النصف الأعلى

الدعارة ليست هي بيع النصف الأسفل من الجسد. الآن الدعارة الأعظم هي بيع النصف الأعلى.
اسحاق فضل الله
إنني لأقف بقوة مع دعوة مصطفى البطل أن على أولئك الذين دعوا لمقاطعة صحيفة الإنتباهة لصاحبها الرويبضة الطيب مصطفى (في سياق نشرها إعلان القوادة الوطنية) أن يسألوا أنفسهم لماذا يشتري الناس الإنتباهة حتى صارت في سدة الصحافة السودانية كما قال الرويبضة ؟ وقد اقتنعت منذ حين أن دعاة المقاطعة من المعارضين يفرون من مثل هذه الأسئلة فرار السليم من الأجرب لتعذر دفعهم استحقاقات إجاباتها من الشغل المر.
وهنا ينتهي اتفاقي مع البطل. فأنا على خلاف معه لتحريمه المقاطعة كوجه من وجه حرية التعبير. فهو يسميها حسد الفاشلين من الناجحين ووصاية الصفوة على غمار الناس يقررون بها مطالعاتهم. ولا أدري من أين للبطل هذا الرأي القاطع بحرمة المقاطعة وهي ممارسة ديمقراطية عادية. وفيها يحتج المواطن كمستهلك على البضاعة الفكرية (وبقيادة صفوية بطبيعة الحال) من مؤسسات للرأي إعتقد أنها لم تحسن إلى قضيته.
سبق لي في مايو 2002 رصد حملة صهيونية أمريكية لمقاطعة منابر إعلامية جنحت بزعم قادتها إلى الفلسطينين في عرضها للنزاع في الشرق الأوسط. فاشتكت الحملة منها لأنها لا تعرض مواقف طرفي النزاع في فلسطين على الحد السواء فتظلم الإسرائيليين ضحايا العنف العربي المزعوم ممن يردون الصاع الفلسطيني صاعين. ولم تكتف الحملة بالشكوى فأتبعتها بالعمل أي بالإضراب عن قراءة الصحف المتورطة في الكيد لجماعتها وحجب الإعلان عنها . فتعرضت جريدة لوس انجلس تايمز، وهي صحيفة ناجحة، إلى حملة إلغاء اشتراكات ترتب عليها حرمانها من 1200 قاريء. كما تأثرت إذاعة عامة بالحملة ففقدت 4% من جملة ميزانيتها العامة. وحاصر هذا الإضراب جريدة النيويورك تايمز، ولدة نجاح، بعد أن أعلنت الحملة أن شهر مايو 2002 سيكون شهر التوقف عن قراءتها. وصمدت الجريدة للحملة ودافعت عن توازن تغطيتها.
ولي عتب على البطل أيضاً. فمثله مرجو لتحليل نجاح الإنتباهة لا مجرد الترويج له. فوصف صحيفة الرويبضة بأنها حققت نجاحها “وهي تعرض نفسها في سوق تنافسي حر ومفتوح”. وحاجات تانية حامياني. ولا أدري كيف أذن البطل لنفسه، وهو على خلق ونبل وديمقراطية، أن يحكم على نجاح الإنتباهة ب “شباك” التوزيع. لقد جيش الروبيضة لدعوته للانفصال (التخلص من وسخ الخرطوم) الدرك من المشاعر في النواة العرقية الاستعلائية الشمالية مما سماه مندور المهدي “روح العنصرية” ليؤمن السودان من متكرعي المريسة وحملة الأيدز. ولم يكن بحاجة إلى هذا التبذل لدعوة الانفصال المشروعة بحيثياتها السياسة البليغة الأخرى. بل هو أخرق لغة وإسلام احتج عليهما عبد القادر باكاش لتمنيه الموت لمسلم يشهد ألا إله إلا الله بدلاً عن مسلم آخر. فنجاح الروبيضة ورم. ومثل قلم البطل من يشخصه لا يرهب به من قد يفعلون ذلك.
كفِّر يا الطيب وأغلق الإنتباهة الله يهديك ويثيبك.
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..