«القودة» تضع نهاية مسلسل الفتنة بين «النوبيين وبني هلال» جنوب مصر

وسط ترديد صيحات من ما يقرب من ثلاثة آلاف مواطن أسواني في جنوب مصر، «عفونا عنكم لوجه الله ورسوله والله أكبر»، قدم أبناء قبيلة بني هلال في أسوان أكفانهم لعائلة «الكوبانية» النوبية، في دراما صعيدية يطلق عليها «القودة» لينهي بذلك مسلسل الفتنة والدم في صعيد البلاد.
وتمثل «الجودة» أو «القودة» كما يسميها أبناء الصعيد المفتاح السحري في نزع فتيل جرائم الثأر الذي استغرق في بعض الأحيان عشرات السنين. وصورة «القودة» تتلخص في حمل القاتل أو أحد أفراد عائلته أو عدد منهم لكفنه أمام جمع من العائلتين في مشهد يضم وجهاء وأعيان المكان طالبا لعفو ولي الدم.
وطوت أسوان بذلك صفحة من العنف والدم دامت طوال الأشهر الماضية بين قبائل «بني هلال» و«الكوبانية» و«الدابودية»، بعد أحداث وقعت في أبريل (نيسان) الماضي بين قبيلتي الدابودية (نوبيين) وبني هلال، أسفرت عن مقتل 26 وإصابة العشرات، بسبب خلاف نشب بين طلاب ينتمون للقبيلتين في مدرسة صناعية عقب معاكسة إحدى الفتيات، وقيام كلا الطرفين بكتابة عبارات مسيئة ضد الطرف الآخر على جدران المنازل والشوارع في نجع الشعبية بمنطقة السيل الريفي. وتجددت في يونيو (حزيران) الماضي الأحداث بعد مقتل شخص ينتمي لعائلة «الكوبانية» على يد أحد أفراد قبيلة بني هلال.
ويقول يحيي أحمد، أحد أبناء قبيلة بني هلال الذي قدم كفنه، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «تقدمت بكفني كوني أحد أفراد عائلة بني هلال إلى عائلة الكوبانية، كما أن الكثير من أبناء العائلة قدموا أكفانهم أيضا»، لافتا إلى أنه يشعر بالسعادة والفخر لأنه سيكون السبب في وقف شلال الدم بين العائلتين.
ورغم عدم وجود نصوص صريحة حول موقف الإسلام من القودة؛ إلا أن علماء الدين اعتبروها من العرف الذي يقره الشرع من باب العفو والصفح الذي قال فيه الله «فمن عفا وأصلح فأجره على الله».
ويقول الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر إنه «رغم ورود نفس التسمية في الشرع إلا أنها من حيث التطبيق صورة من صور الصلح الذي حث عليه الإسلام في قول الله تعالى «الصلح خير». وانطلاقا من هذا الإخاء تبرز قيمة وأهمية الصلح وفق العرف المعترف به في كل منطقة. مضيفا أنه الأكثر أهمية هو المضمون بصرف النظر عن الشكل؛ لأن المضمون شكل من أشكال الصلح الذي يزول به الخلاف بين الأفراد والأسر والجماعات ويتنازل «أهل الدم» أو يعفون عن حقهم مما يغلق منافذ الشر ويطهر النفوس.
وجرى صلح يوم أمس في مركز شباب الكوبانية بمدينة أسوان (نحو 900 كيلومتر جنوب القاهرة) بحضور المحافظ اللواء مصطفي يسري، والدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف، والدكتور محيي الدين عفيفي أمين عام مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، واللواء محمد مصطفي عبد العال مدير أمن أسوان، والدكتور منصور كباش رئيس لجنة المصالحة وأعضاء اللجنة التي تشكلت برعاية الأزهر.
وقد أسهمت «القودة» مؤخرا في القضاء على ثأر دام على مدار سبعين عاما من الدم بين قبيلتي «العرب» و«الهوارة» في محافظة قنا، حيث استغرقت مفاوضات الصلح سنة كاملة وتم تقديم الكفن بحضور سبعة آلاف شخص من القبيلتين.
وأشاد اللواء يسري في كلمة له أمام الحشود التي حضرت تقديم «القودة» بالجهود المبذولة من لجنة المصالحة لسعيهم الدءوب والمتواصل لرأب أي صدع يحدث هنا أو هناك من أجل خلق مجتمع آمن يسود فيه السلم الاجتماعي وأواصر المحبة والوئام، وهو الذي يتوازى مع الجهود المبذولة من رجال الشرطة والقوات المسلحة لبسط الأمن والآمان في كل ربوع المحافظة، مؤكدا افتخاره واعتزازه بوعي وحكمة وصلابة أولياء الدم من عائلتي آل سالم من الكوبانية وآل عجاج من بني هلال، وأيضا كبار العائلتين مما يعكس وعيهم وحسهم الوطني الصادق لتظهر معادن الرجال ومواقف الشرفاء الذين أعطوا القدوة والمثل بأن نبذ العصبية والقبلية والعنف هو السبيل الوحيد لنعيش جميعاً في مجتمع آمن لا يعرف التفرقة والخوف على حياة ومستقبل أبنائه، لأننا بالتكاتف والترابط نستطيع عبور أي أزمات مهما كانت قسوتها وآلامها.
من جانبه، أشاد الدكتور شومان بحكمة أولياء الدم من الكوبانية لتقبل هذا الصلح واعتبار أن ما حدث هو عن طريق الخطأ، وامتثال بني هلال لتقديم الأكفان وحملها من أجل تغليبهم للمصلحة العليا للبلاد بهدف حقن الدماء والحفاظ على الجيل الحالي من الشباب والأجيال القادمة بالارتكان إلى العقل ليثبتوا للعالم أجمع بأنهم من العظماء بتحقيق هذه المصالحة والعفو والصفح الذي هو من شيم الكبار في هذا العرس والمحفل الطيب الذي تباركه ملائكة السماء.
وقال الشيخ كمال تقادم عضو لجنة المصالحة التي أدارت الصلح، إن «الطرفين اتفقا على الصلح والتراضي من خلال تقديم القودة من بني هلال ويقابلها العفو من الكوبانية، وخصوصا أن تلك الخصومة نشأت بين الطرفين عن طريق الخطأ خلال الأيام الماضية»، موضحاً بأن هذا الصلح يعتبر بمثابة إرضاء للنفوس، وهو المتعارف عليه في صعيد مصر لنبذ العنف، حيث إن الخصومة لا تجنى منها أي مكاسب، بل تعمل على نشر الخوف والقلق وعدم الأمان والاستقرار.
الشرق الاوسط
حليلكم يا النوبة
اسياد بلد وانتم الاصل والارض لكم والحضارة لكم والتاريخ لكم
بس انتم لا تعرفون ذلك لذلك سرق منكم
واصبحتم عبيد بعد ان كنتم اسياد
يا عجبي على الزمن