الإنسان ذلك الموجود الفريد (6 _ 14)

الإنسان والجهل :
قال تعالي
انا خلقنا الانسان في احسن تقويم ثم رددناه اسفل سافلين.
المتامل في قول الله عز وجل في هذه الايات المحكمات يعلم ان الانسان بفطرته عالم. ولا يحسن تقويم الانسان الا بتمام العلم. ولكنه اصبح جاهلا بطبعه عندما انشغلت حقيقته بمتطلباته المادية من حيث انه حيوان مهتم بمسببات حياته لاغير وبشهواته وملذاته الدنيوية وكان التعبير الالهي لهذا الحال هو ارتداد الانسان الي تمام الجهل وهو اسفل سافلين.
فتردي الانسان من سمو فطرته الروحيه الي حضيض شهواته المادية.
وهو التردي من كمال العلم الي حضيض الجهل
وكلا الصفتين العلم والجهل من مظاهر، جمع الانسان للضدين.
وهكذا فان ابسط مظاهر تحقق الانسان بالجهل هو عدم ادراك حكمة وجوده في هذا الكون
فطبيعة الانسان اذا تحققت بالجهل صارت معادية للعلم، فالعلم والجهل صفتان متضادتان. كالحي والميت والمعطي والمانع.
وما عرف الله الا بجمع الضدين
و الجهل في الانسان نعت طارئ، لان الاصل في خلقته هو العلم، والانسان في حال ظهوره بصفة الجهل لا يكون انسانا. كما ان الميت لا يعد انسانا
فالعلم في الانسان في مقابل الحياة
والجهل في مقابل الموت.
يقول تعالي
*أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ.
ويقول تعالي
وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ***وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ***وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ* وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ ۖ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ*.
اذن فالانسان حي وبصير بالعلم.
والانسان ميت واعمي بالجهل.
والجهل صفة سلبية، تسلب الانسان نعت الانسانية وتلحقه بالحيوان
لذلك فمن ينظر بعين الحكمة والعرفان الي بني الانسان وهنم يتناكحون ويتضاجعون ويتنافسون في جمع الدنيا راي ماثم الا الجهل والعمي.
والجهل قد يكون من وجهة الظاهر نعمة الهية.
ولكنه من وجهة الحقيقة مصاب جم
فمثلا العلم بالحقائق الكونية وبحكمة وجود الانسان وبمعرفة ما ما كنزه الله في حقيقته من الاسرار، شقاء لمن لم ينفك من ربقة الحماقة
والجهل بها كذلك شقاء لمن تجلت فيه اطوار الامانة التي ظلمها الانسان بجهله
ولذلك فالجهل نعمة من وجه ونقمة ومصاب جم من الوجه الثاني لان كلاهما واقصد العلم والجهل من الله
وماعرف الله الا بجمع الضدين، فهو الاول والاخر والنافع والضار
وما كان ربك ظلام للعبيد.
م. خالد الطيب أحمد
[email][email protected][/email]