مطربو اليوم في الميزان

لم يجد المطربون الشباب ما وجده المطربون الكبار، عندما كانوا شباباً، فقد كانت الأبواب لهم مفتوحة والنوافذ مشرعة ووصلت أغنياتهم الجديدة للجمهور، وعلى رأس هذه المنافذ الإذاعة القومية، عثمان حسين ومحمد وردي عرفهم الجمهور من خلال الإذاعة، وكان التسجيل الرسمي يقوم بعملية قربلة ولا يقبل إلا أغنيات بمواصفات خاصة بالذات في اللحن والكلمات، لذلك كان الفنانون ينتقون الكلمات حتى يتمكنوا من تسجيلها للإذاعة، الآن صار الأمر مختلفا جدا، فالإذاعة أوصدت أبوابها وأوقفت التسجيل الرسمي منذ وقت طويل، وكذلك التلفزيون فلم يجد المطربون الشباب والجدد نوافذ يطلون منها خلاف أشرطة الكاسيت والحفلات الخاصة والكل يعلم الاغنيات التي تريدها هذه المنافذ، فشركات الكاسيت تريد أغنيات قصيرة الزمن سريعة الإيقاع والانتشار، وبالتالي تكون سريعة التلاشي، لأن الاغنيات الكبيرة يحتاج المرء الاستماع إليها عدة مرات حتى يستوعبها وتدلف الى وجدانه. أما الحفلات الخاصة فهي تحتاج لأغنيات خفيفة ذات ايقاعات راقصة، ولذلك نجد أغنية اليوم تختلف عن أغنية الامس ولا يصح القول أن ذوق الجمهور غير تغير، لأن وردي وعثمان حسين نجد أغنياتهما محبوبة لكل الناس ومرغوبة. أنا أعرف مطربين كثر لديهم أغنيات كبيرة وجميلة، فإذا سألت أحدهم لماذا لا يخرج هذه الأغنية حتى يستمع إليها الجمهور، يجيبك أين يتغنى بها وشركات الكاسيت لا تقبل بها، وإذا تغنيت بها في الحفلات الخاصة انصرف عني الجمهور. من كل هذا الحديث يتبين لنا أن العلة الأساسية تكمن في أجهزتنا الإعلامية التي تسببت في انحدار مستوى الاغنية، وأدت لانصراف المطربين عن تقديم أغنيات مثل الود والطير الماجر والحزن النبيل، خاصة وأن الشعر الجميل يملأ الآفاق وكل أباطرة الأغاني موجودون والملحنون كذلك.

التيار

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..