّبُونَ البشير”التَيْتَل” كما قالَ الجبُّورِى.

فمن هم خدمُ المنَازل صُنَّاع مسِيرة الخِيانة والإنتِحار غداً الأربعاء؟ هُمْ الآتِية أسْمَاءهم: الوزير أبوقردة الذى أُعْلَنَ عن المسيرَةِ فى مؤتمرٍ صحفى منقول عبر وسائل إعلام الحكومة ليلة السبت 6 يناير، وأسْمَى مسِيرتهم”نَفْرَة سلام السودان” وهى فى الحقيقة “فِتْنَة وخيْبَة” خدمِ المنازل. وهو ذاته أبوقردة الذى كان “ثائِرَاً” عندما هَزَّت حركته العدل والمساواة الأرض تحت أقدام نظامِ الطاغِية لكنَّه باعَ شرَفهُ الثوْرِى، وهو الذى ذهبَ طوعاً ومَثُلَ أمام المحكمة الجنائية الدولية بلاهاى عندما إتَّهَمتهُ وإستدعته للحضور، بينما هرَبَ الرئيس البشير من العدالةِ ورفضَ المُثول حتَّى اليوم. ورفعَت تلك الحادثة من قدرِ أبِى قرْدَة وجاء اليوم ليهدِم نفْسَهُ بنفسِهِ ويَرْتدَّ بطوْعِه ويحرقَ تأريخه كى يَحْمِى الطَاغِية الذى قتَلَ أهله فى دارفور وفى كلِّ اجزاءِ السودان. إنَّها عقلِية خدم المنَازِل فى أىِّ زمَانٍ ومكَان لا ينظرون أبْعدَ من أرْنَبَةِ أنُوُفِهم.

عندما هتفَ جماهيرُ الثورة الشعبية بهتَافٍ سيخلِّدُه التاريخ لهذا الشعبِ المُعلِّم (يا عُنصُرِى ومَغْرُور كلَّ البلد دارفور) إختلَطتِ المَشَاعِر بصُورَةٍ عجِيبة، دموع البمبان ببَسْمَةِ شِفَاهٍ جافَّة وغَاضِبَة ثُمَّ سَارُوا فى ثورتِهم يهْتِفُون. ولكن للإنسانِ السودانى كيمياء غرِيبة تُحَوِّلُه أحياناً إلى طاقَةٍ سَالِبَة مُدَمِّرَة يحْرِقُ بها نفسِه وكل انجازٍ حَقَّقه أو موقفٍ نبِيل وَقَفَهُ يوْمَاً ما، فيأتِ بعَالِى نفسِه سَافِلِها ثُمَّ يجلسُ فوق حُطَامِ نفسه كما يفعلُ اليوم أبوقرْدَة وعبود وبشارة أرَور وعثمان وآش وكل خدم منازل البشير ورَهْطه فى سِبَاحةٍ إنتِحَارِية عكسِ التَيَّار.

ونقولُ لهم الآتى وهُم إخوَةٌ كِرَام ضلُّوا:

نفرتكم التى تزْمَعُونَها غداً الأربعاء هى فتنة لا يجُوزُ لكم إشْعَالِها، والفتنة نائمة لعنَ اللهُ من أيْقَظَها.

المؤتمر الوطنى صاحب المنزل الذى تعمَلُونَ فيه خَدَمَاً مُسْتحٍ لنفسِه من ثورَةِ الشعبِ ضِدَّهُ، والرئيس البشير نفسه قدَّمَ رسائل إعْتِذَار لم يقُلْ فيها شيئاً مُفِيدَاً بل قَدَّمَ محَاسِنَ نشْأته وأنه من هذا الشعب، فماذا تنصرُون ظالِمَاً يمُوتُ حَسْرَة ويحْكِى تاريخِه البَائِس، وتنصرُونَه على مَنْ ولِمَاذا؟.

أنتم طِلَاء تجْمِيل زَائِف على وَجْهِ المؤتمر الوطنى القبِيح، ولن يرْضَى لكم الشعبُ الثائرُ هذا. وبمسِيرِتكم المشؤومَة هذه إنَّمَا تقومُون بدَورِ”الوَاقِى” للمُؤتمرِ الوطنى يستخْدِمكم لإيذاءِ الشعب السودانى الذى قالَ كلِمته وأسقطَ حكومة الكيزان، فما بال خدم المنازل لا يعُونَ الدَرْس؟

مَسِيركم هذه فعل شيطان وفتِنة رُبَّمَا أدَّت إلى صِدامٍ مع الثوار فتُراقُ الدِمَاء وتزْهَقُ الأنْفُس ومَوجَة أخرى من الشَرِّ لا دَاعِى لها، فلماذا هذه الفتنة؟. وهل أنتم أكثر حِرْصَاً على البشيرِ ومُؤتمرهِ الوطنى من الأستاذ الشفيع أحمد محمد الذى نصحَ البشير وحزبِه فأوْفَى وكَفَّى؟ أم أنَّكم احْرَص على الإسلاميين من أبنَاءِ الكودَة، مبارك ويوسف؟ وهل يعلم هؤلاء الحركة الإسلامية وحكومتها أكثر من دكتور مُحي الدين الجميعابى؟ أم أنَّهم قاتلُوا لنُصرَتِها مثل عمَّار محمد آدم الذى تكشَّف له زِيفها فإنقلبَ ضِدّها؟.

ومن كِبار خَدَم المنَازِل عبود جابر رئيس مجلس أحزاب الفكَّة الذى أعلنَ على الهواءِ أنَّ مبادرَته التى لم يفْهمِ فحْوَاها أحد أنَّها مُبادرة المؤتمر الوطنى! ولمَّا صَحَّحَهُ أحد شُركاءِه إنْتَهرَهُ عبود قائِلاً له لا تنْتَقِد.

بالله عليكم قارِنُوا خيبة هؤلاء بعظَمَةِ الفنَّان أبوعركى البخيت الذى ظلَّ يتقمَّص الوطن حتَّى وهو فى غيبوبِةِ التخْدِير وهو خارِجٌ لتوِّهِ فى ثوبِه الأخضر من عملِيَّة جِرَاحية وأوَّل ما نطقَ به وهو يفُوقُ من التخدِير الوطن والشعب! أوَّل كلمات نطقَ بِها وَصَّى على الوطنِ والشعبِ والتُرَاب. فأين ثُريَّا هذا الشموخ من ثَرَى هؤلاء الذين يجَمِّلُونَ الباطِل لحَاكِمٍ سَقطَ مُدوِّياً؟. وهل أبوعركى وهؤلاء من نفسِ جنسِ مخلُوقاتِ الله؟.

وكيف لوزيرِ الداخلية رئيس خدم المنازل أن يصدِّقَ لمَسيرَةِ الأربعاء بينما يحرم الشعب السودانى من حقِّه فى التظاهرِ السلمى؟! بل ويأمرُ بقتلِهم وإعتقالِهم؟ وما هو ذنبُ الشعب عندما يُمَارس حقوقه فى الرَأىِ والتَجَمُّعِ والتعبِير؟! ألا يستَحِى وزير الداخلية من الله؟ إنْ لم تستَحْ فأصنَع ما شئْت.

وتَسْقُط تَسْقُط تَسْقُط بَسْ.

[email protected]

تعليق واحد

  1. العنوان خطأ . خدم المنازل قئة من المجتمع لم تتوفر لهم فرص التعليم او التدرب على مهنة تعطي دخلا اكبر . اتوا من الاقاليم البعيدة واكلوا من عرق جبينهم . صرفوا على اسرهم البعيدة . كانوا كالمغتربين يعودون في الاجازة ويوزعون الهدايا والفلوس على اهلهم وبفلوسهم التي ادخروها اشتروا الابقار والاغنام ومعينات الزراعة والأرض في بعض الاحيان . وبنوا المساكن التي استمتع بها اهلهم وحرموا انفسهم . كانوا رجالا شجعانا ولهم شخصياتهم واعتدادهم بأنفسهم . هذا التشبيه يعتبر اساءةكبيرة
    فلتتحدث عن عبيد المساكن . خدم المساكن عرفناهم وصادقنا بعضهم من كان في عمرنا صاروا من اقرب الاصدقاء احببناهم واحبونا . بكينا عندما سمعنا بموتهم وسعدنا عندما سمعنا بزواجهم وميلاد اطفالهم . . العبيد وعبيد الطائفية يختلفون من الخدم .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..