أنى لزهرة البلاستك ..أن تقارع أزهار الرياض ؟

بسم الله الرحمن الرحيم
قبل نحو شهر من الزمان.. جمعني لقاء مع أحد قيادات المؤتمر الشعبي الولائيين.. من الذين كانوا ضمن الأكثر نشاطاً في بدايات العشرية الأولى للنظام.. كان يزود كادراً ربما يعده بالمقررات سيئة الذكر ..والتى سودت قانون نقابة المنشأة.. ووجدته رغم المفاصلة ..ما زال يدافع عن فكرة نقابة المنشأة..وكعادة الاسلامويين ..يستغلون علمهم ودراساتهم ديباجة تقدم لكل شئ..لكنهم ما أن يدخلوا ساحة التطبيق ولب القانون..يعودون إلى لحظة معاوية ابن أبي سفيان التاريخية..التي ما فتئت تعمل فينا حتى يوم الناس هذا وفق أحمد خير العمري..فقد قدموا لتدجين النقابات دراسة تفيد أن كل التجارب العمالية العالمية ..والسودانية بالضرورة..قد أثبتت أن المكاسب التي جناها العاملون ..وبالأرقام ..كانت عند وجود حركات عمالية في توافق تام مع الحكومات ..وليست في صراع معها ..
قلت ..لكنكم وعن عمد أغفلتم جانباً مهماً ..بفرض صحة المقولة ..وهو أن التوافق في ظل الحرية ..يأتي بنقابات وحكومات منتخبة ..تخشى فقدان تصدرها ..فتقدم الحكومة وبمساعدة النقابات ..أكثر ما يمكن تقديمه ..لإثبات وقوف أحزابها مع قضايا العاملين..أما في ظل الديكتاتورية..فإن ما يناله العاملون..يتأثر سلباً بكل السياسات الخاطئة للنظام ..كما وتأثرهم بالخيار العسكري للنظام في التعامل مع قضايا الهامش مثلاً..ولن تحقق النقابات منزوعة الأسنان ..شيئاً إذا ترنحت ميزانية النظام بفعل سياسته .. ولن تجرؤ على الصراع مع النظام..وإلا فإن تغيير الوجوه..أيسر ما يكون..بفطامه المر..لمن تعودوا الرضاعة من ثدي الدولة على حساب العاملين..وإنه فطام لو تعلمون عسير..فتعود إلى دورها المرسوم ..داعمة للنظام الديكتاتوري..وواجهة من واجهاته..ويتعس العاملون..وهو بالضبط..حال نقابات العاملين ..الذين انشغلوا عن قضايا المعايش بأقساط الأضاحي والأثاثات..ما قلل الرواتب أكثر ..خاصة مع ثقافة الكسر ..حتى أصبحت مرتبات بعض العاملين ..لا تفي بأقساطهم. وهذا هو حال العاملين وما وصلوا إليه.
وينهض إضراب الأطباء دليلاً واضحاً على مستوى الفشل لهذه النقابات..ولم تعد رغم الدعم الحكومي لها..ذات تأثير على عضويتها.. حتى استطاعت مركزية الأطباء ..سحب البساط من تحت أقدامها ..رغم محاربة النظام لها..فأصبح اتحاد النظام ..يردد مع وزرائه..نغمة أن اللجنة لا تمثل الأطباء ..وأن الإضراب سياسي. وكم كان الإضراب ذكياً في التعامل مع هذا الاتهام الذي يهدف إلى تحويل الانظار عن القضايا الحقيقية للأطباء ..في أوضاعهم المهنية بجميع نواحيها ..فقد أجبروا الحكومة على التحرك العلني لدعم الأقسام بالمعينات على عجل ..وقد تعودت على ذلك من أجل الدعاية للنظام والنقابات ..أما الآن وفي ظل الإضراب المعلن ..أصبح واضحاً أنهم يتحركون تحت الضغط لستر عورة النظام ولكن هيهات. فقد وصلت الرسالة بأبلغ ما يمكن..للإنسان البسيط..لكن الرسالة الأقوى كانت للنظام وبقية العاملين في الدولة..عن مدى كرتونية النظام ..وأن استخدام سيف القانون ..لن يجدي ..وأن التعامل الذكي لتفاديه هو المطلوب..وهو سلاح استخدمه النظام بخبث.. بترك القضية الأصلية والانصراف إلى مخالفة ما يتم للقانون ثم الحساب المبالغ فيه وفق نصوصه..وهذا ما حاولته إداراة مستشفى حاج الصافي مثلاً.. لذلك ثار الجدل عن كنه الإضراب ..أسياسي هو أم مطلبي ؟ ورغم أنه ما من إضراب مطلبي..إلا وله رافعة سياسية..فإن النظام لن يجرؤ على المحاسبة به..فالأطباء مداومون..أما إذا تغابى..فسيفتح على نفسه أبواب جهنم..التحية لمركزية الأطباء ..فقد أثبتوا أن زهرة البلاستيك ..لا يمكن أن تقارع أزهار الرياض.
[email][email protected][/email]