ابراهيم السناري: يخرج منّا من بوابة التاريخ ليدخل إلينا من نافذة الأدب

ابراهيم السناري (صاحب بيت السناري )بالسيدة زينب بالقاهرة. أحد الشخصيات السودانية المنسية. و هو شخصية تستحق فعلاً الوقوف عندها كما ذكر الدكتور عمار على حسن (مصري) . لكي نعرف أن التقصير منّا نحن و نحن فقط و ليس غيرنا.
منذ زمن أعايش تقصيرنا نحن السودانيين و تقصير مثقفينا و تقصير مناهجنا التعليمية نحو تاريخنا و شخصياتنا.و في نفس الوقت نرمي اللوم تجاه تقصيرنا ذاك لغيرنا من البلاد أو الجنسيات و نحن أحق باللوم.و بالرغم من تسطح الفكر التاريخي لدينا و هشاشة المعلومات التاريخية نحو تراثنا التاريخي نتلقف (بجهل)أي معلومة من طرف(المناهج) لنفتخر أو لنسجل هدفا ضد غيرنا و ما أكثر ذلك هذه الأيام. و طالما نتجاهل تاريخنا و نتعامل معه باعتباره موضوعا هامشياً ثم نتباكى بأن غيرنا يحاول طمس تاريخنا هذه هي الغفلة نفسها و العشوائية بعينها و رمي الناس بالباطل حقاً.
منذ سنوات سمعت عن (بيت السناري) فقلت لابد من أن لذلك الاسم علاقة بنا نحن السودانيين. فبيدأت بالبحث ( و هو ليس عسيراً) فأشبعت فضولي و رويت غليلي بالتعرف عن (السناري) و تقصيت حتى عرفت أصله و فصله. و طبعا استغربت أن يجد(سوداني) كل هذا الاحتفاء في ذلك الزمن(أيام الحكم التركي).
و كنت كل ما أوغل في سيرة حياته ازداد إعجابا و فخرا كشخص استطاع أن يعبر حدود الوطن و حدود (الحدود السياسية) و حدود المجتمع الإثني و القبلي و ليكون إنسانا(كوزموبوليتانياً) بالمعني الحديث.و أن يرتقي السلم الإجتماعي من أدني السلم إلى أعلى درجة في ذلك السلم الذي يصعب الصعود فيه (خطوة واحدة) إلا لمن امتلك الجرأة و الثقة و الموهبة و الرؤية الثاقبة و أن يسمو على عوائق و عقبات و (عقد) اللون و القبيلة و الجنسية.
و في هذه الأيام كان لفوز الدكتور عمار على حسن (مصري) لهذا العام بجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابى فى مجال الرواية عن مخطوطة روايته “بيت السنارى” الدافع للكتابة عن (السناري) صاحب الاسم، حيث كانت هذه المناسبة فرصة رأيت اغتنامها لاحدّث عن هذه الشخصية. وتجرى أحداث رواية “بيت السنارى” زمن احتلال نابليون لمصر، ويعد الشخصية المحورية لها “إبراهيم السنارى” صاحب بيت السنارى الأثرى الذى تتخذه مكتبة الإسكندرية حاليا مقرا لفعاليتها الثقافية فى القاهرة، و قد ذكر سيرته المؤرخ الشهير عبد الرحمن الجبرتى فى موسوعته التاريخية “عجائب الآثار فى التراجم والأخبار”.

وكان عمار على حسن قد أن بطل الرواية(السناري) ، هو شخصية حقيقية، يستحق الالتفات إليه روائيا، نظرا لحياته الغريبة، فقد جاء إلى مصر رقيقا ثم عمل بوابا فى المنصورة وذاع صيته بالقدرة على قراءة الطالع والتنجيم فقربته السلطة حتى صار نائبا لمراد بك الحاكم الفعلى لمصر فى تلك الأيام.
ويقول الجبرتي أن ابراهيم السناري قد جاء للوجه البحري و عمل بمدينه بمدينه المنصورة ، وفيها تفتقت مواهبه و ظهرت نجابته و تعلم القراءة والكتابة وطالع في كتب السحر و التنجيم فذاع صيته بين العامة و الخاصة. فعاد للصعيد مع من اختلط بهم و دخل في خدمة مصطفي بك الكبير فصار من خواصه فتعلم اللغة التركية و حرر مكاتبات سيده و أدار شئونه فصار طرفا في المؤامرات و الفتن حتى أمر مراد بك الكبير(السلطان) بقتله فهرب و دخل في خدمه الأمير حسين بك حتى عفي عنه مراد بك و قربه حتى عينه كتخدا( كاتم سر). له
وهكذا سطع نجم إبراهيم السناري و زاد سلطانه حتى صار منذ عام 1794بمثابة لسان حال سيده الذي اعتكف تاركا لإبراهيم السناري إدارة شئونه مما أتاح للأخير فرصه اضافيه للصعود و التحكم و السيطرة فتحدي قرارات و رغبات الأمراء بل صار ينفذ أوامر سيده حسب ما تقتضيه مصالحه و هواه.
فبني داره التي بالناصرية بحي السيدة زينب في القاهرة والمشهورة ببيت السناري وصرف عليها أموالا وصار له حاشيه و جواري واتباع. و ظل السناري كذلك حتي يوم 1801 م حيث ُقتل في الإسكندرية مع غيره من الأمراء الذي كان حسين باشا القبطان العثماني قد طلبهم للحضور إليه فلما حضروا قتلهم جميعا و دفنوا بالإسكندرية .
من خلال ما ورد ذكره أعلاه و بما عرّفنا به المذكور اختم بالقول بأن ابراهيم السناري صفحة من تراثنا و تاريخنا المنسي ينبغي الالتفات إليه و الاحتفاء به.

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..