السودان : «إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان»

(1)
سوداننا العربي الاسمر الاشم يمر بمرحلة مفصلية ، وهو على مفترق طرق بين ان يعزز امنه واستقراره فيستأنف مسيرته مع التقدم ويوظف خبراته البشرية الهائلة التي تقف على ناصية المعرفة والتجربة معا فيستغل موارده الطبيعية كسبيل للقضاء على آفة الفقر والجهل ويحقق رهاننا باعتباره مصدر الامن الغذائي العربي الاول وبين ان يفقد امنه واستقراره ويقع فريسة لحرب اهلية مجنونة تتداخل بها الاثنيات والعرقيات فتبدأ هذه الحرب ويعلم الله وحده متى ستنتهي؟ لكننا نعلم بانه وان دخل في اتون هذه الحرب فان الخاسر الاكبر هو شعب السودان ومن ورائه العرب بكافة اقطارهم.
السودان اليوم امام تحد ، بان ينجح الاستفتاء المتعلق بمصير الجنوب فيقرر اهالي الجنوب ان ارادوا ان يبقوا ضمن السودان الكبير او ان يعلنوا استقلالهم استفتاء متمدن بلا اراقة دماء وروح رياضية عالية تقبل بالنتائج مهما كانت.
(2)
نذكر بمرارة نموذج البوسنة حيث حدث الزلزال الاكبر يوم هوى ، الاتحاد السوفييتي السابق ، فانقسمت يوغسلافيا كهزات ارتدادية لهذا الزلزال. وكانت المشكلة في البوسنة حيث الصرب ، مسيحيين ومسلمين ، لم يستطيعوا تغليب العقل في الوحدة او الانفكاك. فكانت حربا اهلية طاحنة ، سنوات من الذبح على الهوية راح بموجبها مئات الالوف من الضحايا، وفي نهاية الامر لم يستطع اي منهما ان ينهي الاخر فجلسوا الى طاولة الحوار.
(3)
وبالمقابل نذكر تجربة تشيكوسلوفاكيا ، تلك التجربة المتمدنة والتي تعاملت مع ذلك الزلزال الاكبر بتحضر ، فامتصت الصدمة الاولى وقرر الشعبان ان ينفصلا بهدوء دون ان تسيل نقطة دم واحدة ، واليوم سلوفاكيا وتشيكيا ، دولتان جارتان متحابتان ليس بينهما الا ذكريات الوحدة الجميلة.
(4)
وبعد ، نموذجان للمقارنة اوردهما هنا امام الاشقاء السودانيين ليتذكروا بان الحرب ومهما طال امدها ، ومهما سال الدم غزيرا على مذبحها ، فانها لم تكن يوما سبيلا لالغاء الاخر. وان كل ما يترتب عليها غياب العقل والامن والاستقرار والمزيد من الدمار والجهل والتخلف. لتأتي بعدها مرحلة يضطر الجميع الى ان يجلسوا ويتحاوروا ويتفقوا.
فلماذا لا يحرق السودانيون مرحلة البؤس والموت والدمار ، ويذهبون فورا الى الاسلوب المتمدن والكفيل بان يأخذ كل ذي حق حقه؟ وكما يقول الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه "إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان".
* سمير حباشنة
الدستور
أخى السودان ليس عربيا كما تزعم انت وغيرك.:confused: