الدكتاتوريات وسلاح الخوف

سلمى التجاني
يستوقفني كثيراً نموذج الراحل العقيد معمر القذافي في الحكم ، كان ديكتاتور على طريقته ، تبنى أسلوباً يتوافق مع مجتمعٍ قبلي في غالبه الأعم ، يعلو فيه رمز الأب والأخ الأكبر ، فكان الاخ العقيد هو اسم القذافي . أخٌ أكبر وأبٌ لكل الليبيين ، يسجن مدى الحياة ويصفي معارضيه ويشيطنهم ،بذات الأبوية التي يغرق بها الأسواق بالبضائع الإيطالية وآخر موديلات السيارات ، مع افخم ما انتجته التكنولوجيا من أجهزة . كل ذلك بأسعارٍ مدعومةٍ منه مباشرةً ، وفي متناول أكثر الليبين فقراً . لا يمكن أن يجرب مواطن ليبي حياة التشرد أو الجوع ، فهناك السكن الشعبي والجمعيات التعاونية المدعومة ، بل إن كرم الأخ العقيد يفيض ليحدد جُعلاً لكل مواطن من عائدات البترول الليبي .
ظل الليبيون آمنون في عهد القذافي ، سوى أنه أمان الخائف الذي يحجم عن اغتراف الجريمة، ليس لأنه لا يريد ، لكن لخوفه من العقاب .
حكم القذافي ليبيا بسلاح الخوف ، وفي ذلك يقول الكاتب الأورغوايي إدواردو غاليانو، في مؤلفه كتاب المعانقات ، أن الديكتاتورية العسكرية تفرض الخوف ، الخوف من الإصغاء والكلام ، وتجعل الناس صماً وبكماً . تتبدَّى ملامح الخوف عند الليبيين من عدم قدرتهم على مناقشة الشأن السياسي بالبلاد ، أو تقديم انتقاد لأصغر مسئولٍ بالحكومة أو اللجان الثورية ، فلا يتبادلون النكات الساخرة من العقيد وأبنائه إلا في المناطق النائية في أقصى البلاد ، حيث تجد مواطن الكفرة قادر على السخرية الهامسة .
تكاثرت في ليبيا أعداد الجامعات التي لا يؤتى فيها على ذكر الديموقراطية ولا الحرية والحقوق . ولماذا يحتاجون لقيم ( أجنبية ) وبين ظهرانيهم العقيد وكتابه الأخضر. لذا كان لديهم كل شيئ ، إلا مصادر المعرفة التي تضعهم في الطريق الصحيح نحو ذواتهم ، وتشكل مشاعل تنوير تضيئ لهم ظلامات امتدت لقرابة النصف قرن ، اختلطت فيها لدى الناس مفاهيم الحرية والحقوق ، وتقاطعت فيها المصالح ، بين خنوعٍ مع الرخاء ، أو تمردٍ ينتهي برصاصةٍ في أحد أقبية سجن الزاوية .
امتلك الليبيون كل شيئ مادي، عاشوا في سجنٍ من الرخاء ، وسلام إجتماعي ظاهري ، يقبع خلفه مجتمع متمرد ، على قمعٍ طويل الأمد ، فالفطرة البشرية ترفض الإذلال والظلم الممنهجان مهما طال عهدهما ، وتظل تتربص باللحظة التي تتحرر فيها ، لتعبر لمستقبلٍ أفضل . سوى أنه في حالة ليبيا لم يكن هناك نموذجٌ حديثٌ في عمر الدولة الليبية ليُحتذى . عندما ذهب القذافي وجد الليبيون أنفسهم شعبٌ عاش في حالة رعبٍ لأربعة عقود ، حتى ظنت الأجيال التي وُلِدت ونشأت خلال تلك الفترة أن ما يعيشونه هو الوضع الطبيعي وإن السلام الخادع هو الأصل ، والديموقراطية التي ينتهي سقفها عند أمين اللجنة الشعبية بالحي هي الأنموذج في كل العالم .
ولما اختفى القذافي ذهبت معه الجماهيرية العربية الليبية ، عاد من استطاع لنظام القبيلة عله يمسك الدولة من الإنزلاق في الفوضى ، لكن الكثيرين لم يتمكنوا من الإنضواء تحت منظومات بدائية ، وقد عاشوا حياة القرن الواحد والعشرين ، في الحقيقة هم عاشوا قشور الحياة في هذا القرن . لكن مد الفوضى كان بقدر سنوات حكم القذافي ، وتساوى مع ممارسات البطش تحت القبضة الأمنية .
في الأسبوع الماضي وقعت جريمة قتل وتقطيع لأجساد ثلاثة شبان سودانيين ، بمدينة شمبات بالخرطوم بحري ، لأجل السرقة ، وجَّهت الشرطة أصابع الإتهام لأجانب يُرجَّح أنهم يحملون الجنسية الليبية ، بعدها أصدرت السفارة الليبية بالخرطوم ، السبت الماضي بياناً أدانت فيه الحادثة ، وأكدت أنها منفردة ولا تشبه الشعب الليبي . ظل الليبيون لعقود بعيدون عن مثل هذه الجرائم ، قد نجد بعضهم في الجماعات الإسلامية المتشددة ، لكن أن ينتظموا في عملٍ للعصابات بغرض القتل والسرقة فهذه لم تُعهد عنهم . هي إذن من آثار الدكتاتوريات المدمرة لشعوبها ، طيلة فترة بقائها ، وبعد سقوطها . تحتاج ليبيا لسنواتٍ حتى تتعافى من حكم ( الأخ القائد ) ، وتعيد بناء مجتمعها ودولتها على أسسٍ من ديموقراطية وعدالةٍ وأمان .
سلمى التجاني
ظل الليبيون آمنون(أمنين)،يحجم عن اغتراف الجريمة،(إقتراف)،د عاشوا حياة القرن الواحد والعشرين( الحادى والعشرين)،ظل الليبيون لعقود بعيدون (بعيدين)
مقالاتك كويسة يا ست بس اخطاء نحوية تبوظها أحسن تراجعيها قبل النشر
(يُرجَّح أنهم يحملون الجنسية الليبية) يرجح دي يعني شنو ؟
الليبين أوقح عباد الله فى الأرض لا دين لهم, قلوبهم كالحجاره أو أشد وجهلاً كجهل الجاهلية الأولى وأضل.
ظل الليبيون آمنون(أمنين)،يحجم عن اغتراف الجريمة،(إقتراف)،د عاشوا حياة القرن الواحد والعشرين( الحادى والعشرين)،ظل الليبيون لعقود بعيدون (بعيدين)
مقالاتك كويسة يا ست بس اخطاء نحوية تبوظها أحسن تراجعيها قبل النشر
(يُرجَّح أنهم يحملون الجنسية الليبية) يرجح دي يعني شنو ؟
الليبين أوقح عباد الله فى الأرض لا دين لهم, قلوبهم كالحجاره أو أشد وجهلاً كجهل الجاهلية الأولى وأضل.