مقالات وآراء

الجمل “ينبح” .. و”الكلب” ماشي!!

علي يس

•       (و ما أوجع أن يكرِّر تاريخنا البائس نفسه ، نعلاً بنعل ، و ما أفدح أن تتسلّط  علينا مُسوخ متناسخة .. هذه الكلمة كتبتها ، و نشرتها في “معادلات” في العاشر من مايو 2014 ، أي قبل أكثر من ست سنوات.. حينها كانت “الكلاب” قد عكست حركة التاريخ فأبطلت أمثالنا اللّماحة الحكيمة ، المستقاة  من صلب بيئتنا، فلم يعُد الذي يمشي مطمئنَّاً ، متجاهلاً نباح  الكلاب، هو الجمل، بل كانت الكلاب هي التي تمشي مطمئنة إلى حماية زعيمها ، و كان “الجمل” المسكين قد تعلّم النباح.. أعيد نشرها الآن ، مضطرَّاً ، لأن الكلاب ما زالت تمشي مطمئنّة ، و ما زالت الجمال تنبح و لا أحد يسمعها ..).
•        ويحلف لك حاج الأمين ، بالطلاق ، أن “حمارهُ” هذا ، لا يرضى  بـ “الحقارة” ، والحِمارُ الفخور يسمع كلام سيده ، ويطرب لهذا الإطراء ، فينهق عالياً .. ثم  ترتفعُ يدُ حاج الأمين عالياً بالسوط ، لتهوي به على ظهر الحمار ، بينما تركلُ قدماهُ بطن الحمار الصبور ، ناهراً : عر.. البلا اليخمك..

•        وحكاية حمار حاج الأمين ، و حكايات حميرٍ أُخرى كثيرة ، لا تثيرُ الضحك  في الواقع ، بل تُعطي فقط انطباعاً بأن “جمعيات الرفق بالإنسان” تحملُ مصباحاً في الظلام ، تبحث عن نفسها ، دون جدوى !!..
•        أعرِفُ أنك – أيها القارئ – سوف تقول لي “لا أفهم”..

اجتهِد يا أخي قليلاً ، إذا لم يدلك ذكاؤك على المعنَى ، فليدلَّك فقط على أنني إن شرحتُ لك الأمر أكثر من هذا ، ربما كلفك ذلك عناء البحث عني دُون جدوَى !!، فالقومُ هؤلاءِ – الذين صنعناهُم نحنُ وأنت – بنفاحنا عن “المشروع الإسلامي” و ثقتِنا في من جاء يُجادلُ بكتاب الله ، لم يبخلوا  علينا بكلمات  حاج الأمين لحماره ، ولن يتورعُوا عن أن يفعلوا بنا ما يفعلهُ حاج الأمين بحماره .. فالقول والفعل عندهُم خطان متوازيان ، لا يلتقيان أبداً !!!..
•        هذا ، وكان صديقي “ص” ، الموظَّفُ بإحدى المؤسسات الشهيرة بالفوضَى ، قد جاءني زائراً  في ليلةٍ ماضية ، ليطلُبَ منِّي “خدمةً صغيرة” ، لا تُكلِّفُني شيئاً – على حدِّ قولِهِ – و لكنها سوف تحقق لهُ ميلاداً جديداً !!.. قال لي “ص” :
–         عليك الله ، “خصَّمتك بالنبي” ، كان ما كتبتَ عنِّي ..
–         أكتب عنك شنو يا اخوي؟
–         أكتب إني “رجُل فاسد” ، حرامي ، كذاب ، مُزوِّر .. مُرتشي .. جريدتكُم دي أنا عارف الحُكومة قاعدة تقراها سطُر سطُر .. وعمودك ده بالذات قاعدين يقروهو كلمة كلمة ..
–         يعني إنت  عايز الحكومة تعرِف إنَّك فاسد؟؟ عايزهم يحاكموك ولاَّ يرفتوك؟

•        ضحك صديقي “ص” ضحكةً لا تخلو من مجون ، برغم أنني عهدتُهُ من قبل وقوراً ، ثم قال :
–         دي علي أنا؟ .. يا أخي قول لي بصراحة .. عايز كم؟ والناس الكتبت إنهم فاسدين ديلك ، أدوك كم عشان تكتب عن فسادهم؟

•        ظننتُ – لوهلة – أن مصيبةً أصابت عقل صديقي “ص” ، فالرجُلُ يقولُ كلاماً لا يليقُ إلا بالمجانين ، ولكنني اجتهدتُ معهُ قليلاً ، لأفهم أن الرجُل – في الحقيقة – ليس مجنوناً ، وأنهُ يعني ما يقول ، وأنهُ ، فوق ذلك ، يعرِفُ أنَّ كُلَّ من ثارت حولَهُ شبهات الفساد من موظفي هذه الدولة ، بوثائق أو بدون وثائق ، إما أن يكُون – بعد إثارة قضية فساده مباشرة – قد تلقَّى ترقيةً ، أو يكُونُ قد تم نقلُهُ إلى موقع أخطر ، المرعَى فيه أخصب والعينُ عنهُ نائمة !!.. قال لي بغيظ حزين :
–       أتحداك ، و أتحدى وزارة “العدل” ، أن تقدم قضية فساد واحدة – واحدة فقط – إلى العدالة و تحاكم المتورطين فيها علناً و أمام الناس ، بنصوص القانون و ليس بفقه السترة أو فقه التحلل !!!

•       و أنا الآن ، مضطرٌّ إلى مؤازرة صديقي في تحدِّي وزارة العدل – وزارة عدل الثورة و ليست وزارة عدل البشير – أن تجعلنا نشهد (ليس محاكمة فاسد) بل تنفيذ الحُكم أمام الناس ، في قاتل أو فاسد أو لص واحد من القتلة و الفاسدين و اللصوص من فلول  المؤتمر الوطني .. أما مسألة “المحاكمات” و “التحقيقات” التي تحاكي “حجوة ام ضبيبينة” فتتطاول حتى ينساها الناس ..ثم لا يحدث شيء ، فهذه قد خبرناها كثيراً منذ عهد اللصوص أنفسهم ..

علي يس
المواكب
زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..