خلوها ليهم وخلوهم لي ربهم

تتحدث الإنقاذ عن قيام الإنتخابات بعد أشهر.الحديث عن الإنتخابات كلمة حق اريد بها باطل. قيامها في ظل الظروف الحالية القصد منه المزيد من التشبث بالكراسي و (الكنكشة)وليس مشاركة الآخرين السلطة .المقصود منها اعطاء القوى السياسية القليل من المقاعد التي تضفى شرعية على ماهو إستبدادى. عندما يتحدث الإنقاذيون عن الانتخابات يعرفون ان القوى السياسية الأخرى ظلت مطاردة ومحرومة من مجرد التعريف بنفسها طوال ربع قرن. فعلت الإنقاذ كل ما في وسعها لتخريب الأحزاب ووأدها.إستخدمت آلة إعلامية ضخمة كشأن كل الأنظمة المستبدة. قنوات فضائية واذاعات وصحف وكتاب أعمدة وأئمة جوامع وعلماء سلطان وغيرهم.
ولد جيل كامل وتخرج – وبعضهم تزوج وانجب- لا يعرف عن الأحزاب إلا ما ارادت له الأنقاذ ان يعرف. عكست له صورة سالبة.لهذا تراهن الإنقاذ على الإنتخابات لأنها الأكثر استعداد. طوال ربع قرن ظلت تحلل لنفسها ما تحرّمه على الآخرين. مخاطبة الشعب والتنطيم والإستقطاب والتجنيد. وقيام المؤتمرات والندوات وإصدار الصحف والقنوات وممارسة كل انواع النشاطات الثقافية والإجتماعية والرياضية دون ان تشغل نفسها بتصديق السلطات. لانها هي السلطة نفسها.وتفعل كل ذلك بأجهزة السلطة ومال الدولة. لهذا تنادي بقيام الإنتخابات وتتمسح بالديمقراطية التي ظلت تكيل لها الشتائم طوال الوقت. نست انها ايضا حزب انطبقت عليها سلبيات أكثر بحكم تجربته في السلطة.
الإسلاميون رغم شكواهم المتواصل من الحكام إلا انهم اكثر التنظيمات انتفاع من الديكتاتوريات. كثيرا ما تحالفوا وتعاونوا مع حكام مستبدون من اجل مصلحتهم الحزبية والشخصية. وهم ايضا اكثر شكوى وتباك وضجيج في الديمقراطية. المتبع لتاريخ الحركات الإسلامية يجدها تحقق اكثر نموها في عهد الأنظمة الشمولية . مشاركون في السلطة ومتعاونون معها .متحسسون مراكز القرارات ومادون علاقاتهم ومستقطبون ذوى المواقع المؤثرة.
لا تتحرج الجماعة في التعاون مع الد أعداؤها من اجل مصالحها.وهذه احيانا تكون متعارضة مع القوى السياسية الأخرى المناهضة لهذه الأنظمة وضد مصالح الشعب. تعاونت مع امريكا التي تصفها بالشيطان الأكبر ومع الطغاة في المنطقة. الإسلاميون جماعة أو افراد هم عادة آخر المغادرون لحاشية الطاغية. لهذا عندما تسقط هذه الديكتاتوريات وتعقبها فترات انتقالية يحصد الإسلاميون مقاعد اكثر من حجمهم الحقيقي.
في سنوات مايو الأخيرة كانوا الوحيدون المسموح لهم بطرح برامجهم والترويج لطرحهم .التجوال بحرية تامة داخل دهاليز الحكم. كانوا المتلقون للأموال من الداخل و الخارج والمستفيد الأكبر. عندما انتفض الشعب السوداني في 6 ابريل1985م اتفقت القوى السياسية على مجلس عسكري ومجلس وزراء .كان تأثير الإسلاميون واضحا في كلا المجلسين.وعندما اجتمعت القوى السياسية لوضع الاسس الصحيحة للحكم الرشيد في السودان رفض الإسلاميون التوقيع على ميثاق الدفاع عن الديمقراطية. وعندما اقترحت الأحزب تمثيل القوى الحديثة من طلاب وعمال ومعلمين ومزارعين وغيرهم من المهنيين اصر الإسلاميون على تمثيل الخريجين بديلا للقوى الحديثة . فازوا في مقاعد الخريجين بأكثر مما فازوا في الدوائر الجغرافية. ابقوا على كثير من الأمور كما هي حتى انقلبوا على من كانوا معهم في طاولة واحدة .ثم اكملوا ما بدأوه في أخريات عهد مايو.
في اوقات الأزمات تلجأ الإنقاذ لحشد الآخرين وتتجاوز بهم لحظات ضعفها أمام الشعب والمجتمع الدولي .تتنكر لهم باقى الوقت. تعطي بسخاء لمن يحمل السلاح ويقاتلها وتتمنع لمن يأتيها بسلام ناصحا.
تشعر الإنقاذ انها تجاوزت الأزمة التي الجأتها للحوار مع القوى السياسية.تنسى ان الأيام دول بين الناس. تواصل مكرها والمكر لا يجُب حقيقة ولا يبدل واقع طال الزمن أم قصر. لا تريد ان تعى ان المكر السيئ يحيق بأهله.
الأفضل إخلاص النوايا وتشكيل حكومة إنتقالية من كل القوى السياسية.هذا مطلب عادل ينادي به الجميع. حكومة تتصدى لكل ما يواجه السودان من أزمات.تضع الأسس الصحيحة لدولة قوية وحديثة. أذا اصرت الإنقاذ على إجراء انتخابات دون موافقة القوى السياسية.هذا يعنى مواصلتها لنفس نهجها الإقصائي الذي ظلت تمارسه منذ يومها الأول. وهو نهج أوصلها وكل السودان لهذا الحال . سعادة الإنسان في مشاركة الآخرين بطيب خاطر .احيانا يرفض الطفل مشاركة كرته مع اقرانه.لكنه يظل حتى مغيب الشمس دون ان يستمتع باللعب.ربما تكتشف الإنقاذ انها احتفظت بالكرة حتى آذان المغرب. حينها لا تأمن ان تثقب كرتها شوكة ربما من غير ذات الشوكة.
قد تمرالإنقاذ بأزمة أكبر مما تجاوزته. حينها قد لا تجد من هو مستعد للحوار. ربما تخادع نفسها بالحوار مع أشباه الأحزاب وبعض الإنتهازيين. حينها تكون مثل طين الرواق يأخذ معه عكار الماء إلى قاع الزير تاركا باقي الماء صافيا.
اللهم نسألك الهدى والتُقى والعفاف والغنى.
[email][email protected][/email]