خربشات علي جدار القلب.. الخرطوم..لا زالت الأماسي تبكي أسى

مجدي عبد القيوم (كنب)
المواعيد لسه حزنانا بتنادي
والاماسي بتبكي في اسى ما اعتيادي
مأ كنتي بهجتا بي روائع قوس
قزح
والله ما طلانا من بعدك فرح
لعل المبدع سعد الدين إبراهيم عندما كتب اغنية العزيزة في ذلك السياق التاريخي لم يكن قد جال بخاطره أن ملهمة تلك الأغنية التي كان عشاق الجمال يضبطون إيقاع الحياة ودقات القلب علي إيقاع خطواتها وربما شهقات الدهشة بعد أن يعبوا الصدور من الق العزيزة وسحرها.
ربما لم يدر بخلد الشاعر مرهف الاحساس أن العزيزة التي كانت “تقدل” في شوارع الخرطوم أضحت هي الخرطوم نفسها وبات عشاق “الخرتوم بالليل” يرتجون اوبتها
يا ويح قلب الشاعر المرهف لو” شاف اخرتها” لكن اصيب باحتشاء في عضلة القلب الرهيف.
فى ذلك الزمان الذي عطر فيه سعد الدين ورفيقاه صاحبا الجميلة ومستحيلة وقلت ارحل واللذان شكلا معه مثلث برمودا العصي علي الاقتراب علي قول المبدع محمد المرتضى حامد فمن يقدر علي أن يحادث النجمة يوصيها علي محبوبته غير ود الشريف الشريف أو ان يكتب اسمها في لحي الأشجار ومن غير التجاني سعيد عميق الخيال الذي يري عيون الحبيبة مثل سحابة صيف تجافي بلاد وتسقي بلاد
في ذلك الزمان العبق الذي غني فيه سعد الدين للعزيزة سلمينا علي ضفايرك موجة موجة وكلميها كأن الازرق العاتي والابيض متسع البراحات كأني بهما ضفيرتي العزيزة وقد انسدلتا علي الاكتاف .
كأني به وهو يغني في اسى وحزن لغياب الملهمة
سلميلنا علي ايدينك وشملة الريد
انسجيها
يتحدث بلسان حال العشاق من شباب الخرطوم النضر وهو يتمشى في شارع النيل متشابك الأيدي وقد برح بهم الوجد وهم يعبون من كؤوس الحب الطاهر حتي يعود الكأس بلا حبب
في الخرطوم أو قوس قزح الذي طالما رسم علي سماء الخرطوم عندما تصفو خطوطه الزاهية وكانه قد سطأ علي الوان مكياج الحسناوات وهن تائهات في ليالي السمر قبالة توتي .
غني سعد الدين العزيزة
سلمينا علي عيونك تسهي تغرويدها وما دري أنه ليس هي عيون الملهمة فقط التي انطفأ بريقها فلم يعد الشعاع الساقط من نظراتها يمثل بؤرة ضوء تشكل زاوية انكسار علي علي الشفاه ليزيدها القا ويزيد الصب العاشق ‘جنون في جنون”
ليت صاحب العزيزة قد غيض له حضور هذا الزمان الأغبر الذى لم تعد تجروء فيه حسناء علي الخروج للشارع خيفة وخشية أن تكون عاقبتها نور وجنتيك طفتن مزارف دمعنك بعد أن تربص بحرائر الخرطوم عيال وكلاء الاعراب من بدو الصحراء الذين فتكوا بشارع النيل وانتهكوا عذرية الجزيرة علي امل أن يعود سادتهم ليفاوضوا علي طريقة ‘كسر بيت’ ولكن هيهات
فهنا لسان الحال
لا يسلم الشرف الرفيع من الاذى
حتي يراق علي جوانبه الدم .
وللذي يقوم بهكذا فعلة هنا وصف آخر يليق بمن يهيء للاخرين فراش اللذة الحرام وله في القاموس السياسي مصطلح تزور منه النفس الابية والعار “خشم بيوت’ عند السودانيين الذين اصبحوا ارقاما في سجلات المؤسسات المشبوهة التي تمارس الدبلوماسية الماكرة والمخادعة في المقاهي السياسية التي تحمل القابا رفيعة ضمن سلسلة مؤسسات الإمبريالية التي بدأ انها الان وقد هبت عليها العواصف لتدكها دكا دكا قبل تاتي الرياح لتقتلع اوتاد خيام بدو الخليج الذين ما دروا أن شاعرا سودانيا خط باحرف من نور في سجل الفرائد السودانية هوج الرياح ليغني معه العشاق في شوارع الخرطوم
جرعني كاس من لوعة من اهات
ما المحبوب
خلاص
خلاني ليك الليلة
راح
ساب قلبي
شمعة وحيدة
في هوج
الرياح
خلي النواح
خلف لقلبي
الحسرة والشوق والجراح
وعندما كانوا هم يغنون
لا تجيبين
الرسائل
ايش اسوي بالورق
كنا نغني
من طرف الحبيب جات اغرب رسائل
يحكي عتابو فيها
قال ناسنو قايل
نعم كان العشاق وهم يمشون قبالة المقرن يذوبون وجدا وبغنون وقد اضنتهم تباريح الهوي
ويبقي اسمك الغناء
وهو البخفف لي عذابات
الضنا
كان ذلك شعر الخرطوم التي كانت اهرامتها وكانها انتقلت من إلبركل والبجرواية ومعبد بوهين فمشت في شوارع الخرطوم وتمثلت بشرا سويا نعد بعضهم ولا نعددهم فذاك سجل طويل ساسة ومفكرين وشعراء ومهندسين من مخططي المدن الذين بنوا عواصم في بلاد الاعراب وادباء ورواة ولاعبي كرة قدم بينهم من أصل وجال في ملاعب الخليج واسسوا لنهضته الكروية كالفاضل سانتو الذي كان يخطط مربعات ملعب النصر الاماراتي كما فعل المهندس كمال حمزة بشوارع دبي
يا لعبق ذياك الزمان فقد كنا نزدهي بالاحمر القاني اي احمر شعارا كان لفريق أو علي حائط يلعن الرأسمالية المتوحشة التي لا تحفل كثيرا بالانسان ووكلاءها الاقليميين والمحليين وربما لم يزل فينا عرق ينبض أو لعله ‘ضرس يتاور’
يا ويح قلبي ويا لحظ صاحب العزيزة الذي اكرمه الموت حتي “ما يشوف اخرتها”
يا ويح قلبي علي العزيزة
الخرطوم فالمواعيد لسه حزنانا بتنادي
والاماسي بتبكي في اسي ما اعتيادي
لكن حتما تعود
ونعود تاني من تاني
وسنغني
غني يا خرطوم وغني
شدى اوتار المغني
وربما استجلبنا جنقو من الخليج بعد نضوب النفط لنعيد فرد الوشاح الاخضر علي امتداد مساحة الجزيرة.