أخبار السودان

قطار الفرص الضائعة ..!

المغرورون من الحكام الشموليين أو أغلبهم هم من يفوتون الفرصة لمراجعة كشوفات حكمهم حينما تأتيهم بها الجماهير على طبق تظاهرة متواضعة تخرج من ثنايا نيران الأسواق ..ولكنهم بعنجهية يعتبرونها شرارة صغيرة يمكن اخمادها بنفخة بندقية فيكتشفوا بعد فوات الآوان بأنها كانت قنبلة لن يستطيعوا سبيلا لإطفاء حريقها المتمدد .. فتحرقهم المديدة ويمدون الكف للتفاوض أو التحاور أو سمه ماشئت من إنكسار المكابر !
فلو أن بن على فهم رسالة النار التي تبخر معها جسد البوعزيزي وبقيت روحه مشتعلة في كل أرجاء الإقليم لوجد نفسه زعيما تجدد ريشه في فضاءات الحكم تظلله غمامة شعبه إن هوكان قد جلس معه على طاولة التواضع الوطني !
ولو أن العقيد الذي تلبسه وهم القداسة التي لا تزول كان قد وسع من مساحة بصره وراى أن الذين هتفوا ضده بحجم الأفيال وليسوا مجرد جرذان لما أضحت ليبيا فروة تقاسمها أناس كل يصلي على ما اقتطعه منها نحو قبلته التي يراها الأصح !
ولو أن على قدم مصالح اليمن وجعله فوق صالح الرئيس الذي يبتغي الخلود وأخلص النية لمن أعطوه الأمان لما عادوا لاقتلاعه بعاصفة الحزم وحلفاءه الذين كان يناصبهم العداء !
الباشا حسني و مع أنه تنبه أخيراً لهدير الشارع بعد أن أغلق عليه زبانية حكمه وأبناوه النوافذ طويلا .. غير أنه سجل موقفا يحسب له بأنه لم يركب تونسية بن على خشية الوقوف خلف قضبان الذلة !
أما الصبية الذين خرجوا في احدى مدن الشام لو أن الأسد قد أرسل لهم ناظر مدرستهم للتحاور حول مطالبهم البسيطة منذ أن صاحت حناجرهم همسا خجولا و التي إنتزعها من رقابهم باظافر شبيحته لما تحولت بلاده الى ساحة حرب كونية ثالثة ولما إنحنى جاثياً بعد خراب الدار يبحث عن ابرة حياكة الحلول في ثلوج جنيف وكانت أمام ناظريه تلوح بخيطها وهي تنظر له من على طاولة صغيرة قريبا من قصره الفخيم في دمشق !
الرفاق البلاشفة صنعوا دولة عظمى إسمها الإتحاد السوفيتي ولكنهم فشلوا في جعل من هم خلف أسلاكها الشائكة أمة متجانسة وتحولوا هم الى أباطرة جدد يعيشون في مصايف البحر الأسود فيما مواطنيهم البلوتاريا يقفون في صفوف الجمعيات للحصول على ما يسد الرمق من خبز أو ما يعينهم على النوم في صقيع الظلم من جرعة فودكا ..فسقط الجدار الكبير في برلين وأغرق طوفان الشعوب كل حقول النظرية الحالمة بعد أن إنعتقت من قبضة ذلك المعسكر.. فلو أن أولئك اللينييون قد بسطوا كفهم قليلا نحو الأياد المسالمة وليس صفعا على الخدود ومؤخرات الأعناق لما استفرد الغرب بشرقنا الأوسط و أطلق فيه عنان الفوضى !
وكذلك نظام الانقاذ عندنا صنع الأزمات الخانقة للبلاد و المحيطة به بيده ..ثم جاء يمد كفه بعد دخوله في عقد الفشل الثالث سائلا معاونته في الخروج من مأزقه الكبير ممن أطنب في تحقيرهم طويلا وهو لا يعلم أن قطار الزمن قد تجاوز كل محطات الفرص الضائعة …فعلا صدق المثل الذي يقول..
( التسوي بايدك يغلب أجاويدك )
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. فلو أن بن على فهم رسالة النار التي تبخر معها جسد البوعزيزي وبقيت روحه مشتعلة في كل أرجاء الإقليم لوجد نفسه زعيما تجدد ريشه في فضاءات الحكم تظلله غمامة شعبه إن هوكان قد جلس معه على طاولة التواضع الوطني !

    نسختها أول ما قرأتها. لكن وجدته ثوبا لم تصل إليه يد الرفاء.

    أسلوب أدبي جميل وممتع. ومع هذا بدت الفكرة سافرة وبسيطة وواضحة غير أنها تخفي أنيابها رغم نعومة ملمسها.

    السعيد من اتعظ بغيره.

    أنت مبدع.

    وما تشتغل بكلام الناس الذين فهموني على طريقة …

  2. فلو أن بن على فهم رسالة النار التي تبخر معها جسد البوعزيزي وبقيت روحه مشتعلة في كل أرجاء الإقليم لوجد نفسه زعيما تجدد ريشه في فضاءات الحكم تظلله غمامة شعبه إن هوكان قد جلس معه على طاولة التواضع الوطني !

    نسختها أول ما قرأتها. لكن وجدته ثوبا لم تصل إليه يد الرفاء.

    أسلوب أدبي جميل وممتع. ومع هذا بدت الفكرة سافرة وبسيطة وواضحة غير أنها تخفي أنيابها رغم نعومة ملمسها.

    السعيد من اتعظ بغيره.

    أنت مبدع.

    وما تشتغل بكلام الناس الذين فهموني على طريقة …

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..