نانسي عجاج في حفل دبي .. الأناقة والإغراء في خدمة التراث

عثمان محمد فضل المولى

شجعني احد الإخوة على الاستماع لأغنية ( اندريا ) بصوت الفنانة (نانسي عجاج) وذلك لعلمه بولعي بالتراث والأغاني التراثية السودانية عموما والكردفانية على وجه الخصوص . أقول ودون حياء : باني لا اطرب للاغاني العربية المصرية أو الخليجية أو الشامية أو المغربية لدرجة أني لا استمع لام كلثوم . اطرب لإيقاع الدلوكة والتمتم والجراري والمردوم .

أوصلني مؤشر البحث للسهرة التي أحيتها الفنانة نانسي عجاج بدبي في العام 2015 م . كانت القاعة رحبة وأسطورية والجمهور أنيق ومهذب , ويمثل أجيال مختلفة , من جيل اليوم صبية وصبايا دون العشرين وقطعا لم ير بعضهم السودان ولم يسمع بالجراري , شباب دون الأربعين , وجيل الشيوخ فوق الستين .

صعدت الفنانة للمسرح بزي أنيق جدا وعصري وجريء نوعا ما , كان لمظهرها وأناقتها دور في اشتعال القاعة بالتصفيق .
بدأت بالأغنية التراثية الكردفانية ( اندريا ) وهي على إيقاع الجراري , فتفاعل الجمهور بالرقص والتمايل وهم على مقاعدهم . لا أقول أن مظهر وجاذبية الفنانة المحترمة هو السبب الوحيد لتفاعل ونشوة الجمهور , وإنما الأداء وبساطة الكلمات ومضمونها الشعبي الذي يعبر عن عنفوان وصدق المشاعر عند حواء السودانية في بواديها .

ما كان لهذه الأغنية التراثية المحلية لتنتشر في السودان بين الأجيال المتغربة ثقافيا بسبب الهجرة والعولمة لولا جاذبية وأداء الفنانة وأيضا لمزج الآلات الحديثة مع اصل الجراري . هذه اللوحة الفنية التراثية من الجراري تكون في أعلى درجات جمالها عندما يصاحبها رقص الفتيات بنوع من الرقص يسمى ( الرقبة ) , ففي هذا النوع من الرقص تكون الحسناء ( كوزينة ) تسبح في بحر هادئ ممتد لما لا نهاية وفوقه سماء زرقاء ليكون الأفق قريبا بين زرقة البحر وزرقة السماء .

قال لي احدهم : صوت نانسي عجاج ليس من الأصوات القوية وبه بعض الضعف ولكنه يطرب ….. طبعا ليس لرأيه العلمي مكانة عند المستمع العادي وإنما المهم هو الجمهور والذي كان طربا , فكانت القاعة متجاوبة حد النشوة .
لم يحتاج الجمهور للقيام من مقاعدهم للرقص وإنما اخذ اغلبهم يحاول الرقص عن طريق مد العنق وإرجاعها , رجالا ونساء , صغارا وكبارا تجاوبا مع إيقاع الجراري . شاهدت شاب عصري يحمل طفل وهو يرقص بعنقه والطفل يقلد الأب بامتياز .
ربما تبدو الأغنية ساذجة في كلماتها ومضمونها ولكن الواقع غير ذلك حيث فيها من الفصيح الكثير , وتبدو من كلماتها أن لها قصة ربما تكون واقعية أو متخيلة .

الأغنية ضرب من ضروب ( الجراري ) الجميل والذي يصاحبه ( الكرير ) والكرير في لغة العرب وحسب القاموس صوت في الصدر مثل الحشرجة , أو صوت مثل صوت المختنق أو المجهود . وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم وبعض أصحابه تضيفوا ( أبا الهيثم ) فقال لامرأته : ماعندك ؟ فقالت : شعير ,قال : فكركري أي اطحني , والكركرة صوت يردده الإنسان من جوفه .

ولندلل على فصاحة الكثير من كلمات الأغنية فحري بنا أن نورد بعض منها وقياسها بالفصيح . ( هنا سوف نذكر المعنى الذي يخدم الكلمة في الأغنية فقط ولمعظم الكلمات أكثر من معنى )
الزارعنو في الصريف ….. بسقيك بلا خريف
حلاوة القرطاس …….. الفي الخشيم تماص
القمري قوقا وطار ….. خلا الدباس في الدار
خلاني للافكار ……. بالكبري شاشا وطار
اللوري جا منقل …… شايل قزاز الخل
لو ما كلام الناس …… برحل معاك ( خماس )
الصريف : بالضم السعف اليابس , الواحدة صريفة , وأيضا ما يبس من الشجر
القرطاس : الصحيفة من أي نوع
الدباس : فصيحها ( الدباساء ) على وزن فعالاء ( بكسر الفاء ) وهي الإناث من الجراد
شاشا : الصحيح تشأشأ , تشأشأ القوم إذا تفرقوا
(خماس ) : مدينة صغيرة ليست بعيدة جدا من مدينة النهود الشهيرة

سبب فصاحة الكلمات نتاج البيئة البدوية التي ظلت تحافظ على بعض الكلمات عبر الزمن .
الأغنية تعد من أغاني البنات والتي تعتبر وسيلة التعبير الحقيقة للفتاة السودانية عن مكنونات القلب . في أغاني البنات تسمح عادات وتقاليد المجتمع السوداني المحافظة للفتاة أن تعبر عن شواغل القلب الخاصة وقد تتجاوز لدرجة ذكر اسم المحبوب وأوصافه ولبسه ومهنته وماله وكرمه وشجاعته . أغاني البنات تعبر عن الزوج النموذج أو المثال من وجهة نظر الفتيات . قد يكون صاحب الكريسيدا أو الهمر أو مراح البقر أو صاحب الإبل أو من هيئة التدريس أو الدكتور والمهندس والمغترب . تصعد مهن وتهبط مهن ولكن يظل الرجل الكريم المعطاء باذل المال هو المرغوب , وهذا جزء من شخصية المرأة عموما وكرهها لصفة البخل في الرجل … فلا تكن بخيلا .

سالت احد أبناء كردفان عن ( خماس , اندريا ) , ذكرنا خماس أما ( اندريا ) فلم نجد إجابة شافية ولكنه ربما كان من أبناء التجار أو الموظفين أو المهنيين من الاغاريق اليونان أو ربما من الشوام المسيحيين كان موجودا في المنطقة في فترة ما .
في الختام يجب ألا يفهم من وصفي للفنانة بالجرأة في الزى على انه نوع من الذم . دبي مدينة عالمية منفتحة نحو ثقافات متعددة من شرقية خليجية محافظة واقل محافظة , شامية منفتحة , غربية تحاول أن تكون متوسطة الانفتاح , أسيوية شرقية وافريقية . إذن الأناقة الجريئة اتت من هذا الجو العالمي .
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. انا حضرت حفله في اليوتيوب وأتخيل لي فستانها شال من الغنيه الكتير لأنو الغنيه هاديه وعلي قولك دايرة راقصات . عندها تسجيل لنفس الغنيه بلبسه باكستانية بيضاء ورجال ونسوان بيرقصو كان هو الاحسن والمناسب للغنيه وليها . ده رأي

  2. اقتباس[..قال لي احدهم : صوت نانسي عجاج ليس من الأصوات القوية وبه بعض الضعف ولكنه يطرب ]

    زولك دا متخصص ولا كيري ساكت،، يورينا عناصر الضعف ولا كيري ساكت يبقى دا حسد

    المهم لانو اصلا في السودان في فنانة شاملة بمعنى الكلمة فنانة (معتقة) يتفق عليها كل الناس.

    بعدين جرئ دي على شاكلة ملابس هيفاء وهبي وشاكيرا وجنيفير لوبيز ولا بشورت وفانلة

  3. نانسي((( شفاف ))دي الله يسترها لكن يوم بتحصل عليها مصيبة ….ناس مامحترمة نفسها ورجال يرقصون ورها ويتمايلون وتتمايل قلوبهم اعوذ بالله من الشيطان الرجيم …..خسارة زمن وقروش وجمع زنوب ……احترمي نفسك واحترمو انفسكم يا من وراها

  4. الـصـريـف = سـيـاج مـصـنـوع مـن نـبـات الـقـش (الـبـوص ) بـعـد أن يـجـف .. يـتـم قـطـعـة مـن الـخـلاء و إحـضـاره للـدار لـيـتـم الإسـتـفـادة مـنه فـي أعـمـال الـبـنـاء عـامـة.
    :
    و المـعـنـي مـن صـدر الـبـيـت .. الـزارعـنـو فـي الـصـريـف:

    شـبـه المـحـبـوبة كـالـنـبـته التي تـتسـلـق سياج الـصـريف فـي مـوسـم الـخــريف للـوصـول إلـى أعـلـى قـمـه و الإطـلالـة إلـى مـا وراء ذلك الـصـريـف .. و هـى اللـحـظـة الـتى طـال إنـتظـارهـا مـن قـبـل .. ذلك الـمـتـيـم .. حـتـى كـاد أن يـبـدأ بالـسـقـيـا( صـيـغة مـبـالـغـة .. سيول و أمطار و يسقـي و الشجر رويان ) .. ظـنـا مـنـه أن لآ طـائل إنـتـظـار .. فـي الـخريـف .
    :
    و للـعـشـق سـحـر بـيـان.

  5. أولآ هذه الأغنيه ليست من أغنيات البنات ولكن مؤلفتها سيده فاضله من حمر وأعذرنى لحجب إسمها ،وإسم الأغنيه ليس أندريا وهذا لفظ سماعى حيث لم يتثبت أى من كان من قبل التغنى بها،ولقد قالت المؤلفه أنها كانت تردد الناريه عقب كل مقطع وليس أندريا،،وهذا طبعا معروف فى أغانى الجرارى كلازمة ،الليمون،المنارى،الشتيل،،،
    ولقد قلت بأن كلماتها بسيطه ولكن فقط أرجوك أن تتأمل فى قولمه لو ما الصبر تكليف ،،فهى تشير إلى تكاليف العباده،،وتأمل فى قولها لاقيت نجيمى الغاب ،،فى أم دروته فاتح باب،،
    أما فى شرح المعانى فقد جانبك الصواب ،فقد طابقت المغنيه القمرى وهو الطائر المعروف والذى يجاور بأعشاشه فى القرى والمساكن مع الدباس وهو حمام برى أكبر حجمآ من القمرى ،ويعشش فى الغابات ،مستوحش ويضرب به المثل فى البله،
    والقرطاس طبعآ الورق وهى لفظة فصيحه ولكنها دارجه عند الحمر ويقصدون الورق أى نوع كان،
    اما الصريف فهو الوادى المتشابك الأشجار والذى لا يمكن إختراقه بل الدوران حوله،مشابهآ للصريف أو الحوش ، ومن الصرفان الصامده فى وجه التصحر صريف عنكوش

  6. الدباس هو نوع من انواع القمري … هو أكبر حجما واجمل شكلا من القمري العادي … بل هو اقرب للحمام فبالتالي هو حمام بري …

  7. اعتقد ان الفن هو رسالة سامية يؤديها الفنان صاحب الاحساس الجميل دائما في حياته الاجتماعية والفنية دون النظر الى مسألة الماديات ومما يجعله مجبوب لدى جماهير الغناء وكما يتطلب من اللفنان ان لا يلجأ الى مسألة التفكير الجارف في غلو عداده المالى لاقامة حفل معين مع تقديرنا له بشأن المال من اجل ضروريات الحياة واعتقد ان ما طلبته نانسنى في الشهور الماضية لاقامة حفل فنى خيري مقابل 10 الف دولار جعلنى اصنفهاالى جماعة فناني الشباك والكاش زى ناس ترباس وندى وانصاف ولقد فقدت مصدقيتى في احساسها الفنى على غيبر ما كنت اظنه فيها بعد ان استمعت اليها في بلدي هو واندريا وغيرها من اغانى التراث الشعبي السودانى التى جذبت بها جماهير الغناء والطرب واقول لها ان تخرج من عبأة اعدادات المال وكما لاحظنا كيف فقدت الفنانة انصاف المدنى جمهورها الكبير في حفلها الاخيرة بمدينة العين واعتقد ان فنانات مثل فاطمة عمر وانصاف فتحى ومكارم بشير سارن على النحو السليم والتغنى من اجل الفن

  8. فنانة مجدة تحترم فنها وجمهورها
    سيكون لها مستقبل كبير باذن الله عندها محبة كبيرة وسط ذواقة الغناء النظيف
    جمالها حقها وهو إضافة لأداء ما فيه من شائبة الله يحفظها

  9. زمان كانوا كلمة الغزل لو الواحد يشوف ليهو واحدة حلوة بيقولوا عليها دباسة من جمال شكلها وخلقتها.
    او مجموعة بنات (دباس)

  10. مقال كان ممكن يكون كويس ..
    لكن صاحبنا شغل الناس بموضوع الفستان !
    يا اوصمان ماتهتم بالفارغة ..اكتب بعمق وابتعد عن الهوس الجنسي والغرائز واحتفظ بهذا الشبق الذي يعشعش في دواخلك بعيدآ عن النشر ..

  11. (ﺃﻗﻮﻝ ﻭﺩﻭﻥ ﺣﻴﺎﺀ : ﺑﺎﻧﻲ ﻻ ﺍﻃﺮﺏ
    ﻟﻼﻏﺎﻧﻲ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺍﻟﻤﺼﺮﻳﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺨﻠﻴﺠﻴﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﺸﺎﻣﻴﺔ ﺃﻭ
    ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻟﺪﺭﺟﺔ ﺃﻧﻲ ﻻ ﺍﺳﺘﻤﻊ ﻻﻡ ﻛﻠﺜﻮﻡ . ﺍﻃﺮﺏ ﻹﻳﻘﺎﻉ
    ﺍﻟﺪﻟﻮﻛﺔ ﻭﺍﻟﺘﻤﺘﻢ ﻭﺍﻟﺠﺮﺍﺭﻱ ﻭﺍﻟﻤﺮﺩﻭﻡ ) .
    ما غريب انك لا تطرب للاغاني العربية لانو اسمك
    عثمان فضل المولي ! يعني ما ( وائل هاني ) ! !
    مقدمة عبيطة فعلآ

  12. الغريب شنو، ما غريب الا الشيطان!!!! هي حجمها وجسمها plus size وطبعا ما بتكون بتقدر تلبس التوب بسهوله الناس القاعدين في السودان ، واللبسه البيضاء كانت بنطلون عريض مع بلوزة وشال ، يغني ملابس فضفضه تناسب جسمها ولون رائق، وخاته hair extension مديها منظر أنثوي وتسريحه ام كلثوم لأنو شعرها القصير مديها شكل صبيان صغار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..