نيجيريا وجنوب أفريقيا: صراع الجبابرة؟

مرة أخرى تشهد دولة جنوب أفريقيا أحداث عنف تستهدف الأجانب بدعوى أنهم يسرقون وظائف ‏المواطنين ، وكانت أحداث مشابهة قد وقعت في عام 2008 راح ضحية لها عندئذٍ ستون قتيلاً من ‏جنسيات أفريقية مختلفة ، ثم تجددت الأحداث بنفس الصورة مرة أخرى في عام 2012. غير أن ‏الأحداث التي تشهدها البلاد حالياً تستهدف بصفة خاصة مواطني نيجيريا مما قاد لشئ من التوتر في ‏العلاقات بين أكبر قوتين على مستوى القارة. راح ، حتى الآن ، ضحية للهجمات المتكررة عشرات ‏المواطنين النيجيريين وأصيب الكثيرون بينما غادر آخرون جنوب أفريقيا خوفاً على حياتهم. تقول ‏مصادر الحكومة والمؤسسات الإعلامية في نيجيريا أن الكثير من الأعمال التجارية التي يمتلكها ‏مواطنون نيجيريون في جنوب أفريقيا تضررت جراء حوادث العنف المذكورة ، حيث تعرضت لهجمات ‏متكررة تمثلت في السلب والنهب والتدمير. ورغم أن البعض يحاول التقليل مما يجري ، إلا أن الكثير ‏من المراقبين يرون في تطور الأحداث حالة من حالات “فوبيا الأجانب” وأن المستقبل لا ينبئ بخير وأن ‏التطورات قد تقود للمزيد من التوتر بين العملاقين الأفريقيين.‏
بدأت الأحداث الأخيرة في الشهر الماضي بعد خطاب جماهيري ملتهب لأحد ملوك الزولو طالب ‏فيه بالتخلص من النيجيريين الذين شبههم بالحشرات التي تمتص دماء الشعب في جنوب أفريقيا ، ‏مشيراً إلى أن خير أسلوب لمقاومة الحشرات هو الرمي بها في العراء خارج المنزل ، وهو ما يحدث ‏بالفعل للمواطنين النيجيريين بجنوب أفريقيا في الوقت الحاضر. ورغم أن الصحافة النيجيرية تركز ‏بصورة أساسية على مواطنيها فإن أفريقيين من دول أخرى يتعرضون لنفس المعاملة كما تشير بعض ‏التقارير الإعلامية. من الواضح أن التطورات الأخيرة قادت للكثير من التوتر بين أكبر قوتين في القارة ‏الأفريقية ، وذلك بالرغم من مؤشرات التقارب التي سادت بينهما في فترات سابقة خاصة خلال رئاسة ‏كل من تابو مبيكي في جنوب أفريقيا وأوباسانغو في نيجيريا. مما لا شك فيه أن التوتر بين أكبر قوتين ‏في أفريقيا سينعكس بصورة أو أخرى على القارة ككل ، وبالرغم من ذلك فإننا لا نرى حتى الآن أي ‏تحرك جاد من جانب الزعماء أو المؤسسات الأفريقية للسعي من أجل تجاوز الأزمة. حاولت الحكومة ‏النيجيرية في البداية التقليل من المشكلة أملاً في الحد من تصاعد وتيرة الأزمة ، غير أنها تبدي حالياً ‏قلقاً واضحاً حيال الأوضاع وتسعى بالتعاون مع حكومة جنوب أفريقيا نحو تجاوز المشكلة. من جهة ‏أخرى فإن المطلع على مقالات الصحافة النيجيرية يجد أنها تمتن كثيراً على شعب جنوب أفريقيا بسبب ‏موقف بلادها القوي ضد نظام الفصل العنصري ، ويتخذ بعض هذه الصحف مواقف متطرفة للغاية. ‏لذلك فإن التقليل مما يحدث الآن قد يقود للمزيد من تعقيدالأوضاع في المستقبل.‏

[email][email protected][/email]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..